التعامل مع شريك بخيل أمر محبط، فالبخل غالباً ما يتجاوز الأمور المالية عاكساً سمات نفسية أعمق، مثل انعدام الأمان أو الأنانية أو الافتقار إلى الكرم العاطفي، وكلها قضايا قد تؤثّر في صحة العلاقة. فهل يمكن مساعدة الشريك البخيل على التخلص من بخله؟ في الواقع، تتطلب مساعدته أسلوبياً رحيماً ينطوي على الحوار والتواصل الفعال والصبر، وإليك ما يمكنك فعله.
محتويات المقال
اقرأ أيضاً: كيف يمكنك تجاوز البخل العاطفي مع الشريك؟
1. افهم الأسباب الجذرية للبخل
كثيراً ما يكون البخل سلوكاً مدفوعاً بمخاوف عميقة، فقد ينتج عن أسباب معقدة ومتعددة العوامل، مثل:
- التنشئة وتجارب الطفولة المبكرة: قد يصاب الشخص الذي نشأ في بيئة فقيرة أو ذات حرمان وموارد محدودة بانعدام الأمان المالي، إذ وعندما يرى أن عائلته قلقة بشأن المال باستمرار، سيتعلم أن يفعل الأمر نفسه. أي سيؤدي الخوف المستمر من نفاد الموارد إلى الحذر المفرط في الأمور المالية، حتى عندما لا تبرر الظروف هذا السلوك.
- الوراثة والسمات الشخصية: أحياناً يكون البخل سمة موروثة إلى حدٍّ ما، فقد ذكرت دراسة منشورة في دورية الشخصية والاختلافات الفردية (Personality and Individual Difference) أن البخل يعزا إلى التأثيرات الوراثية بنسبة 28% وإلى العوامل البيئية بنسبة 72%. علاوة على ذلك، قد تسهم بعض السمات النفسية مثل تدني احترام الذات والقلق في البخل، فالأشخاص الذين يعانون تدني احترام الذات قد يعدّون المال بديلاً للأمان أو السيطرة.
- الخبرات الحياتية: يمكن لبعض الأحداث في الحياة مثل الصعوبات المالية أو خطر فقدان الوظيفة أو عدم الاستقرار الاقتصادي أن تعزز المخاوف من استنزاف الموارد، وقد يدفع هذا الخوف الشخص إلى تبني عادات تقشفية مفرطة، حتى عندما يتحسن وضعه المالي.
قد يساعدك فهم الأسباب الجذرية لهذا السلوك على معالجة المخاوف وانعدام الأمن المتعلقين بالمال. لذا حاوِل أن تطرح أسئلة مفتوحة لفهم شعوره بالحاجة إلى الاقتصاد والتقشّف، فربما، بالإضافة إلى الأسباب الكامنة المذكورة آنفاً، أنه لا يكسب الكثير من المال، أو يخاف فقدان الوظيفة، أو يخشى سوق العمل غير المستقر.
اقرأ أيضاً: 5 موضوعات حساسة قد تدمر علاقتك الزوجية إذا تجنبتها؟
2. تواصَل بفعالية
يتجنب العديد من الأزواج مناقشة الأمور المالية، ما قد يؤدي إلى سوء الفهم والاستياء. لذا ينصح الخبير الاجتماعي والتربوي، جاسم المطوع، بأهمية الحوار بين الشريكين حول القضايا المالية لتوضيح أهداف كل منهما، أو الاتفاق المسبق على الإنفاق المالي، في بداية العلاقة إن كان ذلك ممكناً. بكلمات أُخرى، شجِّع شريكك على التحدث بصراحة عن أهدافه المالية ومخاوفه وعاداته، الأمر الذي سيساعدك على فهم طريقة تفكيره وتحديد المجالات التي يكون فيها الحل الوسط ممكناً.
3. وضّح كيف يؤثّر سلوكه فيك
ينبغي تجنُّب انتقاد الشريك أو نعته بالبخل، فهذا يجعله دفاعياً ومقاوماً للتغيير، والأفضل هو أن تركز على توضيح مشاعرك بدلاً من سلوكه. على سبيل المثال، بدلاً من قول "أنت بخيل جداً"، حاول أن تقول "أشعر بالإحباط عندما لا نصنع ذكريات ممتعة معاً لأننا لا ننفق على ما قد يجعلنا سعداء". ستتجنب عند صياغة المحادثة على هذا النحو إلقاء اللوم عليه، وتشجعه على الانخراط في حوار بنّاء.
اقرأ أيضاً: كيف تؤثر ضغوطك المالية في علاقتك الزوجية؟ وماذا تفعل للحد منها؟
4. عزِّز سلوك الإنفاق الإيجابي
ابدأ بتشجيعه على خطوات صغيرة، مثل اقتراح طرق بسيطة ومنخفضة المخاطر لممارسة الكرم، واحتفل بجهوده وقدّر حتى الخطوات الصغيرة التي يتخذها؛ إذ يمكن للتعزيز الإيجابي أن يحفِّزه على الاستمرار في تغيير سلوكه.
كما أن تصرفك بكرم قد يكون وسيلة قوية للتأثير في سلوكه. لذا أظهِر معنى الكرم من خلال أفعالك، شارك معه الوقت أو المال ولا تبخل بالعاطفة. على سبيل المثال: قدم له هدية مفاجئة أو اصطحبه في نزهة صغيرة دون توقع أي شيء في المقابل.
5. حددا أهدافاً مالية مشتركة
اعملا معاً على وضع خطة مالية واضحة تحقق التوازن بين التوفير والإنفاق على التجارب المشتركة، مثل تخصيص جزء من الدخل لقضاء إجازة أو لأنشطة معينة، والتخطيط لإنشاء خطة طوارئ تضمن الأمان المالي على المدى الطويل. فمن خلال العمل نحو تحقيق أهداف مشتركة، قد يشعر الشريك براحة أكبر في تخفيف قبضته على المال مع الحفاظ على الشعور بالسيطرة والأمان.
6. تأمَّل في معتقداتك الشخصية بشأن المال
قبل أن تنتقد شريكك، خُذ بعض الوقت للتفكير في مواقفك تجاه المال. فهل هو بخيل فعلاً أم أنك مسرف في الإنفاق؟ ربما ينتج حكمك عليه من اختلاف وجهات نظريكما بشأن الأمور المالية. لذا، تأمّل قليلاً في طريقة تعاملك مع المال ونظرتك إليه قبل إصدار الأحكام على الشريك وقبل التذمر والشكوى.
7. شجعه على استشارة متخصص
إذا كان البخل يؤثر بدرجة كبيرة في علاقتك أو أن الشريك يواجه صعوبة في التغيير على الرغم من جهودك، فشجعه على طلب المساعدة المهنية. يمكن لمتخصص الصحة النفسية أن يساعده على فهم الدوافع النفسية الأساسية، ومساعدته على تغيير أنماط تفكيره غير الصحية، وتزويده ببعض الأدوات والتقنيات التي من شأنها أن تساعد على إحداث تغييرات إيجابية طويلة الأمد، وإدارة الأموال بصورة صحية ومُرضية، وتعزيز السعادة والرفاهية.
أما إذا قاوم الشريك البخيل العلاج أو لم يظهِر أي استعداد للتغيير، فقد يكون من المفيد أن تقيّم فيما إذا كانت هذه العلاقة تلبي احتياجاتك العاطفية والنفسية.
اقرأ أيضاً: 3 أسباب تقف وراء بخلك: إليك الحل لتصبح شخصاً كريماً
8. كن صبوراً وواقعياً
يستغرق تغيير العادات والمعتقدات الراسخة بشأن المال وقتاً، لذا عليك أن تتحلَّى بالصبر وأن تحتفل بالانتصارات الصغيرة على طول الطريق. تذكّر أن التقدم قد يكون تدريجياً، وأن الانتكاسات أمر طبيعي، لذا من المهم أن تركِّز على بناء الثقة والتفاهم والرؤية المشتركة للمستقبل.
ختاماً، وفي نهاية المطاف، قد لا يكون الشريك البخيل شخصاً "سيئاً" بطبيعته، لكن سلوكه قد يؤدي إلى تآكل الحميمية والثقة بمرور الوقت. لذا، يكون كلٌّ من التفاهم المتبادل والتواصل المفتوح والاستعداد للنمو معاً أموراً ضرورية للتغلب على مثل هذه التحديات، أما وفي حال كانت هذه الأساسيات غائبة، فربما ينبغي التراجع قليلاً وإعادة تقييم العلاقة.