للابتسامة أنواع: إلامَ يشير كل منها؟

4 دقائق
الابتسامة

من الابتسامة الخجولة، أو الماكرة أو العدوانية أو الساحرة، إلى ابتسامة الهيمنة. تم التعرف إلى 19 نوعاً للابتسامة، واستطعنا تفسير 6 منها، فأي من هذه الابتسامات تستخدم عادةً؟ فيما يلي نكشف النقاب عن أكثر التعابير البشرية رقةً.
كم مرةً نبتسم في اليوم؟ من المستحيل الإجابة عن هذا السؤال، فهي تختلف باختلاف شخصياتنا والمواقف التي نبتسم فيها. لكن هل نبتسم دائماً للتعبير عن السرور؟ كتب باتريك دريفيت في مقال تحت عنوان "الابتسامة" (Le Sourire): "تَنتج الابتسامة عن مشاعر مختلطة من الفرح والرعب، أو العجب والرهبة"؛ إنها حالة معقدة تكشف عن حقيقتنا. ومع ذلك؛ على عكس الضحك الذي شغل بال الباحثين على مدار العشرين عاماً الماضية، فإن الدراسات التي تتناول الابتسام - أكثر التعابير البشرية رقةً، لا تزال محدودةً.

متى يبتسم الإنسان لأول مرة؟

يبدأ الطفل بالابتسام في عمر 30 إلى 45 يوماً -في عمر 3 أشهر على الأكثر- للتعبير عن الرضا عند رؤية شخص مألوف، أو سماع صوت عذب أو بعد تناول وجبة. لذلك؛ يتمكن الطفل بواسطة التعلم عبر التقليد من إعطاء معنىً لابتساماته. حدد مختص علم النفس بول إيكمان 19 نوعاً مختلفاً للابتسامة؛ بما فيها تلك التي تعبر عن الخوف أو الاحتقار أو السخرية.

الابتسام هو أولاً وقبل كل شيء آلية دماغية. ووفقاً للعلماء؛ تبدأ هذه الآلية بإثارة الجزء الأمامي من منطقة ما تحت المهاد - وهي غدة تقع في قاعدة الدماغ، ثم تنقل النبضات العصبية على شكل موجة إلى الدماغ الحوفي - وهو مركز العواطف، فتسترخي عضلات الوجه الذي تظهر عليه ردود أفعال تعبر عن حالة الرضا. أما إثارة الجزء الخلفي من منطقة ما تحت المهاد، فتؤدي إلى ظهور ردود أفعال تعبر عن عدم الرضا.

الابتسامة لغة أخرى

إذا كان الضحك يتطلب تحريك 15 عضلةً في الوجه، فإن الابتسام الذي يعرّفه القاموس ببساطة شديدة بأنه "حركة خفيفة للعينين والشفتين"؛ يتطلب تحريك الكثير من العضلات أيضاً. لكن لكل نوع من الابتسام عضلاته الخاصة، فتؤدي ابتسامة التهذيب، وضم الشفاه الخفيف إلى تقلص العضلة الوجنية الكبيرة. في حين أن ابتسامة الفرح الواسعة والمتألقة تؤدي إلى تحريك العضلة الدويرية العينية؛ وهي العضلة التي تغلق الجفون. تتحرك هذه العضلات بطريقة لا إرادية استجابةً للأحاسيس المبهجة فقط؛ إذ يستحيل الخلط بين الابتسامة القسرية المصطنعة وابتسامة السعادة الحقيقية.

الابتسامة هي لغة أخرى، وطريقة للتعبير عما لا نفصح عنه. وعلى الرغم من أن الابتسام يُعتبر رد فعل أقل درجة من الضحك، فإننا نعبر به عن مختلف المشاعر؛ كابتسامة العاشق المشرقة، أو ابتسامة الشخص الخَجِل المُحْرَجة، أو ابتسامة الإغواء المهيمنة، أو ابتسامة بوذا الهادئة. فيما يلي نوضح لكم بإيجاز 6 أنواع للابتسامة.

ابتسامة الترحيب

ابتسامة الشخص الذي يرحب بنا

ما هي ابتسامة الترحيب أو التهذيب؟ سواء كان الشخص الذي يبتسم لنا على مقربة منا أو لا، فإن ابتسامته تجعلنا نشعر بالراحة بصورة عفوية حتى لو لم نكن على صلة مباشرة به. تقول نجلاء؛ 36 سنة: "سأتذكر دائماً ابتسامة الخباز. عندما كنت طفلةً؛ اعتدت أن أذهب إليه لشراء الخبز، وكانت ابتسامته تشعرني بالراحة". لا تقتحم ابتسامة الترحيب أو التهذيب دائرتنا الحميمة، ولا تخاطب ما نحن عليه؛ إنما تخاطب ما هو مشترك وعالمي بين كل البشر. يقول الدالاي لاما في كتاب "الحكمة القديمة والعالم الحديث" (Sagesse ancienne et monde modern): "تمس الابتسامة الصادقة شيئاً أساسياً فينا؛ وهو حساسيتنا الفطرية تجاه اللطف".

ابتسامة معرفة الآخر

الابتسامة التي تجمعنا معاً

تعبّر ابتسامة الترابط بين الأشخاص عن انتمائهم للقصة ذاتها، فهي تكشف عن فهم وثيق لشخص مختار والترابط معه.

يوضح رامي؛ 25 عاماً، وهو مصور يسافر حول العالم: "خلال التقاطي صوراً للغرباء في الشارع؛ أحب أن أوثق لحظات الترابط المفعمة بالنظرات والابتسامات". ويوضح أن صور الابتسامات التي يلتقطها هي أفضل ذكريات رحلاته بالنسبة إليه.

الابتسامة الجذابة

التي تجعل الآخر يستسلم

أظهر عالم الأخلاق الألماني إيريناوس إيبل إيبسفيلدت أن الابتسامة هي سلوك مشترك بين معظم أساليب الإغراء حول العالم.

في فرنسا؛ ما زالت ابتسامة الرجل هي الأهم بالنسبة للنساء (37%) حتى أنها أهم من مظهره بالنسبة إليهن (13%) (استطلاع بيليس آيفوب Baileys-Ifop). تمنح الابتسامة شعوراً بالثقة والاطمئنان معاً؛ حيث تقول بثينة ذات الـ 38 عاماً، وهي رسامة أيقونات مخطوبة إلى وسيم منذ سنة: "على الرغم من أنه لم يكن لديه ما يرضيني تماماً، فقد أغواني بابتسامته الرقيقة والشقية؛ لقد استسلمت له بسهولة تامة".

الابتسامة الدفاعية

التي نحمي أنفسنا بها

في مواجهة المجهول؛ الابتسامة هي سلاحنا الأول. كما تُمثل هنا سلوكاً عفوياً نهدف به إلى "شل" نبضاتنا العدوانية، وتحييد تلك التي قد يشعر بها الآخرون تجاهنا. إنها علامة "استرضاء" نتشاركها مع جميع حضارات العالم.

يعترف سمير؛ 25 عاماً، قائلاً: "عندما أدخل إلى غرفة لا أعرف أي شخص فيها؛ أبتسم بصورة عفوية كما لو كنت أحمي نفسي".

الابتسامة الجريئة

ابتسامة الثقة

إن إجبار أنفسنا على الابتسام يقودنا إلى التمسك بجوانبنا الإيجابية، وإبراز نجاحاتنا بدلاً عن إخفاقاتنا.

تقول طبيبة القلب بسمة؛ 48 عاماً: "من خلال تحسين الطريقة التي أبتسم وأتحدث بها في الأماكن العامة؛ اكتسبت الثقة بالنفس". يساعدنا الابتسام على إدارة ضغوطنا بصورة أفضل، لمواجهة التغيرات التي نتعرض لها بمزيد من الهدوء.

يقول كامل؛ 27 عاماً: "كنت أبحث عن طريقة أطلب بها من مديري إجازةً من دون أجر لمدة سنة، ثم قررت أن أقصد مكتبه مع ابتسامة تعلو وجهي، ونجحت خطتي، فالابتسامة تستحضر الابتسامة".

الابتسامة المُحرَجة

الابتسامة التي تعذرنا

بعيداً عن التعبير عن السعادة دائماً؛ يمكن أن تشير الابتسامة أيضاً إلى رغبتنا في إبعاد أنفسنا عن موقف ما. ويمكن أن ترتسم الابتسامة المُحرَجة على شفاهنا عندما نكون قد ارتكبنا خطأً ما للتو وتغمرنا مشاعر الخزي. إنها ابتسامة نشير من خلالها إلى ما ارتكبناه، وإلى الفوضى التي حدثت. توضح المعالجة النفسية كاثرين إيمليه بيريسول: "تشير الابتسامة الحزينة إلى أننا نحاول التحكم في عواطفنا بدلاً عن الخضوع لها". وإذا كانت ابتساماتنا نقاط قوة في علاقاتنا، فهذا أيضاً لأنها تعبر عن نقاط ضعفنا.

المحتوى محمي