هل تتناقص ضحكاتنا مع تقدمنا في السن؟ وكيف نجعل الضحك عادة يومية؟

3 دقيقة
ضحكاتنا
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: محمد محمود)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: اجلس قليلاً وتذكر، كم مرة ضحكت اليوم؟ لنقل إنه كان يوماً اعتيادياً ولم تلتقِ فيه أحد الأصدقاء المرحين. فهل ضحكت 5 أو 10 مرات؟ حسناً، تأمل طفلاً في سن الحضانة، كم مرة يضحك في اليوم؟ يضحك كثيراً بالطبع؛ بينما ترى الإنسان البالغ عاقد الجبين معظم الوقت. في الواقع، يقل عدد ضحكاتنا كلما تقدمنا في العمر، وهذه ظاهرة عالمية. وفي هذا المقال، إليك أسباب هذه الظاهرة وكيف يمكن أن تدمج الضحك في حياتك الروتينية من أجل كسب فوائده.

يشير العلم إلى حقيقة مُرّة: نحن نضحك بمعدل أقل كلما تقدمنا ​​في العمر. تسلط هذه الظاهرة؛ المعروفة باسم "منحدر الفكاهة" (The Humor Cliff)، الضوء على انخفاض كبير في معدل الضحك، بدءاً من مرحلة الطفولة، ومروراً بمرحلة البلوغ، ووصولاً إلى المراحل المتقدمة من العمل.

فالطفل الذي يبلغ من العمر 4 سنوات يضحك 300 مرة يومياً، في المقابل، يحتاج شخص يبلغ من العمر 40 سنة إلى شهرين للوصول إلى هذا الرقم. سنوضح في هذا المقال الأسباب الكامنة وراء انخفاض معدل الضحك مع التقدم في العمر، ولماذا من المهم أن تضحك أكثر، وكيف السبيل إلى ذلك.

اقرأ أيضاً: للضحك 5 فوائد نفسية: تعرَّف إليها

إلى أي حد تقل ضحكاتنا مع التقدم في العمر؟

تشير الإحصائيات إلى أن العلاقة بين الضحك والسنين علاقة عكسية؛ أي كلما زاد عدد سنين العمر، قل عدد الضحكات. فوفقاً لإحصائية منصة تحليل البيانات جيتنكس (Gitnux) عام 2023؛ يضحك الأطفال نحو 300 مرة يومياً؛ بينما يضحك البالغون نحو 17 مرة يومياً بالمتوسط.

وهذا المنحنى يستمر في الانخفاض حتى مرحلة الشيخوخة؛ إذ ذكرت دراسة منشورة في دورية علم الشيخوخة (Gerontology)، أن كبار السن يميلون إلى الضحك على نحو أقل مقارنة بالبالغين الأصغر سناً، فالنساء اللواتي تزيد أعمارهن على 60 عاماً يضحكن بالمتوسط نحو 11.7 مرة يومياً؛ في حين تضحك النساء الأقل عمراً (دون سن الـ 24 عاماً) نحو 22.7 مرة يومياً بالمتوسط، وينطبق ذلك على الرجال أيضاً.

اقرأ أيضاً: ما أهم الفوائد النفسية للفكاهة والضحك؟

لماذا ينخفض معدل الضحك مع التقدم في العمر؟

تسهم عدة عوامل في تناقص الضحك مع تقدمنا ​​في العمر؛ ومن أبرزها:

  • المسؤوليات والضغوط: يأتي البلوغ مصحوباً بجرعة كبيرة من المسؤولية، فالمواعيد النهائية للعمل، والأعباء المالية، وتحديات العلاقات، قد تثقل كواهلنا، ولا تترك مجالاً كبيراً للفكاهة.
  • الضغوط الاجتماعية: غالباً ما تحدد الأعراف الاجتماعية مقدار الضحك المناسب في مواقف معينة. قد يشعر البالغون بالخجل من الضحك في بعض المواقف، خوفاً من أن يُنظر إليهم بوصفهم أشخاصاً سخيفين.
  • التأثر بالفكاهة: يمكن أن يتطور حس الفكاهة لدينا مع مرور الوقت، فالنكات والمواقف التي يجدها الأطفال مضحكة للغاية لا تثير سوى ابتسامة مهذبة عند البالغين.
  • المواقف الجديدة: يقول الطبيب النفسي وائل أبو هندي، إن الأطفال مرحون بطبيعتهم ويجدون التسلية دائماً، فالحياة في أنظارهم سهلة وبسيطة ومفعمة بالأمل، وربما هذا ما يفتقده البالغون.

اقرأ أيضاً: ما الذي تكشفه ضحكتك عن طبيعة شخصيتك وعواطفك؟

متى يكون انخفاض الضحك غير طبيعي؟

يصبح انخفاض الضحك غير طبيعي عندما يرتبط بحالات طبية أو نفسية معينة. على سبيل المثال؛ إذا توقف الشخص الذي يستمتع عادةً بالفكاهة والضحك، فجأةً عن إيجاد الأشياء مضحكة، أو أصبح يضحك أقل من المعتاد، فقد يكون ذلك علامة على أنه يعاني مشكلة نفسية ما؛ مثل الاكتئاب أو اضطرابات المزاج الأخرى.

خصوصاً إذا كان انخفاض الضحك مصحوباً بأعراض أخرى مثيرة للقلق؛ مثل التغيرات في المزاج، أو الانسحاب الاجتماعي، أو التغيرات في الشهية وأنماط النوم، فمن المستحسن حينها طلب المساعدة الطبية النفسية لتحديد الأسباب الكامنة وراء ذلك وإيجاد العلاج المناسب.

اقرأ أيضاً: كيف يؤثر حس الفكاهة في علاقتك بشريكك؟

ما أهمية الضحك في حياتنا؟

للضحك عدد لا يُحصى من الفوائد، جسدياً ونفسياً واجتماعياً. جسدياً، يزيد تدفق الدم الغني بالأوكسجين إلى الدماغ ويحسن الدورة الدموية، فيريح العضلات، ويعزز المناعة، ويخفف الألم، ويعزز صحة القلب والأوعية الدموية، ناهيك بأن الضحك المستمر يقلل خطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالتوتر؛ لأنه يقلل هرمونات التوتر مثل الكورتيزول والإبينفرين.

نفسياً، يعزز الضحك إفراز الإندروفين في الدماغ، فيضيف الضحك الفرح والحماس للحياة، ويقلل القلق والتوتر، ويحسن المزاج، ويقوي المرونة النفسية. أما اجتماعياً، فهو يقوي العلاقات، ويعزز العمل الجماعي، وينزع فتيل الصراع، ويعزز الترابط الاجتماعي.

اقرأ أيضاً: اضحك أكثر للتخلص من التوتر

7 نصائح لدمج الضحك في روتينك اليومي

يعد دمج الضحك في الحياة اليومية أمراً ضرورياً للحفاظ على الصحة والسعادة، فالضحك أداة قوية للتغلب على التحديات وتعزيز التواصل والإيجابية. لدمج الفكاهة والضحك في حياتك اليومية، هنا بعض النصائح:

  1. ابحث عن الفكاهة: ابذل جهداً واعياً لإيجاد فرص للفكاهة والضحك. على سبيل المثال؛ شاهد مقاطع فيديو مضحكة، أو مارس الألعاب المسلية، أو اقضِ الوقت مع الحيوانات الأليفة.
  2. ابتسم أكثر: الابتسامة هي بداية الضحك، وهي معدية؛ لذلك تدرب على الابتسام للأشخاص الذين تتفاعل معهم طوال يومك، ولاحظ مدى تأثير ذلك فيك وفيهم.
  3. عُدَّ النعم التي تتمتع بها: ركِّز على الجوانب الإيجابية في حياتك من خلال إعداد قائمة بالأشياء التي تشعر بالامتنان لها. يمكن أن يساعد هذا على تحويل وجهة نظرك بعيداً عن السلبية نحو الفكاهة والضحك.
  4. اقضِ وقتاً مع أشخاص مرحين: أحط نفسك بأشخاص يضحكون بسهولة ويستمتعون بإيجاد الفكاهة في مواقف الحياة اليومية، فقد يكون أسلوبهم المرح معدياً ويساعدك على الضحك أكثر.
  5. أدخِل الفكاهة في المحادثات: شجّع الفكاهة في تفاعلاتك مع الآخرين من خلال سؤالهم عن المواقف المضحكة التي حدثت لهم مؤخراً. تذكَّر أن مشاركة الضحك يمكن أن تقوّي الروابط وتخلق جواً إيجابياً.
  6. افتعل الضحك: حتى لو لم تتمكن من العثور على شيء مضحك، جرّب الضحك المُفتعَل؛ إذ لا يزال من الممكن أن تكون له فوائد الضحك الحقيقي نفسها، وقد يؤدي حتى إلى الضحك التلقائي.
  7. طوّر روح الدعابة لديك: تعلَّم أن تضحك على نفسك وأن تجد روح الدعابة في مواقف الحياة اليومية، وذكِّر نفسك ألا تبالغ في السلبية أو تولي الأمور اهتماماً وقلقاً أكثر مما تستحق.