ملخص: يُقال إن السعادة هي الشيء الوحيد الذي يتضاعف عندما تشاركها! وإليك كيف تسهم مشاركة أفراحنا في مضاعفة مشاعرنا، وكيف تؤثر في سعادة الآخرين.
غالباً ما نتفادى مشاركة تجاربنا الإيجابية وأخبارنا السعيدة مع الآخرين لأننا نخاف أن "ننحس" أنفسنا ربما، أو لا نريد التباهي، أو حرصاً منا على مشاعر الآخرين، فالتحدث عن أحداث سعيدة حصلت معنا في حين أن الآخرين يعانون أو يشعرون بالتعاسة أو أقل سعادة، سيجعلنا نشعر بالذنب أو الأنانية. صحيح؟ في الواقع، تبين أن مشاركة تجاربنا الإيجابية مع الأصدقاء المقربين وشركاء الحياة فكرة أفضل من مجرد التحدث بسلبية أو بحيادية، وإليك لماذا.
لماذا قد تحسن مشاركة السعادة صحتك النفسية؟
تزيد مستويات السعادة الشخصية بعد أن يشارك الشخص تجاربه الإيجابية مع الآخرين من الأصدقاء المقربين أو شريك الحياة، فقد وُجد أن التحدث عن التجارب الإيجابية وليس مجرد التفكير فيها أو تدوينها أو مشاركة المعلومات المحايدة، هو ما يعزز الرفاهية العامة؛ بل وتبين أيضاً أن الأشخاص الذين يشاركون تجاربهم الإيجابية بانتظام على مدى فترة طويلة (مرتين أسبوعياً على مدى شهر) يشعرون بسعادة ورضا أكبر عن الحياة بالإضافة إلى حماس وطاقة أعلى.
وعلى الرغم من أن سبب هذا التأثير ليس واضحاً تماماً، فقد يُعزى إلى أن التحدث عن تجربة إيجابية يجعلها تبدو أكثر واقعية، أو أننا نكتسب المزيد من الرضا عندما نسعِد شخصاً آخر بأخبارنا الجيدة. لكن تجدر الإشارة هنا إلى أن السعادة التي تنتج من مشاركة أفراحنا تعتمد اعتماداً كبيراً على رد فعل الشخص الذي نشاركه إياها، فإذا ما استجاب المتلقي على نحو إيجابي، فمن المرجح أن نشعر ببهجة أكبر مما لو استجاب على نحو محايد.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: إن شاركنا تجاربنا الإيجابية مع الآخرين طمعاً في سعادة ورضا أكبر، أفلا يجعلنا هذا أنانيين بعض الشيء؟ في الواقع لا؛ لأن مشاركة السعادة تعزز سعادتنا وسعادة الآخرين أيضاً؛ إذ وجدت دراسة منشورة في دورية بي إم جيه (BMJ) عام 2008، أن مشاركة فرحتك مع صديقك على سبيل المثال، يعزز سعادة هذا الصديق وسعادة العديد من الأشخاص المرتبطين به؛ وهو ما قد يُعزى إلى عوامل مختلفة مثل:
- العدوى العاطفية: يميل الناس إلى تقمص مشاعر من حولهم، فإذا كان شخص ما سعيداً على نحو واضح، فقد يلتقط الآخرون تلك المشاعر الإيجابية ويشعرون بتحسن في مزاجهم. في الواقع، يمكن للمشاعر الإيجابية والسعادة أن تنتقل بين الأشقاء والجيران الذين يعيشون بالقرب من بعضهم بعضاً، ثم تنتقل من شخص إلى آخر حتى دون وجود اتصال مباشر مع الشخص الأصلي الذي بدأت عدوى السعادة منه، إن صح التعبير.
- التقليد والسلوك الاجتماعي: إن رؤية شخص مقرب يشعر بالسعادة قد تؤثر في الآخرين على نحو يدفعهم إلى تبني سلوكيات أو مواقف مماثلة؛ ما يسهم في خلق جو إيجابي داخل الدائرة الاجتماعية.
- تقديم الدعم: قد يكون الأفراد السعداء أكثر عرضة إلى تقديم الدعم وتشجيع أصدقائهم على مشاركة تجاربهم الإيجابية والأشياء التي يمتنون إليها؛ ما يخلق بيئة مواتية للآخرين لتجربة السعادة، ويقوي شعور الانتماء.
بالإضافة إلى ما ذُكر سابقاً، فإن مشاركة التجارب الإيجابية مع الآخرين تعزز المرونة العاطفية والقدرة على التعامل مع التحديات، وذلك وفقاً لدراسة منشورة في المجلة الأميركية لعلم النفس المجتمعي (American Journal of Community Psychology) عام 2020.
10 نصائح لتتعلم مشاركة سعادتك مع من حولك
بالإضافة إلى التحدث عن تجاربك الإيجابية وإنجازاتك وما يبهجك، فإن ثمة بعض النصائح الفعالة من أجل مشاركة السعادة مع الآخرين على نحو فعال؛ مثل:
- تَلطَّف مع نفسك ومع الآخرين: يقول المعالج النفسي ياسر عبد الرحمن الغامدي، إن ممارسة اللطف مع النفس والآخرين من الأمور الإيجابية التي تؤثر في الصحة النفسية والجسدية، وتعزز الروابط الاجتماعية، وتزيد الشعور بالسعادة والرضا؛ وذلك لما لها من تأثير في إفراز بعض الهرمونات والنواقل العصبية؛ مثل السيروتونين والدوبامين المسؤولين عن الشعور بالراحة والسرور.
- ابنِ علاقات قوية وإيجابية: استثمر الوقت والجهد في تعزيز العلاقات مع الأصدقاء والعائلة والزملاء، فالاتصالات الحقيقية تنمو من جرّاء مشاركة الفرح.
- عبّر عن امتنانك: خذ لحظة للاعتراف بالجوانب الإيجابية في حياتك وتقدير الأشخاص المحيطين بك علناً. لا يؤدي الامتنان إلى تعزيز الرفاهية الشخصية فحسب؛ بل ينشر الإيجابية أيضاً لدى الأشخاص الذين تتفاعل معهم.
- مارس الاستماع النشط: انخرط في محادثات هادفة من خلال الاستماع الفعال إلى الآخرين. أظهِر اهتماماً حقيقياً بتجاربهم وعواطفهم؛ إذ يستطيع المستمع الداعم أن يخلق مساحة آمنة لمشاركة الأفراح وتعزيز الشعور بالتواصل.
- احتفل بالإنجازات: اعترف بإنجازاتك وإنجازات من حولك واحتفل بها. إن مشاركة نجاحات بعضنا بعضاً تعزز الجو العام للإيجابية وتعزز الشعور الجماعي بالإنجاز.
- جرب أن تؤدي أعمالاً لطيفة على نحو عشوائي: انخرط في أعمال لطيفة عشوائية لإضفاء البهجة على يوم شخص ما. يمكن أن يكون للخطوات الصغيرة مثل الابتسامة، أو المديح، أو مد يد العون، أو إرسال هدية رمزية، تأثير عميق في مزاج الشخص وسعادته.
- جِد لك بيئة داعمة: احرص على بناء بيئة يشعر فيها الناس بالراحة في التعبير عن مشاعرهم. شجّع التواصل المفتوح وأنشئ مساحة تتيح للأفراد مشاركة أفراحهم وتحدياتهم دون الحكم عليهم.
- نظّم الأنشطة الاجتماعية: التخطيط والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية التي تعزز السعادة والتواصل، سواء كانت نزهة جماعية، أو ألعاباً مسلية، أو هواية مشتركة، يسهمان في تقوية الروابط الاجتماعية وإشاعة الإيجابية.
- كن مصدراً للطاقة الإيجابية: تعرَّف إلى تأثير طاقتك في من حولك. احرص على بث الإيجابية من خلال أفعالك وكلماتك وسلوكك. يمكن أن يكون الحضور الإيجابي مُعدياً ويلهم الآخرين لتبني عقلية مماثلة.
- قدم الدعم في أثناء التحديات: لا تتردد في مد يد العون إلى الآخرين خلال الأوقات الصعبة؛ إذ يُظهر تقديم الدعم العاطفي والتعاطف والتفاهم الالتزام بالرفاهية المشتركة، ويتصل ذلك بأن مساعدة الآخرين على تجاوز الصعوبات تعزز الشعور بالوحدة والمرونة المشتركة.
ختاماً، تتضمن مشاركة السعادة جهوداً متعمدة للتواصل مع من حولك وتقديرهم والارتقاء بهم. فمن خلال تعزيز العلاقات الإيجابية، والتعبير عن الامتنان، والاحتفال بالإنجازات، وخلق بيئة داعمة، فإنك تسهم في الشعور الجماعي بالبهجة والرفاهية.