تصدر ترند "قوس الشتاء" (winter Arc) موقع التواصل الاجتماعي تيك توك، وتدور فكرة هذا المفهوم حول تخصيص أشهر الشتاء من أجل تحسين الذات والنمو، وخاصة أن هذه الفترة من العام تتسم بقِصر الأيام وظلمتها وانخفاض الإنتاجية والخمول، علاوة على انتشار الاكتئاب العاطفي الموسمي (Seasonal Affective Disorder). فكيف يمكن التعامل مع أشهر الشتاء بصفتها نقطة فاصلة في تحسين الحياة، وخاصة أن رأس السنة على الأبواب؟ الإجابة عبر هذا المقال.
محتويات المقال
ما هي أسباب انخفاض الإنتاجية خلال أشهر الشتاء؟
هل تشعر بالخمول وانخفاض الإنتاجية والحالة المزاجية خلال فصل الشتاء؟ في الحقيقة إن هناك مجموعة من الأسباب قد تفسر حدوث ذلك، منها على سبيل المثال:
1. انخفاض مستوى هرمون السيروتونين في الدماغ
يؤدي غياب ضوء الشمس خلال أشهر الشتاء إلى انخفاض مستوى هرمون السيروتونين في الدماغ، وهو الهرمون المسؤول عن تنظيم الحالة المزاجية والنوم، ومن ثم فإن انخفاض مستوياته يسبب الشعور بالخمول وفقدان الطاقة والتعب علاوة على الإحساس بالحزن والرغبة الدائمة في النوم.
بالإضافة إلى أن المستويات المنخفضة من هرمون السيروتونين قد تزيد فرص الإصابة باكتئاب الشتاء، وفي هذا السياق يوضح الطبيب النفسي، محمد اليوسف، أن اكتئاب الشتاء يختلف عن الاكتئاب العادي بأن أعراضه ليست تقليدية، فالمصاب به ينام أكثر من المعتاد ويأكل بشراهة زائدة وعادة ما يكون حساساً لأي كلمة أو موقف.
2. زيادة إنتاج هرمون الميلاتونين
تسبب قلة التعرض إلى ضوء الشمس خلال أشهر الشتاء زيادة إنتاج هرمون الميلاتونين، وهو الهرمون الذي يُفرز خلال ساعات الظلام من أجل التشجيع على النوم، وحين تزيد معدلاته يؤدي بالتبعية إلى الشعور بالخمول ونقص الطاقة.
3. انخفاض النشاط البدني
قد يؤدي الطقس البارد في كثير من الأحيان إلى انخفاض النشاط البدني، حيث يواجه الأشخاص صعوبة في الخروج إلى الخارج من أجل المشي أو الركض أو الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية، ومن المعروف أن قلة النشاط البدني ينتج عنها الإحساس بالخمول وانخفاض القدرة على الإنتاجية.
اقرأ أيضاً: كيف تتغلب على صعوبة مفارقة سريرك شتاءً
لماذا عليك أن تستعد لنهاية السنة خلال أشهر الشتاء؟
لقد أوشك هذا العام على الانتهاء، وفي الحقيقة إن معظم الأشخاص يضعون أهدافهم مع بداية العام الجديد، ويفكرون في تحسين أحوالهم، لكن بالنسبة لهم تعد عملية وضع الأهداف جزءاً من الاحتفالات، ومع بداية العام قد يغمرك التفاؤل وتضع أهدافاً كبرى تضم تغييرات شاملة، لكنك تغفل عن نقطة غاية في الأهمية؛ وهي أن التغيير عملية تدريجية لا تحدث بين عشية وضحاها.
ويمكن القول إن الاستعداد للأهداف الجديدة خلال أشهر الشتاء يترك لك متسعاً من الوقت، لذلك، بدلاً من التوقعات القاسية وغير الواقعية عادةً التي قد تضعها لنفسك في الأول من يناير/كانون الثاني، تمنحك أشهر الشتاء فترة سماح بضعة أشهر من أجل إنجاز الأشياء التي ترغب بها، دون إصدار أحكام على الذات.
وتؤكد الطبيبة النفسية، إيمي مارشال (Amy Marschall)، أن العديد من الأشخاص يعانون تغيرات المزاج في الشتاء، وقد يدخلون في نوبات اكتئاب، لذلك يعد الاستعداد لنهاية السنة بمثابة تجربة داعمة لتخفيف وطأة الكآبة التي تخيّم على الأجواء، ويمكن القول إنك تستطيع استغلال هذه الفرصة في التركيز على الرعاية الذاتية وقضاء الوقت بصحبة العائلة، وذلك بدلاً من العد التنازلي للأيام حتى يأتي العام الجديد، وإلى أن يأتي ذلك الوقت، حاول قدر الإمكان التركيز على الأشياء والأنشطة التي تهمك حقاً.
وتأكد أن إخراج نفسك من روتين حياتك اليومية مع الالتزام بهدف جديد يمكن أن يكون أمراً محفزاً ويساعدك على التخلص من بعض العادات السيئة التي ربما تكون قد بنيتها من خلال روتينك القديم، علاوة على ذلك، فإن الشعور بأنك تعمل بنشاط على هدف سوف يجعل حياتك أفضل يمكن أن يضاعف إنتاجيتك.
كيف تحافظ على نشاطك في فصل الشتاء؟
دعوني أخبركم أمراً مهماً، في الحقيقة إنني لا أحب فصل الشتاء؛ أجد صعوبة بالغة في مغادرة سريري صباحاً وترك بطانيتي الناعمة، وأواجه الكثير من التحديات من أجل إنجاز مهام عملي. إذا كنت تصارع مثلي مع هذا الفصل من العام، وترغب في الحفاظ على نشاطك خلال أشهر الشتاء حاول اتباع النصائح التالية:
1. تعرّض إلى ضوء الشمس في الصباح
قد تبدو لك بطانيتك هي أفضل رفيق خلال أشهر الشتاء، وعلى الرغم من ذلك، حاول أن تغادر سريرك كل صباح، وافتح النوافذ من أجل التعرض إلى ضوء الشمس، حيث يؤدي ذلك الأمر إلى تعزيز مستويات هرمون السيروتونين، ما قد يحسّن حالتك المزاجية ويجعلك قادراً على الإنتاجية.
2. تحرّك
يجب أن تمارس التمارين الرياضية حتى تحصل على الطاقة وتعزز مستوى هرمون الإندروفين وتشعر بالسعادة، وإذا واجهت صعوبة في الخروج بسبب الطقس البارد، حاول ممارسة الرياضة في البيت. يمكنك التدرب من خلال قنوات اليوتيوب أو تجربة الرقص أو إنجاز الأعمال المنزلية التي تتطلب بعض الحركة.
3. حسّن بيئة عملك
حين تجد نفسك خاملاً وغير قادر على الإنتاجية، حسّن بيئة عملك، وذلك من خلال تنظيم جدولك اليومي والاستعانة بالأوراق الملونة الصغيرة في تحديد المهام المهمة والأهم. قد لا يبدو لك الأمر بهذه الأهمية، ولكن احرص جيداً على إبقاء مكتبك منظماً وخالياً من الفوضى، يمكنك أن تضع على مكتبك صورة تهمك، على سبيل المثال، يمكن أن تكون صورة عائلية أو تذكارية للعطلة، إذ قد يرفع ذلك الأمر من معنوياتك، ويربطك بذكريات إيجابية ويعمل على توفير الراحة النفسية خلال الأوقات العصيبة.
4. ضع روتيناً يومياً
إن وضع روتين يومي يعد وسيلة ممتازة للحفاظ على الدافعية والإنتاجية، ومع قِصَر الأيام، من السهل أن تفقد إحساسك بالوقت وتبتعد عن الأهداف التي حددتها لنفسك، ولهذا، ضع في اعتبارك تخصيص أوقات محددة للاستيقاظ في الصباح، أو تناول الغداء، أو أخذ فترات راحة خلال اليوم، ومع اتباع مثل هذا الجدول بانتظام، يمكنك التأكد من أن كل ساعة تقضيها تسهم في الحفاظ على نشاطك وإنتاجيتك.
5. اعتنِ بنفسك جيداً
إن تخصيص وقت لنفسك أمر ضروري من أجل الحفاظ على نشاطك خلال أشهر الشتاء، ولذلك حاول الحصول على قسط كافٍ من النوم، وتناول الطعام الصحي المتوازن، وتأكد جيداً أن أنشطة العناية الذاتية ستؤدي إلى تحسين معنوياتك ورفع مستوى طاقتك ومساعدتك على الشعور بالتحفيز والإنتاجية والنشاط.
6. مارس هواياتك
من المهم أن تخصص وقتاً من أجل ممارسة هواياتك، وذلك لأن وجود اهتمامات خارج العمل يسمح لك بالاسترخاء، ويحفز عقلك، ما يجعلك أكثر يقظة وإنتاجية، وتذكر جيداً حين تختار ممارسة هوايتك أن تكون مريحة بالنسبة لك وليست مرهقة، كما يُفضّل أن تكون بعيدة عن مجال عملك حتى تسمح لعقلك بالتنوع وأن يظل متنبهاً ويقظاً.
5 إرشادات فعالة لتضع أهدافك السنوية الجديدة مبكراً
في الليلة الأخيرة من كل عام، نضع الكثير من الأهداف ونقرر التغيير، لكن الحقيقة هي أن التغيير الحقيقي يتطلب خطوات تدريجية حتى تتمكن من تحقيق النجاح، وإليك أهم الإرشادات الفعالة لتضع أهدافك السنوية الجديدة مبكراً:
1. خصّص وقتاً من أجل التخطيط لأهدافك
لا تنتظر حتى اللحظة الأخيرة من نهاية العام لاختيار هدفك، وذلك لأن الاختيار بحكمة والتخطيط على نحو دقيق هما جزءان أساسيان لتحقيق أي هدف، ولهذا عليك إجراء عملية العصف الذهني حول عملية التغيير وتأثيرها، بما في ذلك الخطوات التي ستتخذها، ولماذا عليك اتخاذها، والطرائق التي يمكنك من خلالها إبقاء نفسك على المسار الصحيح.
2. اسأل نفسك: لماذا تريد تحقيق تلك الأهداف؟
مع نهاية كل عام، قد تجد أن الأشخاص جميعهم يضعون أهدافهم الكبرى، ولهذا تحذو حذوهم دون أن تتوقف قليلاً لتسأل نفسك لماذا تريد تحقيق هذا الهدف، أذكر أني منذ عدة سنوات انضممت إلى نادٍ من أجل تعلم اللغات، وشعرت أن عليّ إتقان لغة أجنبية جديدة، ولهذا قررت تعلم اللغة الألمانية، ومع مرور الوقت توقفت تماماً لأني لم أكن أحب اللغة الألمانية من الأساس، ولهذا لا تحدد لنفسك أهدافاً لمجرد أن الجميع يفعلونها، ولا تقرر تعلُّم لغة لأن أصدقاءك يتعلمون اللغات، يجب أن يكون الهدف نابعاً من داخلك.
3. حدّد أهدافاً بسيطة
هل سألت نفسك من قبل لماذا لا يحقق الكثير من الأشخاص أهدافهم التي يضعونها مع بداية كل عام؟ في الحقيقة إن ذلك يحدث لأن الأشخاص عادة ما يحددون أهدافاً كبرى ترتكز على تغييرات تشمل كل مناحي الحياة، وهذا لن يحدث أبداً، ولهذا حاول خلال هذا الشتاء أن تحدد لنفسك أهدافاً بسيطة حتى تنجح في تحقيقها.
4. فكّر في أدق تفاصيل خطتك
إن وضع خطة مفصلة ومكتوبة يمكن أن يساعدك على الالتزام بهدفك، لكن عليك أولاً التفكير في جوانب الخطة جميعها بهدوء بعيداً عن صخب العام الجديد واحتفالاته، ويمكن القول إن هذه المرحلة تعتبر بالغة الأهمية لتحقيق النجاح لأنها تسمح لك بالتفكير في التكتيكات التي ستستخدمها عندما تواجه تحديات، والاستراتيجيات التي يمكن أن تلجأ إليها عندما تصبح الأمور صعبة.
5. كن لطيفاً مع نفسك
قبل أن تضع أهدافاً جديدة من أجل تحسين حياتك، يمكنك أن تقيّم أداءك خلال هذا العام، ولكن في أثناء عملية التقييم، ركز على رصد التقدم وليس الوصول إلى الكمال؛ على سبيل المثال، إذا كنت تشعر بالإحباط بسبب خطأ ارتكبته، أو بسبب ما لم تنجزه هذا العام، فلا تدع ذلك يحبطك، تعلم منه، وتذكّر أن التفكير في خيبة الأمل ليس مفيداً، فكر فيما أنجزته، وفي الأسباب التي جعلتك لا تحقق أهدافك كلها.
اقرأ أيضاً: ما التفسيرات النفسية وراء حب البعض لفصل الشتاء؟