كيف يمكن أن تساعدكِ أشعة الشمس على تعزيز تقديركِ لذاتكِ؟

4 دقيقة
أشعة الشمس
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: المظهر الجميل والوجه البهيّ والبشرة المتألقة علامات قد تشير إلى الصحّة الجيدة أو راحة البال التي تتمتّعين بها؛ لكنّها قد تشكل أيضاً مورداً نفسياً مهماً تستمدّين منه ما يعزّز ثقتك بنفسك. ما علاقة مظهركِ المتألق إذاً بتقديرك لذاتك؟ وكيف تحوّلت السّمرة الشمسية التي قد تحرصين عليها إلى إشارة مفعمة بالدلالات الاجتماعية والنفسية؟ يقدّم المقال التالي تحليلاً عميقاً لأهمية مظهر المرأة المتألق في المجتمعات المعاصرة، ويفسّر أبعاده الذاتية والثقافية. إليك التفاصيل.

يعكس مظهر وجهكِ المتألّق حبّك للحياة. إنه يشير إلى مدى تمتّعك بالشمس والفضاء والحرية والحسّ المرهف والهدوء. قد تبدو صاحبة الخدّين الشاحبين والهالات السوداء تحت العينين تعيسة فعلاً، لكن عليك أن تحذري الظهور ببشرتك المسْمرّة المتألّقة طوال العام، لأنّك قد تبدين في نظر الآخرين مجرّد امرأة كسولة تستمتع بإجازات طويلة.

من مصلحتك إذاً الحرص على صورة متوازنة بين الوجه المتألق والوجه الذي يحمل هالات شديدة السواد، أي أن تكوني في منطقة وسطى بين رغبتك في الأداء وبذل الجهد وتطلّعك إلى الاستمتاع الشخصي.

تقول المحامية لبنى البالغة من العمر 36 عاماً: "لقد شعرت في بعض الأحيان أنّ بشرتي مسْمرّة إلى درجة تخجلني من العودة إلى العمل، فاضطررت إلى تخفيف آثار سمرة الشمس باستخدام بعض مساحيق التجميل كي أندمج بسرعة في بيئة عملي بالمحكمة.

هل يعني هذا إذاً أنّ الحفاظ على مظهر جميل أمر معقد؟ بالطبع. فهو يتطلب حذراً واعتدالاً بالمعنيين الحرفي والمجازي.

كيف تعزز أشعة الشمس تقدير الذات؟

تقول المحلّلة النفسية ريبيكا لوستمان (Rebecca Lustman): "الوجه مرآة ذاتك، والمظهر المتألق دليل على أنّكِ بخير، لهذا فإنّ المجاملات التي تمدح تألقك وبهاءك تحقق لك إشباعاً كبيراً على المستوى النرجسي، وكأنّ الآخرين يهنّؤونك على مظهرك هذا، وعلى نمط الحياة الذي تتّبعينه".

لذا؛ يبدو لكِ الحصول على السّمرة الشمسية ضرورياً لتغذية بشرتك وتعزيز تقديرك لذاتك في الوقت نفسه. كما أنّ ثقافتنا التي تقدّر العواطف الإيجابية وتنبذ المشاعر الموحية بالتعاسة والوحدة والمرض، تحرص في الواقع على الاحتفاء بالوجه الذي يشعّ بالبهجة والحياة في الفضاء العامّ أو الشخصي. تقول المترجمة سحر البالغة من العمر 41 عاماً: "عندما أسمع عدّة مرات في اليوم أننّي كمن عاد للتّو من الإجازة فإنّ ذلك يعطيني دفعة حقيقية، حتّى إن لم يكن مظهري يعكس حقيقة مزاجي في ذلك اليوم أو تلك اللحظة".

ما تأثيرها في الحالة المزاجية؟

قد تكفيكِ ليلة نوم مريحة وبعض المساحيق المناسبة للشعور بتحسّن صورتك. تقرّ مسؤولة المبيعات ليلى البالغة من العمر 44 عاماً بذلك قائلة: "في بعض الأحيان أشعر بتغيّر حالتي المزاجية بالموازاة مع تغيّر حالة وجهي أمام المرآة، أُظلّل وجنتَي بأحمر الخدود مع القليل من مضادّ الهالات السوداء في زاوية العينين وملمّع الشفاه، فأصبح جاهزة لمواجهة الطقس الكئيب والعملاء الغاضبين".

على الرغم من أننا نبحث عن أثر هذه المساحيق في أنفسنا أولاً فإنّنا ننتظر تأثيرها أيضاً في نظرات الآخرين وفقاً لريبيكا لوستمان. تضيف المحلّلة النفسية: "المظهر المتألق جذّاب، كما أنّه يُشعرنا بالثقة، لأنه يحمينا من الإقصاء ويدمجنا في دورة الحياة، حتّى في معسكرات الاعتقال كانت السجينات حريصات على تزيين خدودهنّ بالدّم كي يظهرن أقلّ ضعفاً ويتجنّبن التعرّض إلى ما هو أسوأ".

قد يبدو هذا المشهد مخيفاً لكنّه دليل على أنّ مشكلات الصورة والمظهر ليست سطحية أبداً. لذا؛ قد تساعدنا أشعة الشمس في الحصول بسهولة على مظهر متألّق دون مساحيق. فالسّمرة الشمسية أشبه بتمويه طبيعي يسمح لنا بتلوين البشرة دون جهد، والحصول على سحنة "مناسبة" للذات ومثيرة لإعجاب الآخرين.

من الصحة الجيدة إلى ضعف الموثوقية

مظهر الوجه المتألّق مفتاح الاندماج المهني والاجتماعي. على الأقلّ هذا ما تؤكده الفيلسوفة الفرنسية إيزابيل كويفال (Isabelle Quéval). تقول عن ذلك: "إنه مظهر دالّ على الصحة والشباب، لقد نقلْنا ما نشترطه في الجسم إلى الوجه أيضاً، وأصبحت صحة الفرد تعكس مدى عنايته بذاته وقدرته على التحرّك والإنتاج في مجتمع يقدّر الأداء".

بعبارة أخرى: لم يعد مسموحاً لنا في عصر التوعية المفرطة للفرد أن نتجاهل ذواتنا أو نهملها. يشير عالم الاجتماع جان فرانسوا أماديو (Jean-François Amadieu) إلى ذلك قائلاً: "الفكرة التي مفادها أنّ كلّ فرد مسؤول عن مظهره أضحت اليوم راسخة في الأذهان والنفوس، الشخص الذي لا تظهر على وجهه علامات الصحة الجيدة متّهم بالإهمال واتّباع نمط عيش غير صحي، ومن ثمّ فإنه شخص غير جدير بالثقة".

البشرة "الجميلة" مؤشر اجتماعي

في المقابل، تؤكّد البشرة الجميلة سيطرة الفرد على ذاته واتّباع نمط عيش صحي، وهما خاصيتان ينظر إليهما مجتمعنا "الشبابي" نظرة إيجابية. وقد أخذت شركات مستحضرات التجميل هذا الاهتمام بعين الاعتبار، وأضحت تقترح المزيد من التشكيلات المتنوعة الخاصة بالتّسمير الذاتي.

لقد ولّت موضة المستحضرات المستخلصة من الجزر وأصبح المظهر الطبيعي هو السائد. وأضحى بإمكاننا أن نغذّي وجوهنا المتألقة إذا تطلّب الأمر ذلك بحقنة جديدة تمنحها النضارة أو السّمرة المناسبة للصورة التي نرغب في إظهارها. قبل 3 سنوات شعرت المحاسِبة هيفاء البالغة من العمر 46 عاماً بالإحراج عندما سألتها مديرتها إن كانت على ما يُرام بسبب بياض شفتيها وشحوب وجهها الذي ترك "أثراً غريباً" في مظهرها. فهمت الرسالة منذ ذلك الحين، ومع أنها لم تكن تتعامل مع عملاء الشركة فقد أصبحت تضع مكياجاً خفيفاً "حرصاً على وجه متألق"، لأنّ ظهورها بتعابير "إيجابية" كان مهمّاً في نظر مديرتها.

إنّ تزيين الوجه لإخفاء الحالة المزاجية أمام الآخرين ليس أمراً جديداً، لكنّ الجديد على ما يبدو هو الحرص على هذا المظهر في النطاق العام والشخصي أيضاً. فقد أصبحنا مجبرين على ذلك حتّى أمام أصدقائنا أو أقاربنا وفي نطاق علاقاتنا الشخصية. تُعلّق ريبيكا لوستمان على ذلك قائلة: "مظهر الوجه المتألق أصبح تقريباً مفروضاً علينا إذا أردنا رفع قيمة أسهمنا في سوق العلاقات، فبينما تزداد هشاشة الروابط الاجتماعية وتنتشر العلاقات العابرة، نحاول الحفاظ على جاذبيتنا ولطفنا ومظهرنا المثير للإعجاب".

قيمة مضافة في مجال الجاذبية

سواء كان طبيعياً أو اصطناعياً يبدو حجاب الضوء الذي تضفيه السّمرة على وجوهنا مثيراً للغاية. فهو يمنح طابعاً حسّياً ويعزّز الحضور الفعلي للجسد ويزيد شدّة جاذبيته. توضّح المحللة النفسية: "ترتبط السّمرة التي تعزّز جمال البشرة والابتسامة والعينين، بالإثارة مثل الأشياء ذات اللون العسلي أو الذهبي كلّها، فالبشرة التي تحمل سمرة الشمس تتميّز بجاذبية أكبر، وهذا ما تؤكده نظرات الآخرين وتعليقاتهم، وهو الأمر الذي يعطي لصاحبة هذا المظهر حرية في طريقة المشي والحركة وثقة فيها".

إنّ تأثير هذه البشرة يشبه تأثير الدواء الوهمي إذ يعزز تقديرنا لذواتنا من خلال الإسقاطات والتصوّرات التي نُسندها إلى هذا المظهر المتألق. فيصبح الحصول على حمّام شمس فعلاً واعياً ومقصوداً يسمح لنا بالاستجابة إلى أوامر لا شعورية، ومن ثمّ يعزّز تقديرنا لذواتنا، إذ نشعر بأننا أقلّ انكشافاً أمام الآخرين وتصبح سُمرة البشرة زينة وثوباً خفياً يحسّن نظرتنا إلى أجسادنا.

هذا ما يدفع المعلمة سهام البالغة من العمر 43 عاماً إلى التشبث بسُمرتها الشمسية: "أستمتع كلّ يوم ببضع دقائق من أشعة الشمس في الحديقة أو شرفة المقهى أو عبر نافذتي، هذه السّمرة على وجهي وأطرافي أشبه ببشرة ثانية أكثر نعومة ودفئاً، وسبب حرصي عليها هو الشعور بأنني أكثر حيوية وعفوية".إنّ الربط بين السّمرة والجمال موقف راسخ يصعب التخلص منه حتّى اليوم، ولا سيّما أنّ التسمير الطبيعي أو الاصطناعي يمثّل وسيلة فعّالة لحجب العيوب وعلامات الإرهاق، وتعزيز شعوركِ "بأنّك أجمل".

اقرأ أيضاً:

المحتوى محمي