تعرف إلى أشهر الأساليب النفسية التي يستخدمها الأشخاص السامون لتحمي نفسك منهم

7 دقيقة
الألعاب النفسية
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: يقول استشاري العلاقات الأسرية، جاسم المطوع، إن الشخص السام يمارس سلوكين؛ الأول أنه يؤذي العواطف والمشاعر، والثاني أنه يخرّب السلوك أو الأفكار أو المعتقدات. فالأشخاص السامون أشخاص أنانيون ومتلاعبون ومسيئون ويفتقرون إلى التعاطف، وغالباً ما يلجؤون إلى بعض الأساليب النفسية الملتوية من أجل السيطرة على الآخرين والتلاعب بهم بغية تحقيق مآربهم الخاصة. لذلك؛ سنخصص هذا المقال لتوضيح أشهر الألعاب النفسية التي يمارسها هؤلاء وكيفية حماية نفسك منها.

الألعاب النفسية سائدة ومتجذرة كثيراً بين الناس، وهي تكتيكات نفسية يستخدمها الأشخاص السامون غالباً من أجل السيطرة على ضحاياهم والتلاعب بهم واستغلالهم عاطفياً. ويعد فهم هذه الأساليب أمراً ضرورياً من أجل تحديدها ومعالجتها، خصوصاً أن الشخص الذي يقع ضحية هذه الألعاب يعاني الشك الذاتي والشعور بعدم الجدارة؛ ما يسهل على الشخص الآخر التحكم فيه والتلاعب به. لذلك؛ سنوضح في هذا المقال أكثر الألعاب النفسية استخداماً لتتجنب الوقوع في فخها، بالإضافة إلى كيفية حماية نفسك منها.

اقرأ أيضاً: 5 أنواع للشخصيات السامة: تجنَّبها لتنجو بسلامتك النفسية

ما أشهر الألعاب النفسية التي يستخدمها الأشخاص السامون؟

قد يقع الناس معظمهم ضحايا هذه الألعاب، وعلى الرغم من أنها قد تكون أقل تأثيراً في الأشخاص الواثقين من أنفسهم، فهذا لا يعني أنهم لا يقعون في فخها. عموماً، إن كنت غير متأكد من أن أحداً ما يمارس هذه الألعاب عليك، فإليك أهم الأمثلة لهذه الأساليب:

1. التلاعب بالعقول (Gaslighting)

نوع من أنواع التلاعب النفسي يعتمد فيه الشخص المسيء على إرباك واقع الضحية وتشويهه عمداً من أجل إضعاف ثقتها بنفسها ودفعها إلى الشك في ذاكرتها وإدراكها، وذلك من أجل السيطرة على أفكارها وسلوكها. قد يكرر الشخص المسيء عبارات مثل "هل أنت مجنون؟ هذا لم يحدث البتة"، أو "هل أنت متأكد؟ يبدو أن ذاكرتك أصبحت سيئة مؤخراً" أو "ما تقوله قد حدث في عقلك فقط".

كيف تعلم أنك تتعرض إلى التلاعب بالعقول؟ عندما تعاني زيادة الشك الذاتي بسبب إصرار الشخص المسيء على أن ما تتذكره أو تفكر فيه أو تشعر به هو أمر خاطئ تماماً، وقد يشوِّه الحقائق أو يختلق الأكاذيب والأحداث التي لم تحدث، من أجل تقويض ثقتك بنفسك وإرباكك وإجبارك على تصديق نسخة الواقع التي يقدمها هو.

الأشخاص الذين يستخدمون هذا التكتيك غالباً ما يعانون بعض الاضطرابات النفسية؛ مثل اضطرابات الشخصية (الشخصية الحدية أو الهستيرية أو المعادية للمجتمع أو الفصامية أو غيرها)، أو اضطراب الشخصية النرجسية، أو الاعتلال النفسي (حالات تتميز بالقسوة والافتقار إلى التعاطف). بالإضافة إلى ذلك، قد ينخرط بعض الأشخاص في هذا السلوك لأنهم شهدوه على نحو متكرر عندما كانوا أطفالاً، وغالباً من أحد الوالدين.

اقرأ أيضاً: مَن هم مصاصو الطاقة وكيف تحمي نفسك منهم؟

2. الصمت العقابي (Silent treatment)

هو رفض التواصل الشفهي مع شخص آخر وتجاهله وعدم التفاعل معه وكأنه غير موجود أساساً، وذلك من أجل السيطرة عليه أو معاقبته. يختلف الصمت العقابي عن الصمت الذي يُستخدم بغاية للتهدئة أو إعادة تجميع الأفكار، فالصمت العقابي يحدث على نحو متكرر ويستمر فترات طويلة، ولا ينتهي إلا عندما يعتذر الطرف الآخر أو يتوسل أو يستسلم للمطالب أو يغير سلوكه. يمكن القول إن الصمت يصبح نوعاً من أنواع الإساءة العاطفية (الإيذاء النفسي) في الحالات التالية:

  • الصمت بغرض إيذاء الطرف الآخر.
  • استمرار الصمت أياماً أو أسابيعَ متتالية أو مدة زمنية أطول.
  • انتهاء الصمت عندما يقرر الشخص الصامت ذلك.
  • التحدث إلى الجميع ما عدا الضحية.
  • استخدام الصمت لإلقاء اللوم على الضحية وجعلها تشعر بالذنب.
  • استخدام الصمت للتلاعب بعواطف الضحية أو السيطرة عليها أو الضغط عليه لتغيير سلوكها.

يُذكر إن الصمت العقابي قد يحدث في العديد من العلاقات الإنسانية؛ إذ يمكن أن يظهر في الصداقات والعلاقات الزوجية والعائلية وحتى العلاقات المهنية.

3. الإسقاط (Projection)

يسقط الشخص السام هنا أفكاره وسماته غير المرغوبة وسلوكياته السلبية على الضحية. وتعد هذه الممارسة آلية دفاع نفسية يلجأ إليها العديد من الأشخاص، وليس السامين فقط، من أجل تجنب مواجهة مشكلاتهم الخاصة؛ فثمة أفكار وأحاسيس تسبب عدم الارتياح، وعند التعبير عنها، فإن الشخص ينسبها بوعي أو دون وعي إلى شخص آخر. على سبيل المثال؛ إذا خان شخص ما شريك حياته، فقد يشك أن شريكه يخونه أو يفكر أن الجميع خَوَنة! كما قد يدعي شخص يتلاعب بالآخرين على نحو متكرر أن الآخرين يحاولون التلاعب به.

4. لعِب دور الضحية (Playing the victim)

هو أسلوب يبالغ فيه الشخص بلعب دور المظلوم أو البريء من أجل جذب الانتباه وكسب التعاطف، أو تجنب العواقب، أو التلاعب بمشاعر الآخرين وسلوكياتهم. قد يلجأ الشخص "الضحية" إلى إلقاء اللوم على الآخرين دائماً، وإبداء ردود فعل عاطفية مفرطة، وطلب المساعدة والدعم على نحو متكرر، والشكوى الدائمة من صعوبة حياته وظروفه، والتمسك بالمظالم السابقة من أجل استعطاف الناس وإثارة شفقتهم.

اقرأ أيضاً: ما تأثير العلاقات السامة في صحتنا النفسية والجسدية؟ وما الذي يجعلنا نستسلم لها؟

5. إثارة الشعور بالذنب (Guilt trip)

هو تلاعب متعمَّد بمشاعر شخص آخر وحثّه على الشعور بالذنب و الندم بشأن قراراته أو تصرفاته السابقة، ثم استغلال هذا الشعور من أجل التلاعب به وتحقيق هدف ما. يِذكر أن الناس معظمهم قد يلجؤون في حالات قليلة إلى هذا الأسلوب من أجل إثارة التعاطف؛ لكن الأشخاص السامين يستخدمونه غالباً من أجل التلاعب بشخص آخر.

يمكن القول إن إثارة الذنب تصبح نوعاً من أنواع الإساءة العاطفية في حال كان الشخص المسيء لا يقبل اعتذار الطرف الآخر عن الأخطاء التي ارتكبها قط، أو لا يبذل جهداً البتة من أجل التوقف عن هذا السلوك أو تغييره، أو يحاول دائماً دفع الضحية إلى الظن بأنها لا تستطيع فعل أي أمر على نحو صحيح. ومن العلامات التي تدل على أن شخصاً ما يلعب هذه اللعبة:

  • الإدلاء بتعليقات ساخرة أو عدوانية وسلبية؛ مثل "جيد أنك انتبهت لي أخيراً" أو "أنت مدين لي".
  • إبداء تعليقات تشير إلى أنك لم تنجز القدر ذاته من العمل الذي فعله.
  • استحضار الأخطاء التي ارتكبتها في الماضي حتى لو لم تكن ذات صلة بالوضع الحالي.
  • التصرف بغضب مع رفض الحديث عما هو خاطئ.
  • الانخراط في سلوك سلبي عدواني.

اقرأ أيضاً: كيف يوقع الشخص السيكوباتي المرأة في شراكه؟

6. التثليث (Triangulation)

أسلوب نفسي يستخدمه الأفراد المتلاعبون، خصوصاً الأفراد النرجسيون، لخلق التوتر وانعدام الأمن داخل العلاقة، وذلك من خلال إشراك طرف ثالث قد يكون شريكاً سابقاً أو صديقاً أو أحد أفراد العائلة أو حتى زميلاً.

يستغل المتلاعب وجود هذا الطرف الثالث أو ذِكره من أجل إثارة مشاعر الغيرة أو المنافسة أو عدم الكفاءة لدى الضحية بغية السيطرة عليها. وغالباً ما يستفيد الشخص المسيء من حقيقة أن هذين الشخصين لا يتواصلان على نحو مباشر.

على سبيل المثال؛ قد يذكر الشخص المسيء باستمرار الإنجازات أو الصفات الإيجابية لأحد أصدقائه (الذي لم يعد على تواصل معه لسبب أو لآخر) من أجل جعل صديقه الحالي يشعر بالنقص أو عدم الأمان. أو قد يلجأ الزوج إلى مدح امرأة أخرى على نحو مبالغ فيه أمام شريكته من أجل إثارة الخلاف والغيرة واكتساب الشعور بالسيطرة؛ إذ يستمتع الشخص المسيء بالاهتمام الذي يصدر عن شريكته سواء كان سلبياً أو إيجابياً.

اقرأ أيضاً: كيف تنجو بنفسك من علاقة سامّة؟

7. البطلان العاطفي (Emotional invalidation)

هو رفض مشاعر الضحية وأفكارها وتجاربها وسلوكياتها أو التقليل من شأنها أو انتقادها أو تجاهلها؛ ما يجعل الضحية تشعر بانعدام القيمة والارتباك والعزلة. وعلى الرغم من أن البعض قد يستخدم هذا الأسلوب دون قصد، فإن الأشخاص السامين يستخدمونه عمداً بهدف التلاعب بالآخرين والسيطرة عليهم.

تجدر الإشارة إلى أن الإبطال العاطفي ليس بالضرورة أن يكون لفظياً فقط؛ بل قد يشمل أفعالاً غير لفظية أيضاً؛ مثل تحريك العينين وإبداء ملامح وجه تنم عن الازدراء، أو إمعان النظر إلى الهاتف في أثناء تحدث الضحية دون إعارتها انتباهاً.

من العبارات التي تُستخدم في حالة الابطال العاطفي: "أنت حساس جداً"، "أنت تبالغ جداً في رد فعلك"، "ينبغي ألا تشعر بهذه الطريقة"، "أنت تهوّل الأمور"، "هذا لم يحدث، توقف عن اختلاق القصص"، "هل يمكنك أن تتخيل شعوري أنا إذاً؟".

8. تزييف المستقبل (Future faking)

تقديم وعود كاذبة بشأن المستقبل دون وجود نية فعلية للوفاء بها، وذلك بهدف التلاعب بالضحية وإطالة أمد العلاقة. على سبيل المثال؛ قد يعد الرئيس في العمل الموظفَ بمنحه علاوة أو ترقية من أجل تحفيزه على العمل، ومع ذلك، فإن الموظف لا يحصل على شيء مع مرور الوقت. كما قد يحدث هذا الأسلوب في العلاقة الزوجية؛ حيث يعد الزوج بمستقبل أفضل ومنزل أكبر وغيرها من الأوهام المختلقة من أجل إبقاء الزوجة في العلاقة، على الرغم من المشكلات الموجودة.

اقرأ أيضاً: ما الذي يكشفه دخولنا المتكرر في العلاقات السامة؟

8 نصائح تحميك من الألعاب النفسية

إليك بعض النصائح الفعالة من أجل التعامل مع الألعاب النفسية واستعادة السيطرة على حياتك:

  1. تعرف إلى علامات الألعاب النفسية: تعرف إلى الأساليب المختلفة المستخدمة في التلاعب؛ مثل التلاعب بالعقول وإثارة الشعور بالذنب وغيرها. وفي حال لم تستطع تحديد أسلوب التلاعب التي يمارسه الشخص السام، فعليك الانتباه إلى طريقة تفكيرك وشعورك نتيجة التفاعل معه. على سبيل المثال؛ هل يجعلك تشك في أفكارك أو مشاعرك؟ هل يجعلك تشعر بالنقص أو السوء تجاه نفسك؟ هل تشعر بالذنب أو الشك الذاتي وعدم الأمان؟ هل تشعر بالخوف مما قد يحدث في حال لم تتماشَ مع مطالبه؟
  2. دافع عن نفسك بصراحة: عبِّر عن مشاعرك بصدق أمام هذا الشخص، وأخبره عن الضرر الذي تلحقه كلماته وأفعاله فيك. إذا لاحظت أنه يحرِّف كلماتك أو يحاول السيطرة على المحادثة، فمن المحتمل أنه يمارس لعبة نفسية أخرى؛ لذلك أعد التعبير عن مشاعرك بصدق لأن التواصل الصحي هو الجانب الأكثر أهمية في بناء العلاقات الصحية والحفاظ عليها.
  3. أشِر إلى الألعاب النفسية مباشرة: دع الشخص يفهم على نحو لا لبس فيه أنك تفهم ما يحاول فعله وأنك لن تقع ضحية لذلك. على سبيل المثال؛ اطرح أسئلة استقصائية لجذب الانتباه إلى التلاعب الذي يحاول أن يقوم به، مثل: "هل لي رأي في هذا؟"، "هل تسألني أم تخبرني؟"، "هل هذا عادل بالنسبة إليك؟"، "هل يبدو هذا معقولاً بالنسبة إليك؟"، "هل توافق على ذلك لو كنت مكاني؟".
  4. ضع حدوداً واضحة ونفّذها: كن واضحاً ومباشراً بشأن السلوك المقبول وغير المقبول بالنسبة إليك وحدد العواقب المترتبة على انتهاكات الحدود، وكن مستعداً لتطبيقها.
  5. أنهِ العلاقة أو قلل التفاعل مع الشخص السام: يقول جاسم المطوع إن بعض الأشخاص السامين مستعدون للتغيّر بالحوار؛ في حين أن بعضهم الآخر لن يتغير أبداً؛ بل هو مستمتع بسميّته. وفي هذه الحالة، يفضل إنهاء العلاقة إن كان ذلك خياراً متاحاً، أو تقليل التفاعل وترك مسافة ثابتة مع هذا الشخص في حال كان من العائلة أو الأقارب؛ ما يساعد على حماية نفسك والحفاظ على العلاقة على نحو عام.

اقرأ أيضاً: ما الذي يجب أن تفكر به قبل إنهاء صداقة سامة؟

  1. اعتمد على أفراد العائلة والأصدقاء الموثوقين من أجل الحصول على الدعم: إذ يمكن أن يساعدوك على امتلاك رؤية أوضح واستعادة الثقة بالنفس.
  2. أعطِ الأولوية لصحتك النفسية والعاطفية: عبر الانخراط في الأنشطة التي تعزز الرفاهية النفسية وتقلل التوتر، فالاعتناء بنفسك يقوي مرونتك ضد التلاعب.
  3. اطلب المساعدة المتخصصة: إذا كنت تواجه صعوبة في التعامل مع السلوك المتلاعب أو تعاني ضائقة نفسية كبيرة، ففكر في طلب الدعم من متخصص في الصحة النفسية. يمكن أن توفر المساعدة المتخصصة التوجيه والدعم في رحلتك نحو الشفاء.

المحتوى محمي