هل تفتقد السعادة؟ هذا النوع من الموسيقا يحسن مزاجك

3 دقيقة
الموسيقا والسعادة
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: كلنا نعشق الموسيقا ونحب الاستمتاع بأنغامها. قد تختلف أذواقنا واختياراتنا الموسيقية لكن فوائدها العلاجية أصبحت حقيقة مؤكدة. لذا؛ عندما نشعر بالفتور أو الإرهاق أو الحزن فعادة ما نجد في الأغاني والألحان بعض المواساة، وهذا ما يفسّر ظهور العلاج بالموسيقا إما من خلال المشاركة الإيجابية في إبداعها وإما عبر الاكتفاء بالمشاركة السلبية من خلال التفاعل معها والاستماع إليها. في هذا السياق أكدت دراسة علمية الفائدة الكبيرة لموسيقا لا يحبها الكثيرون: إنها الموسيقا الكلاسيكية الغربية. وفقاً لهذه الدراسة الحديثة فإن للموسيقا الكلاسيكية فوائد علاجية مفيدة للحد من أعراض الاكتئاب سواء كانت موسيقا حزينة أو مبهجة، لكن بشرط أن تثير إعجاب المستمع. أجرى الباحثون تجربة شملت 23 مريضاً بالاكتئاب المقاوم للعلاج. خضع المشاركون إلى عملية تسجيل تفاعل أدمغتهم في أثناء الاستماع إلى السمفونية السابعة الحزينة لتشايكوفسكي والسمفونية الخامسة المبهجة لبيتهوفن. فاكتشف الباحثون تراجعاً في أعراض الاكتئاب لدى المشاركين الذين عبروا عن أعلى درجات الاستمتاع. فهل أنت مستعد للاستمتاع بإبداعات موزارت أو بيتهوفن أو شوبان؟ يستمع الكثيرون إلى الموسيقا لرفع معنوياتهم عندما يشعرون ببعض الفتور والإرهاق. وهناك نوع موسيقي محدد مفيد في ذلك أكثر من غيره.

لدينا جميعاً على الأرجح قائمة أغانٍ مفضلة كنا نحرص على الاستماع إليها في لحظة معينة من لحظات الحياة. هناك موسيقا ترفع معنوياتنا وأخرى تبكينا وثالثة تحفزّنا على الرقص. كما يمكنها تغيير حالاتنا المزاجية والتأثير في مستوى رفاهيتنا لأنها مرتبطة ببعض الذكريات أو لأن إيقاعها أو كلماتها تولد أحاسيس معينة.

لهذا السبب يُقبل العديد من الأشخاص على الاستماع إلى الموسيقا باعتبارها علاجاً للتوتر أو القلق أو أعراض الاكتئاب. كما أن الغناء أو العزف أو الرقص أو مجرّد الاستماع إلى الموسيقا، ولا سيّما إذا كانت من صنف محدد قد ينطوي على بعض الفوائد.

ماذا تعرف عن العلاج النفسي بالموسيقا؟

يمكن تطبيق العلاج بالموسيقا عبر المشاركة الفعّالة التي يؤدي من خلالها المرضى دوراً في إبداع المقاطع الموسيقية، أو من خلال المشاركة السلبية التي تقتصر على الاستماع إليها أو التفاعل معها. وهناك معالجون يستخدمون نهجاً مزدوجاً في العلاج بالموسيقا. وقد ينصحون بهذا العلاج بالموازاة مع العلاج العادي والدوائي.

قد يكون العلاج بالموسيقا فعالاً في حالات القلق والاكتئاب والتوتر، ويمكن أن يحسّن مستوى التقدير الذاتي والشعور بالأمان ويساعد في السيطرة على الألم. كما يسهم العلاج بالموسيقا في تنمية القدرات المعرفية مثل القدرة على التعلّم والذاكرة والوظائف التنفيذية والانتباه، وفقاً لما ذكرته المختصة في هذا النوع من العلاج آبي كليم (Abby Klemm) في مقال لها على موقع تشوزينغ ثيرابي (Choosing Therapy).

كما يساعد هذا العلاج على إدارة العواطف. تقول آبي كليم: "تتطلب مهارة الانفعال الصحي قدرة على تحديد العواطف والتعبير عنها وتنظيمها، ويقدم العلاج بالموسيقا تجارب موسيقية للتعبير عن الذات، وتحديد المواضيع العاطفية في الأغاني واستخدام الموسيقا لتغيير الحالة المزاجية".

دراسة علمية: الموسيقا الكلاسيكية أكثر فعالية

اهتم باحثون من خلال دراسة نشرتها مجلة سيل ريبورتس (Cell Reports) في أغسطس/آب 2024 بموضوع تأثير الموسيقا الكلاسيكية الغربية في الدماغ. للإجابة عن أسئلتهم وظف العلماء 23 مريضاً يعانون اكتئاباً مقاوماً للعلاج. وعانى هؤلاء المشاركون جميعاً فترات اكتئاب استمرت سنتين على الأقل، ولم يستجب أيّ منهم إلى 3 أنواع مختلفة من العلاجات المضادة للمرض وفقاً لما أورده موقع ساي بوست (PsyPost). وخضع المشاركون جميعاً قبل التجربة المقررة إلى تدخل جراحي لزرع أقطاب كهربائية في عمق الدماغ لاستهداف مناطق محددة مسؤولة عن معالجة العواطف والمكافأة.

خلال التجربة التي تضمنتها الدراسة استمع المشاركون إلى صنفين مختلفين من أصناف الموسيقا الكلاسيكية: السمفونية السادسة لتشايكوفسكي التي تثير مشاعر الحزن، والسمفونية السابعة لبيتهوفن التي تثير مشاعر البهجة والفرح. وسجّل الباحثون الاستجابات العاطفية للمشاركين، وتمكنوا بفضلها من تحديد مستويات الاكتئاب والقلق والاستمتاع بالموسيقا.

وكشفت نتائج الدراسة أن للموسيقا تأثير عميق في الدماغ، ولا سيّما إذا أثارت إعجاب المستمع. وظهر لدى المشاركين الذين عبروا عن أعلى درجات الاستمتاع بالموسيقا تراجع ملحوظ في أعراض الاكتئاب سواء عند الاستماع إلى الموسيقا الحزينة أو المبهجة. وهذا يعني أن صنف الموسيقا ليس هو المؤثر في نفسية المستمع، بل إعجابه أو عدم إعجابه. وأظهرت النتائج أن الموسيقا الكلاسيكية لها فوائد علاجية لأعراض الاكتئاب بشرط أن تثير إعجاب المستمع. ومن المرجح أن تؤكد دراسات مستقبلية أشمل هذه النتائج.