ملخص: قيل: "يوم لك ويوم عليك"؛ لكن ليس بالضرورة أن تسمح ليومك المزعج بالتأثير في مزاجك وحالتك النفسية أكثر من اللازم، وإليك ما ينبغي فعله للتغلب على الأيام السيئة والمضي قدماً.
محتويات المقال
مررت بيوم سيئ؟ مشكلات مباغتة في العمل لم تستطع حلها، أو شجار مع أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء، أو تعرضت إلى إهانة على مرأى الجميع، أو سلسلة من الأحداث الصغيرة المزعجة منذ الصباح؟ ربما ما هو أخطر من ذلك بكثير أو أبسط من ذلك بكثير؛ لكنك وفي الحالات جميعها، شعرت أن هذا اليوم ليس يومك.
ربما اعتقدت أنك فاشل، أو لُمت الآخرين، أو لجأت إلى الإفراط في النوم أو تناول الطعام، أو اقتنعت أن هذه المشاعر البغيضة ستدوم إلى الأبد، أو أن ما سيحدث سيكون أسوأ! أنت تدرك على الأرجح أن أياً من هذه الأساليب ليس صحيحاً في التعامل مع الأيام السيئة، فما الذي يمكنك فعله إذا شعرت أن هذا اليوم ليس يوم حظك؟
اقرأ أيضاً: هل تشعر بالعجز تجاه الأحداث المؤلمة؟ إليك 7 طرق فعالة للتعامل معه.
ما الذي يمكنك فعله إذا شعرت أن هذا اليوم ليس يومك؟
ما مِن علاج فوري لتغيير يوم مزعج؛ لكن ثمة بعض النصائح التي يمكنك اتباعها للمضي قدماً ومنع السلبية من السيطرة عليك واستنزافك وإليك أهمها.
1. كن واعياً بمشاعرك
تؤكِد الطبيبة النفسية، سوزان ألبرز (Susan Albers)، أهمية أن تتأمل في مشاعرك جيداً عندما تواجه يوماً مليئاً بالتحديات، فإدراك المشاعر هي الخطوة الأولى نحو الشعور بالتحسن. احترم أي شعور يعتريك، حتى لو كان سلبياً، وكن لطيفاً مع نفسك ومتعاطفاً معها، ولا تسمح للأفكار السلبية التي تمس احترامك لذاتك أن تغزو رأسك.
وإن شعرت برغبة في البكاء، فلا تقاوم، ابكِ دون خجل أو حكم على نفسك. تذكّر أن التعبير عن المشاعر والتعامل معها وفق طرائق صحية يطور مرونتك النفسية، وهو أمر مهم جداً من أجل التعامل الجيد مع الأيام السيئة وخيبات الأمل، حسب توصيات المختصة النفسية، بلقيس السراجي.
وجدير بالذكر أن اليوم السيئ قد يكون في بعض الأحيان مجرد أحداث بسيطة سلبية؛ لكنك غالباً ما تستجيب لها على نحو مبالغ فيه نتيجة أسباب عاطفية مكبوتة محتملة تسبب التوتر أو الإحباط. لذلك؛ تمعن لحظة واسأل نفسك: ما الذي يكمن وراء التوتر والإحباط الذي تشعر به؟ هل هو الغضب أم الحزن أم الاستياء؟
يمكنك من خلال التأمل الذاتي أن تحدد مشاعرك الكامنة وتفهمها، ثم أن تتبع نهجاً أكثر شمولاً في معالجة الأحداث الخارجية، بالإضافة إلى معالجة المشهد العاطفي الداخلي الذي يُفاقم السلبية الناجمة عن يوم مليء بالتحديات. يمكن أن يكون هذا الاستبطان خطوة حاسمة في تطوير آليات مواجهة فعالة من أجل استجابة عاطفية أكثر مرونة تجاه الشدائد.
تقترح الطبيبة النفسية، سوزان ألبرز، التعبير عن هذه المشاعر عبر تدوينها في يومياتك أو مناقشتها مع صديق تثق به. وتذكر جيداً أن كبت المشاعر لا يؤدي إلا إلى ظهورها مرة أخرى لاحقاً. لذلك؛ فإن الاعتراف بها ومعالجتها يُعد خطوة أساسية في تغيير يومك.
اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع مشاعرك المزعجة بعد خسارة كل شيء؟
2. انهض وتحرّك
يؤدي النشاط البدني دوراً مهماً في التخلص من يوم سيئ؛ إذ يمنح الجلوس مشاعرك السلبية الوقت الكافي لتتفاقم، في حين أن ممارسة الرياضة والحركة يحفزان إطلاق الإندورفين والسيروتونين اللذين يعززان المزاج الإيجابي، و20 دقيقة فقط من النشاط البدني تكفي لأن تحسِّن مزاجك تحسيناً ملحوظاً.
ليس من الضروري أن تكون جلسة رياضية صارمة، فقد يكون الانخراط في الأنشطة التي تستمتع بها؛ مثل المشي مع صديق، أو ركوب الدراجة في الحديقة، أو اللعب مع طفلك أمراً كافياً. الفكرة هي في تحريك جسمك؛ ما يساعد عقلك على أن يحذو حذوه. تجنب أن تستمع إلى الموسيقا الحزينة في أثناء ممارسة هذه الأنشطة في هذا اليوم على الأقل؛ لأنها قد تزيد حدة مشاعرك السلبية.
اقرأ أيضاً: كيف تحافظ على إنتاجيتك عندما تتدهور حالتك النفسية؟
3. حوِّل انتباهك إلى أمر آخر
لاحظ أنه وبمجرد أن يبدأ يومك بالانحدار نحو الجانب السلبي، فغالباً ما ستتوقع أن أحداثاً سيئة أُخرى ستقع، وهذه التوقعات السلبية ستجعلك تفسر ما يحدث لاحقاً على أنه سلبي لأن الدماغ غالباً ما يميل إلى تسجيل الانحيازات السلبية بسهولة أكبر والتركيز عليها؛ ما يؤثر مباشرة في سلوكك ومواقفك.
هل فهمت الأمر؟ توقعاتك السلبية تصبح نبوءة تحقق ذاتها. لذلك؛ قد يكون من المفيد إلهاء نفسك وتحويل انتباهك إلى أمر إيجابي. شاهد فيلماً مفضلاً، أو اقرأ كتاباً، أو انغمس في هواية ما، أو استمع إلى نوع مختلف من الموسيقا.
ولا بأس من مكافأة نفسك لمساعدتك على الشعور بالتحسن؛ لكن تذكر أن تناول الكثير من الحلويات أو التدخين قد يجعلك تشعر بمتعة لحظية، ثم قد تشعر لاحقاً بالندم والسوء؛ ما يفاقم مشاعرك السلبية. أبقِ هذه الفكرة في ذهنك قبل الإفراط في تناول الطعام أو التسوق أو أي من سلوكيات الإلهاء السلبية.
وكما ذُكر سابقاً، فالحركة تُعدّ في حد ذاتها معززاً طبيعياً للمزاج، فإذا كان شغفك يتضمن نشاطاً بدنياً، فهذا أفضل. في الأحوال كافةً، تجنب الحكم على نفسك أو وضع معايير صارمة لما تريد إنجازه، فقط استمتع بالتجربة، وانغمس فيها، وكن حاضراً. وتذكر أنه حتى ولو لم تستطع أن تزيل مشاعر الغضب أو الإحباط أو الحزن إزالة تامة، فإن فعل أي نشاط إيجابي، حتى عندما لا يكون قلبك منخرطاً فيه بالكامل، يمكن أن يفيدك.
اقرأ أيضاً: 9 نصائح لتتجاوز الأيام الثقال وتخفف وطأتها.
4. غيِّر طريقة تفكيرك
الأيام السيئة جزء من الحياة، خذ نفساً عميقاً واسأل نفسك: "كم من الوقت ستستمر مشاعري السلبية؟ ساعة؟ شهراً؟ 5 سنوات؟". قد يكون التفكير في عبارات مثل "هذا اليوم سيمضي" مثل تذكير بأن المشاعر الصعبة لن تدوم إلى الأبد، وأن ما لا يقتلك يجعلك أقوى أو أكثر مرونة على الأقل، ويزيد ثقتك بنفسك وتقديرك لها. ألم تنجُ من مئات الأيام السيئة سابقاً؟
يتضمن تغيير طريقة تفكيرك، أو إعادة ضبط حالتك الذهنية، أنشطة مختلفة؛ مثل تمرينات التنفس العميق التي تُعد علاجاً طبيعياً لتقليل التوتر والضغط النفسي، أو التأمل واليقظة الذهنية، أو الاستماع إلى الموسيقا المفرحة، أو التنزه سيراً على الأقدام، أو الاتصال بصديق تثق به. يمكن أن تساعد هذه الأنشطة على تغيير وجهة نظرك وتحسين حالتك الذهنية؛ ما سيساعدك على التعامل مع التحديات، وتوفير طريقة بناءة للاستجابة لمشاعرك.
كما قد يكون من المفيد أن تركز على الجوانب الإيجابية في حياتك، فمشكلات العمل ليست حياتك كلها؛ ما تزال تمتلك عائلة لطيفة خارج العمل، وانتهاء علاقتك العاطفية ليست نهاية العالم، فما زال لديك أصدقاء رائعون ومهنة تحبها. فكر فيما لديك وامتن لوجوده. فكر فيما حدث وما جعل يومك سيئاً جداً، حلل ما حدث على النحو الصحيح دون جلد ذاتك، وحاول معرفة ما يمكنك فعله لجعل الغد يوماً أفضل.
اقرأ أيضاً: ما الذي قد يدفعك إلى جلد ذاتك؟ وكيف تتوقف عن ذلك؟
5. ساعد الآخرين
حتى لو لم يكن يومك جيداً حتى الآن، فالفرصة لم تفت لإنهائه على نحو إيجابي، وذلك بأن تجعل يوم إنسان آخر يوماً جيداً؛ إذ تشير عالمة النفس دينيس غراهام (Denise Graham) إلى أن مساعدة شخص آخر، سواءٌ أَكانت من خلال التطوع أم القيام بعمل خيريّ أم تقديم لفتة بسيطة طيبة، يمكن أن تكون وسيلة قوية لمكافحة المشاعر السلبية وإبعاد تركيزك عن نفسك ورفع معنوياتك.
6. تواصل مع شخص تحبه
يُعد التواصل مع أحبائك وسيلة أخرى للتنفيس عن مشاعرك؛ سواءٌ أَكان ذلك من خلال محادثات بسيطة مع الأصدقاء أو العائلة أم لقائهم في مكان هادئ. ومن المهم معرفة أن عناق الأحبة يعزز مستويات الأوكسيتوسين في الجسم، المعروف بهرمون الحب؛ ما يعزز المزاج، ويفيد صحة القلب، ويقوي المناعة أيضاً. إذاً، يمكن لهذا التواصل أن يوفر الدعم العاطفي، ويسهم في إنهاء اليوم على نحو إيجابي؛ لكن انتبه ألا تتواصل مع الأشخاص السلبيين في هذا اليوم السيئ على الأقل.
اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع رسائل الأشخاص الذين لا يظهرون إلا عندما يحتاجون إلى المساعدة؟
7. احصل على قسطٍ كافٍ من النوم
في نهاية يوم صعب، خُذ حماماً دافئاً معطراً ونل قسطاً كافياً من النوم؛ لأن قلة النوم أو الحرمان منه يفاقم الوضع سوءاً؛ إذ يزيد شعورك بالتعب والإرهاق في اليوم التالي، ويؤثر سلباً في قدرتك على التركيز، ويصعب معالجة المعلومات في الدماغ وتخزينها.
لذلك؛ 7 أو 8 ساعات من النوم ليلاً أمر ضروري للتعافي من يوم سيئ. تذكر أن النوم في موعد محدد كل ليلة، والحد من استخدام الأجهزة الإلكترونية قبل النوم، وتجهيز بيئة نوم هادئة تعد من المكونات الأساسية للنوم الهانئ. يضع النوم الجيد الأمور في نصابها الصحيح، ويشحن طاقتك للتعامل مع تحديات اليوم التالي.
ختاماً، لا مفر من الأيام السيئة ولا مهرب؛ ولكن اتباع تلك النصائح التي تشمل الجوانب العاطفية والجسدية يمكن أن يوفر نهجاً شاملاً للتعامل مع الأيام الصعبة. أما وفي حال أصبحت إدارة ردود الأفعل تجاه الأيام السيئة أمراً مرهقاً، فإن طلب الدعم من مختص الصحة النفسية يمكن أن يساعد على نحو أكبر في تطوير آليات تكيف صحية.