دراسة حديثة: اجتماعات زووم تضر بعقلك وقلبك، فكيف تحد من تأثيرها؟

5 دقائق
اجتماعات زووم
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: هل تتذكر أيام جائحة كوفيد-19 والإغلاق الذي اجتاح دول العالم أجمع؟ وقتذاك، تحولت غالبية شركات العالم إلى العمل عن بعد، ومن وقتها تزايد عدد المشتركين على تطبيق زووم من أجل اجتماعات العمل أو الدراسة. وعلى الرغم من أن تلك الاجتماعات سهلت الكثير على الموظفين والطلبة، فإنها تملك جانباً مظلماً؛ حيث أكدت دراسة علمية حديثة أن اجتماعات زووم تؤدي إلى الإصابة بالإرهاق وتضر قلبك وعقلك، وإليك المزيد عن الدراسة من خلال هذا المقال.

هل شعرت يوماً بالإرهاق الذهني أو الجسدي بعد إجراء مكالمة جماعية عبر برنامج زووم (Zoom)؟ أنت لست وحدك؛ حيث أكدت دراسة حديثة نشرتها مجلة (Nature) بتاريخ 25 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وجود صلة قوية بين اجتماعات زووم التي تتم عبر مكالمات الفيديو والأعراض الجسدية للإرهاق، والحقيقة أن تأثير اجتماعات زووم لم يقتصر فقط على الشعور بالإرهاق لكنه امتد ليشمل التأثير في معدل ضربات القلب ونشاط الدماغ، وإليكم في هذا المقال كيف تؤثر اجتماعات زووم في صحة القلب والعقل وطريقة الحد من تأثيرها فيك.

كيف تؤثر فيك اجتماعات برنامج زووم؟

أكدت الدراسة المذكورة أن الزيارات الشهرية لبرنامج زووم تضاعفت على نحو كبير خلال الآونة الأخيرة. وعلى الرغم من حقيقة أن برنامج سكايب (Skype) الذي أُطلق في عام 2003، حظي بشعبية كبيرة بوصفه أداة لإجراء اجتماعات الفيديو لمدة عقدين من الزمن، فإن معدلات الاعتماد على اجتماعات الفيديو زادت على نحو فلكي عندما فُرضت عمليات الإغلاق الأولى في ربيع عام 2020. 

على سبيل المثال؛ بلغ عدد الزيارات الشهرية لتطبيق زووم 71.6 مليون في ديسمبر/كانون الأول 2019، وارتفعت إلى 1.9 مليار في أبريل/نيسان 2020، وبلغت أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 2.8 مليار في أكتوبر/تشرين الأول 2020.

وفي جوهرها، أضحت اجتماعات الزووم بديلاً مستخدماً على نطاق واسع من أجل التواصل وجهاً لوجه في العديد من المجالات، وحتى بعد انتهاء جائحة كوفيد-19، ما زالت تلك الاجتماعات موجودة وبقوة لأنها توفر الوقت وتكاليف السفر وتحافظ على البيئة؛ لكن هناك وجهاً آخرَ مظلماً وتكلفة باهظة يدفعها مستخدمو تلك الاجتماعات؛ حيث أكدت الدراسة السابق ذكرها أن اجتماعات الزووم تأتي مصحوبة بالإرهاق على مستوى الدماغ.

وقد شارك في هذه الدراسة 35 طالباً جامعياً مقسمين إلى مجموعتين؛ نصفهم حضرها في الجامعة وجهاً لوجه والنصف الآخر شاهدها عبر اجتماع زووم، وارتدى المشاركون كافة أجهزة مراقبة تخطيط كهربية الدماغ (EEG) وتخطيط كهربية القلب (ECG) لقياس النشاط الكهربائي في الدماغ ومعدل ضربات القلب على التوالي، وتبين من الدراسة أن الإرهاق على المستوى الفيزيولوجي العصبي خلال اجتماعات الزووم كان أعلى بكثير من المحاضرة المباشرة. 

وخلال مقابلة مع شبكة سي بي إس نيوز الإخبارية (CBS News)، أوضح رئيس قسم طب الطوارئ في جامعة ييل (Yale University)، أرجون فينكاتيش (Arjun Venkatesh) إن هذه الدراسة قوية لأنها توصلت إلى شيء جديد؛ ذلك أن نتائجها لم تقتصر على رصد الإرهاق بعد اجتماعات الزووم فحسب؛ لكنها أيضاً كشفت عن تأثيرها في معدل ضربات القلب الذي يضطرب بشدة بسبب الاجتماعات، وهذه علامة على شعور الجسم بالتعب الشديد.

ما هو إرهاق زووم (Zoom fatigue)؟

يُقصد به الإرهاق الجسدي والذهني الناجم عن الاستخدام المكثف وغير المناسب لاجتماعات الزووم الافتراضية، والحقيقة أن تلك الاجتماعات لا تسبب الإرهاق فحسب؛ لكنها يمكن أن تجعل بعض المستخدمين يشعرون بالتوتر والقلق. وفي هذا السياق، توضح المختصة النفسية سرى صاحب إن إرهاق زووم ظهر مع جائحة كوفيد-19 بسبب الإغلاق وتركيز أغلب العمل على الاجتماعات المرئية، وعادة ما يأتي ذلك الإرهاق مصحوباً بالأعراض الآتية: 

  1. العصبية في أثناء الاجتماعات.
  2. الخوف من التحدث.
  3. الشعور بالإحباط.
  4. كثرة النسيان.
  5. التوتر والخوف.
  6. نقص الإنتاجية قبل الاجتماع.

اقرأ أيضاً: ما تأثير التواصل الافتراضي في صحتك النفسية؟

4 أسباب للشعور بالإرهاق والتعب في أثناء اجتماعات زووم

أجرت جامعة ستانفورد الأميركية (Stanford University) خلال عام 2021 دراسة من أجل محاولة استكشاف سبب شعور الناس بالإرهاق بعد اجتماعات زووم، وفيها درس أستاذ علم الاتصالات والمدير المؤسس لمختبر التفاعل البشري الافتراضي في الجامعة  (the Stanford Virtual Human Interaction Lab VHIL)، جيريمي بيلينسون (Jeremy Bailenson)، العواقب النفسية المترتبة على قضاء ساعات يومياً عبر اجتماعات زووم، وتوصل إلى 4 أسباب تجعل هذه الاجتماعات مرهقة؛ وهي: 

  • الإفراط في التواصل البصري عن قرب: إن مقدار التواصل البصري الذي ننخرط فيه في أثناء اجتماعات زووم وكذلك حجم الوجوه على الشاشات أمر غير طبيعي. في الاجتماع العادي، ينظر الأشخاص إلى المتحدث على نحو مختلف، أو يدونون الملاحظات، أو ينظرون في مكان آخر؛ ولكن في اجتماعات زووم، ينظر الجميع إلى الجميع طوال الوقت؛ ومن ثَمّ يصبح التواصل بالعين مكثفاً للغاية، وهناك مصدر آخر للشعور بالتوتر؛ حيث إن رؤية الوجوه تعتمد على حجم شاشتك. إذا كنت تستخدم شاشة خارجية كبيرة، يمكن أن تظهر الوجوه في مكالمات مؤتمرات الفيديو كبيرة جداً بحيث لا تجعلك تشعر بالراحة.
  • رؤية نفسك في أثناء اجتماعات الفيديو على نحو مستمر أمر مرهق: في أثناء اجتماعات الزووم، عادة ما نشاهد أنفسنا في مربع على الشاشة، ويؤكد بيلينسون إن هذا الأمر غير طبيعي. ففي العالم الحقيقي، تخيل أنك تتابع نفسك عبر المرآة باستمرار بينما تتحدث إلى الناس وتأخذ القرارات وتفكر في ردود الفعل، وتتلقى ردود الفعل سيكون هذا جنون كما أن الأمر مرهق نفسياً.
  • تعمل اجتماعات زووم على تقليل قدرتنا على الحركة المعتادة على نحو كبير: تسمح المحادثات الهاتفية الشخصية والصوتية للبشر بالتجول والتحرك؛ ولكن مع اجتماعات الفيديو، تتمتع غالبية الكاميرات بمجال رؤية محدد؛ ما يعني أنه يجب على الشخص عموماً البقاء في المكان نفسه بحيث تكون الحركة محدودة بطرائق غير طبيعية.
  • الإشارات غير اللفظية تحتاج إلى جهد أكبر: يلاحظ بيلينسون أنه في التفاعل المنتظم وجهاً لوجه، يكون التواصل غير اللفظي أمراً طبيعياً تماماً، ويقوم كل منا، بصفة طبيعية، بإيماءات وإشارات غير لفظية وتفسيرها دون وعي؛ ولكن في اجتماعات الفيديو علينا أن نعمل بجد أكبر لإرسال الإشارات واستقبالها.

ويضيف بيلينسون إن المحادثة الشخصية التي تُعد واحدة من أكثر الأشياء الطبيعية في العالم تحولت مع اجتماعات زووم إلى شيء يتضمن الكثير من التفكير؛ عليك أن تتأكد من أن رأسك مؤطر في وسط الشاشة في أثناء الاجتماع، وإذا كنت تريد أن تُظهر لشخص ما أنك تتفق معه، عليك أن تومئ برأسك على نحو مبالغ فيه أو ترفع إبهامك إلى أعلى، وهذا يضيف حملاً إدراكياً كبيراً على الأفراد من أجل التواصل. 

اقرأ أيضاً: دور وسائل التواصل الاجتماعي في وباء الوحدة والعزلة الاجتماعية

كيف تحد من تأثير اجتماعات زووم فيك؟

على الرغم من هذه المشكلات كلها، ما يزال كل من تطبيق زووم ومنصات الفيديو الأخرى جزءاً من حيواتنا اليومية، ومن المرجح أن تستمر اجتماعات زووم بصفتها وسيلة أخرى للتفاعل في المستقبل. وفيما يلي بعض النصائح الفعالة لتقليل الآثار السلبية لتطبيق زووم حتى تتمكن من تحقيق أقصى استفادة من تجاربك الأكاديمية والمهنية: 

  • خذ فترات راحة بعيداً عن الشاشة: في أثناء اجتماعات الزووم، يمكنك أن تأخذ فترات راحة قصيرة عبر تصغير الشاشة أو نقلها خلف التطبيقات المفتوحة أو مجرد النظر بعيداً عن جهاز الكمبيوتر الخاص بك لبضع ثوانٍ بين الحين والآخر. لقد اعتدنا جميعاً على الوجود المستمر في أثناء الاجتماعات؛ ولكن ما زال بإمكاننا الحضور دون التحديق في الشاشة باستمرار.
  • أخفِ صورتك لتجنب التحديق في نفسك: عندما تدخل غرفة زووم لحضور فصل دراسي أو اجتماع، شغّل الفيديو الخاص بك وتأكد أن جودة الفيديو جيدة، ثم أخفِ نفسك عن أنظارك، كيف تخفي نفسك؟ انقر بزر الماوس الأيمن على الفيديو الخاص بك لعرض خيارات القائمة، ثم انقر على "إخفاء العرض الذاتي" ولن تتمكن من رؤية نفسك بعد الآن؛ ولكن سيظل الفيديو الخاص بك قابلاً للعرض للجميع.
  • دوّن الملاحظات باستخدام القلم والورقة: إن كتابة الملاحظات يدوياً توفر فرصة طبيعية للنظر بعيداً عن الكمبيوتر؛ كما أن النظر إلى دفتر ملاحظاتك يمنح عينيك استراحة، ووضع القلم على الورق يشجعك على تغيير وضعيتك.
  • قلل عوامل التشتيت التي تظهر على الشاشة: في أثناء حضور اجتماعات زووم بالفيديو، نحن لا نركز فقط على وجوه الآخرين؛ ولكن على خلفياتهم أيضاً. إذا كنت تُجري مكالمة مع 5 أشخاص، فقد تشعر وكأنك في 5 غرف مختلفة في وقت واحد؛ حيث تُمكنك رؤية أثاثهم ونباتاتهم وورق الحائط، وقد تجهد نفسك لمعرفة الكتب الموجودة على رفوفهم وذلك لأن الدماغ يحاول  معالجة هذه الإشارات البيئية البصرية كلها في الوقت نفسه. ومن أجل تجنب هذا الإرهاق العقلي شجع المشاركين على استخدام خلفيات بسيطة أو اتفق مع الآخرين على قيام كل من لا يتحدث بإيقاف تشغيل الفيديو الخاص به.

استخدم الصوت فقط في أثناء الاجتماعات: عندما يكون ذلك ممكناً، فكر في إيقاف تشغيل الفيديو تماماً، وإذا كانت رؤية وجوه الآخرين تزيد قلقك وإرهاقك نفسياً فيمكنك أيضاً تصغير شاشاتهم والتعامل مع الاجتماع وكأنه مكالمة هاتفية.