أتحسب أنك ترتاح حقاً حينما تلجأ إلى نيل قسط من الراحة؟ ربما عليك التمعن قليلاً في أنواع راحتك! قد يبدو الأمر غريباً، لكن الكثيرين يكتشفون أن الجلوس بهدوء أو عدم الإتيان بأي فعل أو حتى النوم طوال الليل، لا يمنحهم دائماً شعوراً بالانتعاش. ذلك لأن الراحة الحقيقية لا تعني التوقف عن الحركة والنشاط، إنما منح جسمك وذهنك ومشاعرك فرصة التعافي.
محتويات المقال
في الواقع، تصف طبيبة الأمراض الباطنية، سوندرا دالتون سميث، 7 أنواع مختلفة من الراحة التي يحتاج إليها الإنسان للشعور بالنشاط والحيوية، وتقول إن إهمال أي منها قد يسبب الشعور بالإرهاق. فما هي هذه الأنواع؟ وكيف تعلم أي نوع ينقصك؟ وكيف تناله؟ إليك التفاصيل.
ما هي أنواع الراحة السبعة وكيف تنال مزيداً من كل منها؟
مرة أخرى، النوم والراحة ليسا الشيء نفسه. فالنوم ضرورة بيولوجية تساعد الجسم والدماغ على معالجة المعلومات وتخزينها وإجراء عمليات الترميم والإصلاح. بدءاً من تعزيز مستويات الطاقة وصحة القلب، إلى تنظيم نسبة السكر في الدم ودعم صحة الجهاز المناعي، وصولاً إلى دعم العمليات المعرفية مثل تقوية الذاكرة والتفكير المعرفي وتحسين المزاج وإدارة التوتر.
وعلى الرغم من أن النوم جزء أساسي من الراحة؛ يمكن القول إنه شرط لازم لكنه غير كاف، أو ليس الوحيد. إذ قد يشعر الناس بالتعب حتى بعد نوم كاف؛ بسبب التوتر أو المشاعر غير المعالجة أو النشاط الذهني المستمر، فهي عوامل تستنزف الطاقة تماماً كما يستنزفها الإجهاد البدني. باختصار، تشمل الراحة أيضاً التعافي البدني والذهني والعاطفي والاجتماعي، وإليك أنواعها السبعة.
1. الراحة الجسدية
هذه الراحة ضرورية لاستعادة نشاط الجسم والوقاية من المشكلات الصحية المرتبطة بالإرهاق. وتتخذ شكلين رئيسيين: الراحة السلبية مثل النوم والقيلولة، التي تسمح للجسم والدماغ بالاسترخاء العام للتعافي واستعادة نشاطهما.
والراحة النشطة التي تشمل أنشطة لطيفة ومنشطة، مثل التمدد واليوغا والتدليك، ما يعزز الدورة الدموية ويخفف شد العضلات والتوتر النفسي. وعندما لا تنال قسطاً كافياً من الراحة الجسدية، فإن العديد من علامات الضيق قد تظهر على الجسم، مثل:
- الشعور بالتعب والإرهاق طوال اليوم.
- آلام العضلات وتيبسها، أو الآلام المتكررة التي قد تنتج عن شد العضلات فترة طويلة.
- زيادة قابلية الإصابة بالأمراض نتيجة ضعف الجهاز المناعي.
- الاعتماد على المنبهات مثل الكافيين أو السكر للشعور بالطاقة.
- صعوبة التركيز ومشكلات في الذاكرة وتغيرات المزاج.
- ضعف الأداء البدني والذهني وبطء ردود الفعل وتشتت الانتباه.
- الصداع وانتفاخ العينين والهالات السوداء وزيادة التجاعيد أو الخطوط التي تشير إلى عدم الحصول على قسط كاف من الراحة.
الآن، كيف تنال المزيد من الراحة الجسدية؟ إليك أهم النصائح:
- نل 7-9 ساعات من النوم الجيد كل ليلة.
- خذ قيلولة قصيرة (15-30 دقيقة) في أثناء النهار عند الشعور بالتعب.
- احرص على أداء تمارين التمدد أو اليوغا لتخفيف التوتر، خاصة إذا كنت تطيل الجلوس.
- استخدم التدليك أو الأسطوانة الرغوية لتخفيف توتر العضلات.
- خذ حماماً دافئاً مع أملاح إبسوم (أحد الأملاح المعدنية الطبيعية المركبة من المغنيزيوم والكبريتات) لتخفيف آلام العضلات والتوتر النفسي.
- استشر الطبيب إذا استمر التعب، إذ قد يكون السبب اضطراباً في النوم أو مشكلة صحية أخرى.
2. الراحة الذهنية
تعني السماح للدماغ بالتوقف قليلاً والتعافي من النشاط المعرفي المستمر، ما يساعد على تخفيف التعب الذهني وتحسين التركيز وتقليل التوتر وتعزيز صفاء الذهن. وإليك العلامات الدالة على أن دماغك يحتاج للراحة:
- صعوبة في التركيز.
- الشعور بالضبابية الدماغية؛ وهي مجموعة من الأعراض مثل الارتباك والتعب وفقدان سلسلة الأفكار وبطء عملية التفكير وانخفاض سرعة رد الفعل.
- ضعف الذاكرة أو النسيان وارتكاب أخطاء بسيطة.
- الشعور بالإرهاق من المهام بغض النظر عن حجمها.
- القلق أو الانفعال.
- صداع أو ألم في الرأس.
- افتقار الحماس لما كان يثير الحماس سابقاً.
- تغيرات في الشهية.
فكيف تنال راحة الذهن؟ هذه أهم النصائح:
- خذ فترات راحة منتظمة في أثناء المهام المرهقة أو انتقل إلى أنشطة أخف مثل طي الغسيل أو حل الألغاز.
- قسم المهام الكبيرة إلى خطوات أصغر قابلة للإدارة، وركز على ما يمكنك القيام به، وتجنب الكمال، وارفض المهام التي لا تستطيع فعلاً تنفيذها، واطلب المساعدة حينما تحتاج إليها.
- سجل المهام التي عليك تنفيذها بدلاً من التخطيط الذهني لها.
- خفف المشتتات حولك حينما تعمل، سواء إشعارات التطبيقات أم علامات التبويب المفتوحة غير الضرورية.
- اعمل على تدوين يومياتك؛ إذ يساعدك على إفساح المجال الذهني لمهام أخرى، ويخفف الشعور بالإرهاق.
- مارس التأمل واليقظة الذهنية لتحويل انتباهك إلى اللحظة الحالية والأحاسيس الجسدية بدلاً من التفكير المستمر في قوائم المهام أو الماضي والمستقبل.
- اتبع نظاماً غذائياً صحياً ومتوازناً، ومارس التمارين الرياضية بانتظام.
3. الراحة العاطفية
الراحة العاطفية هي حالة من الارتياح تختبرها عندما لا تضطر لإخفاء مشاعرك، سواء الحزن أم الغضب أم التوتر، أو كبتها أو تحملها وحدك. وهذا يعني أن تسمح لنفسك بالتعبير عن مشاعرك الحقيقية بصدق، دون التظاهر بأنك بخير ومتماسك طوال الوقت.
فكيف تعلم أنك بحاجة لهذا النوع من الراحة؟ هذه الأعراض قد تدل عليها:
- إخفاء مشاعرك الحقيقية باستمرار والتظاهر بأنك بخير مع الآخرين.
- عدم رفض طلبات الآخرين أو مطالبهم حتى عندما تشعر بالإرهاق أو عدم الرغبة.
- الشعور بوجود هموم أو ضغوط أو ألم غير معلن عنها طوال الوقت.
- وجود أعراض تدل على الإصابة بالإرهاق العاطفي؛ مثل اللامبالاة والقلق والشعور بالعجز وسرعة الانفعال مع العصبية والبكاء وعدم وجود حافز، إضافة إلى صعوبة إكمال المهام اليومية وعدم الالتزام بالمواعيد والعزلة.
فكيف السبيل إلى إعادة شحن طاقتك العاطفية؟ حاول تطبيق النصائح التالية:
- أحط نفسك بأصدقائك أو أحبائك الذين يتقبلونك كما أنت، واقض وقتاً كافياً معهم، فالصدق معهم يخفف عنك ضغط التظاهر ويحافظ على توازنك العاطفي.
- دون مشاعرك، إذ يساعدك التدوين على معالجة مشاعرك بدلاً من كبتها، ما يعيد التواصل مع ذاتك الداخلية.
- ضع حدوداً صحية وقل "لا" عندما ترهقك المواقف أو الأشخاص.
- تعرف إلى مسببات التوتر في حياتك وتخلص منها أو قللها، وتقبل العوامل المسببة للتوتر التي لا يمكنك تغييرها واصرف تركيزك بعيداً عنها.
- ركز على اللحظة الحالية، وخاصة على الأحداث المحايدة أو الإيجابية التي تحدث من حولك.
- اطلب الدعم المتخصص، إذ يوفر التحدث إلى معالج أو متخصص نفسي مساحة آمنة للتعبير عن نفسك واكتساب منظور جديد وبناء استراتيجيات مواجهة أكثر صحة.
4. الراحة الاجتماعية
هي الراحة التي تحصل عليها عندما تبتعد عن التفاعلات الاجتماعية المرهقة وتركز على العلاقات التي تنعشك حقاً. وبالطبع، يساعدك نيل قسط وافر من هذه الراحة على بناء علاقات أقوى وأكثر إشباعاً، ويحسن مزاجك ونظرتك للحياة.
ومن العلامات التي تدل على أنك بحاجة إلى هذا النوع من الراحة ما يلي:
- الشعور بالضغط أو الاضطرار للتصرف بمرح أو نشاط حينما تكون مع الآخرين.
- قضاء وقت طويل مع الأشخاص الذين يستنزفون طاقتك بدلاً من دعمك.
- الشعور بالعزلة أو الوحدة حتى عندما تكون محاطاً بالناس.
- الشعور بالتعب في المناسبات الاجتماعية بدل الانتعاش.
- تجنب المواقف الاجتماعية لأنها تبدو مرهقة أكثر من أن تكون ممتعة.
أما عن النصائح التي تساعدك على الشعور بالراحة الاجتماعية، فهي:
- خصص وقتاً لنفسك وامنحها مساحة للاسترخاء وإعادة شحن طاقتك بمفردك دون مطالب اجتماعية.
- جدول عدداً أقل من الأنشطة إذا كنت تشعر بالإرهاق.
- قلل الوقت الذي تقضيه مع الأشخاص الذين يستنزفونك أو يسببون لك التوتر.
- أعط الأولوية للعلاقات مع الأشخاص الداعمين والإيجابيين الذين يساعدونك على الشعور بالرضا، وركز على التفاعلات الفردية التي تبدو حقيقية ومرضية.
- ارفض الخطط الاجتماعية التي لا تتناسب مع مستوى طاقتك أو احتياجاتك.
5. الراحة الحسية
لا بد من أنك محاط بالضوضاء والشاشات الساطعة والإشعارات والمشتتات والروائح في الأوقات والأماكن معظمها، وهذه المحفزات قد ترهق الجهاز العصبي. إذاً، الراحة الحسية هي تخفيف هذا العبء ومنح حواسك، البصر والسمع واللمس والشم والتذوق، استراحة من التحفيز المستمر.
وإليك ما يدل على أنك بحاجة إلى راحة حسية:
- استخدام الأجهزة الإلكترونية دون انقطاع.
- الشعور بالإرهاق بسبب الأضواء الساطعة أو الأصوات العالية أو البيئات المزدحمة.
- الشعور بالصداع أو إجهاد العين أو الانزعاج بعد استخدام الشاشة.
- نفاد الصبر وسرعة الانفعال وسهولة الانزعاج أو التوتر في كثير من الأحيان.
- التوق إلى الهدوء والسكينة والبيئة الهادئة.
وإليك النصائح اللازمة لراحة حواسك:
- تقليل الإشعارات على أجهزتك.
- نيل فترات راحة من التكنولوجيا عبر قفل هاتفك والأجهزة الإلكترونية الأخرى فترة من الوقت.
- الجلوس بمفردك في غرفة هادئة ذات إضاءة خافتة وإغماض عينيك بضع دقائق.
- الاستماع إلى موسيقا هادئة.
- ممارسة اليقظة أو التأمل لتهدئة ذهنك وحواسك.
- الاستمتاع بالطبيعة والهواء النقي والضوء الطبيعي لتجديد حواسك.
6. الراحة الإبداعية
قد يبدو هذا النوع من الراحة غريباً؛ لكن الأشخاص الذين يعملون في وظائف تتطلب الإبداع أو العصف الذهني أو حل المشكلات قد يحتاجون إلى استراحة من المهام الإبداعية المرهقة ذهنياً، والانخراط في أنشطة تلهم الفضول والفرح والدهشة. والهدف هو شحن طاقة الدماغ على التفكير الإبداعي وتوليد أفكار جديدة.
فعندما لا تحصل على قسط كاف من الراحة الإبداعية، قد تشعر بالإحباط أو بأنك عالق في روتين ممل، أو أن أفكارك أقل من المستوى. كما قد يبدو العمل رتيباً ومملاً، ويصبح التفكير خارج الصندوق صعباً. بل إن التجارب اليومية قد تبدو أقل إثارة، وقد تلاحظ تراجعاً في الشعور بالبهجة أو الدهشة في الحياة.
النصائح الرئيسية للراحة الإبداعية:
- إعطاء ذهنك استراحة من العمل الذي يتطلب حل المشكلات أو العصف الذهني.
- الاستمتاع بالهوايات الإبداعية من أجل المتعة فقط، مثل الحياكة والكتابة والرسم والطهو.
- تجربة بيئات أو أنشطة ملهمة، مثل زيارة متحف أو معرض أو حفلة أو الاستماع إلى الموسيقا.
- قضاء وقت في الطبيعة وتأمل جمالها.
- تغيير الروتين أو البيئة المحيطة.
- تخصيص لحظات يومية قصيرة من 5-10 دقائق لشرود النفس والانغماس في أحلام اليقظة؛ فقد بينت دراسة منشورة في دورية القشرة المخية أن الأفكار الإبداعية غالباً ما تظهر حينما تسمح لنفسك بالغرق في أحلام اليقظة بين الحين والآخر.
7. الراحة الروحية
تعني إشباع ذاتك الداخلية بالمعنى والانتماء والسلام الداخلي. فعندما تنعم بهذه الراحة، ستشعر بأنك مرتبط بشيء أعظم من ذاتك، شيء يتجاوز مهامك اليومية أو اهتماماتك الشخصية. لكن عندما تفتقر إلى الراحة الروحية، فقد تشعر بأن الحياة تفتقر إلى المعنى، أو قد تسيطر عليك تساؤلات حول هدفك ومسارك، أو تشعر بالفراغ أو فقدان الرضا، أو العزلة.
تشير هذه المشاعر إلى أن ذاتك الداخلية بحاجة إلى الراحة وشحن طاقتها، ويمكن ذلك عن طريق النصائح التالية:
- احرص على تغذية روحك عبر الصلاة أو التأمل. وهنا يقول المعالج النفسي، أسامة الجامع، إن عمق التأمل يقود إلى الله، يقود إلى السلام الداخلي، إلى السكينة والهدوء والطمأنينة والرضا المجرد دون شروط، إلى التقبل والتسليم. لذا، عش لحظات من التأمل وحدك بعيداً عن كل شيء، واستشعر السكون بداخلك.
- مارس الامتنان للنعم الموجودة في حياتك.
- تأمل في قيمك واجعل أفعالك تتواءم معها.
- ناضل من أجل قضية تؤمن بها فعلاً.
- تطوع وقدم الدعم للآخرين وكن شخصاً إيجابياً.
- تخلص من العقلية الجامدة وانفتح على التغيير وإيجاد هدف جديد في حياتك من خلال استكشاف أفكار ومعتقدات تتجاوز منطقة راحتك.