ما هي تقنية وقت القلق؟ وكيف تطبقها في حياتك اليومية؟

4 دقيقة
تقنية وقت القلق
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

هل تشعر أحياناً بأن هناك الكثير من الأمور الخارجة عن سيطرتك؟ هل تحس بالقلق كل يوم وتظل مستيقظاً طوال الليل؟ هل تفكر كثيراً في شؤون العمل والأسرة وتدور في حلقة مفرغة لا تنتهي من الشعور بالقلق؟ في الواقع إن كل هذه الأمور تحدث معي يومياً وعلى نحو مستمر، ومهما بذلت قصارى جهدي من أجل إيقاف دورة القلق عادة ما أفشل وأعود للوراء، وقد وصل الأمر إلى درجة أن يؤثر القلق تأثيراً كبيراً في قدرتي على العمل والنوم والاستمتاع بالأنشطة اليومية، حتى أدركت حقيقة مهمة هي أن القلق هو جزء لا يتجزأ من حياتي، ولن أستطيع بأي حال من الأحوال أن أقضي عليه تماماً، ومن هنا تعرفت إلى تقنية وقت القلق (Worry Time)، وإليك في هذا المقال ماهية هذا المفهوم وكيف تطبقه في حياتك اليومية.

ما هي تقنية وقت القلق (Worry Time)؟

تُعرّف الطبيبة النفسية وأستاذة علم النفس في جامعة يشيفا الأميركية (Yeshiva University) سابرينا رومانوف (Sabrina Romanoff) وقت القلق على أنه تقنية مُصممة خصيصاً للسيطرة على القلق خلال اليوم بشكل يحول دون استنزافه للطاقة والوقت. وترتكز هذه التقنية على فكرة مفادها أنه بدلاً من القلق بشأن الأشياء طوال اليوم، يمكنك تخصيص جزء صغير من اليوم للقلق وتحديد كل ما يزعجك، ومن ثم، العمل على إيجاد حلول للأمور التي تقع ضمن نطاق سيطرتك.

وعادة ما يتضمن وقت القلق استعراض المخاوف الافتراضية والأفكار السلبية، وعوضاً عن السماح لتلك المخاوف والأفكار بعرقلة أنشطتك اليومية، عليك الاعتراف بها في أثناء وقت القلق ثم وضعها جانباً ومنعها من تشتيتك خلال يومك.

وتوضح المختصة النفسية، خلود محمد، أن جدولة القلق هي أسلوب علاجي عادة ما يستخدم ضمن العلاج المعرفي السلوكي (CBT)؛ وذلك من أجل مساعدة الأشخاص على إدارة قلقهم على نحو أفضل.

اقرأ أيضاً: ما أسباب القلق الصباحي؟ وكيف يمكن علاجه؟

تعرّف إلى فوائد تقنية وقت القلق

من أهم فوائد وجود وقت محدد للقلق أنك عندما تلاحظ فكرة مقلقة تلحّ على عقلك في أثناء العمل، وبدلاً من الانخراط فيها على الفور، يمكنك أن تقول لنفسك "سأعود إلى هذه الفكرة لاحقاً عندما أقوم بجدولة وقت القلق"، وهناك بعض الفوائد الأخرى لوقت القلق، منها على سبيل المثال:

1. تحسين الحالة المزاجية

تشرح الطبيبة النفسية، إليزابيث تالبوت (Elizabeth Talbot)، أن تقنية وقت القلق تخفّض مع مرور الوقت مقدار الشعور بالقلق والتوتر، ما يؤدي إلى تحسين الحالة المزاجية.

2. الحد من الأعراض الجسدية للقلق

يمكن أن تساعد ممارسة تقنية وقت القلق على تقليل الأعراض الجسدية للقلق مثل توتر العضلات وسرعة نبضات القلب، ما يسهم في تحسين الصحة العامة.

3. زيادة الإنتاجية

تسهم تقنية وقت القلق في الحصول على المزيد من الوقت والطاقة من أجل التركيز على مجالات مهمة أخرى في حياتك كانت مستهلكة سابقاً بالقلق، وهذا يحرّر عقلك لتكون أكثر حضوراً وانخراطاً في مجالات أخرى من حياتك، علاوة على أنه يسمح لك أن تكون أكثر إنتاجية في العمل، خاصة أن المخاوف الافتراضية والأفكار القلقة عادة ما تكون مصدر تشتيت للمهام اليومية التي يجب تأديتها في العمل.

4. توجيه مخاوفك وأفكارك بدلاً من محاربتها

إن محاولة محاربة الأفكار السلبية والمخاوف عادة ما تأتي بنتائج عكسية، وسوف تظهر مرة أخرى، وإذا حاولت كبتها بالطرائق كافة سوف تجد سبيلها إلى الخروج، ولهذا فإن توجيه تلك المخاوف والأفكار والاعتراف بها في أثناء وقت القلق يبقيك منظماً، ويمنحك راحة البال.

6 خطوات لتطبيق تقنية وقت القلق

تشرح الطبيبة النفسية، سابرينا رومانوف، الخطوات التي يمكن أن تساعدك على تطبيق تقنية وقت القلق تطبيقاً فعالاً، وهي:

1. حدد وقت القلق الخاص بك

حدد مقدار الوقت الذي تحتاج إليه خلال يومك، من الأفضل تحديد 15 إلى 30 دقيقة لوقت القلق، وفي أثناء هذه الخطوة اضبط مؤقتاً من أجل تذكيرك بموعد انتهائه، وحاول اختيار موعد بعيد عن وقت النوم حتى لا يؤدي القلق إلى تراجع جودة نومك.

2. اجلس في مكان غير مريح

اختر مكاناً غير مريح مثل كرسي صلب أو سلّم، ولن تجد نفسك راغباً بالبقاء فيه لفترة أطول من الوقت المخصص، وحاول قدر الإمكان تجنُّب استخدام سريرك أو أريكتك أو مكتبك من أجل وقت القلق لأنك ستبدأ في ربط هذه الأماكن بالتوتر، ما سيجعل من الصعب عليك النوم أو الاسترخاء أو العمل هناك.

3. نفّذ تقنية وقت القلق في المساء

تعد الفترة المسائية مثل الساعة 6 مساءً مثالية لتطبيق تقنية وقت القلق؛ وذلك لأن هذا التوقيت يتيح لك تجميع مخاوفك وأفكارك التي تراكمت على مدار اليوم، ومن ثم تقسيم تلك المخاوف إلى أجزاء صغيرة، ولكن عليك تنفيذ وقت القلق في وقت مبكر من المساء حتى تتمكن من الاسترخاء وتنتقل إلى نشاط آخر قبل الذهاب إلى النوم.

4. أجّل مخاوفك حتى وقت القلق

من المهم تأجيل مخاوفك وأفكارك السلبية عندما تظهر خلال النهار كي تتمكن من التفكير فيها في وقت القلق المخصص لك، وعندما تظهر فكرة مقلقة، فإن أفضل شيء يمكنك فعله هو تدوينها في مذكرة أو على هاتفك ومن ثم استعراضها لاحقاً خلال وقت القلق.

5. حدد مصير مخاوفك أثناء وقت القلق

في أثناء تعاملك مع الأفكار السلبية والمخاوف الافتراضية خلال وقت القلق، اسأل نفسك عما إذا كان هناك أي شيء يمكنك فعله تجاه تلك الأفكار والمخاوف، إذا كانت لديك القدرة على التغيير، فاكتب الحل وفكر في كيفية تحقيقه، أما إذا كان الأمر خارجاً عن سيطرتك، فحاول تقبّله، وإذا كنت تواجه صعوبة في تقبّل مخاوفك وأفكارك، اكتبها على الورق ثم مزّقها وتخلص منها.

6. انتقل إلى نشاط آخر بعد انتهاء وقت القلق

أحد أصعب جوانب ممارسة هذه التقنية هو إيقاف قلقك بعد مرور 15 إلى 30 دقيقة، ولذلك من أهم الطرائق لإنهاء وقت القلق هي التخطيط لنشاط انتقالي؛ يمكنك على سبيل المثال الطهو، أو الاتصال بصديق، أو مشاهدة برنامجك التلفزيوني المفضل، أو قراءة كتاب، أو التنزه خارج البيت، أو الركض.

اقرأ أيضاً: لا تحاول التحكم في مسببات القلق: تعرف إلى كيفية التعامل مع مريض القلق النفسي؟

كيف تضاعف الاستفادة من تقنية وقت القلق؟

يمكنك في أثناء وقت القلق استخدام تقنية "قاعدة الخمس دقائق للقلق"، وتتضمن هذه التقنية ضبط مؤقت مدة خمس دقائق، والسماح لنفسك بالقلق والتفكير في أمر معين، عندما يرن المؤقت تتوقف وتنتقل إلى القلق التالي. يمكن أن يساعد هذا في الحد من مقدار الوقت والطاقة التي تنفقها على كل قلق، ويمنعك من الوقوع في حلقة مفرغة لا تنتهي من القلق المزعج.

وهناك تقنية أخرى وهي تحدي مخاوفك وأفكارك السلبية؛ وتتضمن هذه التقنية فحص مخاوفك وأفكارك، وسؤال نفسك عما إذا كانت واقعية ومستندة إلى حقائق. إذا لم تكن كذلك، يمكنك إعادة صياغة تفكيرك والتوصل إلى طرائق أكثر توازناً وواقعية للتفكير في الموقف.

وعلاوة على هذه التقنيات، قد يكون من المفيد الانخراط في أنشطة الاسترخاء في أثناء وقت القلق، ويمكن أن يشمل ذلك تمارين التنفس العميق، أو استرخاء العضلات التدريجي، أو ممارسة اليقظة الذهنية؛ إذ إن هذه الأنشطة تساعد على تهدئة جسدك وعقلك.

المحتوى محمي