كيف تتأقلم مع المتغيرات الحياتية التي لا تنتهي؟

3 دقائق
المتغيرات
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: ما حال علاقتك بالتغيير؟ هل تتقبله وتُحسن التعامل معه أم تتهرب منه وتهابه؟ تحدد إجابتك مدى تطور قدراتك واستمتاعك بالحياة، فالأشخاص الذين يكرهون التغيير يعانون كثيراً، وفي الوقت نفسه، تنخفض قدراتهم على التعامل مع الشدائد؛ ما يجعلهم ريشة خفيفة في مهب رياح التغيير لتأخذهم معها حيثما أرادت، ونظراً إلى أن التكيف مع المتغيرات مهارة حياتية ضرورية، سنعرّفك في هذا المقال إلى كيفية تطبيقها عملياً.

هل حاولت من قبل الحفاظ على ثبات حياتك قدر الإمكان لأطول فترة زمنية؟ ربما ستكون عانيت حينها صعوبةً في تحقيق ذلك؛ فالمتغيرات الحياتية لا تنتهي مهما بذلت من جهد لإيقافها، فحتى لو حاولنا الهروب من أمواج التغيير ستطالنا لا محالة؛ بل سيكون تأثيرها السلبي فينا حينها مضاعفاً نتيجة عدم استعدادنا لها جيداً. وربما يدفعك الدرس الحياتي السابق إلى البحث عن طرائق عملية فعالة للتعامل مع التغيير بأذكى الأساليب، وهذا ما سنعرفك إليه بالتفصيل في مقالنا.

ما الذي يجعل التأقلم مع التغيير أمراً صعباً؟

توضح المختصة النفسية، كيندرا شيري (Kendra Cherry)، إن التعامل مع التغيير ليس بالمهمة السهلة، فهو قد يسبب اختلالاً في الروتين اليومي الثابت. وفي أحيان أخرى، يمكن أن يُحدث اضطرابات واسعة النطاق في الطريقة التي يعيش بها الفرد حياته؛ ما قد يؤدي إلى ظهور مشاعر مزعجة مثل القلق أو الاكتئاب.

بالإضافة إلى أن الكثير من الأشخاص يميلون إلى البقاء في مناطق الراحة وعدم الخروج منها قدر ما استطاعوا؛ لذا فهم يرون أن التغيير شيء سيئ يثير انزعاجهم، فيتجنبون التحديات أو المفاجآت غير المتوقعة بشتى السبل وغالباً لا ينجحون؛ ما يؤدي تباعاً إلى ضغوط جسدية ونفسية تظهر على هيئة أعراض عدة؛ أهمها القلق والاكتئاب أو الحزن ومواجهة صعوبة في التركيز، ومعاناة اضطراب الشهية واضطراب النوم واضطراب المعدة، إلى جانب الصداع والآلام العضلية.

لماذا من المهم التكيف مع المتغيرات الحياتية؟

يؤكد المختص النفسي، أسامة الجامع، إننا جميعاً نمر بتغيرات مستمرة، فمن العزوبة إلى الزواج، ومن الشباب إلى الشيخوخة، ومن الصحة إلى المرض، وغيرها من التغيرات الأخرى التي تؤكد إنه لا يوجد شيء ثابت. لذا؛ كلما اتصف الشخص بقدرته على التأقلم مع المستجدات كانت صحته النفسية أفضل، فبحسب الجامع؛ الشخص الذي يرفض التغيير يمرض نفسياً.

ويرى ذلك أيضاً المختص النفسي روبرت باف (Robert Puff)، الذي يشير إلى أنه إذا ما واجهنا التغيرات بالصراخ في وجه العالم بأن الحياة غير عادلة، ورأينا ما حدث على أنه أمر يمسنا شخصياً، ففي هذه الحالة سنعاني كثيراً ولن نتمكن من المضي قدماً في حياتنا، واكتشاف ما ينتظرنا في المراحل التالية.

ما سبق يعني أنه في حال عدم تكيفك مع التغيير، ستكون قد حرمت نفسك من فرصة ذهبية للتعلم والنمو، فقدرتك على الصمود أمام صعاب الحياة لن تُبنى إلا من خلال تقبُّلك للتغيير وإدارتك للتحديات بطريقة إيجابية بدلاً من الاختباء منها ومحاولة تجاهلها.

5 إرشادات عملية لتطور قدرتك على التأقلم مع المتغيرات الحياتية

ربما دفعتك أجزاء المقال السابقة إلى التساؤل عن الإرشادات العملية التي يمكن باتباعها التأقلم مع المتغيرات دون أن تثير قلقك أو انزعاجك؛ لذا إليك أهمها:

1. غيّر عقليتك

غالباً سنتفق على أن معظمنا يفضل العيش في منطقة الراحة، فعقلنا الباطن يحب النتائج المعروفة مسبقاً ويكره الدخول في سياق المجهول مهما كلفه ذلك من خسائر؛ وهو ما يجعل الخطوة الأولى للتأقلم مع التغيير تتمثل في تغيير معتقداتنا تجاهه وترسيخ قناعة جديدة مفادها أنه لا مفر منه. لذلك؛ لا تحاول التحكم في المتغيرات من حولك لكن طور طريقة تفاعلك معها حتى تجعلها تؤثر فيك إيجاباً.

2. جِد معنى حياتك

ستدرك بعد مغادرتك منطقة الراحة أن العالم أكثر اتساعاً مما تظن، وما يمكنك فعله أكبر بكثير من المسارات الضيقة التي حبست ذاتك داخل حدودها طوال السنين الماضية. وفي هذه المرحلة، عليك أن تبحث عن أهداف حقيقية تسعى إلى تحقيقها وتوجد من خلالها معنىً لحياتك، و سيترافق ذلك بنسبة كبيرة مع نشوء شجاعة بداخلك لتقبُّل المتغيرات لا الخوف منها.

3. أقدِم على ما تخافه

يمكن القول إن هذه الخطوة تمرين عملي لعقلك حتى يختبر التغيير ويتعايش معه، وحتى تطبّقها، أحضر قلماً وورقة ودوّن بها الأشياء التي كنت تهرب منها خلال السنوات الماضية لأنها تثير في داخلك القلق الشديد، ثم ضع جدولاً للقيام بها.

على سبيل المثال؛ إذا كنت تتهرب من التحدث أمام الجمهور، فلِمَ لا تجرب أن تنطلق تدريجياً في كسر خوفك حتى تقضي عليه تماماً؟ صدقني عقلنا يضخم مخاوفنا في كثير من الأحيان إلى درجة أنها تصبح قيوداً خانقة تحد من قدراتنا.

4. تقبَّل عناء التغيير

يمكن أن يؤدي بعض التغيرات، حتى الجيدة منها مثل التخرج في الجامعة أو إنجاب طفل، إلى حالة من التوتر والقلق، وهذه ردة فعل لا إرادية لأجسامنا وأدمغتنا لا داعي للقلق منها نهائياً في حال حدوثها، فالمكاسب المختبئة وراء الكثير من التغيرات تستحق الصبر لحين مرور تلك الفترات المزعجة المؤقتة بسلام.

5. دوِّن إيجابيات التغيير

سيساعدك ذلك على ترسيخ قناعتك بأهمية التغيير في حياتك وضرورة المحافظة على المرونة تجاهه، فإذا بدأت مثلاً ممارسة عادة صحية ووجدت أن حياتك تحسنت، اكتب تفاصيل هذا التحسن في نقاط متسلسلة واضحة واقرأها كلما شعرت بالخوف من تغيير محتمل في حياتك.

أخيراً، ثق بأن جزءاً كبيراً من سعادتك الحقيقية يأتي من قدرتك على التكيف مع التغيير؛ لأن ذلك يعني إمكانية تقبلك لأي وضع واستثماره لصالحك ومن ثم الاستمتاع به وعيش حياة أكثر انفتاحاً. لذا؛ تحرَّر اليوم من القيود التي تجعلك تتوهم بأن الحياة يمكن أن تصبح ثابتة وافتح ذراعيك للتغيير بكل شجاعة.