هل تضر مشروبات الطاقة بصحتك النفسية؟ إليك الإجابة العلمية

5 دقائق
مشروبات الطاقة
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: يتناول الكثيرون مشروبات الطاقة بكميات كبيرة أملاً في الحصول على المزيد من الطاقة والتركيز وتحسن الأداء؛ ولكن لمشروبات الطاقة الكثير من الأضرار الجسدية والنفسية نتيجة احتوائها على كميات كبيرة من الكافيين والسكر، ونعرّفك في هذا المقال إلى تأثيراتها في صحتك النفسية.

إنها بداية الأسبوع؛ ولهذا قد تشعر بالقليل من الكسل ولا تستطيع العثور على الطاقة اللازمة للذهاب إلى العمل. ربما كنت تسهر في العطلة لتشاهد التلفاز، أو كنت تنهي بعض المهمات الإضافية في العمل، وبغض النظر عن الأسباب، تريد الآن أن تشعر ببعض التركيز حتى تبدأ يومك؛ ولهذا تلجأ إلى مشروب الطاقة الذي تَعِدك إعلاناته التجارية بأنه سوف يمنحك ما تريد. وفي هذا المقال، سنعرفك إلى الآثار الجسدية والنفسية لمشروبات الطاقة وفقاً للآراء العلمية.

ما هي مشروبات الطاقة؟

مشروبات الطاقة هي مشروبات غازية تحتوي على نسبة كبيرة من الكافيين ويُسوَّق لها على أنها توفر التحفيز الذهني والبدني، وتزيد الطاقة، وتحسّن الأداء الرياضي والتركيز. وقد بلغ إجمالي مبيعات مشروبات الطاقة على مستوى العالم 57 مليار دولار خلال عام 2020، وتُعد مشروبات الطاقة ثاني المنتجات استهلاكاً بين المراهقين والشباب في الولايات المتحدة بعد الفيتامينات المتعددة.

ممَّ تتكون مشروبات الطاقة؟

بدأت فكرة مشروبات الطاقة في اليابان خلال حقبة الستينيات، ومع مرور الوقت، اكتسبت المشروبات الغازية التي تحتوي على الكافيين شعبية واسعة في بقاع العالم كلها، وحين نتحدث عن مشروبات الطاقة فكل شيء يبدأ من الكافيين الذي يُعد من أكثر المواد استخداماً في العالم، فهو يجعلنا نشعر بالمزيد من اليقظة والحيوية، ويقال إنه يحسن الأداء والتركيز والطاقة. وبخلاف الكافيين، تحتوي مشروبات الطاقة على المكونات التالية

  • السكر: يحتوي مشروب الطاقة 60 ملغ من السكر على الأقل، وعادة ما تُضاف كميات كبيرة من السكر إلى مشروبات الطاقة للتغطية على المكونات الأخرى، ولأن السكر يغذي طاقتنا؛ فإن هذه الكمية من السكر في مشروبات الطاقة تعني الكثير من الطاقة.
  • التورين: هو حمض أميني عبارة عن نواقل عصبية تراقب مستويات الطاقة ومعدل ضربات القلب؛ بل وتنشط الدماغ في أثناء الإجهاد.
  • الجنسينغ: عشب طبي موطنه آسيا يساعد على زيادة مستويات الطاقة وتحسين الذاكرة، ويمكن أن يساعد الجسم في الحفاظ على استقراره وحيويته.
  • فيتامينات ب: يمكن لفيتامينات ب مثل النياسين (فيتامين ب 3) وحمض الفوليك (فيتامين ب 9) والريبوفلافين (فيتامين ب 2)، أن تساعد على تحويل الطعام إلى طاقة في الجسم؛ لذلك عندما تستهلك مشروبات الطاقة التي تحتوي على فيتامينات ب، فإن جسمك يستفيد منها.
  • الغلوكورونولاكتون: هذه المادة الطبيعية تنتَج بكميات صغيرة داخل الجسم، وهي آلية دفاع طبيعية للتخلص من المواد المسرطنة ومحفزات الأورام.
  • الغوارانا: وهي بذور نباتات تنمو في منطقة الأمازون المطيرة، وتُضاف تلك البذور إلى مشروبات الطاقة لأنها غنية بالكافيين؛ حيث استُخدمت منذ قديم الزمان من أجل زيادة الطاقة.
  • الكارنيتين: يتكون هذا الحمض الأميني عن طريق الكبد والكلى لزيادة التمثيل الغذائي، وعلى الرغم من أنه يعمل على التعافي من إجهاد التمرين ويعزز القدرة على التحمل، فإن استهلاكه بكمية كبيرة يمكن أن يؤدي إلى ضيق في التنفس واضطراب في المعدة.

ويؤكد طبيب القلب الرياضي في مركز العلوم الصحية بجامعة تكساس (University of Texas)، جون هيغينز (John Higgins) إن إدارة الغذاء والدواء الأميركية (USFDA) لا تشرف حالياً على تنظيم كمية الكافيين في مشروبات الطاقة. وفي سياق متصل، تعتقد مختصة التغذية كاثرين زيراتسكي (Katherine Zeratsky) إن القلق يكمن في أن هذه الفيتامينات والأحماض الأمينية والأعشاب غالباً ما تكون بتركيزات أعلى من الطبيعي في الطعام أو النباتات، ويمكن تعزيز تلك التأثيرات سلباً عند دمجها مع الكافيين.

اقرأ أيضاً: كيف أتعامل مع حالة عدم القدرة على التركيز؟

ماذا يحدث للجسم عند تناول مشروبات الطاقة؟

يُسوَّق لمشروبات الطاقة على أنها مشروبات تعزز الأداء العقلي والجسدي، ويُعد الكافيين هو المنبه الأكثر شيوعاً في هذه المشروبات؛ لكن ثمة علامات تجارية تحتوي على منشطات نباتية أخرى مثل الغوارانا والجينسنغ. ووفقاً لما ذكرته إدارة خدمات إساءة استخدام العقاقير والصحة العقلية (Substance Abuse and Mental Health Services Administration)؛ يمكن أن تتراوح كمية الكافيين في زجاجة مشروب الطاقة من 80 ملغ إلى أكثر من 500 ملغ؛ ولكن ما الذي تفعله مشروبات الطاقة بالجسم بعد تناولها؟

    1. المرحلة الأولى: في البداية، يدخل الكافيين إلى مجرى الدم في غضون 10 دقائق من تناول مشروب الطاقة؛ ما يؤدي إلى ارتفاع معدل ضربات القلب وضغط الدم.
    2. المرحلة الثانية : خلال الـ 15-45 دقيقة التالية، تصل مستويات الكافيين في مجرى الدم إلى ذروتها؛ ونتيجة لذلك يشعر الفرد بمزيد من اليقظة ويرتفع مستوى التركيز على ملحوظ، ويرى الباحث الغذائي ستيوارت فاريموند (Stuart Farrimond) إن الكافيين مادة شديد المكر؛ حيث إنه يعمل مؤقتاً على منع مسارات الأدينوزين (مادة كيميائية مسؤولة عن شعورنا بالتعب) ما يمنحك شعوراً مؤقتاً باليقظة والرضا حيال نفسك.
    3. المرحلة الثالثة: يُمتص كل الكافيين في غضون 30-50 دقيقة من تناول مشروب الطاقة، ويستجيب الكبد لذلك عن طريق امتصاص المزيد من السكر في مجرى الدم.
    4. المرحلة الرابعة: في غضون ساعة، تبدأ آثار الكافيين في التراجع؛ ولهذا تنخفض مستويات الطاقة ويبدأ الشعور بالتعب.
    5. المرحلة الخامسة: يستغرق الجسم قُرابة 5-6 ساعات لتحقيق انخفاض بنسبة 50% من كمية الكافيين في مجرى الدم، ويحتاج الجسم إلى 12 ساعة في المتوسط لإزالة الكافيين تماماً من مجرى الدم.

اقرأ أيضاً: ماذا تخبرنا اليوغا عن الطاقة الداخلية؟

كيف تؤثر مشروبات الطاقة في صحتك النفسية؟

أجرى أساتذة علم النفس في معهد والتر ريد العسكري للأبحاث (Walter Reed Army Institute of Research)، دراسة بحثية تتبعت أكثر من 600 جندي مقاتل في الشهور السبعة الأولى بعد العودة من ديارهم. وخلصت الدراسة التي نُشرت في مجلة الطب العسكري إلى نتيجة مفادها أن تناول مشروبين أو أكثر من مشروبات الطاقة في اليوم يؤدي إلى ظهور مشكلات في الصحة النفسية والسلوكيات العدوانية، وإليك تأثير هذه المشروبات في نفسيتك:

  • زيادة الإحساس بالقلق: ثمة تأثيرات نفسية مختلفة لمشروبات الطاقة؛ من بينها القلق الذي يُعد التأثير السلبي الأكثر انتشاراً المرتبط بالغوارانا؛ حيث يحفز الكافيين الجهاز العصبي المركزي فيزيد إحساس القلق ويؤدي أيضاً إلى ارتفاع معدل ضربات القلب.
  • اضطرابات النوم: تستمر آثار مشروبات الطاقة لمدة تصل إلى 12 ساعة ويمكن أن تسبب الأرق؛ وهو الأمر الذي يؤدي بدوره إلى اضطرابات النوم التي تضر بالصحة النفسية.
  • التقلبات المزاجية: يمكن أن يؤدي شرب المشروبات المُحلّاة بالسكر؛ مثل مشروبات الطاقة معظمها، إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم؛ الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى التقلبات المزاجية. حيث يشير المشرف العام على الإدارة العامة للتغذية بوزارة الصحة السعودية، مشاري الدخيل إلى أن الإكثار من تناول مشروبات الطاقة يؤدي إلى تأرجح المزاج بين الاكتئاب والهوس والمرح دون أن يكون هناك أي سبب خارجي للاكتئاب، ويضيف الدخيل إن تلك المشروبات تحفز الجهاز العصبي بسبب المواد التي تحتوي عليها.
  • الإدمان: الرغبة المستمرة في تناول مادة ما أو الانخراط في سلوك ما، هو اضطراب نفسي يُعرف باسم "الإدمان". ولخلق النكهة، تعتمد شركات تصنيع المشروبات بشكل كبير على السكر؛ ولذلك من الضروري الحد من استهلاك مشروبات الطاقة لأنك إذا بدأت في تناولها على نحو مفرط، فقد تصبح مدمناً إلى حد ما، وينطبق ذلك على المراهقين على وجه الخصوص. وفي هذا السياق، أكدت الطبيبة النفسية فاطمة محمد كعكي إن مشروبات الطاقة تسبب الإدمان لأنها تحتوي على العديد من المواد المسببة للإدمان مثل الكافيين والسكر.

وإلى جانب الآثار النفسية لمشروبات الطاقة، هناك أيضاً الكثير من الآثار السلبية الجسدية مثل ارتفاع ضغط الدم وتدهور صحة القلب وزيادة خطر الإصابة بداء السكري والإضرار بمينا الأسنان، ناهيك بأن تناول تلك المشروبات يؤثر سلباً في صحة الكلى. وفي سياق متصل، حذرت منظمة الصحة العالمية من مشروبات الطاقة مؤكدة أنها تشكل خطراً على الصحة العامة.

ماذا تفعل لتحافظ على تركيزك دون استهلاك مشروبات الطاقة؟

بدلاً من تناول كميات كبيرة من مشروبات الطاقة، ركز على الخطوات البسيطة التالية للحصول على طاقة فائقة:

  1. نَم مبكراً واستيقظ مبكراً.
  2. تعرَّض لأشعة الشمس مدة 10 دقائق كل صباح.
  3. احصل على الغذاء الصحي المتكامل بعيداً عن الوجبات الجاهزة.
  4. تجنَّب الجلوس لأكثر من 6 ساعات في اليوم.
  5. خذ قيلولة لمدة 15 إلى 30 دقيقة بعد الظهر.
  6. خطط ليومك مسبقاً لتقليل القلق وتحسين الكفاءة.
  7. لا تعمل 7 أيام في الأسبوع واحرص على أخذ يوم إجازة على الأقل.
  8. تحكّم في تركيزك عن طريق ممارسة تمارين اليقظة الذهنية.