هل يجب تحديد الدور الذي يلعبه الآباء قبل قدوم أطفالهم؟

دور الأب خلال الحمل والولادة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ما دور الأب خلال الحمل والولادة؟ تجيبنا عن هذ السؤال مختصة علم النفس الإكلينيكي والفترة المحيطة بالولادة، ليز بارتولي.

كيف تساهم مشاركة الزوج الفعّالة خلال فترة الاستعداد للولادة في رسم معالم الأبوة لديه؟

ليز بارتولي: الأم خلال فترة الحمل بتغيرات هرمونية وجسدية تساعدها على الشعور بأمومتها، أما الأب الذي لا يمر بأي من هذه التغيرات فإن مشاركته في فترة التحضير للولادة تسمح له بالتآلف مع حقيقية أنه سيصبح أباً؛ الأمر الذي قد لا يكون سهلاً دائماً بالنسبة إليه. تمثل الفترة السابقة للولادة مرحلة تحضير الرجل ليصبح أباً، ويجب أن يعيش هذه المرحلة بكامل بتفاصيلها، ذلك أن انشغاله في هذه الفترة وبقاءه غارقاً في عمله على سبيل المثال، سيؤدي إلى عدم انسجامه انسجاماً كافياً مع دوره الجديد كأب.

ما دور الأب في غرفة الولادة اليوم؟

تُعد ظاهرة حضور الآباء عمليات الولادة حديثة تماماً، فعندما نشرتُ دليلي الأول حول الأمومة بعنوان “ولد في باريس” في أوائل التسعينيات، كانت العديد من أنظمة مستشفيات التوليد آنذاك لا تسمح للآباء بدخول غرفة الولادة. وعلى الرغم من أنه قد أصبح من الشائع اليوم حضور الأب عملية الولادة فإن دوره فيها لم يحدد بوضوح بعد.

إذاً ما دور الأب في عملية الولادة؟

في الماضي وقبل أن تُجرى عمليات الولادة في المستشفيات كانت القابلة تقدم الرعاية والدعم النفسي للأم ومولودها، وفي ذلك الوقت كانت عملية الولادة تعد شأناً نسائياً بالكامل. وبعد عام 1968 تغيرت هذه الثقافة فأصبح الأب يحضر عملية الولادة في المستشفى، وهو أمر مهم لأن المستشفى ليس مكاناً مألوفاً وشخصياً بالنسبة للأم كما منزلها؛ ما يجعلها بحاجة إلى حضور شخص تعرفه معها، وأفضل شخص يمكنه الاضطلاع بهذه المهمة هو الأب. ولكن مع اختلاف ظروف عملية الولادة عما سبق وحقيقة أنها لم تعد تتم ضمن المنزل وبين أفراد الأسرة فإنه لم يكن من السهل الانتقال من ثقافة غياب الأب التام عن عملية الولادة، إلى ثقافة جديدة تستلزم حضوره وأداءه لدور مهم فيها.

ما الذي يجعل بعض الآباء يرفضون تأدية دورهم في عملية الولادة؟

عندما يكتشف الرجل أن زوجته حامل، تدور في ذهنه العديد من الأسئلة حول حقيقة أنه سيصبح أباً من قبيل:

“ما الذي سيغيره ذلك في حياتي؟ وهل سأكون أباً جيداً؟ لا أشعر بأي شيء جسدياً، وأنا سعيد لكنني قلق في الوقت ذاته، فهل هذا طبيعي؟”. تساعد مجموعات “دعم الآباء خلال فترة الحمل” الأب عبر الإجابة عن أسئلته هذه وتهدئة مخاوفه المفهومة تماماً؛ بما فيها مخاوفه من المستقبل والأعباء المادية التي سترتبها عليه رعاية الطفل كالمأكل والملبس، أو حتى الاضطرار للانتقال إلى منزل أكبر. تخيف هذه الجوانب المادية الأب لأنه حتى إذا كانت لدى الأم وظيفة أيضاً، فإن إدارة شؤون الأسرة ستقع على عاتقه. إضافةً إلى كل ذلك؛ يجب ألا ننسى أن ماضي الرجل وظروف علاقته بوالده ووالدته قد يكون لهم التأثير الأكبر في نظرته إلى نفسه كأب؛ إذ إنه يستحضر الكثير من جوانب حياته مع والديه عندما يصبح أباً.

هل تتيح تحضيرات ما قبل الولادة اليوم للأب أن يشارك فيها؟

في الحقيقة لا تتيح التحضيرات الأساسية خلال فترة ما قبل الولادة أن يكون للأب دور فيها، لأنه وبخلاف الاحتياجات النفسية للأم في هذه المرحلة فإن الحصول على المستلزمات المادية أصبح عملية سهلةً ومن ثم فإنها تتولى هذا الأمر وحدها. ولكن على الرغم من ذلك فإن هنالك دوراً مهماً للأب؛ إذ تقدم بعض الممارسات مقترحات حول كيف يمكنه أن يساعد الأم في مرحلة الاستعداد للولادة وصولاً إلى يوم الوضع. على سبيل المثال يمكن للأب استخدام طريقتيّ التدليك والملامسة لتخفيف آلام الأم في أثناء عملية الولادة. إضافة إلى ذلك؛ يمكن استخدام طريقة “الولادة بالتنويم المغناطيسي” وهي طريقة تحضير نفسي للولادة مستمدَّة من طريقة التنويم المغناطيسي الإريكسوني. وأنا أطلب من الأب دائماً أن يحضر على الأقل الجلسة الأولى من جلسات تعليم هذه الطريقة، ويتمحور دوره بعد ذلك حول مساعدة الأم على الدخول في حالة وعي معدَّل خلال عملية الوضع. ومع ذلك فإنه من الضروري معرفة أن المرأة قد ترفض اقتراب زوجها منها وتطلب منه التنحي جانباً في أثناء عملية الولادة بسبب تأثير الألم فيها، كما أن لتجربة الزوجين مع مرحلة الحمل وأثر هذه المرحلة فيهما، دوراً في مرحلة الولادة.

هل أدت الولادة في المستشفيات إلى منح دور جديد للأب في مرحلتيّ الحمل والولادة؟

كان الدور الرئيس للقابلة هو مرافقة المرأة خلال مرحلة الولادة، فالقابلة هي امرأة أيضاً وسبق لها أن وضعت مولوداً ومن ثم ستكون أقدر من الرجل على فهم احتياجات المرأة في أثناء عملية الولادة. أما اليوم فتتعامل ممرضة التوليد في معظم الأحيان مع عدة ولادات؛ ما يعني أنه لن يكون لديها دائماً الوقت الكافي لتقدم الدعم للمرأة التي تضع مولوداً، فقد أصبح اختصاصها اليوم تقنياً نوعاً ما. لذا فإنه يمكن للأب أن يتولى مهمة تقديم الدعم العاطفي والمعنوي للأم في أثناء الولادة ولكن هذه المهمة تتطلب منه استعداداً لتقبّل الظواهر المرافقة لعملية الوضع كالانقباضات الشديدة التي قد تثير اضطرابه. ومن جهة أخرى فإن عليه أن يضبط مشاعره لكي لا يضيف إلى معاناة الأم من الألم معاناةً أخرى، وألا يتدخل في عمل الفريق الطبي فيقول لها إنها لا تضغط بما فيه الكفاية على سبيل المثال. أخيراً، ليتمكن الأب من فهم حدث حساس كالولادة فإنه من الضروري أن يعبر عن كل مكنونات نفسه فيما يخص ظروف علاقته بوالده ووالدته، فالكلام عن هذه المخاوف ضروري حتى لو بدا ذلك صعباً.

error: المحتوى محمي !!