ما هو اضطراب تشوه الجسم؟ ولماذا ينتشر بين المشاهير على نحو أكبر؟

في 17 يوليو/ تموز عام 2023، نشر المغني البريطاني روبي وليامز رسماً كاريكاتورياً على حسابه على إنستغرام أشار به إلى أن نظرة الناس إليه هي التي تحدد وزنه المثالي، وتحدَّث عن علاقته بجسده قائلاً: "يمكنني تأليف كتاب عن كرهي لذاتي بسبب صورتي الجسدية"! اعترف الفنان بصراحة يشوبها نوع من القسوة بأنه يعاني كرهاً محضاً للذات ويشعر بأنه قبيح. وإضافة إلى صراحته حول تدني تقديره لذاته، كشف روبي ويليامز أيضاً أنه يعاني اضطراب تشوه الجسم، وقال إنه لا ينتظر تلقي المجاملات، فسلّط من خلال رسالته هذه الضوء على اضطراب واسع الانتشار، وبخاصة بين المشاهير.

ما هو اضطراب تشوه الجسم؟ وما سبب انتشاره بين المشاهير؟

قبل روبي وليامز، تحدث كلٌّ من بيلي إيليش وميغان فوكس وروبرت باتنسون وماريانا فو عن رحلته مع هذا الاضطراب المحدد. وتقول الطبيبة النفسية مارين كولومبيل (Marine Colombel): "ينجم اضطراب تشوه الجسم عن عدم توافق نظرة المرء إلى نفسه مع صورة جسده في الواقع؛ ما يسبب له أزمة نفسية".

ويرتبط هذا الاضطراب إما بالجسد كله وإما بجزء محدد منه؛ فمثلاً قد يرى المرء أن جسده أنحل مما هو عليه في الواقع أو تتركز نظرته السلبية على شكل أنفه فقط. ويمكن أن يؤدي اضطراب تشوه الجسم إلى العزلة الاجتماعية أو إلى أعراض مرضية أشد مثل الاكتئاب أو فقدان الشهية العصبي؛ لكن السؤال المحير هو: كيف يمكن لشخصيات تلبي العديد من معايير الجمال واللياقة البدنية مثل المشاهير أن تُصاب به؟

تقول مارين كولومبيل: "يؤثر اضطراب تشوه الجسم بشدة في المشاهير لأن صورتهم الجسدية لا ترتبط برؤيتهم لها وشعورهم حيال أنفسهم فحسب؛ بل بنظرة الناس إليهم أيضاً"، وتتابع: "ينظر الناس إلى نجم مثل روبي ويليامز نظرة مبالغاً فيها ومن ثم فإنه يبالغ بدوره في نظرته إلى نفسه؛ لكن حالما ينظر إلى المرآة يواجه صدمة الواقع التي يمكن أن تسبب أزمة نفسية كبيرة للمشاهير". إذاً؛ قد تؤدي الفجوة بين الصورة المثالية التي يتخيلها الجمهور عن الفنان وصورته الواقعية إلى إصابته باضطراب تشوه الجسم.

كيف يمكن علاج اضطراب تشوه الجسم؟

أوضح روبي ويليامز في منشوره إنه حتى لو تمكّن من خسارة الوزن فإنه يواجه مشكلة أخرى وهي التقدم في السن، وأبرز من خلال حديثه مدى التأثير النفسي لهذا الاضطراب. في مقابلة لها مع مجلة سبورتس إليستريتد (Sports Illustrated)، كشفت ميغان فوكس التي اختارتها مختلف المجلات بوصفها أجمل امرأة في العالم، عن إصابتها كذلك باضطراب تشوه الجسم، وأكدت التناقض بين رؤيتها لنفسها ورؤية العالم لها؛ إذ قالت: "لا أرى نفسي أبداً كما يراني الآخرون، ولم أحب جسدي يوماً". وعلى الرغم من أنها لم تعترف أبداً بخضوعها لعملية تجميلية أو إجراء تجميلي، فإن مظهر الممثلة البالغة من العمر 37 عاماً قد تغير كثيراً على مر السنين؛ لكن ذلك لم يغير نظرتها إلى نفسها على الإطلاق.

تقول الطبيبة النفسية مارين كولومبل: "لا يرتبط اضطراب الجسد بمشكلة جسدية بل بمشكلة نفسية"؛ لذلك حتى إذا حسّن المرء مظهره الخارجي فإن صورة جسده من الداخل لن تتغير. وثمة حلول يمكن أن تساعد على تجاوز هذه النظرة السلبية إلى الجسد؛ وهي استشارة مختص في الصحة النفسية، أوالعلاج بالعقاقير، أو ممارسة الأنشطة الحسية مثل الرياضة أو التأمل. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الشفاء من اضطراب تشوه الجسم قد يكون أصعب بالنسبة إلى المشاهير، وتقول المختصة: "عندما لا يكون المرء شخصية معروفة، فإن نظرة الآخرين لن تمثل ضغطاً كبيراً عليه كما يحدث مع النجوم والمشاهير".

أينما ذهب الشخص المشهور، سيتعرف عليه الناس وسيتلقى مجاملات منهم قد لا تعبّر بالضرورة عن الواقع؛ لكن سواء كان المرء مشهوراً أو لا فإن اضطراب تشوه الجسم يسبب الأزمة النفسية ذاتها.