7 خطوات للتعافي من الصدمة الناتجة من الكوارث الطبيعية

5 دقائق
الصدمة المرتبطة بالكوارث
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: يمكن أن يكون للكوارث الطبيعية مثل الأعاصير والزلازل تأثير عميق في الصحة النفسية؛ ما قد يؤدّي إلى الإصابة بكرب ما بعد الصدمة (PTSD) في ما يصل إلى نحو 25% من المتضرّرين. وقد تستمر الأعراض مثل الاكتئاب والقلق والخوف بعد حدث صادم لسنوات، وتتسبّب في الإصابة باضطراب نفسي طويل الأمد. يتمثّل بعض علامات كرب ما بعد الصدمة في إعادة تجربة الحدث من خلال ذكريات الماضي، بالإضافة إلى التغييرات السلبية في الأفكار والمشاعر. ويتطلّب التعافي من الصدمة المرتبطة بالكوارث الطبيعية بعض الخطوات التي ينصح بها الخبراء للمساعدة على تهدئة الجهاز العصبي واستعادة التوازن النفسي.
يمكن أن تسبّب الأحداث الصادمة مثل الكوارث الطبيعية ضغوطاً كبيرة وضيقاً عاطفياً، ويُعد كل من كرب ما بعد الصدمة (PTSD) والإجهاد الناتج من الصدمة ردود أفعال شائعة لهذه الأحداث؛ كما يُعد القلق والارتباك والخوف من أبرز علامات الإصابة بهذه الحالات النفسية، بالإضافة إلى بعض الأعراض الجسدية كصعوبات التنفس.

وإن بدا الأمر كارثياً تماماً في أعيُن المتضرّرين وحتى أولئك الذين يشاهدون الأخبار، يؤكّد الخبراء إنه يمكن تجاوز هذه الحالات والتغلّب على أعراضها من خلال القيام ببضع خطوات يقدّمها هذا المقال.

هل يمكن أن تسبّب الكوارث الطبيعية الصدمات النفسية؟

للكوارث الطبيعية كالأعاصير والزلازل تأثيرات مدمّرة في الصحة النفسية للأفراد الذين عايشوها عن قربٍ، وحتّى أولئك الذين شاهدوا تفاصيلها من بعيد؛ إذ يمكن أن تسبّب هذه الأنواع من الكوارث كرب ما بعد الصدمة (PTSD)؛ وهو اضطراب نفسي يعاني فيه الشخص من ضغوط عاطفية ونفسية طويلة الأمد بعد حدث صادم.

تُظهر الأبحاث أن ما يصل إلى 25% من الأشخاص المتأثرين بالكوارث الطبيعية يمكن تشخيصهم باضطراب ما بعد الصدمة، وفقاً لجمعية يونايتد برين الأميركية (United Brain Association). فعلى سبيل المثال؛ بعد إعصار كاترينا الذي ضرب ولايات لويزيانا وتكساس وميسيسيبي في أواخر أغسطس/ آب عام 2005، زادت معدلّات الاكتئاب والقلق والإدمان وكرب ما بعد الصدمة بين سكّان المناطق المتضررة.

ويمكن أن تستمر آثار الصدمات بعد الكارثة حتى بعد عدة سنوات؛ ما قد يتسبّب في ضائقة نفسية طويلة الأمد لأولئك الذين عانوا من الفقد والخسائر. لذلك من المهم جدّاً في ظلّ ظروف كهذه؛ التعرّف إلى علامات كرب ما بعد الصدمة وطلب المساعدة المتخصّصة لإدارة أعراضه.

علامات تدّل إلى أنك تعاني من الصدمة المرتبطة بالكوارث الطبيعية

وتوضّح المعالجة ومختصة علم النفس العصبي الجسدي سوزان بابل (Susanne Babbel): "هذه الأنواع من التجارب خبيثة بشكلٍ خاص لأنها تميل إلى إصابة أعداد كبيرة من الناس بصدمة نفسية، ويمكن أن تؤدي إلى أوبئة من عقدة الناجي وأعراض كرب ما بعد الصدمة الأخرى".

وتصف الجمعية الأميركية للطب النفسي (APA) كرب ما بعد الصدمة بأنه حالة نفسية؛ حيث تتكوّن لدى الشخص المصاب أفكار ومشاعر مكثّفة ومزعجة ومتكرّرة مرتبطة بالحدث الصادم، فقد يعاني الأشخاص المصابون بكرب ما بعد الصدمة من أعراض مثل القلق والاكتئاب ومشكلات النوم والأكل والخوف من تكرار الحادث والذكريات المتطفّلة وصعوبة التركيز. وتتمثّل بقية الأعراض في التالي:

  • تقلبّات مزاجية غير متوقعة مع فترات من القلق والاكتئاب.
  • الارتباك أو صعوبة اتخاذ القرارات.
  • تغييرات في مهارات العلاقات الشخصية؛ مثل زيادة الصراع أو الانسحاب والتجنّب.
  • أعراض جسدية مثل الصداع والغثيان وألم الصدر.
  • ردود أفعال الإجهاد البدني الناتجة من الذكريات المتكرّرة؛ مثل التعرّق وسرعة ضربات القلب وصعوبات التنفس.

ويمكن أن يشعر الأشخاص الذين لم يختبروا الكارثة بشكل مباشر بآثار الصدمة أيضاً، فهم يتأثرون عاطفياً حتى من بعيد. والجدير بالذكر أن ظهور أعراض كرب ما بعد الصدمة بعد وقوع كارثة طبيعية قد يختلف من شخص لآخر، وقد تظهر عليهم العلامات في أوقات مختلفة؛ حيث يبدو البعض بخير بعد الحدث مباشرة لكنه يعاني من الأعراض لاحقاً.

اقرأ أيضاً: كيف تطمئن طفلك عند وقوع كوارث طبيعية كالزلازل؟

كيف تتعافى من حالة الصدمة جرّاء الكوارث الطبيعية؟

تُعد الإصابة بالإجهاد الناتج من الصدمة (Traumatic Stress) استجابة طبيعية لحدث مؤلم مثل كارثة طبيعية أو جريمة أو أزمة صحية عالمية، ويمكن أن يؤدّي التعرّض المستمر للصور المؤلمة من خلال الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي إلى إجهاد مؤلم أيضاً.

تشمل أعراض الإجهاد الناجم من الصدمة الشعور بالخوف والارتباك، والأعراض الجسدية مثل صعوبة النوم أو التحكّم في العواطف. وفي حين أن الأعراض قد تتلاشى بمرور الوقت؛ إلا أن هناك خطوات يمكن للشخص المتأثّر نفسياً بأحداث الكوارث الطبيعية اتخاذها للتعافي والتكيّف مع الصدمة. ووفقاً للخبراء من هيلب غايد (Help Guide)؛ يمكن أن تساعد الخطوات التالية على تهدئة الجهاز العصبي واستعادة التوازن العاطفي.

7 خطوات نحو التعافي

1. خَفِّض مشاهدة الأخبار

بالنسبة إلى بعض الأشخاص، فالبقاء على اطلاع بأخبار الأحداث ومراقبة عملية رجوع الأمور إلى طبيعتها يمكن أن يساعده على الشعور بمزيد من التحكّم. لكن ذلك يختلف بالنسبة لآخرين؛ حيث يكون التذكير المستمرّ بتفاصيل الحدث الصادم محزناً.

وقد يؤدّي التعرّض المفرط للتغطية الإعلامية للحدث؛ مثل تكرار مشاهدة مقاطع الفيديو لحدث مؤلم على وسائل التواصل الاجتماعي أو القنوات الإخبارية، إلى إحداث ضغوط مؤلمة لدى الأشخاص الذين لم يتأثّروا بشكل مباشر، أو يجعلهم عرضة للصدمات النفسية. ولتجنّب ذلك؛ يوصى الخبراء بالحدّ من مشاهدة الأخبار المرتبطة بالكوارث أو التحقّق من وسائل التواصل الاجتماعي قبل النوم.

2. تقبّل مشاعرك

يتطلّب التعامل مع الإجهاد الناتج من الصدمة اتخاذ بعض الإجراءات؛ إذ يمكن أن يساعد القيام بتصرّف إيجابي على التخفيف من مشاعر الخوف والعجز واليأس، وحتى تلك الممارسات الصغيرة يمكن أن يكون لها تأثير كبير.

شارك عن طريق التطوّع أو التبرّع بالدم أو التبرّع للأعمال الخيرية أو تقديم أي نوع من الراحة للآخرين. أمّا إذا كان التطوّع بشكلٍ رسمي يبدو أكثر من اللازم، فإن الأفعال اللطيفة البسيطة مثل مساعدة الجار على حمل البقالة أو فتح الباب أمام شخص ما، يمكن أن تخفّف من التوتّر وتتصدّى لمشاعر العجز.

كما يمكن أن تتواصل مع الآخرين المتأثّرين بالحدث الصادم أو تشارك في النصب التذكارية وغيرها لتذكّر الأرواح التي فُقدت، وتساعد في التغلب على مشاعر اليأس.

3. تحدَّ مشاعر العجز

يمكن أن يحفّز الإجهاد الناتج من الصدمة مجموعة من المشاعر القويّة مثل الهَول والغضب والشعور بالذنب، وتلك ردود أفعال طبيعية لفقدان الأمن والأمان بسبب الكارثة. من المهم الاعتراف بهذه المشاعر وتقبّلها من أجل التعافي، وللتعامل مع المشاعر الصعبة:

  • امنح نفسك الوقت للتعافي والحزن على أي خسائر.
  • لا تتعجّل في عملية التعافي، وكن صبوراً على وتيرتها.
  • توقّع المشاعر الصعبة وغير المستقرّة.
  • لا تحكم على ما تشعر به أو تشعر بالذنب تجاهه؛ بل اسمح لنفسك بتجربته.
  • تدرّب على إعادة التواصل مع المشاعر غير المريحة دون أن تستحوذ عليك.

4. مارس الرياضة

يمكن أن تساعد التمارين الرياضية في التغلّب على الإجهاد الناتج من الصدمة عن طريق إفراز هرمونات الشعور بالسعادة وحرق الأدرينالين. فأيّ نشاط بدني يتضمّن تحريك الذراعين والساقين؛ مثل المشي والجري والسباحة والرقص، يمكن أن يحقّق تلك الغاية. كما يمكن لتمارين اليقظة؛ مثل التركيز على أحاسيس الجسم وحركاته، أن تعزّز فوائد الأنشطة البدنية.

5. تواصَل مع الآخرين

يمكن أن يساعد التواصل المباشر مع الآخرين والشعور بالارتباط والمشاركة على تخفيف الإجهاد الناتج من الصدمة. ويمكن القيام بذلك من خلال التحدّث مع الأصدقاء والأحبّاء حول الموضوعات البعيدة عن الأحداث الصادمة، أو عن طريق توسيع شبكة التواصل الاجتماعي الشخصية من خلال مجموعات الدعم أو الهوايات أو المنظمات المجتمعية. وقد يساعد الانضمام إلى نادٍ أو فريق رياضي أيضاً على التعرّف إلى أشخاص جدد لديهم الاهتمامات نفسها.

6. اجعل تخفيف الإجهاد من أولوياتك

الإجهاد ردّ فعلٍ طبيعي لحدث صادم؛ لكن الإجهاد المفرط يمكن أن يعيق عملية التعافي لذلك يجب العمل على إدارة الإجهاد حين ظهور أعراضه. حاول أن تأخذ أنفاساً عميقة، أو استخدم حواسك لتهدئة نفسك، أو مارس تقنيات الاسترخاء مثل التأمل أو اليوغا أو التنفّس العميق. كما يمكنك إلى جانب ذلك خلق التجارب الممتعة من خلال تحديد وقت للأنشطة التي تستمتع بها، أو أخذ استراحة للاسترخاء عن طريق القراءة أو الاستحمام أو مشاهدة فيلم.

7. كُلْ ونَم جيّداً

للطعام الذي تتناوله تأثير كبير في مزاجك وقدرتك على التعامل مع الإجهاد الناتج من الصدمة. يمكن أن يؤدي اتباع نظام غذائي غنّي بالأطعمة المصنعة والكربوهيدرات المكرّرة والوجبات الخفيفة السكرية إلى تفاقم أعراض التوتّر، في حين أن النظام الغذائي الغنّي بالفواكه الطازجة والخضروات والبروتين عالي الجودة والدهون الصحية مثل أحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يحسّن قدرتك على التعامل مع التحديّات التي تواجهها بعد التعرّض لحدث صادم. فمن خلال التحوّل إلى نظام الأطعمة الكاملة غير المصنّعة؛ يمكنك تحسين صحتك النفسية وطاقتك مع تقليل الإجهاد الناتج من الصدمة.

اقرأ أيضاً: كل ما تود معرفته عن رهاب الزلازل وطرق علاجه

وفي الختام، يمكن للكوارث الطبيعية أن تترك أثراً دائماً في الأفراد والمجتمعات مخلّفةً معاناة مريرة مع أعراض كرب ما بعد الصدمة (PTSD) والإجهاد المؤلم. وفي حين أن عملية التعافي يمكن أن تكون بالفعل صعبة، فلا يجب أن ننسى أن التماس الدعم من الأحباء والأصدقاء والزملاء أمر مشروع، ناهيك من المساعدة الذاتية التي بإمكاننا تقديمها لأنفسنا أو تلك التي يقدّمها لنا الأطباء والمعالجون.