هل تقع في علاقات سامة مراراً وتكراراً؟ إليك الأسباب المحتملة

جاذب للعلاقات السامة
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: ماذا لو تحوّل الإنسان إلى مغناطيس جاذب للعلاقات السامة؟ هذا ما حدث لهذا القارئ الذي يقدّم شهادة مؤثرة في هذا المقال. إنه ينقل إليك خبرة عمر كامل من العلاقات السامة التي حاصرت حياته وجعلته يجذب فقط الأشخاص الذين يعانون مشكلات نفسية واجتماعية صعبة، ويصبح مع مرور الوقت إسفنجة عاطفية لامتصاص آلام الآخرين.

كيف تؤثر العلاقات السامة في حياة الشخص؟

ماذا لو تحوّل الإنسان إلى مغناطيس جاذب للعلاقات السامة؟ هذا ما حدث لهذا القارئ الذي يقدّم شهادة مؤثرة في هذا المقال. إنه ينقل إليك خبرة عمر كامل من العلاقات السامة التي حاصرت حياته وجعلته يجذب فقط الأشخاص الذين يعانون مشكلات نفسية واجتماعية صعبة، ويصبح مع مرور الوقت إسفنجة عاطفية لامتصاص آلام الآخرين.

“أنا وحيد والديّ، اقتربتُ من سنّ الثلاثين وكبرت في أسرة جد متماسكة وتلقّيت تربية حسنة زاخرة بالقيم. عشت طفولتي وحيداً لكنني كنت سعيداً جداً في حضن أسرتي. واليوم أريد أن أعرف سبب إثارتي اهتمامَ الأشخاص ذوي المشكلات الشخصية الخطِرة مثل الصدمات التي تؤثر تأثيراً شاملاً في حيواتهم وشخصياتهم.

بدأ ذلك منذ طفولتي عندما كان يتقرّب مني أبناء الأزواج المطلّقين الذين يعانون صعوبات كثيرة، أو الأطفال المتبنَّون الذين يحملون جروح الشعور بالنبذ وفقدان السند، أو أولئك الذين كانوا عرضة للاغتصاب أو سوء المعاملة. وكنت حتّى المرحلة الثانوية، أعتقد أن إقبالهم عليّ راجع إلى انفتاحي الكبير على الآخرين، و”سهولة” الحديث إليّ ومصاحبتي؛ لكن عندما انتقلت للعيش في مدينة أخرى بغرض الدراسة تكرّر الأمر مجدداً.

منذ 7 أو 8 سنوات، أجد نفسي باستمرار مع أشخاص إما أنهم يعانون مشكلات نفسية أو تعرّضوا لصدمات عميقة يجدون صعوبة في التعافي منها. كنت في البداية أتفهّم ظروفهم؛ لكن كلّما مرّ الوقت قابلت المزيد من هذه النوعية، ونفد صبري أكثر، فانتهى بي الأمر إلى أن أصبح إسفنجة عاطفية تحمل همومهم، علماً أنني لم أطلب ذلك أساساً، وأشعر في النهاية وكأنني ما أزال كائناً “نقيّاً” وسط هذه الأنماط البشرية.

وهذا يرهقني؛ بل أعاني حالات أرق ولم أعد قادراً على التركيز كما كنت في السابق وكأنني أحمل أعباء الآخرين على كتفيّ. الأسوأ من هذا أن هؤلاء الأشخاص ينجحون دائماً في ترسيخ علاقاتهم بي لأنهم لا يُظهرون شيئاً من معاناتهم في البداية؛ بل يبدون ودودين ومنفتحين ويتمتعون بروح الدعابة، وغالباً ما يكونون هم البادئين بالتواصل معي ويتفرغون لنخرج أو نتناول الطعام معاً ثم ينهارون في النهاية ويحكون لي قصصاً مستحيلة تجعلني أربط بين أسباب سلوكياتهم ونتائجها.

لست طبيباً نفسياً ولا يمكنني بمستوايَ المتواضع أن أساعدهم على التقدّم في عملية التعافي من صدماتهم، وهذا ما يرهقني. كغيري من الرجال العزّاب؛ أتمنى أن أجد امرأة ليست لها مشكلات في ماضيها الشخصي؛ لكنني لاحظت أن النساء اللواتي التقيتهنّ في السنوات الأخيرة يحملن كلّهنّ ماضياً ثقيلاً.

لم أتعرّض في حياتي “لصدمة” مثل صدمات هؤلاء الأشخاص، فقد حافظ والداي على علاقتهما الزوجية إلى يومنا هذا، وربّياني بنوع من “الصرامة” دون عنف مفرط أو إساءة؛ بل إنهما أفرطا في حمايتي وفقاً لما تقوله والدتي.

الدوران في حلقة مفرغة من العلاقات السامة

أشعر بالطمأنينة والرضا عن نفسي وأحبّ والداي وأجدادي؛ لكن الآخرين يقتحمون حياتي بمشكلاتهم وأشعر باستياء نفسيّ من جرّاء ذلك. بذلت خلال 3 سنوات (نعم فقد كنت صبوراً) جهوداً من أجل الارتباط بامرأة كنت معجباً بها جداً، وكنت أجدها مميّزة ومثقفة ومثيرة للاهتمام؛ لكنها كانت أيضاً متقلبة المزاج وربطتني بها علاقة صداقة مملّة جداً.

واكتشفت مؤخراً بعد أن بدأت تكلّمني فعلاً عن نفسها أنني في مواجهة امرأة وحيدة ومستقلة تعرّضت لصدمة بسبب الوفاة المبكرة لوالدتها، وتحافظ على علاقات صداقة سطحية مع الآخرين، ليس للتعبير عن الاهتمام بهم أو بناء صلة بهم؛ وإنما فقط لتجنّب الأكل وحدها. امرأة مهووسة بحياتها المهنية إلى درجة أن لقائي بها في المطعم لتناول وجبة الغداء سرعان ما يتحوّل إلى اجتماع عمل.

حاولت التقرّب منها لكنها بدت منغلقة، وهذا ما أخافني لأنني في حاجة إلى أيّ امرأة في حياتي إلا إلى امرأة عاجزة عن الانفتاح وباردة المشاعر. ثم لا بدّ أن أحدثكم عن مصّاصي الدماء العاطفيين الذين أقابلهم في حياتي. من المستحيل أن أجعلهم يتطورون في الاتجاه الصحيح، أو حتّى أن أقنعهم على الأقل بالإصغاء إلى نصائحي.

تعرفّت إلى شخص قبل سنتين بعد أن قدّمته لي إحدى الصديقات والتقيته في غيابها، وسرعان ما تعامل معي بقدر كبير من التطفّل. لم يُثر شكوكي في البداية لكنني بدأت ألاحظ تدريجياً أنه يعاني مشكلات نفسية حقيقية. أولاً كانت له مشكلات مع النساء حيث كان ينعتهنّ بأقذر الألفاظ ولا يحترمهنّ؛ بل لا يتردد في التّطفل عليهنّ والتحرّش بهنّ على شبكات التواصل الاجتماعي!

وقد أحرجني عدة مرات أمام بعض الأصدقاء القدامى الذين لم يفهموا سبب ضمّ هذا الشخص أخواتهنّ إلى قائمة أصدقائه على شبكات التواصل الاجتماعي. عندما أنشر منشوراً مع صديقة أجده يبحث ليعرف من تكون. يتصل بي هاتفياً، وإذا لم أجب بسبب انشغالي بحياتي الخاصة يترك لي رسائل بإلحاح وكأنّ من واجبي أن أكون إلى جانبه وأردّ عليه في أيّ ظرف.

عندما لا أردّ، يرسل لي مقاطع فيديو عشوائية لا تُضحك أحداً غيره على شبكات التواصل الاجتماعي، وأنا شخصياً لا أفعل ذلك أبداً لأنني لا أريد اقتحام حياة الآخرين بحماقاتي. لا يُحسن اختيار هندام لائق وهذا محزن، فهو لا يبدو شريراً لكن مشكلته تكمن في عدم القدرة على الاندماج في المجتمع.

من المستحيل أن نخرج معاً إلى مكان عام لأنه يتحدث دائماً بصوت مرتفع جداً ويستخدم ألفاظاً نابية أمام الآخرين ولا يبدو مدركاً لما يفعله، وقد استسلمت في النهاية لأنه لا يبذل أيّ جهد لتحسين سلوكه. علاوة على ذلك، أشعر أنني أتعرض أنا أيضاً للاستبعاد من طرف الآخرين؛ أي من طرف الأشخاص “الطبيعيين” الذين نشؤوا مثلي، وأحسّ أنني لست من بين أصدقائهم المقرّبين على الرغم من أنني مثلهم.

أنا اليوم على وشك الانهيار بسبب ذلك كلّه؛ لأنني لا أعرف ما عليّ فعله. أقضي وقتي في إبعاد أصحاب المشكلات عنّي لكنني ألتقي باستمرار بآخرين من طينتهم يورطونني في علاقات سامّة لم أعد أتحملها. أتمنى أن أجد أصدقاء عاديين؛ أي أشخاصاً يذهبون إلى السهرات بغرض اللهو ولا يشعرون بالقلق ويقضون عطلات نهاية الأسبوع والإجازات معاً.

أشعر أنني محروم من هذا كله بسبب أشخاص لا يناسبونني أبداً ولا يضيفون إلى حياتي إلّا المشكلات. لا أعرف ما عليّ فعله للخروج من هذه الحلقة الجهنمية الناجمة عن هذه العلاقات السامة”.

اقرأ أيضاً: 5 أسباب تفسر انجذابنا نحو العلاقات السامة على الرغم من التحذيرات.