مارك زوكربيرغ ليس الوحيد: لماذا يعشق الرؤساء التنفيذيون الرياضات الخطرة؟

5 دقيقة
الرياضات الخطرة
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: في الوقت الذي يستمتع فيه الرئيس التنفيذي لشركة ميتا مارك زوكربيرغ بممارسة الرياضات الخطرة، حذرت الشركة في تقريرها السنوي المقدم إلى لجنة الأوراق المالية والبورصة الأميركية المستثمرين من أسلوب حياة زوكربيرغ الذي قد يضر بالشركة ويؤثر في سعر السهم في السوق، والحقيقة أنه ليس الرئيس التنفيذي الوحيد الذي يستمتع بممارسة الرياضات الخطرة، فلماذا يعشق الرؤساء التنفيذيون تلك الرياضات؟ الإجابة في هذا المقال.

أعربت شركة ميتا (Meta) المالكة لمنصات فيسبوك وإنستغرام وواتساب، في أحدث ملفاتها المقدمة إلى لجنة الأوراق المالية والبورصة الأميركية (Securities and Exchange Commission filing) عن قلقها بشأن أسلوب حياة رئيسها التنفيذي مارك زوكربيرغ ( Mark Zuckerberg) الذي يعشق الرياضات الخطرة، وأضافت الشركة إن مشاركته في تلك الرياضات تشكل خطراً محتملاً للإصابة أو حتى الوفاة؛ وهو الأمر الذي سيؤثر بالتبعية في أعمالها وأسعار أسهمها في السوق.

يُذكر أن زوكربيرج أُصيب خلال العام الماضي بتمزق في الرباط الصليبي الأمامي في أثناء التدريب على الفنون القتالية، وبينما أعرب المساهمون عن قلقهم بشأن الأنشطة الخطرة التي يشارك فيها مؤسس فيسبوك، تناول مارك زوكربيرج هذه المخاوف بروح الدعابة، فلماذا يا تُرى يعشق الرؤساء التنفيذيون الرياضات الخطرة؟ الإجابة يقدمها هذا المقال.

ما الأسباب النفسية التي تدفع الرؤساء التنفيذيين إلى ممارسة الرياضات الخطرة؟

توصلت دراسة علمية نشرتها كلية علم النفس والإرشاد بجامعة كوينزلاند الأسترالية للتكنولوجيا (Queensland University of Technology) عام 2020 إلى نتيجة مفادها أن الأشخاص الذين يشاركون في الرياضات الخطرة لا يفعلون ذلك لأنهم يريدون الحصول على دفقة كبيرة من الأدرينالين، ولا رغبةً في الموت؛ لكنهم ينخرطون في تلك الألعاب بحثاً عن تجارب جديدة.

وأكد أستاذ علم النفس السلوكي بجامعة كوينزلاند للتكنولوجيا والمشارك في الدراسة، إريك بريمر (Eric Brymer)، إن الرياضات الخطرة تجعل المشارك يشعر بالحيوية؛ حيث يبدو أن الحواس جميعها تعمل على نحو أفضل مما كانت عليه في الحياة اليومية؛ كما لو أن المشارك يتجاوز إيقاع الحياة اليومي الهادئ ويحاول الوصول إلى أقصى حد لقدراته ومواهبه الخاصة.

ووفقاً لما ذكره أستاذ جامعة كوينزلاند للتكنولوجيا المشارك بالدراسة، روبرت شفايتزر (Robert Schweitzer)، فالمشاركة في الرياضات الخطرة تسهّل إجراء تجارب نفسية أكثر إيجابية وتعبّر عن القيم الإنسانية؛ مثل: الانسجام والإبداع والإيجابية والمرونة، والشعور الحيوي بالذات الذي يُثري الحياة اليومية.

وقد أوضحت الدراسة أيضاً أن الرياضات الخطرة ترتكز بالأساس على التنافسية؛ حيث تُجرى في سياقات طبيعية مع تحديات جسدية غير نمطية واحتمال الموت بوصفه نتيجة. ويعتقد بعض الباحثين في الدراسة إن الرياضات الخطرة تعزز الاستكشاف الذي يربط بين المعرفة العميقة بالنفس والتناغم مع التحديات بوصفها مفتاحاً للأداء الفعال، هذا بالإضافة إلى اكتساب المهارات.

وتُعد الرياضات الخطرة بالنسبة إلى الرؤساء التنفيذيين محفزات للنمو؛ حيث تسمح لهم بالإبحار في البيئات المتقلبة وغير المتوقعة بثبات. فعلى سبيل المثال؛ يواجه لاعب القفز بالمظلات متغيرات غير متوقعة؛ مثل ظروف الرياح المتغيرة وسرعات الهبوط المتناوبة؛ ما يستلزم ضرورة القدرة على التكيف والتنبؤ والاستجابات السريعة.

وعالم المال والأعمال مليء باتجاهات السوق المتقلبة، والنجاح في هذه البيئة لا يُمنح للقادة الصارمين؛ بل لأولئك الذين يكيفون استراتيجياتهم، ويبقون متناغمين مع الديناميكيات المتطورة. وعليه؛ فإن القفز بالمظلات أو ممارسة الرياضات الخطرة، لا يُعد عملاً متهوراً أو شجاعة عمياء؛ لكنه يحفز عملية تقييم المخاطر والتعامل معها.

اقرأ أيضاً: كيف تجعلك ممارسة الرياضة سعيداً؟

كيف تسهم الرياضات الخطرة في نجاح الرؤساء التنفيذين؟

سواء كانت الرياضة هي القفز بالمظلات أو الغوص على عمق 15 قدماً تحت الماء أو تسلق الجبال، فهناك الكثير من العوامل المشتركة بين الرياضات الخطرة وعالم الأعمال؛ حيث تسهم تلك الرياضات في تطوير المسيرة المهنية للرؤساء التنفيذيين من خلال:

  1. المخاطرة والتعلم المستمر: يتطلب كل من الرياضات الخطرة وعالم الأعمال روحاً يمكنها تجاوز الحدود وتحمل المخاطر المحسوبة والتعلم المستمر، فلاعبو الرياضات الخطرة يتعلمون ويعملون باستمرار على تحسين تقنياتهم والتعلم من تجارب الماضي، فكل مرة يلعبون فيها هي فرصة لتحسين أدائهم، علاوة على أن التعلم لا يتوقف عند المستوى الفردي، فالعديد من الرياضات الخطرة ليست رياضات فردية لكنها تعاونية؛ ولهذا فهي تعزز التواصل الفعال والانفتاح على ردود الفعل والاعتماد على الخبرة الجماعية.
  2. المرونة والقدرة على التكيف: يرتبط عالم الأعمال بالرياضات الخطرة في نقاط عدة؛ أهمها: المرونة، والقدرة على التكيف، والتقييم الدقيق للمخاطر، والعمل الجماعي. حيث تمكّن تلك الرياضات الرؤساء التنفيذيين من الغوص في عالم المجهول وخفة الحركة للتكيف مع الظروف المتغيرة، والقدرة على البحث عن الإلهام والأفكار الإبداعية الجديدة؛ حيث يمكنهم اتخاذ القرارات ببراعة لا مثيل لها في عالم المال والأعمال.
  3. الخروج من منطقة الراحة: تحفز ممارسة الرياضات الخطرة الرؤساء التنفيذيين على مغادرة منطقة الراحة ومواجهة التحديات الجديدة؛ حيث تدفعهم تلك الرياضات إلى الخروج من قوقعتهم وتساعدهم على بناء الروابط الضرورية للتطور المهني، بالإضافة إلى أنها تسمح لهم باكتشاف القوة التي لم يكونوا يعلمون بوجودها.
  4. التعامل مع النكسات: يتطلب الوصول إلى القمة في أي رياضة خطرة تصميماً هائلاً. وفيما يتعلق بالرياضات الخطرة، غالباً ما تكون أنت المسؤول الوحيد عن قراراتك، بلا مديرين أو حشود؛ أنت فقط والظروف. وينطبق الوضع نفسه في مجال الأعمال التجارية، فيمكن أن تكون وحيداً في البداية، وغالباً ما تكون قناعتك وقيادتك هي العوامل الرئيسة التي تساعدك على النجاح. لذا؛ عندما تتلقى ضربة، عليك أن تقوم مجدداً، سواء في العمل أو الرياضة.
  5. اتخاذ قرارات أكثر وضوحاً: يعتقد المدير التجاري في شركة فان فايندرز (FanFinders) للتسويق بالأداء (Performance Marketing)؛ وهي الأنشطة التي تشمل الإعلانات التجارية والتسويق الإلكتروني، آدم جيليت (Adam Gillett)، إن عالم الأعمال يتشابه إلى حد كبير مع عالم الرياضات الخطرة، فكلاهما يتطلب مواجهة مخاوفك والنهوض مرة أخرى عندما تسقط. ويضيف جيليت إن التزلج على الجليد والغوص تحت الماء والإبحار على طول ساحل أستراليا، واكتشاف الكهوف في المكسيك ساعده كثيراً على تطوير عمله؛ حيث أصبحت لديه رغبة في المخاطرة وكان أقل ميلاً إلى اتخاذ المسارات الآمنة.
  6. زيادة مستوى الطاقة: يؤكد استشاري أمراض السكري الدكتور رائد الدهش إن ممارسة الرياضات الخطرة مثل ركوب الأمواج أو سباق السيارات، تؤدي إلى زيادة إفراز هرمون الأدرينالين الذي يعمل بدوره على ارتفاع مستوى الطاقة.

اقرأ أيضاً: من القفز المظلي إلى الغوص في أعماق البحار: لماذا يجد البعض سعادتهم في المخاطرة؟

تعرَّف إلى أشهر ممارسي الرياضات الخطرة من الرؤساء التنفيذيين

توضح أستاذة علم النفس، سوزان هوج ماكنزي (Susan Houge Mackenzie)، إن الرياضات الخطرة؛ بما فيها ركوب الأمواج وتسلق الجبال، تساعد على الشعور بالإنجاز، ومواجهة تحديات الحياة الكبرى، وتنظيم العواطف، وتعزيز شعور الثقة بالنفس، واكتشاف معنى الوجود والهدف من الحياة، وتعميق الروابط مع الطبيعة ومع الآخرين. ويتطلب التفوق في الرياضات الخطرة التركيز والتحلي بروح القيادة؛ حيث يجب على المشاركين الحفاظ على أعلى مستويات اللياقة البدنية، والالتزام بجدول تدريب صارم، واتخاذ قرارات سريعة في لحظات الخطر، ويؤكد الرؤساء التنفيذيون الذين يمارسون الرياضات الخطرة إن تلك الرياضات تجعلهم يقظين ذهنياً؛ وأشهرهم:

  1. الرئيس التنفيذي لشركة ووكر ودنلوب (Walker & Dunlop)، ويلي ووكر (Willy Walker): يوضح ووكر إنه شخص تنافسي للغاية، وإذا فاته التدريب على الرياضات الخطرة لبضعة أيام، وهو أمر نادر جداً، فإنه يشعر بالغضب ويفقد التركيز، ويمارس ووكر رياضة سباق الترياثلون الشبيه بالماراثون؛ حيث يبدأ بالسباحة، ثم تأتي مرحلة ركوب الدراجات وبعدها الجري.
  2. مؤسس شركة فيستا فرنشايز (Fiesta Franchise Corporation)، جون روست (John Rost): تسلق روست أعلى الجبال في سبع قارات، وذهب أيضاً برحلة إلى كلا القطبين، وأبحر حول العالم، وشارك في سباق الماراثون عبر سور الصين العظيم، وأكد روست إن قضاء 8 أسابيع في تسلق إحدى أعلى القمم في العالم يمثل تحدياً ذهنياً أكثر من كونه تحدياً جسدياً.
  3. الرئيس التنفيذي لشركة غوالا (Gowalla)، جوش ويليامز (Josh Williams): يمارس ويليامز رياضة التزلج على الجليد في مسارات شديدة الانحدار وأحياناً في التضاريس الخطرة ودرجة حرارة شديدة الانخفاض، ومع ذلك، يؤكد ويليامز إن تلك الأجواء تُشعره بالسعادة.
  4. الرئيس التنفيذي لشركة سنشري 21 العقارية  (Century 21 Real Estate)، ريك ديفيدسون (Rick Davidson): يمارس ديفيدسون العديد من الرياضات الخطرة مثل تسلق الجبال والقفز بالمظلات، والغوص في أعماق الماء. ويؤكد ديفيدسون إن تسلق الجبال ساعده في التغلب على التحديات العقلية والجسدية من أجل تحقيق أهدافه الطموحة.