تجد صعوبة في التحدث إلى الغرباء؟ هذه النصائح ستساعدك

3 دقائق
الغرباء

سواء نبع ذلك عن خجل أو استعلاء، فلا يبدو الحديث في المواضيع سواء كانت عميقة أم سطحية مع أشخاص غرباء بالأمر السهل، فالتمكن من فن "المحادثات القصيرة" إذن بالغ الأهمية ويتطلب جهداً لا يستهان به.

لِمَ علينا فتح حديث مع الغرباء؟

تتساءل الحقوقية البالغة من العمر 28 سنة، أميلي في كل مرة تجِدُ فيها نفسها في سهرة ما مُحاطة بأشخاص لا تعرفهم: "كيف ينجح كل هؤلاء الأشخاص في خوض محادثات بهذه السلاسة مع أناس غرباء تماماً عنهم؟"؛ إذ أن كسر الجليد بالحديث عن المطر والطقس يتطلب بالنسبة إليها جهداً حقيقياً.

مَن المتسبب في هذه الإعاقة الاجتماعية؟

"لا أعرف أبداً ما ينبغي أن يُقال"، تعترف الشابة بخيبة أمل وتكمل قائلةً: "ولهذا ألتصق بشريكي كظلّه، وأومئ مبتسمةً برأسي بالموافقة على كل ما يُحكى، صحيح أن شعوراً بالغباء يتملكني؛ لكن مع ذلك تبقى فكرة الانخراط في النقاش بالنسبة إلي صعبة المنال؛ كما لو أن ما سأتلفظ به لا يمكن أن يثير اهتمام أحد". لِمَ ممارسة المحادثات المقتضبة التي يبرع فيها النّاطقون بالإنجليزية، تمثل بالنسبة إلى هذه الشابة تحدياً حقيقياً؟ أيكون مَردّ ذلك بالفعل أنها ليست بريطانية ولا أميركية؛ ولكن فرنسية! "في النظام التعليمي السداسي المُعتَمد في فرنسا، يُطالَب الأطفال بالبدء مبكراً في إعمال التفكير وطرح الآراء"، تشرح المعالجة النفسية السلوكية والمعرفية إيزابيل نازار-أغا، وتُسهب في الشرح: "وهكذا يُشحَذُ الحس النقدي مبكراً، لا فقط ليُوجّه نحو الآخرين بل اتجاه الذات أيضاً. وهكذا فإن كل ما يستحوذ على اهتمامنا في أثناء إجرائنا لمحادثةٍ ما؛ هو ترك الانطباع أننا أذكياء ومثقفون ومثيرون للاهتمام، أما الوضع في البلدان الناطقة بالإنجليزية، فمختلف". ففي الوقت الذي يصب الفرنسيُّ جُلّ اهتمامه على مدى فعالية الحديث، يهتم الأميركي والكندي أولاً بكسب تعاطف مخاطِبه.

لماذا يخيفني الآخر؟

"لا تتحدث إلى الغرباء!" على الرغم من أن آباءنا لم يصوغوا الجملة حرفياً بهذه المباشرة؛ إلا أنهم سرّبوا إلينا فحواها تحت مُسمَّيات أخرى. "فإذا لم نكن نستقبل في بيتنا سوى شخصين بعينهما ولم نكن نخرج إلا لزيارة العائلة؛ فقد كان من الطبيعي أن نستنتج أن أي شخص خارج هذه الدوائر يُشكل خطراً محدقاً. إذ، بالمنطق، طالما هذا الغريب لا يُشكل بالنسبة إلينا أي خطر، لِمَ إذن لم يكن مسموحاً له بالدخول إلى بيتنا؟" تتساءل إيزابيل نازار-أغا. ونتيجة لذلك صرنا مُحصَّنين ضد اختراق الآخرين لنا، لا سيما حين يكون هذا الآخر قد قُدِّم إلينا طوال الحياة على اعتباره مصدر تهديد. على النقيض من ذلك؛ في حالة طفل شَبَّ على رؤية والدته وهي تتبادل أطراف الحديث في الحافلة حول أمور تافهة مع الجالسة في المقعد المجاور لها، من الأكيد أنه سيحاول محاكاة الوضعية نفسها فور أن يكبر». تشرح لوري هاوكس1 المعالجة المختصة في العلاقات.

كيف أبني علاقات متينة؟

"الجو حار اليوم، أليس كذلك؟"، "هل وجدت مكاناً لركن سيارتك؟" مثل هذه العبارات التي تقدح شرارة الدردشات القصيرة والتي لا يمكن الاستغناء عنها لبدء المحادثة، قد تبدو للبعض أنها تتسم بسطحيةٍ صعبة لا يستطيعون بلوغها. "غالباً ما يبحث مثل هؤلاء الأشخاص عن علاقات متينة" تؤكد لوري هاوكس، وتتابع بقولها: "يحتاجون أن يلمسوا شيئاً قوياً في هذه المحادثات، يغوص بهم على الفور في ما هو حميمي". يمكن تأويل رفض خوض المحادثات القصيرة باعتباره ضرباً من الحنين إلى صداقات المراهقة حيث التفاهم يحصل من اللحظة الأولى. وبالرغم من ذلك كله؛ ترفض المعالجة النفسية اعتبار هؤلاء المصابين بـ "فوبيا المحادثات القصيرة" مجرد أشخاص يعيشون مراهقة متأخرة، وترى أن الأمر "يتعلق بأشخاص يسعون إلى المثالية"، فبالنسبة إلى هذه الشخصيات جميعها؛ تنطوي اللعبة الاجتماعية على رهان خاسر.

كيف نتغلب على الخوف من إجراء محادثات قصيرة؟

أجبر نفسك على الدخول في اللعبة

توصي المعالجة السلوكية والمعرفية إيزابيل نازار-أغا: "دون مساندة من أحد، حاول فتح نقاش مع أشخاص لا تعرفهم حول إحدى الأزمات العالمية الراهنة. من المستبعَد أن تفشل هذه المحادثة"، وسواء شئنا ذلك أم أبينا؛ فإن المحادثات القصيرة تُعدّ بمثابة عتبة لا يمكن تخطّيها لمن أراد الدخول في عالم العلاقات. فكما تؤكد المعالجة النفسية المختصة في العلاقات لوري هاوكس: "لا محيد عن هذه الخطوة، ينبغي أن نُلِحّ في إقناع أنفسنا بأن هذا النوع من المحادثات يمثل جسراً سيوصلنا بسرعة إلى مستوى آخر من التواصل أكثر إرضاءً".

استعد

هل تربكك المحادثات القصيرة؟ من شأن اكتساب ثقة أكثر في النفس الإسهام في التخفيف من وطأة هذه اللحظة. تقترح لوري هاوكس وضع قائمة بمواضيع يُشعرِك التطرق إليها بالثقة، وفتح أحاديث حولها. ثمة اقتراح آخر يتمثل في تصفح جرائد اليوم قبل الخروج إلى السهرة، ففي حال ما تناول النقاش حدثاً راهناً، ستشعر أنك مزوّد بكل ما يلزم للانخراط فيه.

قدّم أجوبة مفتوحة

"الإجابة بردود قاطعة مثل "نعم" و"لا" و"أعمل مع فلان"، لا تمنح الآخرين فرصة بناء أي حديث عليها" توضّح إيزابيل نازار-أغا. ما يتسبب في سقوط إيقاع المحادثة والدفع بالشخص الذي ندردش معه إلى الانصراف إلى البحث عن شخصٍ آخر غيرنا يستهويه الكلام. ينبغي إذاً عدم التردد في تطعيم ردودك بالتفاصيل؛ إنها بمثابة حبل تمدُّه للآخر يتمسك به فلا يُفلت المحادثة، ونقاط مرور تُفضي إلى نقاشات أكثر ثراءً.

شهادة

تحكي ماريان البالغة من العمر 34 سنة والتي تعمل كمسؤولة تسويق: "لا تخفى على أصدقائي الصعوبة التي أجد في الاقتراب من الناس الذين لا تجمعني بهم سابق معرفة؛ حين أكون في مناسبات اجتماعية. ولأنهم أصدقاء حقيقيون فقد لجؤوا إلى حيلة تُسَهِّل عليّ المهمة؛ حين ينظم أحدهم حفلة يتصل بي في الليلة التي تسبقها ويقدم لي نبذة حول المدعوين: "فلان يعمل في كذا وفلانة هواياتها كذا". صحيح أن أمراً كهذا يقتل عنصر المفاجأة التي لا تستهويني على كلّ حال؛ إلا أنه يمدني بثقة هائلة ساعةَ بدء الحديث، فالتزود بالمعلومات حول الآخر يساعدني على تلمُّس خطواتي في أرضٍ لا تعود مجهولة تماماً بالنسبة إلي".

المحتوى محمي