ما هي المرونة القيادية؟ وكيف تكتسبها؟

4 دقيقة
المرونة القيادية
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

المرونة هي قدرتك على الاستجابة للتكيف مع التحديات؛ إنها ما يساعدك على النهوض مجدداً، أقوى، بعد مواجهة عقبات الحياة، وخيبات الأمل، والإخفاقات، ويمكن القول إنها أكثر من مجرد عدم الانهيار في مواجهة الصعوبات، حيث تمتد لتشمل أيضاً النمو بعد تلك الصعوبات، وحين تكون قائداً في عملك فمن المهم أن تكون مرناً، وخاصة أن بيئات العمل تتغير بوتيرة غير مسبوقة، وهنا تصبح قدرة موظفيك على الصمود في وجه النكسات، والتحولات، والتغييرات التي تتطلب مرونة وقدرة على التكيف مستمرين أمراً بالغ الأهمية لتحقيق النجاح، وإليك أهم الطرق الفعالة من أجل تحسين مرونتك القيادية في العمل.

ما هي القيادة المرنة؟

يتعرض القادة للكثير من الضغوط مثل الالتزام بالمواعيد النهائية، وإدارة فريق العمل بفعالية، والإشراف على تطور الموظفين، ومن أجل الحفاظ على أدائهم عبر المدى الطويل وقيادة فريقهم بنجاح، فإنهم بحاجة إلى المرونة، ويمكن القول إن القيادة المرنة هي قدرتك البارعة على الاحتفاظ بنظرة إيجابية حتى في المواقف الصعبة، وتغيير أساليب القيادة بسرعة وحكمة استجابة للظروف الطارئة، والتركيز على الفرص والحلول بدلاً من المشاكل، حيث ينظر القادة المرنون إلى التجارب السلبية باعتبارها فرصاً للتعلم، ويستغلون النكسات للنمو والتطور، لأنهم يمتلكون عقلية إيجابية، وعادة ما ترتكز القيادة المرنة على:

  1. القدرة على التكيف، التي تعني مهارة تعديل تفكيرك وسلوكياتك عند حدوث تغيرات مفاجئة، بالإضافة إلى التركيز على أهدافك ومهامك. على سبيل المثال، إذا جرى تقديم موعد نهائي لمشروع فجأة، فإن قدرتك على التكيف تساعدك على تعديل خططك بسرعة، والحفاظ على تركيزك، والوفاء بالموعد النهائي الجديد دون الشعور بالإرهاق.
  2. الذكاء العاطفي، الذي يمكنك من فهم مشاعرك ومشاعر الآخرين وإدارتها. علاوة على ذلك، يعزز الذكاء العاطفي التواصل الفعال، ويحسن التعاون، ويبني علاقات قوية داخل الإطار التنظيمي للفريق.
  3. اتخاذ القرارات تحت الضغط والحفاظ على هدوءك وتركيزك، ما يسهم في استقرار الشركة التي تعمل بها، ويغرس الثقة بين أعضاء الفريق.

اقرأ أيضاً: كيف تعزز المرونة في بيئة العمل المشاعر الإيجابية والإنجاز؟

لماذا تعد المرونة مهارة مهمة جداً بالنسبة للقادة؟

تؤكد أستاذة الإدارة في كلية هارفارد للأعمال، نانسي كوين، أن المرونة أصبحت مهارة بالغة الأهمية، وخاصة أننا نعيش في عالم يشهد أزمات متواصلة، ومفاجآت غير متوقعة، وتضيف كوين أنه لا توجد شركة بمنأى عن الأزمات، لهذا يجب ترسيخ هذه المهارة، لأن المرونة ليست هبة فطرية تتكون عند الولادة، بل هي قدرة مكتسبة، وهي أشبه بعضلة تقوى باستخدامها، وتكمن أهمية المرونة للقادة في أنها تؤدي إلى:

  1. تعزيز الرضا الوظيفي: حين تعامل فريقك بمرونة فأنت تعزز رضاهم الوظيفي؛ إذ توفر لهم أساليب للتعامل مع التوتر، وتخفيف القلق المرتبط بالعمل.
  2. تحسين ثقة الموظف في نفسه: حين تفوض بعض المهام إلى فريقك، وتثق في قدرتهم على أداء العمل، سوف تزيد ثقتهم في أنفسهم لأنهم قادرون على التعامل مع التحديات التي يواجهونها في العمل بثقة وإيجابية.
  3. دعم الإبداع والقدرة على الابتكار: حين تثق في أعضاء فريقك، وتساعدهم على خوض غمار تحديات العمل، فأنت بذلك تجعلهم يحسون بعدم الخوف من فكرة الفشل، لذا يكونون منفتحين على المخاطرة المدروسة في مكان العمل من خلال تجربة أشياء جديدة، ومشاركة أفكار جديدة، وقيادة مشاريع مختلفة.
  4. زيادة الإنتاجية: حين تكون قائداً مرناً سوف يكتسب فريقك المرونة أيضاً، ويمكن للموظفين المرنين مساعدة زملائهم في العمل، ما يمكن الفريق من تحقيق النجاح في مكان العمل، ومع مرور الوقت تزداد الإنتاجية الإجمالية للمؤسسة أو الفريق.

اقرأ أيضاً: دليلك لتعزيز مرونتك النفسية ضد الصدمات

8 طرق فعالة من أجل تحسين مرونتك القيادية في العمل

إذا كنت مديراً أو مسؤولاً تنفيذياً ولديك فريق عمل تحت قيادتك، يمكنك استخدام النصائح التالية للمساعدة في تعزيز مرونتك القيادية في مكان العمل:

1. اعمل على بناء ثقافة عمل داعمة

يعد بناء ثقافة العمل الداعمة أمراً بالغ الأهمية لبناء المرونة. على سبيل المثال، شجع التواصل المفتوح، وتأكد من شعور أعضاء فريقك بالراحة عند مناقشة مخاوفهم وتحدياتهم، شجعهم واعترف بجهودهم، واحرص على أن تكون قدوة لهم، فالبيئة الداعمة تساعد أعضاء الفريق على الشعور بالتمكين وزيادة قدرتهم على تجاوز النكسات.

2. طور عقلية النمو لدى فريقك

عقلية النمو هي الاعتقاد بأن القدرات والمهارات يمكن تطويرها من خلال العمل الجاد، والجهد، والتعلم من الإخفاقات. ومن خلال تعزيز عقلية النمو، ستمكن أعضاء فريقك من اعتبار التحديات فرصاً للنمو، لذلك شجعهم على وضع الأهداف، وتقبل الملاحظات، وساعدهم على التعلم من أخطائهم، علاوة على ذلك، امنحهم فرصة التجربة والمخاطرة حتى تعزز قدرتهم على الإبداع.

وتشرح المختصة النفسية، ريم جميل عبد الرازق، الفرق بين عقلية النمو والعقلية الثابتة بأن الفرد، على سبيل المثال، في عقلية النمو لا يقفز حواره الداخلي نحو الاستنتاجات الفورية، بل يتأمل انعكاسات هذه الأحداث عليه من أجل التعلم منها، واتخاذ تصرفات بناءة كمساعدة الآخرين، أما أصحاب العقلية الثابتة فإن حوارهم الداخلي مع أنفسهم مليء بإطلاق الأحكام سواءً على أنفسهم أم على الآخرين، إضافة إلى أنهم يتجنبون التحديات، ويستسلمون عند مواجهة أبسط العقبات، ويشعرون بالخطر الشديد من نجاح الآخرين.

3. ضع توقعات واقعية

من المهم وضع توقعات واقعية لأعضاء فريقك، لأن الأهداف غير الواقعية تؤدي إلى الشعور بالإرهاق وانخفاض الإنتاجية، ولكن حين تضع أهدافاً قابلة للتحقيق، ستساعد فريقك على الإحساس بمزيد من الثقة في قدراتهم وزيادة فرصهم في تجاوز الصعاب، وحين تضع التوقعات لا تنس تذكير الموظفين بضرورة الاحتفال بالنجاحات، مهما كانت صغيرة، لبناء شعور بالإنجاز والتحفيز.

4. تعرف إلى قدرات الموظفين والتحديات التي تواجههم

حتى تحسن مرونتك القيادية في العمل، يجب أن تكون على دراية بقدرات فريق عملك، وذلك لأن المرونة تهدف إلى تقوية الأفراد من خلال مساعدتهم على مواجهة التحديات؛ وعندما تفهم العقبات أو المشتتات أو الصعوبات التي يواجهها موظفوك، سوف تساعدهم على التغلب عليها. على سبيل المثال، يمكنك التعرف إلى احتياجات الموظفين من خلال مطالبتهم بتعبئة استبيانات تفصل تحدياتهم، أو منحهم فرصة من أجل التحدث صراحة في اجتماعات فردية. بمجرد حصولك على المعلومات، يمكنك البدء بوضع خطط من أجل تحسين المرونة، وتعزيز بيئة عمل إيجابية لأعضاء الفريق جميعهم.

اقرأ أيضاً: علمياً: مفتاح سعادة الموظفين الصحة والمرونة لا زيادة المرتبات

5. مارس مهارة حل المشكلات

تتضمن المرونة حل المشكلات بفعالية واتخاذ قرارات مدروسة تحت الضغط، وتجدر الإشارة إلى أن امتلاك مهارات قوية في حل المشكلات يعبر عن قدرتك على النظر إلى المشكلات بشمولية، وتفكيكها إلى أجزاء، ومن ثم، إيجاد حلول عملية لها في الوقت المناسب، وذلك بتخصيص الوقت لتقييم إيجابيات كل حل محتمل وسلبياته، وبعدها تأتي مرحلة اتخاذ قرار مدروس بعناية مع فريق العمل.

6. كن منفتحاً على الملاحظات

أن تصبح قائداً أكثر مرونة يعني أن تكون منفتحاً على الملاحظات وتطلبها من فريق عملك، وذلك لأن القادة المرنين لديهم رغبة قوية في تحسين مهاراتهم وقدراتهم باستمرار، فإنهم يأخذون الملاحظات بعين الاعتبار ويبذلون جهداً حقيقياً للتحسين.

7. احرص على تبني وجهات نظر جديدة

يمكن للاستراتيجيات وخطط العمل التي نجحت في الماضي أن تستمر في تحقيق نتائج عاماً بعد عام، ولكن في النهاية، سيأتي وقت لا تعود فيه مجدية، لذلك فقد حان وقت التغيير، وهنا تعد وجهات النظر الجديدة ضرورية، ويجب عليك أن تكون منفتحاً على تطبيق مهارات جديدة. على سبيل المثال، اطرح الأسئلة على أعضاء فريقك، استمع إليهم بوعي وشجعهم على طرح أفكارهم الجديدة.

8. شجع روح التعاون والعمل الجماعي

الفريق المتماسك والمتعاون أكثر قدرة على مواجهة التحديات والتغلب على النكسات، لذلك حاول تعزيز روح التعاون من خلال توفير فرص لأنشطة بناء الفريق والمشاريع الجماعية. بالإضافة إلى ذلك، شجع أعضاء فريقك على مشاركة معارفهم ومهاراتهم ومواردهم للتعامل مع التحديات والمشكلات بصورة جماعية.

المحتوى محمي