تعرَّف إلى أعراض الذهان الزوري وعلاجه

3 دقائق
الذهان الزوري
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: عندما يتحدث شخص ما بأفكار خارج نطاق المنطق فغالباً ما يواجَه بالسخرية والاستهزاء؛ لكنه ربما يعاني من اضطراب نفسي يُدعى "الذهان الزوري". يختلف هذا الذهان عن الفصام في أن المصاب به يمارس حياته الطبيعية دون أي تغيير لافت سوى في الأوهام التي يرددها على مَن حوله. وثمة عدة أنواع للذهان الزوري ومن أشهرها العظمة أو الاضطهاد، ولا توجد أسباب واضحة تفسر الإصابة به إنما عوامل مساعدة تزيد احتماليتها، وثمة مساران علاجيان يمكن باتباعهما أن يتعافى المريض.

هل صادفت شخصاً يتحدث عن أمور غير قابلة للتصديق إطلاقاً؛ مثل ادعائه بأن أعضاءه تم استبدالها بأعضاء شخص آخر دون إجراء عملية جراحية، أو أنه مراقب من جانب الأجهزة الأمنية الدولية جميعها على الرغم من بساطة حاله؟ تشير الأفكار السابقة إلى معاناة الشخص من الذهان الزوري.

ويرى الطبيب النفسي الأردني وليد سرحان أن اضطراب الذهان الزوري قد يتشابه مع أعراض الفصام؛ إلا أنه يختلف عنه في استمرار المصاب به في أنشطته الحياتية العادية دون أي تغيير ظاهر سوى أن الأفكار المرتبطة بالذهان الزوري تسيطر على ذهنه بدرجة كبيرة.

وللذهان الزوري أنواع عديدة، وتقف وراء الإصابة به أسباب مختلفة، وتظهر معه أعراض متنوعة، ويتوفر لعلاجه أكثر من أسلوب، وهذه الجوانب جميعها يعرّفنا إليها هذا المقال.

ما الذهان الزوري؟

يعرَّف الذهان الزوري بأنه الإيمان الذي لا يتزعزع بفكرة غير صحيحة كلياً رغم تأكيد المحيطين بالشخص أن فكرته خاطئة ومصارحتهم له بذلك، وأحياناً قد يتمسك المصاب بالذهان الزوري بفكرته لسنوات ويدافع عنها وربما ينشغل بها إلى درجة تعطل حياته. وتنقسم أنواع الذهان الزوري إلى:

  1. الهوس الرومانسي: يعتقد المصاب بهذا النوع أن هناك طرفاً آخر، غالباً ما يكون شخصاً مهماً أو مشهوراً، واقعاً في حبه ويطارده.
  2. هوس العظمة: يعظّم المصاب بهذا النوع ذاته إلى درجة التصريح بامتلاكه قوىً خارقة أو الادعاء أنه توصل إلى اكتشاف غير مسبوق.
  3. هوس الغيرة: يجعل هذا النوع المصاب بالذهان الزوري يشك في شريكه دون وجود أي أدلة.
  4. هوس الاضطهاد: ينشر المصاب بهذا النوع أنباءً بأنه مستهدَف من قِبل الجهات الأمنية، أو أن زملاءَه في العمل جميعهم يرغبون في إلحاق الأذى به، وقد يمتد الأمر إلى التواصل مع السلطات المختصة لحمايته!
  5. الهوس الجسدي: يعتقد المصاب بهذا النوع أن لديه مشكلة جسدية مثل أن رائحته كريهة، أو أنه يعاني من مشكلة عضوية.
  6. الهوس المختلط: يجمع هذا النوع بين نوعين أو أكثر من أنواع الذهان الزوري السابقة.

وتختلف درجة انتشار نوع الذهان الزوري باختلاف الجنس، فعند الذكور ترتفع احتمالية ظهور أوهام الاضطهاد والغيرة، بينما عند الإناث يتصدر الهوس الرومانسي، ويظهر الذهان الزوري عادةً بعد سن الأربعين إلى أواخر العمر.

اقرأ أيضاً: اضطراب الآنية: حين تنفصل الروح عن الجسد بلا موت

ما أسباب الإصابة بالذهان الزوري؟

لا يوجد سبب دقيق واضح للإصابة بالذهان الزوري؛ لكن ثمة عواملَ مساعدة تؤدي إلى ذلك مثل تعاطي المخدرات؛ كما تشارك العوامل الوراثية في رفع نسبة الإصابة به في حال كان أحد الأقارب مصاباً بالذهان الزوري أو الفصام.

من العوامل المساعدة كذلك وجود تشوهات في أجزاء معينة من الدماغ مثل الناقلات العصبية، أو المعاناة من بعض التجارب التي تزيد بها درجة الإرهاق النفسي أو العزلة، بالإضافة إلى امتلاك سمات شخصية مثل فرط الحساسية أو الشك أو تدني احترام الذات.

اقرأ أيضاً: عندما يختلط الخيال بالواقع: كل ما تود معرفته عن التفكير الوهمي

ما أعراض الذهان الزوري؟

تظهر على المصاب بالذهان الزوري عدة أعراض أبرزها:

  1. عدم الوعي بأن أوهامه تمثل مشكلة أو أنها غير منطقية حتى لو وصفها له جميع من حوله بذلك.
  2. الميل إلى تفسير جميع ما يحدث حَوله في سياق يخدم أوهامه.
  3. تَرافق العنف أحياناً مع بعض أنواع تلك الأوهام؛ كأن يصبح عنيفاً إذا كان يعتقد بأنه يتعرض للاضطهاد.
  4. الميل إلى الشك وعدم الثقة في المحيطين به.
  5. المعاناة من القلق أو الاكتئاب أحياناً نتيجة عيشه مع أوهامه.
  6. ظهور بعض الهلوسات المتعلقة بأوهامه، فإذا كان مثلاً يعتقد أن رائحة جسمه كريهة ربما يشمها على الرغم من عدم وجودها فعلياً!

اقرأ أيضاً: كيفية التعامل مع مريض الاكتئاب الذهاني

كيف يمكن علاج الذهان الزوري؟

تؤكد المختصة النفسية لورانس ميللر (Laurence Miller) نقطةً مهمة تتعلق بعلاج الذهان الزوري؛ وهي أن المصاب به غالباً لا يعتقد بأن لديه مشكلة تستدعي البحث عن حل، لذا من المستَبعد أن يلجأ إلى العلاج النفسي بدافع ذاتي.

وتبدأ رحلة العلاج من تشخيص المصاب من قِبل الطبيب النفسي الذي سيراجع تاريخه الطبي بأكمله، ويوجهه إلى إجراء فحص يستبعد من خلاله الأمراض الأخرى مثل آلزهايمر أو الصرع أو الوسواس القهري أو الفصام أو اضطراب ثنائي القطب.

وفي حال تأكدت الإصابة بالذهان الزوري فثمة مساران متاحان للعلاج:

  1. العلاج النفسي: تُستخدم فيه مجموعة تقنيات؛ أهمها العلاج المعرفي السلوكي الذي يساعد على التعرف إلى الأفكار الكامنة وراء الأوهام، والعمل على تعديلها بعد توعية المصاب بها وشرح ضررها بحياته، بالإضافة إلى التثقيف النفسي لأسرة المصاب والعمل على تحسين تعاملهم معه.
  2. العلاج الدوائي: غالباً ما توصف للمصاب بالذهان الزوري مضادات الذهان لمساعدته على إدارة أوهامه أو هلاوسه، وتوصف في بعض الأحيان مضادات الاكتئاب للتخفيف من حدة حالات سوء المزاج التي يتعرض لها. وفي حال كانت الأوهام مترافقة مع نوبات القلق، فقد توصف له مضادات القلق لتحسين جودة نومه أو مستوى تركيزه.

ويوجه المعالج النفسي المصاب بالذهان الزوري إلى تطبيق بعض الإرشادات الذاتية مثل الحرص على النوم بشكل كافٍ، وممارسة تمارين الاسترخاء والتأمل لتخفيف حدة الأعراض.

اقرأ أيضاً: كل ما تود معرفته عن دواء الهالدول لعلاج الفصام

أخيراً، من المهم الوعي بأن الذهان الزوري اضطراب نفسي مثله مثل باقي الاضطرابات النفسية، لذا لا ينبغي الاستهزاء بالمصاب به أو إهمال توجيهه إلى طلب العلاج النفسي، وإلا ستتفاقم حالته بمرور الوقت ومن ثمَّ سيؤثر اضطرابه سلباً في حياته وحياة من حوله.

المحتوى محمي