الانطباعات الأولى مهمة للغاية، لمن يدخلون سوق العمل، أو يُجرون مقابلات مهنية، أو يتولون مناصب جديدة. ويمكن القول إن الأشخاص يُشكلّون انطباعاتهم الأولى في ثوانٍ معدودة، وعادة ما يُكوّنون أحكاماً حول كفاءتك وشخصيتك ومظهرك، وبمجرد تكوّن هذا الانطباع، يصعب تغييره، والانطباع الأول هو البوابة التي ستفتح لك بناء صورة مهنية قوية، وهذه الصورة التي ستترسخ مع مرور الوقت ليست مجرد انعكاس لمظهرك الخارجي، ولكنها قصتك التي ترويها عن نفسك للمؤسسة التي تعمل بها، وشهادتك التي تُقدّم في أثناء غيابك، فما هي أهم الخطوات التي يمكن أن تساعدك على بناء صورة مهنية قوية؟ الإجابة عبر هذا المقال.
محتويات المقال
لماذا يعد الانطباع الأول مهماً في ترسيخ صورتك المهنية بالعمل؟
الانطباعات الأولى هي الاستنتاجات الفورية التي تتوصل إليها عند مقابلة شخص أول مرة، وغالباً ما تتوصل إلى تلك الاستنتاجات خلال استيعاب معلومات سريعة عن الشخص، بما في ذلك وجهه، وملابسه، ووضعية جسده، ونبرة صوته. وجدير بالذكر أن الحكم السريع على الآخرين يتجذر في التاريخ التطوري، حيث كانت تلك الأحكام وسيلة من وسائل البقاء على قيد الحياة، وعلى الرغم من أن المخاطر القديمة لم تعد موجودة، فإن آليات التكيف والبقاء ظلت كما هي.
ويشرح الطبيب النفسي، نيكولاس فورلينزا (Nicholas Forlenza)، أن الأشخاص جميعهم يمارسون سلوكيات هادفة وواعية من أجل التحكم في انطباعات الآخرين، ويضيف فورلينزا أن القدرة على التحكم في الانطباع الذي تتركه لدى الآخرين جزء أساسي من بناء الثقة، وتقوية الروابط، وتجنب الخلافات. وتكمن أهمية الانطباع الأول الجيد في أنه يُعزز الروابط المهنية، ويساعدك على تكوين علاقات هادفة ومثمرة في مكان العمل؛ ما يؤدي إلى النجاح المهني بالإضافة إلى الحفاظ على صحتك وسلامتك النفسية.
5 عوامل رئيسية تؤثر في تكوين الانطباعات الأولى
هل سمعت من قبل عبارة "لن تُتاح لك أبداً فرصة ثانية لتكوين انطباع أول"؟ في الحقيقة إن هذه العبارة غالباً ما تُستخدم في مقابلات العمل، وإليك أهم العوامل المؤثرة في تكوين الانطباعات الأولى:
1. تقدير الذات
إذا كنت ترغب في تقديم نفسك بثقة وقوة في مجال عملك، فهذا الأمر يتطلب امتلاك شعور قوي بتقدير الذات؛ حيث يتمتع الأشخاص أصحاب الثقة بالنفس بالقدرة على إثبات أنفسهم في المواقف الاجتماعية والمهنية، بينما قد يبدو الأشخاص أصحاب التقدير المنخفض للذات أكثر دفاعية وتحفظاً.
2. سمات الشخصية
تؤثر سمات الشخصية في كيفية تقديم نفسك للآخرين. على سبيل المثال، يميل الأشخاص المنفتحون إلى أن يكونوا أكثر انفتاحاً واجتماعية في المواقف المهنية والاجتماعية، بينما يكون الانطوائيون أكثر حذراً وصمتاً.
3. الدافع
أغلب الأشخاص يعدّلون تصرفاتهم بناءً على الموقف، فطريقة تقديم نفسك إلى أصدقاء محتملين تختلف كثيراً عن التصرف في أثناء مقابلة عمل، ما يعني أنك تُعدّل استراتيجياتك في إدارة الانطباعات وفقاً للدافع، مثل كسب الاستحسان، أو بناء علاقة جيدة، أو إظهار الكفاءة والمهنية، أو ترسيخ السلطة.
4. خصائص الجمهور
عادة ما يُصمّم الصورة الشخصية التي تُقدّمها وفقاً للجمهور؛ فإذا كنت ستقابل أشخاصاً يمكن أن يصبحوا أصدقاء، فقد تتصرف بصورة غير رسمية وعفوية. من ناحية أخرى، تُملي مواقف العمل الرسمية نهجاً أكثر حذراً واحترافية بناءً على توقعات الجمهور وأهدافه.
اقرأ أيضاً: 7 طرق تساعدك على خلق الانطباع الإيجابي عند تواصلك مع الآخرين
5. العوامل الثقافية
تؤثر خلفيتك الثقافية تأثيراً قوياً في جوانب تقديم الذات وإدارة الانطباعات؛ على سبيل المثال تُعلي الثقافات الفردية قيمَ إظهار الاستقلالية والاعتماد على النفس، بينما تُركّز الثقافات الجماعية على القيم التي تدعم التعاون.
ما هو المقصود بالصورة المهنية؟
الصورة المهنية هي الطريقة التي تُقدّم بها نفسك على نحو احترافي، جدير بالذكر أن الصورة المهنية الإيجابية ضرورية لنجاح مسيرتك المهنية، بغض النظر عن عمرك أو مجال عملك، سواء كنت تبحث عن وظيفة، أو تبدأ وظيفة جديدة، أو تعمل بالفعل في إحدى الشركات. وعادة ما ترتكز الصورة المهنية على بعض العوامل، منها على سبيل المثال:
- تفردك؛ الذي يعني المنظور الفريد الذي تملكه ويؤدي إلى تطوير عملك، وحتى تتعرف إلى فرادتك، اسأل نفسك: ما الذي يمكنني تقديمه ولا يستطيع أي شخص آخر فعله؟
- إسهاماتك؛ التي تتحدد بناءً على خبرتك أو دراساتك. على سبيل المثال، ربما تكون موهوباً في التحليلات التي تستند إلى الأرقام، أو تكون بارعاً في سرد القصص الصحفية، ومهما كان مجال تخصصك، اسأل نفسك: كيف تستخدمه لإضافة قيمة إلى عملك الفردي، أو فريقك، أو مجالك عموماً؟
- قيمك التي تؤمن بها: والتي قد تدفعك إلى اتخاذ قرارات أو تمنحك شعوراً بالهدف والمعنى في العمل.
تعرّف إلى أهم الخطوات التي تساعدك على بناء صورة مهنية قوية
1. اهتم بمظهرك
حتى تترك أثراً مهنياً قوياً من اللقاء الأول، عليك الاهتمام بالمظهر؛ لأنه يُظهر للآخرين أنك شخص محترف ومهني ومستعد، ابدأ بقراءة قواعد ارتداء الملابس الخاصة بالشركة، وإذا لم تعثر عليها، فمن الأفضل أن ترتدي ملابس رسمية. على سبيل المثال، فكّر في ارتداء بدلة رسمية، أو قميص وربطة عنق مع بنطال رسمي. وخلال أيامك الأولى لاحظ ما يرتديه الآخرون من أجل مساعدتك على التخطيط جيداً لملابسك المستقبلية.
2. كن ودوداً وصادقاً
للتعرف إلى صاحب العمل الجديد وزملائك، حاول أن تكون ودوداً، جرب الابتسام، وتجنب إزعاجهم ببدء محادثات في أثناء فترات الاستراحة، اسألهم فقط عن أفضل المقاهي القريبة، لأن هذه المبادرة تُظهر لزملائك اهتمامك بالتعرف إليهم والتأقلم مع وظيفتك الجديدة، وعلى الرغم من أن الانطباعات الأولى تختلف وفقاً للموقف، فإن الصدق في طريقة تقديم نفسك يؤدي إلى أفضل النتائج؛ حيث يعزز علاقاتك، ويسهم في نجاحك المهني والاجتماعي.
اقرأ أيضاً: ما هو تأثير الأسبقية؟ وكيف توظفه لتترك انطباعاً جيداً عنك؟
3. انتبه جيداً إلى لغة جسدك
من أشكال التواصل التي ينساها الكثيرون التواصل غير اللفظي؛ والذي تُعبّر عنه بلغة جسدك. على سبيل المثال، يُمكن أن يُشير الانحناء أو التثاؤب إلى شعورك بالملل، بينما يدل الحفاظ على التواصل البصري مع الشخص الذي يُحادثك إلى اهتمامك بما يقوله؛ لهذا انتبه جيداً، وتجنب علامات التوتر أو الملل، مثل التململ أو التثاؤب أو المشي جيئة وذهاباً.
4. كُن مستعداً
سواءً كنت سُتجري مقابلة عمل، أم ستقابل مشرفك أو مدير فريقك، فمن المهم جداً أن تكون مستعداً وملماً بأمورك، ومهما كانت ملابسك رسمية، فإن دخول اجتماع دون استعداد سيؤثر سلباً في صورتك المهنية، علاوةً على ذلك، فإن عدم التحضير الجيد يُظهر عدم احترام لمن تُقابلهم.
5. تبنّ عقلية النمو
كن منفتحاً على الملاحظات، وابحث باستمرار عن التعلم والتحسين. على سبيل المثال، اطلب من مدير فريقك ملاحظاته حول أدائك في العمل، وكيفية تفاعلك مع زملائك، سيمنحك هذا فهماً عميقاً لكيفية نظر الآخرين إليك، والمجالات التي تحتاج إلى العمل عليها.
6. شكّل صفحاتك على مواقع التواصل الاجتماعي بما يتناسب مع حياتك المهنية
مهما حاولت جاهداً بناء صورة مهنية قوية، فقد تتدهور بسرعة إذا لم تُصمّم حياتك الإلكترونية بما يتناسب معها. لذلك، إذا كنتَ تسعى للحفاظ على مهنيتك وحرفيتك بالعمل؛ تأكد من عدم نشر أي شيء على الإنترنت قد يُفسد حياتك المهنية.
7. التزم بالمواعيد
يعد الالتزام بالمواعيد في مكان العمل وسيلة رائعة لبناء صورتك المهنية ومصداقيتك بين زملائك ومديرك في العمل، لا ينطبق هذا على الاجتماعات فحسب، بل ينطبق أيضاً على المواعيد النهائية والمشاريع المهمة، وحاول قدر الإمكان الحفاظ على حماسك في العمل، ولكن دون أن يأتي ذلك على حساب صحتك النفسية. وفي هذا السياق، يؤكد استشاري الطب النفسي، محمد اليوسف، أن الحماس غير المنضبط من أجل إبهار المدراء يمكن أن يؤدي بك إلى الاحتراق الوظيفي، لذلك اعمل بهدوء.
اقرأ أيضاً: كيف تكسب محبة الآخرين من اللقاء الأول؟