لماذا لا يبتسم الجيل زد أمام الكاميرا؟ وكيف تفهم رسالته الخفية؟

4 دقيقة
وجه الجيل زد
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

ما يعرف بـ "وجه الجيل زد" لا يعكس انعدام المشاعر، بل هو أسلوب جديد للتعبير نابع من إرهاق رقمي ورغبة في الأصالة. فهم يرفضون الابتسامات المصطنعة التي سادت الأجيال السابقة، ويفضلون الهدوء والصدق في الحضور أمام الكاميرا. للتعامل الواعي معهم، اتبع هذه الإرشادات العملية:

  • تجنب…

من المرجح أنك سمعت بالجيل زد كثيراً في الآونة الأخيرة، سواء عن مطالباته بالتغيير أم عن محاولات الحكومات المختلفة لكسب وده. لكن بعيداً عن صوت الجيل، ثمة أمر آخر يميز هؤلاء الشباب: تعابير وجوههم! فقط تصفح صورهم على وسائل التواصل الاجتماعي ومقاطع الفيديو الخاصة بهم، وستلاحظ أنهم قليلاً ما يبتسمون أمام الكاميرات! فما هي الأسباب النفسية وراء تعابير الوجه الجامدة تلك؟ وكيف يمكن فهم هذا الجيل أكثر؟

اقرأ أيضاً: جيل زد يسبق الأجيال الأخرى إلى ذروة الحزن

الوجوه الجامدة للجيل زد: نظرة ساخرة إلى الحياة أم ماذا؟

نظرة الجيل زد هي تعبير اجتماعي سلوكي شائع بين الأفراد المولودين تقريباً بين عامي 1997 و2012. تتميز هذه النظرة بتعابير وجه جامدة وخالية من المشاعر أو محايدة عاطفياً، موجهة عادة نحو الكاميرا أو الشاشة.

وعلى عكس الأجيال السابقة التي كثيراً ما كانت تسعى للابتسام للكاميرا أو اصطناع الابتسامة حتى، فإن الجيل زد يواجه العدسة دون ابتسامة أو انفعال واضح، ما يصعب ربما التمييز إن كان صادقاً بمشاعره أم ساخراً. كما قد يحدق هؤلاء الشباب بهذه النظرة أحياناً رداً على الأسئلة أو المطالبات الاجتماعية، وذلك حتى عندما يكون الرد اللفظي متوقعاً منهم. على سبيل المثال، في عملهم بخدمة العملاء أو في الفصول الدراسية أو المحادثة غير الرسمية.

ومن المرجح أن أول ظهور لمصطلح "نظرة الجيل زد" كان صدفة على تيكتوك منتصف عام 2024، لكنه على الرغم من ذلك، اكتسب شعبية كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام في منتصف 2025.

اقرأ أيضاً: جيل زد يقول لا للمناصب الكبرى حفاظاً على الصحة النفسية

4 أسباب نفسية قد تفسر النظرة الخالية من المشاعر عند الجيل زد

حتى اليوم، لا توجد أبحاث نفسية أو سريرية محكمة تتناول نظرة الجيل زد وأسبابها على نحو مباشر، لكن ثمة دراسات ذات صلة قد تفسر طريقة هذا الجيل في تقديم نفسه إلى حد ما، ومن هذه الأسباب:

1. الحمل الرقمي الزائد والإرهاق العاطفي

وفقاً لدراسة منشورة في مجلة تجارة التجزئة وخدمات المستهلك عام 2023، فإن التدفق الهائل للمعلومات على وسائل التواصل الاجتماعي، والخوف من تفويت الفرصة يسببان التعب والقلق والإرهاق العاطفي بين مستخدمي الإنترنت من الجيل زد.

وبالطبع، ليس جديداً أن الجيل زد قد نشأ منذ نعومة أظفاره على الإنترنت ومحتواه، لذا فقد يؤدي هذا التحفيز المفرط المستمر الناجم عن الأخبار والصور ومقاطع الفيديو إلى إرهاق أنظمتهم المعرفية والعاطفية، ما يؤدي إلى فقدانهم التفاعل وانخفاض رغبتهم في التعبير العاطفي. أو ربما يؤدي إلى فقدان الحساسية والتعود، فقد "رأوا كل شيء"، وما عاد شيء يثير فيهم رد فعل حقيقياً أو يتطلب منهم إظهار رد فعل أساساً.

علاوة على ذلك، أظهرت دراسة منشورة في دورية المستشعرات عام 2023 انخفاضاً في نشاط العضلة الوجنية، المسؤولة عن الابتسام، عند الأشخاص الذين يستخدمون مكالمات الفيديو باستمرار، ما يعزز فكرة أن كثرة استخدام الشاشات يعزز حيادية تعابير الوجه.

2. حماية الحالة العاطفية

ثمة العديد من الاستراتيجيات الدفاعية العاطفية التي يستخدمها الأشخاص لحماية مشاعرهم وسلامتهم النفسية من التعرض للأذى أو الإرهاق، أي للبقاء في مأمن عندما يشعرون بالضعف أو عدم اليقين.

على سبيل المثال، إخفاء المشاعر أو البقاء على الحياد أو تجنب المواقف التي قد تؤدي إلى النقد أو الرفض. وقد تكون تعابير الوجه المحايدة على وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة ذاتية لحماية الحالة العاطفية.

أي ربما يكون الحفاظ على تعابير وجه جامدة وغير واضحة مساعداً للجيل زد على تنظيم مشاعره واكتساب شعور بالسيطرة وتقليل التعرض للتقييم الاجتماعي والانتقاد والأحكام، خصوصاً مع تزايد معدلات القلق الاجتماعي بين أفراد هذا الجيل وما بعده.

اقرأ أيضاً: لماذا يعاني الجيل زد الوحدة في العمل أكثر من غيره؟

3. مقاومة الإيجابية الاستعراضية

أي رفض الجيل زد الضغوط الاجتماعية للظهور بمظهر سعيد أو متحمس دائماً. في الواقع، ذكرت دراسة منشورة في مجلة العلوم الثقافية أن تحولاً طرأ على طريقة تقديم الأجيال لنفسها على وسائل التواصل الاجتماعي. إذ باتت الأجيال الشابة تفضل الظهور بمظهر أكثر واقعية، أو حتى الظهور بمظهر هادئ وغير مهتم.

4. التمرد على معايير الجمال

ربما تمثل نظرة جيل زد مقاومة واعية أو غير واعية لمعايير الجمال التقليدية المثالية، التي غالباً ما تركز على الجاذبية الاستعراضية والتألق والأنوثة أو الرجولة المفرطة على السوشال ميديا.

لذا قد تراهم يتبنون إطلالات تبدو بسيطة وطبيعية، بل حتى غريبة أو غامضة، في سبيل تخفيف الضغط النفسي للظهور بمظهر مبالغ فيه على السوشال ميديا. يحول هذا التوجه، الذي يسمى أحياناً "جمالية المقاومة"، عدم الاكتراث والحياد إلى طريقة من طرائق التعبير عن الذات والتواصل الاجتماعي.

اقرأ أيضاً: لماذا يفضل الجيل زد التواصل باستخدام الرسائل النصية بدلاً من المكالمات الهاتفية؟

3 نصائح تساعدك على فهم الجيل زد والتفاعل معه بطريقة أفضل

استناداً إلى رغبتهم في تقديم الذات على نحو أصيل وحقيقي، والاستجابات العاطفية لمتطلبات العالم الرقمي، والآثار النفسية للقلق الاجتماعي والإرهاق العاطفي، إليك أهم الإرشادات لفهم هذا الجيل والتعامل معه على نحو أفضل:

  1. ركز على القبول لا على التصحيح: يشير استشاري الطب النفسي واضطرابات المزاج، محمد اليوسف، إلى أن من طبيعة البشر أن يصف كل جيل نفسه بأنه أفضل من الجيل الذي أتى بعده، على الرغم من أن المجتمعات والأجيال تتطور وتتقدم بمرور الوقت، وليس العكس، على حد قوله. لذا، حاول أن تفهم الجيل زد دون تعال، وتذكر أنه يقدر التعبير الصادق والعفوي عن الذات بدلاً من التصوير المعدل بدرجة مبالغ فيها.

فبدلاً من محاولة تغيير تعابير وجوههم اللامبالية أو المحايدة، تقبل لغتهم البصرية وتفاعل معهم بصدق وفقاً لشروطهم، وتجنب إجبارهم على الابتسامات أو التعبيرات العاطفية التي لا تبدو حقيقية بالنسبة لهم. وفي الوقت نفسه، شجعه على التعاطف مع الذات وتقبل عيوبها، ووضح أن الأصالة لا تعني الكشف التام عن الذات دون تنقيح.

  1. احترم حدوده العاطفية: كما رأينا، قد يحمل الوجه الجامد أو التعبير المحايد رسالة حماية للذات. فلا تسئ تفسير مظهرهم المحايد على أنه فظاظة أو وقاحة، بل حاول أن تراه أسلوباً للتواصل ناتجاً عن القلق الاجتماعي أو الإرهاق الرقمي أو الحاجة إلى إثبات الذات. لذا، كن واضحاً ومباشراً وصادقاً وأصيلاً في تواصلك معهم لتكسب ثقتهم.
  2. شجعه على التنظيم الصحي للعواطف: اشرح له إن استطعت أن البقاء على الحياد قد يحمي أحياناً، لكنه عند اتباعه باستمرار قد يخلق أيضاً مسافة عاطفية تصعب التواصل بعمق مع الآخرين أو معالجة المشاعر بصورة كاملة.

ولهذا السبب من المهم تشجيع ممارسة بعض الأنشطة بعيداً عن العالم الرقمي، مثل تدوين اليوميات واليقظة الذهنية والرياضة والتحدث وجهاً لوجه إلى شخص مقرب، ما يسمح لهم بالتعبير عن المشاعر بأمان والتعافي من التحفيز العاطفي الرقمي المرهق.

المحتوى محمي