ماذا تفعل إذا كنت لا تتذكر الرد المناسب إلا بعد انتهاء الموقف؟

2 دقيقة
الردود
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: يتطرق هذا المقال إلى الأسباب الكامنة وراء تذكُّرنا أفضل الردود بعد انقضاء فترة طويلة من احتياجنا إلى استخدامها، ويقدم استراتيجيات عملية لتحسين الذاكرة؛ ومن ثمّ تحسين استجاباتنا المدروسة.

هل سبق أن وجدت نفسك نادماً بعد مناقشة محتدمة مع صديق لأنك تذكرت الرد المناسب لسؤاله المستفز لاحقاً؛ عندما لم يعد لجوابك أهمية لأن المناقشة انتهت على نحوٍ لا يرضيك؟ جميعنا اختبرنا هذا الموقف بطريقة أو بأخرى؛ حيث تظهر الردود المناسبة والمثالية عندما لا نكون بحاجةٍ إليها. نعم، إنه أمر محبط، وبخاصة إذا حصل خلال مقابلة عمل تتطلع إليها منذ فترة وأنت عاطل عن العمل، تصوّر!

لا يهم، فإذا عمت هانت! دعنا نأخذك معنا في هذا المقال في جولة معرفية سريعة لكي نفكك هذا اللغز ونتعرف إلى أسباب هذه الظاهرة الشائعة التي تجعل الكثيرين منا في حيرة من أمرهم، ويتساءلون: "لماذا يتخلى عنا ذكاؤنا عندما نكون في أمسّ الحاجة إليه؟".

ليس أمراً سيئاً أن ننسى، فالنسيان يعزز كفاءة الذاكرة!

يوضح كل من أستاذة علم النفس والأعصاب في كلية بوسطن الأميركية، إليزابيث كينسينغر (Elizabeth Kensinger)، وعالم الأعصاب الأميركي، أندرو بودسون (Andrew Budson) في حوارٍ لهما، إن الذاكرة ليست كما قد نعتقد شبيهةً بنظام حفظ أوتوماتيكي للملفات في الدماغ؛ بل هي عملية تتطلب جهوداً مستمرة من التشفير والتخزين والاسترجاع للمعلومات.

حيث تشمل المفاهيم الخاطئة الشائعة ذلك الاعتقاد بوجود الذاكرة الفوتوغرافية، وبأن النسيان أمر سيئ بطبيعته؛ في حين أن النسيان في الواقع يعمل على تبسيط عمل الذاكرة وتعزيز كفاءتها. إذ يمكن أن يحدث النسيان في أي مرحلةٍ من مراحل معالجة الذاكرة، ويكون غالباً بسبب عدم إبداء الاهتمام الكافي في أثناء عملية التشفير.

اقرأ أيضاً: 5 نصائح ذهبية لتقوية ذاكرتك القصيرة المدى

لماذا لا نتذكر أفضل الردود عندما نحتاج إليها؟ 

في اللحظات التي نستشعر فيها بعضاً من القلق أو التوتر، تعطي آليات البقاء العتيقة في أدمغتنا الأولوية للاستجابات الجسدية إلى الوظائف المعرفية العُليا مثل استخدام المنطق واللغة بالفعالية المُثلى التي قد نتوقعها من أنفسنا في تلك المواقف. إذ يمكن أن يؤدي هذا إلى لحظات من العجز عن الكلام أو ردود فعلٍ محرجة في أثناء النقاشات أو المواقف التي يستشعر فيها الدماغ أي نوعٍ من التهديد حتى إن لم يبدُ ذلك منطقياً مقارنة مع طبيعة الموقف.

وسنلاحظ مع انخفاض هرمونات التوتر، عودة وظائف الدماغ التنفيذية المسؤولة عن التحكم بالمشاعر والاندفاعات العاطفية وتوجيه الانتباه الإرادي، إضافة إلى وظائف أخرى؛ ما يسمح بتفكيرٍ أكثر وضوحاً وتفاعلاتٍ ذكية لاحقاً تكون غالباً خلال أنشطة غير ذات صلة.

فبدلاً من إلقاء اللوم على نفسك لأنك لم تتجاوب على نحوٍ فعال في تلك اللحظة المهمة بالنسبة إليك، سواء كانت مقابلة عمل أو مجرد أنك تتجاذب أطراف الحديث مع شخصٍ مقرّب، من المهم أن تدرك أن دماغك يعطي ببساطة الأولوية لإبقائك على قيد الحياة خلال لحظات القلق والتوتر.

اقرأ أيضاً: ما أسباب النسيان المتكرر؟ إليك 7 نصائح لتقوية ذاكرتك

كيف نحسن عمل الذاكرة لتتحسن استجاباتنا خلال المواقف المقلقة؟ 

تشمل استراتيجيات تحسين الذاكرة الاستعانة بمصادر خارجية باستخدام أدوات مُساعدة مثل التقويمات والتذكيرات، إضافة إلى توظيف الانتباه اليَقظ (Mindful Attention) الذي يقوم على تمارين اليقظة الذهنية المعروفة بدورها في تقوية القشرة الجبهية الوسطى (Prefrontal Cortex)؛ ما يحسن قدرتنا على الحفاظ على رباطة جأشنا، والاستجابة على نحو مدروس في أثناء المواقف العصيبة، وإدارةٍ أفضل للتوتر والقلق.

ويمكن الاعتماد على ما يُعرف بـ "تقنية تكوين العادات" (Habit Formation)؛ وهي العملية التي تصبح من خلالها السلوكيات تلقائية؛ حيث يمكن أن تتشكل العادات دون أن ينوي الشخص اكتسابها، وهي قابلة لتنميتها أو التخلص منها لتناسب أهداف الفرد الشخصية على نحوٍ أفضل. وبهذا الخصوص، يشرح المعالج النفسي، أحمد هارون، إن ممارسة أي عادةٍ، سواء كانت سلبية أو إيجابية، من 7 أيام إلى 27 يوماً يؤدي إلى اكتسابها طوال العمر.

ويُضيف إن تكرار العادات الإيجابية المُراد اكتسابها خلال هذه المدة الزمنية كفيلٌ باكتسابها. وتُمكن ممارسة تمارين التأمل للتخلص من العادات غير الصحية لأن أغلب العادات السلبية المكتسبة ترتبط بأنماط تفكير سلبية، وقد يساعد هذا النوع من التمارين على تغيير التفكير السلبي.

المحتوى محمي