الكرونوفوبيا: لماذا يرتعب البعض من مرور الوقت؟ وماذا يفعلون للتغلب على خوفهم؟

2 دقيقة
الكرونوفوبيا
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: يعيش البعض هاجساً من أن الوقت الذي يمتلكونه لن يكفي للقيام بما يودون فعله، وتلك المخاوف إذا كانت في حدودها الطبيعية فهي مقبولة، لكن أحياناً يتحول الخوف من مرور الوقت إلى رهاب يُعرف بالكرونوفوبيا، فما أسبابه؟ وكيف يمكن علاجه؟ الإجابة الوافية في هذا المقال.

لاحظت مؤخراً أنني عندما أخطط لحياتي اليومية أعيش قلقاً شبه دائم تجاه مقدرتي على إنجاز مهامي قبل فوات الأوان، أو كما قال الشاعر الفلسطيني محمود درويش: "أحاصر دائماً شبحاً يحاصرني"، فعلى مدار اليوم أنظر مرات لا نهائية إلى ساعتي، وأواصل الركض متمنياً أن تبطئ عقارب الساعة حركتها، وحين تأملت ما يحدث معي قليلاً وجدته ربما يكون متصلاً بما يُعرف برُهاب الزمن أو الكرونوفوبيا (Chronophobia).

ويشير الطبيب النفسي أحمد فوزي صبرة إلى أن المصاب بالكرونوفوبيا يخاف من المستقبل ويفكر فيه كثيراً، كما يكون قلقاً من مرور الوقت؛ وذلك يجعله يعيش ضغطاً نفسياً يؤثر سلباً في حياته. وحتى تكتمل الصورة؛ سنتعرف في هذا المقال إلى الأسباب المؤدية للإصابة بهذا النوع من الرهاب وكيفية التعافي منه.

ما أسباب الإصابة بالكرونوفوبيا؟

تتنوع الأسباب المؤدية إلى الإصابة بالكرونوفوبيا، وأهمها:

1. التقدم في السن: يعاني كبار السن، وخاصة المصابين منهم بأمراض مزمنة، الخوف من انتهاء حياتهم في أي لحظة، ولذا يرافقهم هوس مراقبة الأيام المتبقية في حياتهم، ويرتبط هذا الهوس بالخوف من مرور الوقت.

2. التعرض لتجربة سجن: تختلف نظرة الشخص الذي مر بتجربة السجن إلى الوقت؛ فهو يشعر أن الوقت يمر إما ببطء شديد وإما بسرعة شديدة، ويعيش أيضاً واقعاً مقارباً لتجربة كبار السن، فهو يعد الأيام عداً تنازلياً حتى يحين موعد إطلاق سراحه.

3. الإصابة ببعض الاضطرابات النفسية: تزيد احتمالية الإصابة بالكرونوفوبيا عند المصابين ببعض الاضطرابات النفسية، وأهمها اضطراب القلق العام، والاكتئاب، ونوبات الهلع، وبعض أنواع الرهاب الأخرى.

4. المرور بتجربة مؤلمة: يظهر رهاب الزمن أحياناً بعد التعرض لتجربة صعبة مثل الكوارث الطبيعية التي تؤدي إلى تعطل الروتين اليومي وتوقف الحياة بدرجة كبيرة، وفي بعض التجارب الأخرى يفقد الشخص قدرته على تحديد الوقت، ما يجعله يخاف منه لاحقاً.

اقرأ أيضاً: هل يمكننا تعويض الوقت الضائع؟ ولماذا علينا التوقّف عن التحسّر عليه؟

تعرف إلى الأعراض النفسية والجسدية للكرونوفوبيا

يشترك رهاب الزمن في أعراضه مع بعض أعراض القلق النفسية والجسدية، مثل:

  1. المعاناة من نوبات الهلع.
  2. مواجهة صعوبات في النوم.
  3. جفاف الفم.
  4. الغثيان.
  5. الدوخة
  6. تعرق اليدين أو القدمين.
  7. تسارع دقات القلب.
  8. الشعور بالعصبية أو الذعر أو عدم الارتياح.

كما قد تظهر أحياناً أعراض أكثر صلة بالوقت، منها:

  1. الشعور بأن الوقت يمر ببطء شديد أو بسرعة شديدة.
  2. الخوف من المستقبل وتجنب التخطيط له.
  3. تسارع الأفكار.
  4. مواجهة صعوبة في وضع الخطط أو الالتزام بالمواعيد النهائية.
  5. الخوف الدائم من فكرة "فوات الأوان".

اقرأ أيضاً: 3 استراتيجيات فعالة لتتغلب على عمى الوقت وتلتزم بمواعيدك

كيف يمكن تشخيص الكرونوفوبيا وعلاجها؟

في حال إذا كان لدى شخص ما أو عند المحيطين به شك في إصابته برهاب الزمن فعليه أن يتوجه إلى مختص الصحة النفسية الذي سيسأله عن الأعراض التي يعانيها، وإذا ما كان قد تعرض لصدمات سابقة في حياته، وأيضاً مدى تجنبه التفكير في الماضي أو المستقبل، ومن أجل تأكيد تشخيصه بهذا النوع من الرهاب يجب أن يستوفي الشروط التالية:

  1. استمرار الخوف من الوقت ستة أشهر على الأقل.
  2. عرقلة الخوف من الوقت لجوانب أخرى من الحياة، مثل الحياة المهنية أو الاجتماعية أو التعليمية.
  3. ظهور القلق بدرجة ملحوظة عند مرور الوقت أو التذكير به.

أما العلاج فيتضمن مسارات عدة، تشمل:

  1. العلاج المعرفي السلوكي: يستهدف هذا النوع من العلاج التفكير في الرهاب بطريقة مختلفة، فعن طريقه يحاول المعالج النفسي مساعدة المريض على فهم مخاوفه من الوقت والتحكم في كيفية استجابته لها.
  2. ممارسة التأمل: يمكن لتمارين التنفس واليقظة الذهنية واليوغا مساعدة المصاب برهاب الزمن على تهدئة توتره، ومن ثم تعزيز إمكانية مواجهته مخاوفه والسيطرة على قلقه.
  3. العلاج الدوائي: لا يوجد دواء محدد لعلاج رهاب الزمن، لكن الطبيب النفسي يصف أحياناً بعض المهدئات أو مضادات الاكتئاب، لتخفيف أعراض الرهاب.

اقرأ أيضاً: ما هي المجاعة الزمنية؟ وكيف تكسب المزيد من الوقت لتحقق سعادتك؟

المحتوى محمي