كيف يؤثر تحدي كسر البيض على رؤوس الأطفال في صحتهم النفسية؟

تحدي كسر البيض
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: انتشر على منصة التواصل الاجتماعي تيك توك، تحدي كسر البيض على رؤوس الأطفال؛ حيث يوهم الوالدان طفلهما بأنهم سيعدّان وجبة شهية معاً، وعوضاً عن كسر البيضة في الوعاء تُكسَر على رأس الطفل ليتفاجأ المشاهدون برد فعله الذي يتراوح بين الضحك أو الذهول وأحياناً البكاء والغضب، فما أثر هذا التحدي في صحة الأطفال النفسية؟ هذا ما سنعرفه من خلال مقالنا.

تعج مواقع التواصل الاجتماعي بفيديوهات الأطفال المسلية والتلقائية، فالأطفال يمرحون بطبيعتهم؛ ولهذا فمن المعتاد أن  يسجل الآباء مقاطع فيديو لأطفالهم الصغار وهم يقولون أو يفعلون شيئاً مضحكاً. وفي بعض الأحيان، قد يشارك الأطفال في تحديات على منصات التواصل الاجتماعي، وتحديداً منصة تيك توك؛ مثل تحدي رقصة الأقدام الثنائية (Footshake Challenge)، وتحدي رقصة كيوبيد (Cupid Dance Challenge)؛ حيث تعد تلك التحديات طريقة ممتعة للتواصل مع الأطفال من أجل تكوين الذكريات الجميلة.

لكن مؤخراً، ظهر تحدي كسر البيض على رؤوس الأطفال (Egg Crack Challenge) المثير للجدل على تيك توك، وانتشر على نطاق واسع وحصد أكثر من 66 مليون مشاهدة لمقاطع فيديو مختلفة. وقد يبدو التحدي للوهلة الأولى مضحكاً ولطيفاً بينما هو في الحقيقة ليس كذلك، فما قصة ذلك التحدي؟ وكيف يؤثر في نفسية الأطفال الصغار؟ إليكم الإجابة من خلال هذا المقال.

ما هو تحدي كسر البيض على رؤوس الأطفال؟

ظهر تحدي كسر البيض على رؤوس الأطفال عبر منصة تيك توك، ولإجراء التحدي، يصوّر الآباء أنفسهم وهم يخبزون أو يطبخون مع أطفالهم، وبدلاً من كسر البيضة النيئة في وعاء الطبخ، يقوم الأبوان بضربها على رأس طفلهما المطمئن أو جبينه.

وقد اختلفت ردود أفعال الأطفال على هذا التحدي، فالأطفال الأكبر سناً معظمهم كانوا يضحكون مع والديهم؛ في حين أن الأطفال الصغار بدا عليهم الانزعاج الشديد والذهول بوضوح، ومنهم من انفجر في البكاء أو ضرب والديه من شدة الغضب.

اقرأ أيضاً: 3 قواعد للاهتمام بالصحة النفسية للأطفال 

كيف يؤثر هذا التحدي في صحة الأطفال النفسية والجسدية؟

أثار تحدي كسر البيض موجة هائلة من الغضب لدى المشاهدين الذين أعربوا عن قلقهم على سلامة الأطفال المشاركين في التحدي، وقد أدان الكثيرون من الأطباء هذا التحدي وحذروا من خطورة تعريض الأطفال لمثل هذه المواقف التي تحمل أخطاراً نفسية وجسدية تشمل:

  1. كسر دائرة الأمان والثقة بين الطفل ووالديه: تعتقد المعالجة النفسية كاث نيبز (Cath Knibbs) إن هذا التحدي لا يقتصر على كسر البيضة على جبين الطفل فحسب؛ لكنه يمتد إلى ردود فعل الوالدين بالضحك عليه أمام ملايين المشاهدين. ويعرّض هذا الموقف الطفل للإذلال، ناهيك بأنه يمكن أن يؤدي إلى كسر دائرة الثقة والأمان بينه وبين والديه، فمن وجهة نظر الطفل، ما حدث أن الشخص الذي يعتني ويثق به أذله وخدعه أمام الملايين، ولم يكتفِ بذلك بل كان يضحك عليه أيضاً.
  2. اختلال ديناميكية القوة بين الوالدين والأطفال: ترى أستاذة علم النفس، كريستين سومر (Kristyn Sommer) إن الآباء والأمهات يشاركون في هذا التحدي وينسون أن ثمة ديناميكيات قوة غير متكافئة بينهم وبين أطفالهم؛ إذ لا ينظر الأطفال إلى الأمور برؤيتهم نفسها، كما يتجاهلون التأكد أن هذا التحدي ليس مؤلماً لأطفالهم بالفعل، أو التفكير في أن ضرب أطفالهم عشوائياً قد يُشعرهم بالانزعاج. في النهاية، يتعرض الأطفال للتلاعب من أجل إضحاك الآخرين، ونظراً لأن الطفل ليس في موقع قوة؛ فليس لديه الصلاحية لقول “لا” أو رفض إجراء التحدي.
  3. تشجيع الأطفال على التنمر: أكدت طبيبتا الأطفال أنانديتا بال (Anandita Pal)  وسميرة أرمين (Samira Armin) اللتان تديران معاً حساباً على وسائل التواصل الاجتماعي لتبادل المعلومات حول الأبوة والأمومة، إنه لا ينبغي لأولياء الأمور أن يكونوا المتنمرين الأوائل على أطفالهم. وأضافتا إن الأطفال يحتاجون إلى الشعور بالحماية والأمان في سن مبكرة، وهذا الشعور بالأمان، سواء كان جسدياً أو عاطفياً، يساعد على نموهم ويؤثر في صحتهم النفسية مستقبلاً؛ ولهذا فإن التنمر يُعد خيانة لطفل يعتمد على والديه ليشعر بالأمان.
  4. عدم الاهتمام بخصوصية الأطفال ومراعاة حدودهم النفسية: تخيل أنك تطلب من طفلك الصغير مساعدتك على إعداد وجبة لذيذة في المطبخ أمام الشاشة، فيتحمس للغاية لأنك تطلب منه قضاء الوقت بصحبتك والقيام بنشاط مشترك؛ لكنك بعد فترة وجيزة تكسر البيضة على وجهه! حينها، سيتعرض الطفل للصدمة، ومن الممكن أن يبكي بسبب خيبة الأمل والتعرض للخذلان؛ لكنك لا تكتفي بذلك بل تنشر الفيديو على الإنترنت ليحصد ملايين المشاهدات دون أي مراعاة لمسائل الخصوصية، فينتشر الفيديو ويذهب طفلك إلى المدرسة ليجد أن زملاءَه شاهدوه على منصات التواصل الاجتماعي، فيصبح أضحوكة المدرسة نتيجة هذا التحدي غير العاقل، فهل يستحق الأمر بالفعل هذا الضرر النفسي كله؟
  5. معاناة الطفل صدمةً نفسية يمكن ألا ينساها: تؤكد الاستشارية النفسية والأسرية، لمى الصدفي إن صدمات الطفولة لا يمكن نسيانها بسهولة؛ وذلك لأن العقل اللاوعي يخزن المواقف التي مرت على الإنسان كلها؛ ومنها تلك الذكريات السلبية التي لا ينساها الطفل أبداً، وحتى لو قرر نسياها وتجاوزها فثمة مقاطع فيديو موجودة على الإنترنت ستذكره بها بكل سهولة كما في هذا التحدي المؤسف.
  6. تعريض الأطفال لخطر الإصابة بالسالمونيلا: حذرت المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (Centers for Disease Control and Prevention) من أن التعامل مع البيض النيئ دون حذر يمكن أن يعرّض الأشخاص لخطر الإصابة بالسالمونيلا، ويكون الأطفال دون سن الخامسة أكثر عرضة للإصابة بمرض خطِر إذا أُصيبوا بالعدوى؛ إذ أكدت طبيبة الأطفال ميغان مارتن (Meghan Martin) إن إصابة الأطفال بالسالمونيلا يمكن أن تعرض صحتهم للخطر وتجعلهم يحتاجون إلى الذهاب إلى الطوارئ فوراً من أجل الحصول على سوائلَ وريدية.

اقرأ أيضاً: متى تأخذ طفلك إلى طبيب نفسي؟ 

لماذا يقوم الآباء والأمهات بمثل هذه التحديات؟

لا يُعد تحدي كسر البيض التحديَ الأول المثير للجدل على وسائل التواصل الاجتماعي الذي يستهدف الأطفال، فخلال عام 2019، ظهر تحدي صفعة الجبن (Cheese Slap Challenge) حيث كان المشاركون يلقون شرائح الجبن على وجوه أزواجهم وحيواناتهم الأليفة وأطفالهم، ثم يصورون ردود فعلهم ويشاركونها على وسائل التواصل الاجتماعي. وعلى مر السنين، تعرّض آباء كُثُر للانتقادات بسبب تصوير أنفسهم وهم يؤدبون أطفالهم ثم ينشرون مقاطع الفيديو على منصات التواصل الاجتماعي ليشاهدها الآخرون، فلماذا يقوم الآباء بمثل تلك التحديات والتصرفات؟

  1. الاعتقاد الراسخ بأن الأطفال ملكية خاصة بهم: تشير الخبيرة التربوية، سارة أوكويل-سميث (Sarah Ockwell-Smith) إلى أن الكثيرين من الآباء والأمهات يرون أن الأطفال ملكية خاصة بهم؛ ما يعني بالنسبة إليهم أنه يمكنهم ببساطة السيطرة عليهم أو استخداهم من أجل إضحاك الآخرين.
  2. تعرُّض هؤلاء الآباء والأمهات للانتهاك في الطفولة: تؤكد سميث إن الكثير منا تعرض لانتهاك حقوقه عندما كان طفلاً؛ لهذا ترسخ لديه اعتقاد بأن البالغين أكثر أهمية منه، وتقترح أننا يجب أن نكسر هذه الحلقة ونوقف حدود تكرارها عندنا.

كيف تُمكن معالجة الآثار المضرّة لهذا التحدي؟

تنصح الاستشارية النفسية والأسرية، لمى الصفدي بضرورة الاعتذار إلى الأطفال عن مثل تلك المواقف والتحديات، وتؤكد إن مشكلات نفسية كثيرة تنبع من صدمات الطفولة، وغالباً ما لا ينسى الأطفال المواقف المؤلمة التي تعرضوا لها. وعلى الرغم من أن الآباء والأمهات قد يجدون صعوبة في الاعتذار إلى أطفالهم، فإن ذلك يُعد مسألة مهمة للغاية.

في النهاية، علينا جميعاً إدراك أن جعل الأطفال يبكون من أجل الترفيه عن البالغين ليس أمراً مضحكاً، وإذلاهم أمام الملايين ليس شيئاً مسلياً، وصدماتهم النفسية لا تدعو إلى الضحك، فهم لديهم مشاعر وحقوق ويستحقون منا الاحترام، ووجودهم بيننا ليس الهدف منه الترفيه عنا أو حصد أكبر عدد من الإعجابات والمشاركات.