10 طرق عملية للتغلب على الخوف من المستقبل المجهول

5 دقيقة
الخوف من المستقبل
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: تنتابنا في الكثير من الأحيان رغبة عارمة في محاولة السيطرة على أمور حيواتنا كافةً؛ لكن الحياة لا تسير أبداً على هذا المنوال، والثابت الوحيد في الحياة هو أنها تتغير، فمهما حاولنا التحكم في المستقبل ستجرفنا الحياة إلى ممرات مجهولة، فكيف نتكيف مع خوفنا من المستقبل المجهول؟ الإجابة يتناولها هذا المقال.

هل تحاول السيطرة على أمورك اليومية باستمرار وتحب التخطيط لكل جانب من جوانب حياتك؟ هل تكره التغييرات الطارئة والظروف المجهولة؟ إذا كان الأمر كذلك فاعلم أنك لست وحدك؛ هناك الكثير من الأشخاص الذين يواجهون صعوبة في التكيف مع المجهول. ومع ذلك، يجب أن تعلم أنه في أثناء رحلتك في الحياة، ستشعر حتماً في بعض الأوقات بالوضوح واليقين؛ لحظات تحس فيها بأنك سيد مصيرك وقائد مسيرتك.

لكن هناك لحظات أخرى قد تشعر فيها بضبابية المستقبل المجهول، خاصة في ظل عيشنا في عالم سريع التطور. ففي نهاية الأمر، الحياة عبارة عن رحلة لا يمكن التنبؤ بها؛ مليئة بالتقلبات والمنعطفات المجهولة وغير المتوقعة، فكيف نتكيف معها؟ الإجابة يقدمها هذا المقال.

لماذا قد يُخيفنا المستقبل المجهول؟

يشير الخوف من المجهول إلى القلق بشأن المواقف أو الأحداث غير المتوقعة، ويمكنه أيضاً الارتباط بأشياء يجدها الأشخاص غير مألوفة أو غريبة، وعادة ما يشعر البشر بالخوف من المجهول عندما يكون لديهم نقص في المعلومات. وفي بعض الأحيان، قد يمنعهم الخوف من المستقبل المجهول من ممارسة أنشطة حيواتهم اليومية، وربما يواجهون صعوبة في وضع الخطط أو اتخاذ القرارات الشخصية لأنهم يشعرون بالحاجة إلى معرفة النتيجة.

ومن الجدير بالذكر إنه عندما يواجه الشخص موقفاً مجهول النتائج يتفاعل جسمه من خلال مجموعة من التغيرات؛ مثل:

  1. إطلاق الأنسولين وهرمونات التوتر مثل الكورتيزول والأدرينالين.
  2. زيادة معدل ضربات القلب وضغط الدم.
  3. حدوث تغيرات في نشاط الدماغ والناقلات العصبية الرئيسة.

وتؤكد الطبيبة النفسية رايتشل غولدمان (Rachel Goldman) إننا حتى نفهم خوفنا من ضبابية المجهول، علينا أن نرى الأمر من منظور تطوري. ففي قديم الزمان، تكيف أسلافنا البدائيين ليكونوا قادرين على توقع الخطر والاستعداد له ومجابهته؛ ولهذا كانت عليهم محاربة الحيوانات المفترسة والكوارث الطبيعية واليقظة لكل ما يشكل تهديداً لبقائهم. وفي عالم اليوم، أضحت لدينا مخاطر ومخاوف مختلفة يتعين علينا التكيف معها؛ لكن أدمغتنا ما زالت تعمل بالطريقة نفسها، ونتيجة لذلك؛ فإننا نتفاعل بالاستجابة نفسها. وعندما نكون في مواقف غامضة أو مجهولة حيث لا يكون لدينا ما يكفي من المعلومات ولا نعرف ما يمكن أن يحدث بعد ذلك، فإن أدمغتنا تتولى المسؤولية وتطلق استجابة القتال أو الهروب أو التجميد.

وفي هذا السياق، توضح المعالجة النفسية، داينا دبيبو، إن بعض الأشخاص يخافون المستقبل المجهول أكثر من غيرهم؛ وهذا يعود إلى طبيعتهم الشخصية أو إلى الجينات العائلية؛ فقد يتطور لدى الأفراد خوف من المجهول إذا كان أحد الوالدين أو كلاهما قلقَين بشأن المجهول وعدم اليقين بصفة خاصة.

اقرأ أيضاً: كل ما تود معرفته عن الخوف من المجهول

هل تخاف المستقبل المجهول؟ هذه العلامات تخبرك

إن الخوف من المستقبل المجهول أمر شائع، ومع ذلك، هناك بعض الأشخاص الذين يتركون هذا الخوف يتحكم في حيواتهم اليومية، وتُمكنك معرفة ما إذا كنت تخاف المجهول بشدة من خلال العلامات الآتية:

  1. تشعر بالتعاسة في بعض الظروف ولكنك تجد نفسك غير قادر على إحداث تغيير إيجابي.
  2. تستمر في العلاقات حتى لو كانت غير سعيدة.
  3. لا ترغب في تغيير وظيفتك أو مهنتك حتى لو كنت بائساً.
  4. لديك قلق شديد من التفكير في المستقبل.
  5. ترفض إجراء أي تغييرات في روتينك اليومي.
  6. يداهمك الكثير من ردود الأفعال الجسدية حين التفكير في التغيير؛ مثل زيادة معدل ضربات القلب والشعور بالتعرق والرجفة والغثيان والصداع والضيق في الصدر.
  7. الحاجة إلى الطمأنينة المستمرة من الآخرين.

5 علامات تثبت تقبلك للمستقبل المجهول

في حين أن هناك بعض الأشخاص الذين يخافون المستقبل المجهول ويميلون إلى اختيار الأمان والاستقرار، هناك آخرون يستمتعون بالمخاطرة ويتقبلون فكرة المجهول وعدم اليقين، وهذه هي العلامات التي تشير إلى أنك تتمتع بدرجة عالية من تقبل المستقبل المجهول:

  1. الاستعداد لتحمل المخاطر المحسوبة.
  2. التكيف مع البيئات والعلاقات الجديدة.
  3. اتخاذ القرارات بثقة.
  4. الشعور بالأمان في العلاقات.
  5. تقبل التغييرات في الروتين والأنشطة المفاجئة والعفوية.

اقرأ أيضاً: هل تهاب خوض التجارب الجديدة؟ أجب عن هذه الأسئلة الثلاث لتقليل مخاوفك.

10 طرائق عملية للتغلب على الخوف من المستقبل المجهول

أحياناً قد لا نرغب في الاعتراف بالأمر؛ ولكن المجهول سوف يظل جزءاً من هذه الحياة، ولا يمكن تجنبه بأي حال من الأحوال. وبينما يمكننا التحكم في بعض الأشياء، لا تقع الأمور كلها تحت سيطرتنا بالكامل؛ ولهذا علينا التكيف مع المستقبل المجهول والتعامل معه من خلال الطرائق التالية:

  1. تقبل فكرة المجهول: يشكل تقبل فكرة المجهول أمراً بالغ الأهمية عندما يتعلق الأمر بالتكيف مع حالة عدم اليقين. بدلاً من الخوف من المجهول، يمكن اغتنامه كفرصة للنمو والتعلم. لهذا؛ انفتح على التجارب الجديدة، وكن على استعداد لتحمل المخاطر، وتذكر أن المستقبل المجهول يمكن أن يكون تجربة إيجابية تؤدي إلى النمو الشخصي والمهني. فمن خلال تقبل المستقبل المجهول، تنمو عقلية النمو؛ وهي على عكس العقليات الثابتة، تنظر إلى التحديات على أنها فرص للتعلم والتحسن.
  2. فكر في التجارب السابقة: توفر لنا التجارب السابقة، وخاصة السلبية منها أو الصعبة، أكبر فرص النمو. قد يبدو من الصعب قبول ذلك عندما نمر بها؛ لكن من المفيد أن ننظر إلى ما تعلمناه وكيف يمكننا استخدام ذلك في المستقبل. فكر في تجربة أو تجربتين من ماضيك عندما كان عليك التعامل مع ضبابية المستقبل المجهول، واسأل ذاتك: ما الذي تعلمته عن نفسك؟ ما المهارات ونقاط القوة التي استخدمتها في تلك المواقف؟
  3. كن لطيفاً مع نفسك: بعض الأشخاص أفضل من غيرهم في التعامل مع حالات عدم اليقين؛ لذا لا تلم نفسك إذا كانت قدرتك على تحمل المجهول أقل من قدرة صديقك. ذكّر نفسك بأن الأمر قد يستغرق بعض الوقت حتى يُحَل الموقف، وكن صبوراً مع نفسك في هذه الأثناء.
  4. توقف مؤقتاً: عندما يرتفع خوفك من المجهول، حاول أن تتوقف مؤقتاً ودوّن ما تشعر به في ذلك الوقت. على سبيل المثال؛ يمنحك رئيسك فرصة العمل على مشروع جديد، وعلى الرغم من أن الأمر يبدو ممتعاً بالنسبة إليك، فإنك تشعر بالقلق والتوتر. رد فعلك هو رفض العرض لأنك غير متأكد من كيفية ظهوره، أو لأنك تواجه حالة من عدم اليقين بشأن مهارتك وقدرتك على إكمال المهمة. في هذه الحالة، لا ترفض على الفور؛ توقف مؤقتاً وعد خطوة إلى الوراء وقل لنفسك "أدرك أنني قلق  بسبب الخوف من أن تنتهي الأمور على نحو سيئ؛ لكن لا يمكنني التحكم في كل شيء، وهذه فرصة عظيمة".
  5. لا تبالغ في التفكير: إذا كنت تخشى المستقبل المجهول، فقد تكون أكثر عرضة إلى التفكير الزائد في كل قرار وإجراء، والحقيقة أن المبالغة في التفكير قد تزيد حدة قلقك وتوترك؛ ولذلك حاول ألا تبالغ في التفكير.
  6. تصالح مع الأمور التي تسير على نحو خاطئ: قد يكون هذا هو أكثر ما تخشاه؛ ولكن في الحياة، تسوء الأمور في بعض الأحيان! قد تشتري بعض الملابس ثم تندم لاحقاً، وقد تجرب مطعم وتصاب بعسر الهضم؛ هذه الأمور تحدث ويجب أن تتصالح معها وتتقبل فكرة أن الأحداث لا تسير وفق الخطة دائماً. وعلى الرغم من أن اتخاذ القرار الخاطئ قد يكون أمراً مخيفاً، فإن تصالحك مع ارتكاب الأخطاء قد يساعدك على التأقلم.
  7. استبدل بالتوقعات الخطط: عندما ترفع سقف توقعاتك، فإنك تهيئ نفسك لخيبة الأمل؛ حيث يمكنك بذل المجهود لكن لا يمكنك التحكم في النتيجة الدقيقة. إذا كنت تتوقع الأسوأ، فسوف تشعر بالسلبية والانغلاق الشديد بحيث لا تتمكن من ملاحظة الفرص واغتنامها، وإذا كنت تتوقع الأفضل، فسوف تخلق رؤية يصعب تحقيقها. ولهذا بدلاً من أن تتوقع أن يمنحك المستقبل شيئاً محدداً، ركز على وضع الخطط.
  8. اسمح لمشاعرك بالظهور: اسمح لنفسك أن تشعر بعدم اليقين في بعض الأوقات، وذلك بدلاً من الانخراط في جهود غير مجدية للسيطرة على ما لا تُمكن السيطرة عليه. اسمح لنفسك بتجربة الانزعاج الناتج عن ضبابية المستقبل المجهول، فإذا سمحت لنفسك أن تشعر بالخوف وعدم اليقين، سوف تمر هذه المشاعر في النهاية. ركز على اللحظة الحالية وتنفس بعمق، وجرب التأمل لإبقائك ثابتاً في الحاضر.
  9. مارس الرعاية الذاتية من أجل إدارة القلق والتوتر: يمكن أن تساعدك ممارسة الرعاية الذاتية على تقليل مستويات التوتر والقلق وإيقاف دوامة الأفكار السلبية والعثور على الهدوء الداخلي والتعامل بأسلوب جيد مع ضبابية المستقبل المجهول. ومن أهم أمثلة الرعاية الذاتية: ممارسة التمارين الرياضية، وتخصيص وقت من أجل الاسترخاء والتأمل، والحصول على قسط كافٍ من النوم وتناول الطعام الصحي.
  10. حول انتباهك: ركز على المخاوف القابلة للحل، أو اتخذ إجراءً بشأن تلك الجوانب من المشكلة التي يمكنك التحكم فيها، أو ببساطة عد إلى الحاضر ولا تنشغل بالمستقبل. عندما يعود عقلك إلى القلق أو تعود مشاعر عدم اليقين، أعد تركيز عقلك على اللحظة الحالية وعلى تنفسك.

في النهاية، تذكر دائماً أن التكيف مع ضبابية المستقبل المجهول هو رحلة مستمرة تتطلب مزيجاً من المرونة العقلية والاستراتيجيات الاستباقية والرغبة في قبول التغيير، وفي عالم أصبح عدم القدرة على التنبؤ به هو القاعدة الجديدة، فإن أولئك الذين يستطيعون الإبحار في المجهول بمرونة وقدرة على التكيف لن ينجوا فحسب؛ بل سيزدهرون في مواجهة ضبابية المستقبل المجهول، وذلك من خلال تعزيز ثقافة التعلم وعقلية النمو.