ماذا تعرف عن اضطراب عشق السرير؟ وكيف تتغلب عليه؟

3 دقائق
الكلينومينيا
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: مهدي أفشكو)

ملخص: الكلينومينيا أكثر من مجرّد الرغبة في النوم ساعة إضافية؛ إنه حالة نفسية مرتبطة بالقلق والاكتئاب وربما بأسباب صحية أخرى كامنة، فتعرّف إلى أعراض هذا الاضطراب وأسبابه في هذا المقال.

من الطبيعي أن نفضّل البقاء في السرير ساعة إضافية للنوم أو لمجرّد الاستلقاء؛ لكن يبدو أن هذه الرغبة غير المضرّة تماماً قد تتحوّل إلى اضطرابٍ حقيقي عندما يجد البعض صعوبةً كبيرة في ترك سريره إلى درجةٍ تعوق قدرته على عيش حياة صحية وطبيعية.

إذ قد يرتبط قضاء الكثير من الوقت في السرير باضطراب نفسي يسمَّى بـ "الكلينومينيا" (Clinomania). ويوضّح أستاذ الطب النفسي، هاشم بحري، إنها حالة تُضعف القدرات الاجتماعية للشخص المصاب وقد تؤدّي إلى الاكتئاب الشديد. ويحتاج المُصاب إلى تغيير نمط حياته لعلاجها.

ويصيب هذا الاضطراب النفسي، بصورته غير المرضية، ما يصل إلى 70% من الأشخاص الذين عانوا خلال حيواتهم نتيجة المواقف المُجهدة غير المزمنة؛ حيث توفّر الأسرّة والبطانيات أماكنَ أشبه بأرحام الأمهات التي شعروا فيها بالأمان والحماية.

6 أعراض للكلينومينيا أو اضطراب عشق السرير

الكلينومينيا (Clinomania) أو اضطراب عشق السرير كما يُشار إليه، هو اضطرابُ قلق يتميّز بالعزوف الشديد عن النهوض من السرير، ويرتبط غالباً بحالاتٍ مثل الاكتئاب ومتلازمة التعب المزمن (Chronic Fatigue Syndrome). وقد قد تكون له مسبّبات صحية أخرى؛ مثل الوهن العصبي الناتج من اضطراب عصبي، أو جذور نفسية ناجمة عن اضطرابات القلق.

ويعاني الأشخاص المصابون بهذه الحالة الرغبة القوية وغير الطبيعية في البقاء في السرير التي قد تصل درجة الهوس؛ ما يفسّر سبب التسمية المشتقة من الكلمتين اللاتينيتين: "Clin" بمعنى "سرير"، و"Mania" بمعنى "الجنون" أو "الهوس". ويصاحب شعور الرغبة في البقاء في السرير انخفاض الدافع والخمول، وفقدان الأمل في المستقبل، وصعوبة التركيز. بالإضافة إلى الأعراض والعلامات التالية:

  • الصعوبة البالغة في النهوض من السرير.
  • تقلبّ الحالة المزاجية.
  • فقدان القدرة على الاستمتاع في أثناء الخروج.
  • التعرّض إلى اتهامات الآخرين بالكسل والمماطلة.
  • التخلّي عن الرعاية الذاتية.
  • الأرق أو فرط النوم.

اقرأ أيضاً: ما فوائد ظاهرة التعفن في السرير التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، وأضرارها؟

كيف تفرّق بين اضطرابَيّ كلينومانيا وديسانيا؟

على الرغم من تشابههما، فإن اضطراب "ديسانيا" (Dysania) واضطراب كلينومانيا مختلفان تماماً، فالأشخاص الذين يعانون هذا الأخير يميلون إلى البقاء نائمين أو مستلقين في السرير طوال اليوم، وقد يواجهون صعوبة مطلقة في النهوض من السرير.

بينما اضطراب ديسانيا هو حالة تجعل الشخص يستلقي في السرير مدة ساعة أو ساعتين بعد انطلاق المنبّه. وكلتا الحالتين لا تُعدّان تشخيصاً رسمياً معترفاً به؛ لكنّ لهما التأثير السلبي ذاته في حيوات الأشخاص؛ حيث يصبح من الصعب جدّاً الحفاظ على التزامات العمل أو الارتباطات الاجتماعية.

ما الذي يمكن أن يسبّب الكلينومينيا؟

يؤكّد المختص النفسي، هاشم بحري، إن أحد أسباب الإصابة بالكيلنومينيا هو الرغبة في الهروب من الواقع، والإحساس بالفراغ الذي قد يسهم فيه انتشار استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي؛ بينما يذهب مختصون آخرون إلى أن الأسباب قد تكون متنوعة وتختلف من شخصٍ إلى آخر غير أن أغلبها له جذور نفسية مثل القلق والاكتئاب.

حيث تنشأ هذه الحالة بسبب صعوبة مواجهة مشكلات الحياة الواقعية؛ ما يدفع الأفراد إلى البحث عن الراحة في أسرّتهم الآمنة؛ إذ يرون فيها ملاجئ توفّر لهم الشعور بالأمان والهدوء. ويُعد كل من المخاوف، وانعدام الأمن، والهجر الاجتماعي، والتنمّر، والاكتئاب، والصدمات النفسية من العوامل التي تؤثّر في تطوّر الكلينومينيا.

وينخرط المصابون وهم في مساحتهم الآمنة؛ أيّ السرير، أنشطة مثل القراءة أو مشاهدة الأفلام، بوصفها وسائل للانفصال عن مشكلاتهم. وعلى الرغم من ذلك، فإن هذه الأنشطة لا تقدّم لهم سوى راحة مؤقتة؛ ما يؤكّد الحاجة إلى معالجة الجانب النفسي.

كيف تؤثّر الكلينومينيا في الصحة النفسية؟

بينما يُعد الاكتئاب أحد المسبّبات المحتملة للإصابة باضطراب عشق السرير، يمكن أن تنجم عن هذه الحالة أعراض اكتئابية طويلة الأمد، إضافة إلى التأثيرات النفسية التالية:

  • الشعور بالوحدة وانعدام التفهّم: يتوقّف المصاب عن ممارسة الأنشطة الاجتماعية والتفاعل مع الآخرين؛ ما يغذّي الحلقة المفرغة فيزيد مشاعر اللامبالاة والارتباك والوحدة.
  • العزلة الاجتماعية: حين يعزل الشخص نفسه في سريره عن العالم الخارجي يكون ذلك إشارة واضحة إلى إصابته.
  • الشعور بالحزن: يؤدّي كل من عدم الاكتراث واللامبالاة وانعدام الدافع إلى قضاء المزيد من الوقت في السرير؛ ومن ثَمّ إلى الكآبة.
  • الشعور بالذنب: يسبّب قضاء الكثير من الوقت في السرير الشعور بعدم الكفاءة والذنب.

كيف تواجه الكلينومينيا دون أدوية؟

قد تكون أساليب المساعدة الذاتية أو الدعم من أفراد العائلة أو الأصدقاء فعّالة إذا كنت تعاني أعراض مرحلة مبكرة من الكلينومينيا؛ إذ إن الحفاظ على الإيجابية بوساطة التفاعل مع الموارد التحفيزية مثل الكتب أو القصص، يمكن أن يساعد على التغلّب على المشكلة في بدايتها.

بالنسبة إلى الحالات غير المَرضية المرتبطة بالإجهاد، تشمل الاستراتيجيات التي يُنصح بها تعديل عادات النوم لبلوغ من 6 إلى 9 ساعات من النوم كلّ ليلة؛ إذ يمكن أن تقدّم تقنيات الاسترخاء مثل الحمام الدافئ أو شاي الأعشاب قبل النوم، وتمرينات اليوغا الخفيفة، فائدة كبيرة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن تجنّب استخدام الأجهزة الإلكترونية في السرير والحفاظ على حياة حميمية صحية يسهم في تعزيز الراحة، وتجديد الطاقة في الصباح. أما إذا كان الاضطراب مزمناً، فإن طلب المساعدة المتخصصة من خلال العلاج النفسي أمر بالغ الأهمية، وفي حالات الاكتئاب الشديد، قد يوصى أيضاً بالعلاج الدوائي.

اقرأ أيضاً: تعرّف إلى نمط نومك من بين هذه الأنماط الخمسة

وختاماً، قد تتشابه الكلينومينيا في أعراضها مع حالات أخرى مثل اضطراب ديسانيا، وقد تخفي وراءَها أسباباً صحية أو نفسية تستدعي التدخّل الطبي. لذا؛ ننصح بزيارة الطبيب إن كنت تعاني تأثيرات اضطراب عشق السرير منذ مدة طويلة دون تحسّنٍ واضح. وفي الحالات كافة، فقد يساعدك المُعالج النفسي على إجراء تغييرٍ شامل لنمط حياتك.

المحتوى محمي