الأندروفوبيا: لماذا تعاني بعض النساء الخوف المفرط من الرجال؟

4 دقيقة
رهاب الذكور
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

هل سبق وقابلت امرأة تخاف خوفاً شديداً من الرجال؟ في الحقيقة إن الخوف المفرط من الرجال أو رهاب الذكور (Androphobia) يؤثر تأثيراً بالغاً في الحياة اليومية للنساء المصابات به، ما يخلق حواجز كبرى أمام التعاملات الاجتماعية اليومية، ويشكل تصورات مشوهة عن الأمان، وغالباً ما تجد المرأة التي تعاني هذا الرهاب نفسها محاصرة في حلقة مفرغة من الإحساس بالقلق الشديد والتجنب، ما قد يؤدي إلى الشعور بالعزلة وإضاعة فرص التواصل، ولكن ما هي أهم أسباب رهاب الذكور وكيف يمكن علاجه؟ الإجابة من خلال هذا المقال.

ما هو رهاب الذكور (Androphobia)؟

الرهاب هو أحد أنواع اضطرابات القلق، وهو خوف شديد وغير عقلاني لا يتوافق مع الخطر الفعلي لمصدر ذلك الخوف، وفيما يخص مصطلح رهاب الذكور أو الأندروفوبيا (Androphobia) فإنه يحمل أصلاً يونانياً؛ حيث تشير كلمة (Andros) إلى الذكور، بينما كلمة (Phobos) تعني الخوف، ويُقصد به الخوف المفرط من الرجال، فالمرأة التي تعاني هذا الرهاب تواجه صعوبة بالغة في الوجود حول الرجال أو النظر إليهم أو حتى التفكير فيهم دون الشعور بالقلق الشديد أو الذعر.

ويمكن القول إن رهاب الذكور يختلف اختلافاً جوهرياً عن كراهية الرجال، فالنساء المصابات برهاب الذكور لا يكرهن الرجال ولكن يخفن منهم.

اقرأ أيضاً: كل ما تريد معرفته عن الرهاب

10 أعراض تؤكد الإصابة برهاب الذكور

يمكن أن تختلف أعراض رهاب الذكور من امرأة إلى أخرى، وعادة ما تتراوح بين أعراض خفيفة أو متوسطة إلى شديدة، لكنها عموماً تشمل:

  1. ارتفاع معدل ضربات القلب.
  2. الشعور بضيق التنفس.
  3. صعوبة التركيز.
  4. توتر العضلات.
  5. اضطرابات النوم.
  6. فرط التعرق.
  7. الإحساس بالغثيان.
  8. ارتعاش الجسم بدرجة ملحوظة عند الاقتراب من الرجال أو التفكير فيهم.
  9. تجنب الأماكن أو الأنشطة التي قد يوجد فيها الرجال، مثل التجمعات العائلية أو أماكن العمل أو الأماكن العامة.
  10. مواجهة صعوبة شديدة في أداء مهام الحياة اليومية.

ما الذي يمكن أن يسبب رهاب الذكور؟

لا يوجد سبب واضح يمكن أن يؤدي إلى الإصابة برهاب الذكور، لكن هناك بعض العوامل التي تعزز تلك الإصابة، ومن أهمها:

1. التعرض للمواقف الصادمة والمؤلمة

أحد الأسباب الأكثر شيوعاً للإصابة برهاب الذكور هو التعرض للإساءة أو الاعتداء أو التحرش من قِبل رجل أو أكثر، ويمكن أن يشمل ذلك الإساءة الجسدية أو الجنسية أو العاطفية، ما يؤدي إلى خوف مفرط وعدم ثقة في الرجال، وعلى الجانب الآخر، يمكن أن تؤدي التجارب الصادمة مثل التعرض للعنف المنزلي إلى تطور رهاب الذكور، وذلك حتى لو كانت المرأة غير متورطة في هذه التجارب على نحو مباشر.

2. التجارب السلبية

تؤكد المختصة النفسية، رنا ناجي، أن التجارب السلبية مع الرجال، مثل علاقات الزواج الفاشلة التي انتهت بالانفصال أو العلاقات السامة، يمكن أن تؤدي إلى تطور رهاب الذكور؛ حيث يسهم الانخراط في علاقة مؤذية أو مسيطرة مع رجل، سواء كانت رومانسية أو عائلية أو مهنية، في تطور رهاب الذكور، علاوة على التعرض الدائم للتنمر من قبل الأقران الذكور خصوصاً خلال فترات الطفولة.

3. التأثيرات الثقافية والمجتمعية

قد تكون الصور النمطية حول الرجال سلبية في بعض الثقافات أو المجتمعات، علاوة على ذلك، يمكن أن تلعب أساليب التربية الصارمة، وخاصة تلك التي تنطوي على الانضباط القاسي، دوراً محورياً في تشكيل تصور الرجال على أنهم شخصيات يجب الخوف منها.

4. السلوك المكتسب

إذا كانت الأم تخاف خوفاً شديداً من الرجال، فإن هذا الخوف قد ينتقل إلى بناتها، وبالمثل، قد يتطور رهاب الذكور بسبب تأثير الأقران؛ فإذا كانت إحدى الصديقات تعاني رهاب الذكور قد تتأثر المرأة جراء تلك المعاناة ويتطور لديها خوف شديد من الرجال.

5. العوامل البيولوجية

الرهاب واضطرابات القلق يمكن أن تنتقل في العائلات؛ فإذا كان أحد أفراد الأسرة المقربين يعاني رهاباً محدداً أو اضطراب قلق، فقد يكون هناك استعداد وراثي لدى أفراد الأسرة للإصابة بهذا الرهاب أو الاضطراب، على سبيل المثال، إذا كانت هناك امرأة في العائلة تعاني رهاب الذكور فقد ينتقل هذا الرهاب إلى واحدة من أفراد عائلتها.

كيف يمكن تشخيص رهاب الذكور؟

لا يوجد اختبار معين من أجل تشخيص رهاب الذكور، ولكن يمكن تشخيص رهاب الذكور بنفس الطريقة التي يُشخّص بها الرهاب المحدد، وفي هذه الحالة سوف يتأكد الطبيب النفسي المعالج من حدوث الأمور التالية:

  1. الإحساس بالخوف المفرط من الرجال مدة تزيد على 6 أشهر.
  2. تحدث الأعراض دائماً تقريباً فور الاقتراب من الرجال أو حتى عند التفكير فيهم.
  3. يتسبب القلق والخوف الشديد في تجنب الأماكن جميعها التي يوجد فيها الرجال.
  4. يؤثر الخوف تأثيراً قوياً في الحياة اليومية ويعوق ممارسة الأنشطة المعهودة.
  5. لا تتطابق مشاعر الخوف أو القلق مع الخطر الفعلي.

اقرأ أيضاً: ما هي أسباب رهاب الأماكن المغلقة وكيف يمكن علاجه؟

ما هي أهم طرائق علاج رهاب الذكور؟

يمكن أن يؤدي رهاب الذكور إلى الإصابة بالاكتئاب ونوبات الهلع، ولذلك يجب محاولة علاجه؛ وذلك عبر اللجوء إلى الطرائق التالية:

1. العلاج المعرفي السلوكي (CBT)

يعد العلاج المعرفي السلوكي (Cognitive behavioral therapy- CBT) أحد أكثر العلاجات فعالية لرهاب الذكور، حيث يركز هذا النهج العلاجي على تحديد الأفكار والمعتقدات السلبية المتعلقة بالرجال وتحديها، ومن خلاله تتعلم النساء المصابات استبدال أنماط تفكير إيجابية وواقعية بتلك السلبية؛ ما يقلل تدريجياً خوفهن المفرط وقلقهن الشديد.

وإحدى أهم تقنيات العلاج المعرفي السلوكي هي العلاج بالتعرض (Exposure therapy) الذي يرتكز على تعريض المرأة تدريجياً إلى مصدر الخوف، بدءاً من خطوات صغيرة جداً ثم العمل بعد ذلك على نحو تصاعدي، وذلك حتى تشعر المرأة المصابة بالأمان التام.

على سبيل المثال، في حالة رهاب الذكور يمكن أن تتعرض المرأة في البداية إلى صور رجل، بعد ذلك مقاطع فيديو تشمل رجال، ثم تأتي مرحلة الانتقال إلى الحضور وسط حشد من الرجال وبعدها التحدث إلى أحد الرجال، والمهم في هذا النوع من العلاج هو الحفاظ على سلامة النساء المصابات وتقييم المخاطر على نحو دقيق.

2. العلاج الدوائي

قد يلجأ الطبيب النفسي إلى وصف الأدوية في بعض الحالات، وذلك من أجل تخفيف أعراض رهاب الذكور، على سبيل المثال، يمكن أن تساعد الأدوية المضادة للقلق، مثل مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs) أو البنزوديازيبينات، على تخفيف أعراض الذعر، ومع ذلك تُستخدم الأدوية عادةً بالتزامن مع العلاج النفسي ولا تعد علاجاً مستقلاً.

المحتوى محمي