10 إرشادات عملية لتتغلب على شعورك بالضياع

6 دقائق
الضياع
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: مهدي أفشكو)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: هل ضللت طريقك من قبل؟ كنت ذاهباً إلى أحد الأماكن وضعت، ماذا كان شعورك حينها؟ وكيف تعاملت مع الأمر؟ يشبه الشعور بالتيه إحساسك في تلك اللحظة لكنه مختلف بعض الشيء؛ إنه يتجلى في عدم معرفتك لنفسك حيث لا تستطيع تحديد ما تحب أو تكره ولا يمكنك اتخاذ خطواتك المستقبلية في الحياة. وحين يتملك منك هذا الشعور، يمكنك التعامل معه عبر الطرائق المذكورة في هذا المقال.

"لن نبدأ فهم أنفسنا إلا بعد أن نضيع". الفيلسوف الأميركي هنري ديفيد ثورو (Henry David Thoreau)

هل تملّك منك الشعور بالتيه من قبل؟ هل وجدت نفسك وكأنك تقف في مفترق طرق ولا تعرف إلى أين تذهب، وتتساءل ما الهدف من حياتك وما الذي يجب عليك فعله؟ وإلى جانب تلك التساؤلات كلها، تطغى عليك المشاعر السلبية مثل الإحباط والارتباك؟

إذا كنت قد شعرت بذلك من قبل فأنت لست وحدك، فجميعنا نحس بالضياع من وقت إلى آخر، وتبدو الحياة بالنسبة إلينا بلا معنى؛ وكأن كل ما نفعله لا يحمل أي قيمة! عندما يحدث هذا معك، تذكر أن تكون لطيفاً مع نفسك ولا تتحامل عليها لأنك تشعر بالضياع، وسنتعرف في هذا المقال إلى طرائق التعامل مع هذا الشعور.

ما هو الشعور بالتيه أو الضياع؟

تصف الطبيبة النفسية كارولين فيريرا (Carolyn Ferreira) الشعور بالتيه بأنه يشبه الاكتئاب إلى حد كبير؛ حيث يتملك منك الإحساس بفقدان الدافع وعدم الاهتمام، وتشعر بأن الحياة لا معنى لها ولا قيمة. وأحد أخطر جوانب الشعور بالتيه والضياع هو عندما لا تتعرف إلى هويتك؛ ما يؤثر في صورتك الذاتية وثقتك بنفسك، وغالباً ما يخلق هذا الشعور إحساساً بالانفصال.

ويؤكد الطبيب النفسي إبراهيم حمدي في هذا السياق إن شعور الانفصال عن الواقع يجعلنا نشعر وكأن حيواتنا حلم، وأحياناً يكون هذا الشعور طبيعياً؛ لكنه في حالات أخرى قد يستدعي التدخل الطبي.

7 أسباب تجعلك تشعر بالضياع

يمكن أن يؤدي الشعور بالضياع إلى تفاقم مشاعر اليأس والقلق والاكتئاب، وغالباً ما يطغى علينا هذا الشعور للأسباب التالية:

  1. التغيرات الحياتية الكبرى: مثل الانتقال إلى مدينة مختلفة أو بدء وظيفة جديدة؛ إذ يمكن أن يُشعرك ذلك بالضياع نتيجة أنك لا تعرف كيف ستسير الأمور مستقبلاً، فقد لا تملك روتيناً للعمل أو أصدقاء.
  2. فقدان أحد أفراد الأسرة: إن وفاة أحد أفراد أسرتك أو فقدان علاقة مهمة في حياتك يمكن أن يجعلك تشعر بالصدمة والحزن والغضب والضياع، وبخاصة عندما تكون ثمة جوانب من حياتك أو هويتك تتعلق بالشخص الذي فقدته، فقد تتساءل عن كيفية القيام بالأشياء بمفردك أو المضي قدماً من دونه.
  3. نكسات الحياة: إن التعرض إلى انتكاسة كبيرة مثل فقدان وظيفة أو انتهاء علاقة أو الإصابة بأحد الأمراض الخطِرة، يمكن أن يسبب لك الحزن والشعور بالضياع.
  4. الضغط المجتمعي: يمكن لتوقعات الناس في بعض الأحيان أن تضغط عليك؛ ما قد يجعلك تشعر بالانفصال بين ما تريد القيام به وما تعتقد أنه يُتوقع منك القيام به؛ حيث يمكن أن يكون هذا الموقف صعباً ويجعلك تشعر بالضياع.
  5. المشاعر المكبوتة: تساعدك مشاعرك، سواء أكانت إيجابية أم سلبية، على الإحساس بنفسك. لذلك؛ فإن قمع مشاعرك ورفض الاعتراف بها يمكن أن يجعلك تشعر بالضياع والانفصال عن نفسك.
  6. عدم وجود أشخاص داعمين في حياتك: وجود أصدقاء مقربين أو أفراد من العائلة في حياتك يمكن أن يساعدك على الشعور بالثبات، ودون هؤلاء الأشخاص الداعمين، من السهل أن تشعر بالوحدة والعزلة والضياع.
  7. التفكير في اتخاذ القرارات المهمة: إذا كنت أمام قرار مهم  يمكن أن يغير حياتك، فقد تشعر بالإرهاق من أفكارك وعواطفك وعدم التأكد مما يجب عليك فعله؛ الأمر الذي قد يجعلك تشعر بالضياع.

اقرأ أيضاً: كيف يسلبك الفراغ العاطفي استمتاعك بالحياة؟

تعرَّف إلى العلامات التي تؤكد أنك تائه

هناك العديد من الأعراض السلوكية والعاطفية التي يمكن أن تواجهها عندما تشعر بالتيه؛ مثل:

  1. البكاء من غير سبب.
  2. التقلبات المزاجية.
  3. الشعور بعدم الاهتمام بهواياتك أو الأشياء التي كانت تُسعدك.
  4. عدم القدرة على اتخاذ القرارات.
  5. الانسحاب من الأنشطة الاجتماعية وتجمعات الأصدقاء.
  6. الشعور بالإرهاق حتى من أبسط المهمات.
  7. الإحساس بالإحباط تجاه نفسك.
  8. عدم التحمس للمستقبل.
  9. الاستسلام بسهولة لتأثيرات الآخرين.

اقرأ أيضاً: ما أسباب شعورك بالفراغ الداخلي؟ وكيف تجد ما يرضيك حقاً؟

لكن، هل ثمة فوائد للإحساس بالضياع؟

قد يكون الشعور بالضياع ضرورياً في الكثير من الأحيان، وذلك عندما نميل إلى الهروب من مشاعرنا المؤلمة وعلاقاتنا المعقدة وصدمات الماضي وغيرها من الأحداث الصعبة. وقتذاك، يمكن لشعور الضياع أن يدق  جرس الإنذار بأن الوقت قد حان للانتباه إلى الحقيقة التي تهرب منها وإجراء التغييرات الضرورية في حياتك. وعلى الرغم من أن الإحساس بالضياع مخيف، فإنه قد يكون شيئاً جيداً، ودعني أخبرك لماذا:

  1. فرصة لإعادة التواصل مع نفسك: الشعور بالضياع هو فرصة لإبطاء انشغال حياتك المحموم، والاستماع إلى نفسك واكتشاف ما يهمك أكثر. ولهذا؛ تُمكنك في أثناء هذا الوقت إعادة اكتشاف مواهبك وعناصر شخصيتك كما يمكنك تحديد أعمق احتياجاتك وقيمك ورغباتك، وكلما فهمت نفسك أكثر، أصبح من الأسهل عليك اكتشاف ما تريده حقاً من هذه الحياة.
  2. فرصة لإعادة تقييم علاقاتك الاجتماعية: عادةً ما يكون الشعور بالضياع هو الفترة التي نعيد فيها تقييم علاقاتنا الاجتماعية؛ حيث ننظر إلى صداقاتنا، وأماكن عملنا، وعائلتنا، ونسأل: هل هذه هي البيئة التي أريد أن أكون فيها؟ ومَن أنا عندما لا أكون مع هؤلاء الأفراد؟
  3. فرصة لطرح أسئلة لم تجرؤ على طرحها من قبل: عندما تعيش حياة مستقرة وآمنة لفترة طويلة، فإنك تتوقف عن التفكير في الأمور وتتعلم أن تأخذ الأعراف والعادات الاجتماعية كأمر مسلم به لأن هذه هي الطريقة التي يسير بها العالم. وفي بعض الأحيان، لا تُمكنك رؤية الجوانب السلبية لمثل هذا الموقف حتى تشعر بالضياع وتبدأ إعادة التفكير في الواقع.
  4. فرصة للشعور بالحرية: أحياناً يكون الشعور بالضياع حالة جيدة لأنه يفتح عينيك على بعض الحقائق؛ مثل أن حياتك يجب ألا تكون متعلقة فقط بأمور معينة مثل الحصول على وظيفة أو شراء بيت، فالحياة أوسع من ذلك بكثير، والشعور بالضياع هو فرصة يمكن أن تساعدك على فهم ذلك وإدراك معنى أن هويتك ليست عملك ولا بيتك.

10 إرشادات تجعلك تجد ذاتك عندما يتملكك الشعور بالتيه

وفقاً لما ذكرته المختصة النفسية دانييل كيبلر (Danielle Kepler)؛ فإن الأشخاص الذين يشعرون بالتيه يجدون صعوبة في العثور على شخصياتهم القديمة ويفقدون اتصالهم مع دواخلهم. لذا؛ إليك بعض الأشياء التي يمكنك القيام بها حين يتملك منك الشعور بالتيه:

  1. تقبل مشاعرك واعترف بها: توضح المعالجة النفسية كولين مولين (Colleen Mullen) إن الاعتراف بشعور الضياع سوف يمكّننا من التعامل معه. وبغض النظر عن مدى صعوبة هذا الشعور، علينا أن ندرك أنه ليس شعوراً سوف يستمر إلى الأبد؛ المعاناة في الحياة كلها مؤقتة، وليس هناك استثناء. وكلما حاولت تجنب هذا الشعور، زاد احتمال عدم قدرتك على التغلب عليه.
  2. ركز على نقاط قوتك: عندما تشعر بالضياع في الحياة، فإن أفضل شيء يمكنك القيام به هو التركيز على أفضل نقاط قوتك، ومن خلال تحويل وجهة نظرك إلى الأشياء التي تجيدها يمكنك المضي قدماً على نحو تدريجي.
  3. فكر في احتياجاتك: قد يكون من المفيد قضاء بعض الوقت مع نفسك لتسألها أين مكمن الخطأ، وتعرف لماذا تشعر بهذه الطريقة. بعد ذلك، قيّم احتياجاتك وكيفية تلبية تلك الاحتياجات من خلال اختياراتك وقراراتك.
  4. ابحث عن فرص النمو: فكر في مجالات حياتك التي ترغب في تغييرها وكيف يمكنك تغيير الأمور نحو الأفضل. وعلى الرغم من أن الشعور بالضياع أمر غير مريح، فإنه فرصة للنمو الشخصي أو المهني أو العاطفي.
  5. اعتنِ بنفسك: واجعل احتياجاتك الخاصة أولوية، ولا تنسَ ممارسة تمرينات الرعاية الذاتية مثل التأمل والتنفس العميق، إلى جانب الاهتمام بالتمرينات الرياضية.
  6. اطلب المساعدة: إذا كنت تشعر بالإرهاق أو الضياع أو عدم القدرة على التأقلم بمفردك، فقد يكون من المفيد التحدث إلى أحد أفراد أسرتك أو أصدقائك الذين يمكنهم تقديم الدعم والاستماع إلى مخاوفك ومشاعرك.
  7. قل تأكيدات إيجابية بصوت عالٍ: يمكن للتأكيدات الذاتية الإيجابية أن تساعد على تعزيز ثقتك بنفسك وزيادة إحساسك بقيمتك الذاتية؛ لذلك تدرب على قولها بصوت عالٍ لنفسك كل يوم.
  8. غيّر بيئتك المحيطة: سواء أَأدركت ذلك أم لا، فإن البقاء لمدة طويلة في مكان واحد دون حراك يعزز المشاعر السلبية. ولذلك؛ إذا داهمك الشعور بالضياع اترك المكان واخرج. اذهب إلى نزهة في الهواء الطلق، انهض من على سريرك وخذ حماماً دافئاً، وإذا كان ذلك ممكناً، فكر في الذهاب في إجازة قصيرة من أجل إعادة شحن طاقتك.
  9. اقضِ وقتاً ممتعاً: حين يتملك منك الشعور بالتيه، سوف تتغلب عليك المشاعر السلبية مثل الإحباط. ولذلك؛ عليك مواجهتها بمحاولة الاستمتاع وقضاء وقت طيب بصحبة الأصدقاء أو زيارة مكان لم تذهب إليه من قبل؛ حيث إن القيام بشيء تستمتع به يمكن أن يعمل على صرف انتباهك عن أي ضغوط يومية قد تواجهها، ويساعدك في التركيز على الجوانب الإيجابية في حياتك.
  10. حان وقت العمل: يجب أن تعد نفسك للمضي قدماً، وإذا لم تفعل ذلك سوف تغرق في بحر من المشاعر السلبية وإحساس الضياع، ولن تتمكن أبداً من التعامل مع الأمر. لذلك؛ فقد حان وقت معالجة الأسباب الحقيقية لمشاعرك، وتذكر بأن تكون لطيفاً مع نفسك.

في النهاية، يجب أن نتذكر أننا نعيش في ثقافتنا الحديثة التي يقودها الإنجاز. الجميع يدفعنا نحو الاختيار الصحيح وتجنب إضاعة الوقت في الوظائف والفرص والعلاقات التي لا تناسبنا؛ ولكن كيف سنعرف ما يناسبنا دون التجربة والخطأ والشعور بالضياع؟ قد نحلم دائماً بالسيطرة الكاملة على شؤون حيواتنا ومعرفة ما يجب فعله بالضبط في كل لحظة، ومع ذلك فإن الحياة غالباً ما تفاجئنا.