لماذا لا نستطيع أن نقاوم الرغبة في فرقعة أكياس التغليف؟

6 دقائق
فرقعة أكياس التغليف
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

لطالما كانت شقيقتي تسارع كلما اشترى والدانا غرضاً جديداً إلى التقاط كيس التغليف ذي الفقاعات البلاستيكية الصغيرة المملوءة بالهواء، ثم تبدأ الضغط عليها وتفرقعها واحدة تلو الأخرى والسعادة تغمرها، ولطالما أصرّت أنه شعور مُرضٍ على نحو غريب ولا يُقاوم. فما الذي يجعل هذا الفعل البسيط ممتعاً إلى هذه الدرجة؟ في الواقع، ثمة عدة أسباب قد تفسر هذا الأثر، وإليك أهمها.

1. تخفيف التوتر

حاولت عالمة النفس كاثلين ديلون (Kathleen Dillon) البحث عن سبب الاستمتاع بفرقعة أكياس التغليف منذ بداية التسعينات؛ إذ أجرت دراسة نشرتها في دورية التقارير النفسية (Psychological reports)، على مجموعة من الطلاب الجامعيين، فوجدت أن الطلاب الذين فرقعوا الكبسولات الهوائية البلاستيكية المحكمة الإغلاق شعروا بمستويات أعلى من الحيوية والهدوء ومستوى أقل من التعب مقارنة بالمجموعة الضابطة التي لم تفرقعها.

وقد استنتجت ديلون أن هذا النشاط اللمسي البسيط فعال في تخفيف التوتر دون الحاجة إلى مهارة أو تدريب، كما لم يُسبب القلق الذي يُعانيه البعض عند استخدام بعض تقنيات الاسترخاء التقليدية.

اقرأ أيضاً: تخلص من التوتر المستمر بممارسة هذا التمرين البسيط

2. الإشباع الحسي

فرقعة الفقاعات البلاستيكية الصغيرة طريقة بسيطة وفعّالة لتحفيز الحواس؛ فهي تُحفّز حاسة اللمس من خلال الشعور بالضغط والملمس، وحاسة السمع من خلال سماع صوت الفرقعة، وحاسة البصر من خلال رؤية مظهر الفقاعات يتغير. تُعزز هذه المُدخلات الحسية المتعددة الاسترخاء والهدوء.

وقد تبيّن أن التحفيز الحسي (الإحساس الذي يتولّد عند تنشيط واحدة أو أكثر من الحواس) يحسّن التواصل والمزاج ونوعية الحياة عند كبار السن خصوصاً ممن يعانون اضطرابات عصبية إدراكية، كما يقلل القلق والاكتئاب والانفعال لديهم، وخاصة من خلال أساليب مثل العلاج بالروائح والعلاج بالضوء.

اقرأ أيضاً: كيف تستخدم حواسك الخمس مثل الأطفال لتحسين صحتك النفسية؟

3. الشعور بالمكافآت البسيطة

دماغ الإنسان مصمم للبحث عن السلوكيات التي تطلق الدوبامين في نظام المكافآت لديه؛ فالدوبامين ناقل عصبي يؤدي دوراً مهماً في الشعور بالمتعة الذي يحفز أداء الفعل الذي يولدها؛ أي كلما انخرط الشخص في مهمةٍ تمنحه شعوراً بالإنجاز أو المتعة، حتى لو كانت أفعالاً بسيطةً، يحدث إفراز الدوبامين في الدماغ.

وربما تمثّل فرقعة الفقاعات البلاستيكية مكافأة صغيرة سرعان ما يتعلم الدماغ ربطها بالمتعة. هذه هي الآلية نفسها التي تجعل الناس يستمتعون بأنشطة معينة مثل التحقق من إشعارات وسائل التواصل الاجتماعي، أو تناول الوجبات السريعة،  فالأمر يتعلق بالتوقُّع والمكافأة.

اقرأ أيضاً: قاعدة يومية بسيطة تحفز هرمون السعادة في دماغك وتزيد متوسط عمرك

4. التركيز على اللحظة الحالية

على الرغم من أن أغلفة الفقاعات البلاستيكية لم تكن محور دراسات موسعة خاضعة لمراجعة الأقران فيما يخص استخدامها وسيلة للتهدئة وصرف الذهن عن المشاعر السلبية، يمكن القول إن فرقعتها تتوافق إلى حد ما مع بعض التقنيات المتبعة في التأريض؛ إذ يتضمن التأريض استخدام الحواس للتركيز على اللحظة الحالية والابتعاد عن الذكريات غير المرغوب فيها وتشتيت الانتباه عن مشاعر القلق.

اقرأ أيضاً: ما هي تقنية التجذر (التأريض)؟ وكيف يمكنك استخدامها لتخفيف القلق؟

أي وبما أن فرقعة الأكياس البلاستيكية تتضمن مُدخلات حسية لمسية وسمعية وبصرية مثلما ذكرنا آنفاً، يمكن عند استخدامها بوعي أن تصبح وسيلة فعّالة لإعادة الذهن إلى اللحظة الحالية وتخفيف القلق والضيق.

على سبيل المثال، امسك غلاف الفقاعات بين يديك وركز على ملمسه. هل هو ناعم أم خشن؟ بارد أم دافئ؟ اضغط بأصابعك ببطء على الفقاعات، ولاحظ مقدار انضغاط الهواء داخلها، ثم اسحقها بأصابعك.

استمع جيداً إلى الصوت الصادر عن فرقعتها، هل هو حاد؟ عال؟ ناعم؟ حاول إصدار فرقعة بإيقاع بطيء واستمع للصوت وحاول أن تستوعبه جيداً. يمكنك حتى محاولة عدّ الفرقعات بصوت عالٍ إذا كان ذلك يساعدك على التركيز. وحاول أيضاً أن تنظر من كثب إلى الفقاعات، وأن تلاحظ شكلها ونمطها ولمعانها وتراقب كيف تتغير حين تفرقعها. سيساعدك ذلك في التركيز على اللحظة الراهنة والانغماس فيها.

وفي سياق متصل، يقول استشاري العلاج النفسي، محمد سالم القرني، إن التركيز الكامل على اللحظة الحالية، وهو ما يعرف باليقظة الذهنية، يساعد على تحسين التركيز وتقليل التوتر؛ لذا ينصح بتخصيص وقت يومياً لممارسة التأمل والوعي اللحظي، فيمكن لهذه العادة أن تغير الحياة على نحو ملحوظ وتزيد الهدوء الداخلي والوضوح الذهني.

4 نصائح بسيطة وفعّالة لتقليل التوتر بعيداً عن فرقعة أكياس التغليف

على الرغم من أن فرقعة فقاعات الأكياس البلاستيكية قد تكون وسيلةً لتهدئة النفس وتخفيف التوتر والقلق عند البعض، فهي ليست حلاً طويل الأمد لإدارة التوتر أو القلق أو الضيق العاطفي، وفوائدها العلاجية ليست مؤكدة تماماً. لذلك، إليك بعض الطرائق المثبتة علمياً لتخفيف التوتر:

  • التنفس العميق: يحفّز الشهيق البطيء والعميق العصب المبهم الذي يمتد من الدماغ إلى القولون، وهو ما ينشّط بدوره استجابة الجهاز العصبي الخاصة بالراحة. ومن الأنماط الشائعة للتنفس العميق هو الشهيق ببطء على مدى 4 عدات، وحبس الهواء على مدى 7 عدات، ثم الزفير على مدى 8 عدات، لكن يمكن تعديل العدد حسب الرغبة.
  • النشاط البدني: تساعد التمارين الرياضية على خفض مستويات هرمونات التوتر مثل الكورتيزول والأدرينالين، وتحفّز إنتاج هرمون الإندروفين الذي يعد مسكناً طبيعياً للألم ومحسّناً للمزاج.
  • التواصل مع الأحبة: التحدث مع الأشخاص الذين تحبهم وعناقهم ومسك أيديهم يزيد هرمون الأوكسيتوسين، وهو هرمون يسهم في تقليل القلق والتوتر.
  • قضاء الوقت في الطبيعة: فذلك يقلل مستوى الكورتيزول ويحسّن الحالة المزاجية، علاوة على أنه يحسّن الوظائف الإدراكية وضغط الدم والنوم.

المحتوى محمي