ملخص: يرتبط الكثير من الأطفال بالدّمى المحشوة، تلك الألعاب التي قد تكون في شكل دبّ أو ضفدع يؤنس وحدة الطفل في الليل ويحتضنه عندما يشعر بالضيق أو الحزن. ما سرّ تعلّق الطفل بدميته المحشوّة المحبوبة؟ للإجابة عن هذا السؤال، يقدم المقال التالي نتائج مجموعة من الدراسات التي اهتمّت بهذه الظاهرة.
يمتلك معظم الأطفال في لحظة من لحظات الحياة دمية محبوبة قد تكون دبّاً من القماش الناعم أو مجرّد بطانية أو قطعة من الثوب. نقصد هنا بالدّمية المحبوبة ذلك الجسم الصغير الذي يؤنس الرضّع والأطفال كي يتمكّنوا من النوم أو يشعروا بالاطمئنان في أوقات معيّنة. وإذا كان استخدام الأطفال لهذه الدّمى أمراً شائعاً جداً، فقد نجدها أحياناً لدى بعض الأشخاص البالغين.
وفقاً لدراسة أُجريت سنة 1986 وأوردتها مجلة التنمية المعرفية (Cognitive Development)؛ فإنّ ما بين 60% و70% من الأطفال الرضّع في الدّول الغربية، يُظهرون ارتباطاً عاطفياً بدمية محشوة أو بطانية محدّدة، ويصل هذا الارتباط إلى ذروته في سنّ الثالثة. لكن ما سرّ هذه العلاقة المميّزة للغاية؟
الارتباط العاطفي أهمّ من الخصائص البصرية
في دراسة نشرتها دورية علم النفس الإيجابي (The Journal of Positive Psychology)، حاول فريق من الباحثين الفرنسيين تحديد الأسباب التي يمكن أن تفسّر الارتباط ببعض أنواع الدّمى المحشوة أكثر من غيرها. للتّأكد من دور الخصائص البصرية للدّمى في هذا الارتباط، أجرى الباحثون تجربة شملت 395 مشاركاً. اختار الباحثون 8 دمى في شكل دببة من القماش الناعم وطلبوا من المشاركين الذين كان أغلبهم من الأطفال والمراهقين التفاعل معها ثم تصويرها. كانت أشكال الدّببة مختلفة من حيث حجم الخطم ومحيط الأنف وطول القوائم، وكان على المشاركين أن يقارنوا بين الدّمى التي تفاعلوا معها ونماذج أخرى قدّمها لهم الباحثون، ثم تحديد تلك التي يفضّلون معانقتها إذا شعروا بالضيق.
أظهرت النتائج عدم ارتباط مستويات الراحة التي شعر بها المشاركون بأيّ خاصية من الخصائص البصرية للدّمى المحشوة وفقاً لما أورده موقع ساي بوست (PsyPost). وخلُص الباحثون إلى ما يلي: "التأثير المريح لدمى الدببة المحشوة يكمن أولاً في الروابط العاطفية وثانياً في مزيج من الخصائص البصرية والشمّية والحركية التي تميّزها".
تجسيم الدّمى المحشوة
علاوة على الحقيقة البسيطة المتمثلة في أننا اعتدنا على هذه الأجسام الصغيرة في حيواتنا اليومية، فإن الرابطة العاطفية تقودنا أيضاً إلى إضفاء بعض الخصائص المميّزة على دُمانا المحبوبة. في هذا السياق، كشفت دراسة أُنجزت سنة 2007 وفقاً لما أوردته صحيفة الغارديان (The Guardian) أن الأطفال المشاركين فضّلوا دُماهم الأصلية على الرغم من إمكانية حصولهم على دُمى مماثلة؛ الأمر الذي لم ينطبق على الأشياء الأخرى التي يمتلكونها.
وعلّق الباحث المشارك في هذه الدراسة، بروس هود (Bruce Hood)، قائلاً: "نحن نجسّم الأشياء وننظر إليها كأنها كائنات لها مشاعر، ويدرك الأطفال أن هذه الدّمى ليست حية لكنّهم ينظرون إليها كأنها كذلك". في دراسة أخرى، وجد الباحثون بروس هود وناتاليا جيرسو (Nathalia Gjersoe) وإميلي هول (Emily Hall)، أن الأطفال ينسبون "حياة عقلية" إلى الدّمى المحشوة التي تعلّقوا بها، ولها سمات جسمية مثل الوجه. وقد يفسر هذا التجسيم إلى حدّ ما العلاقة التي يكوّنها الطفل مع دُميته المحبوبة بالطريقة نفسها التي يعتمد عليها في الارتباط بمن حوله.
اقرأ أيضاً: