جيل الألفية: جيل أكثر قلقاً ولكنه يعي قضايا الصحة العقلية

2 دقائق
جيل الألفية

في حين تصيب الأمراض النفسية واحداً من كل 5 فرنسيين، يبدو أن جيل الألفية وجيل "زد" باتوا مقتنعين أكثر الآن من الأجيال السابقة بأن الصحة العقلية الجيدة لا تقل أهمية عن الصحة البدنية الجيدة. هذا الوعي ضروري للغاية لأن جيل الألفية يتأثر أيضاً بأمراض القرن الجديدة مثل الإرهاق والقلق البيئي وغيرها.
يتغير الزمن، وكذلك الأجيال. بينما يشعر 12 مليون فرنسي بالقلق، هناك صمت شديد حول الصحة العقلية. لا يزال مجال الطب النفسي اليوم من المحرمات، وعندما نتجرأ على الاقتراب منه يتم ذلك مع الكثير من التحيز والوصم.

ومع ذلك؛ وبين أفراد جيل الألفية، يبدو أن هذا الاتجاه آخذ في الانعكاس فقد أصبحت الصحة العقلية في أولوية اهتماماتهم وحتى قبل أولوية العمل أيضاً. نلاحظ أن جيل الألفية (المولود بين عاميّ 1980 و2000) وجيل زد (المولود بعد 2000) أكثر تأثراً بالاكتئاب من الأجيال السابقة. حتى أن هناك حديثاً أصبح شائعاً عن "أزمة ربع عمر" توازي أزمة منتصف العمر الشهيرة ولكنها تحدث قبل ذلك بكثير بين جيل الألفية. هناك عدة عوامل مسؤولة عن ذلك ولكن يبدو أن أحدها هو السائد: إنه العمل، أو عدم وجود عمل أحياناً أخرى.

ضعف التوازن العقلي

في عام 1965، غنى هنري سلفادور "العمل هو الصحة، عدم القيام بأي شيء يعني الحفاظ عليها". يتفق جيل الألفية الشاب مع ذلك؛ حيث يتخذ 50% منهم بالفعل خيار ترك وظائفهم للحفاظ على صحتهم العقلية وفقاً لدراسةٍ نُشرت في مجلة هارفارد بزنس ريفيو. بينما يتخذ ثلاثة من كل أربعة أشخاص من جيل زد هذا الخيار بالفعل.

هل تدفعنا هذه الأرقام للتساؤل؟ بكل تأكيد نعم. إنها تكشف لنا أيضاً عن نظام إداري خاطئ وضعيف، وحتى سام لصحتنا العقلية.

لا يتعلق الأمر بتشويه عالم العمل المهني وإلقاء اللوم عليه في كل المشاكل؛ ولكن من الضروري أن نعي الآثار التي يمكن أن يتركها العمل في حياتنا وعواطفنا.

إن قضاء 8 ساعات يومياً في بيئة مهنية مع فريق وفي بعض الأحيان ضمن تسلسل هرمي مرهق، لا يخلو من الآثار السلبية في توازننا النفسي.

في الواقع؛ لا تساعد ظروف وبعض سياقات العمل على التمتع بصحة عقلية جيدة.

على العكس من ذلك، فإن نقص العمل وزيادة البطالة والسعي الحثيث للعثور على "وظيفة أحلامنا" يمكن أن تكون أيضاً عوامل تسبب القلق، وتعد أصل بعض أنواع الاكتئاب أو غيرها من الأمراض النفسية بين جيل الألفية، ويمكن حتى أن تسبب في بعض الحالات إعاقة عقلية حقيقية على النحو المحدد في القانون.

تزايد مصادر القلق

في الواقع يختلف المجتمع الذي تتطور فيه الأجيال الشابة اختلافاً كبيراً عن المجتمع الأكبر سناً، وربما تكون مصادر القلق أكثر حضوراً ولها خصائص جديدة. على سبيل المثال؛ هناك حديث الآن عن قلق جديد مرتبط بالتدهور البيئي ويدعى "سولاستالجيا" (solastalgia) حيث يعبر المزيد والمزيد من الناس في جميع أنحاء العالم عن غضبهم وحزنهم وكربهم وعجزهم في مواجهة التهديدات التي يتعرض لها الكوكب والتنوع البيولوجي. يمكننا أيضاً التحدث عن القلق البيئي الذي ينتج عنه شعور بالقلق الشديد بشأن المشكلات البيئية والمناخية. تقول أليس ديسبيولس؛ وهي طبيبة متخصصة في الصحة العامة والبيئية: "يشير مصطلح سولاستالجيا إلى الحنين إلى الطبيعة الزائلة والحزن على تراجع الأنواع الحيوانية والنباتية، وهو يعني حرفياً: الشعور بالضيق".

نحو مستقبل أكثر إنسانية؟

إذا كان واحد من كل عاملين شابين على استعداد لترك وظيفته للحفاظ على صحته العقلية فهذه أيضاً علامة جيدة. هذا يعني أن هذا الجيل قادر بشكل أفضل على التعرف إلى العوامل المسببة للمرض العقلي والعلامات التي تنذر بتدهور الصحة العقلية ومخاطرها. وبالتالي فهم يدركون أن عليهم حماية أنفسهم من البيئة المهنية التي يحتمل أن تكون سامة.

يدق سلوك جيل الألفية ناقوس الخطر. إذن متى ستكون هناك إدارة إنسانية تضع الصحة النفسية للموظفين في صلب اهتمامات الشركة؟ لماذا لا يتم إنشاء وحدات دعمٍ نفسي داخل الشركات تقوم بتقديم سبل الحماية وتوعية الموظفين بشأن المخاطر النفسية والاجتماعية في بيئة العمل؟ من المهم للغاية أن تقوم الشركات بدمج هذا الأمر في ثقافتها وأن تفهم أن من مصلحتها أيضاً الاهتمام بصحة موظفيها النفسية.