تستند طريقة تحليل الدوافع النفسية إلى مبدأ الاستبطان الذاتي أو مطالعة النفس، وهو نهج يهدف إلى مساعدة المرء على التعامل مع الأزمات الوجودية التي تواجهه والتصالح مع ذاته من خلال اكتشاف رغباته الحقيقية.
ما هي طريقة تحليل الدوافع النفسية؟
يوضح المعالج النفسي والمدرب في معهد التدريب على علم طريقة تحليل الدوافع النفسية (IFPM)، آلان بافيلير (Alain Bavelier) إن أصول هذه الطريقة ترجع إلى الرواية التي ألفها بول دييل (Paul Diel) (1893-1972) والتي تحكي قصة شخصيةخيالية تبحث عن معنى حياتها. وتتمحور هذه الطريقة العلاجية حول التأمل الذاتي أو مطالعة النفس لاكتشاف رغباتنا الحقيقية والخوض في الدوافع التي توجه حياتنا. وكان هذا النهج قد أثار إعجاب آينشتاين إذ كتب رسالةً إلى بول دييل سنة 1937 قال له فيها: "أنا معجب بقوة أفكارك وتأثيرها".
مسار جلسات العلاج
يبدأ العلاج بطريقة تحليل الدوافع النفسية عادةً بجلسة يستمع خلالها المعالج إلى المريض، ويقول آلان بافيلير: "إنها مشابهة تماماً لما يحدث في أثناء جلسة التحليل النفسي؛ إذ يتحدث المريض بالتفصيل عن المشكلة التي دفعته إلى استشارة المختص". ولكن الاختلاف هو أن المعالج لا يعمل بعد ذلك على تفسير مشكلة المريض بل يوجهه نحو اكتشاف أصولها باستخدام طريقة الحساب النفسي التي تساعده على إجراء مطالعة النفس لاكتشاف مفاهيمه الخاطئة حول نفسه والعالم من حوله وعلاقة ما يعانيه بآلية التبرير الذاتي. ويوضح المختص: "نحن نرى دائماً أن الآخرين هم منشأ مشكلاتنا فهم لا يعترفون بمواهبنا ولا يتعاطفون معنا كما يجب، وعلى الرغم من أن ذلك قد يكون صحيحاً فإنه ينطوي على بعض المبالغة لأن كل إنسان هو المسؤول الأول والأخير عن حياته ومن ثم عن الظروف التي تسبب له المعاناة". ومن خلال نهج التأمل الذاتي هذا يساعد المعالج المريض على معرفة أصل مشكلاته المتمثل في دوافعه الوهمية، وفهم ذاته والعالم من حوله فهماً أفضل. وفي نهاية الجلسة يعمل المعالج على تفسير أحلام المريض أيضاً لأنها تقدم صورة أوضح للمشاعر الداخلية مما تفعله الكلمات الواعية، ويمكن تشبيه أهمية تفسير هذه الصور الرمزية في طريقة دييل، بدور الأشعة السينية في الاستشارة الطبية.
متى نلجأ إلى طريقة تحليل الدوافع النفسية؟
يقول آلان بافيلير: "يوصى بطريقة تحليل الدوافع النفسية لأي شخص يواجه تساؤلات وجودية عميقة ومستمرة تسبب له القلق والمتاعب". ومع ذلك، فإن هذا العلاج النفسي لا يحل محل الرعاية النفسية التي يجب أن يتلقاها الأشخاص الذين يعانون اضطرابات عقلية خطيرة (كالذهان، والفصام، وما إلى ذلك)؛ كما أن فعالية الطريقة مرهونة بوجود اتصال فكري حقيقي بين المعالج والمريض.
مدة الجلسة العلاجية وتكلفتها
تتراوح الأسعار لجلسة مدتها حوالي ساعة بين 50-60 يورو؛ لكن قد يوافق بعض المعالجين على خفض أسعارهم وفقاً لحالة المريض المادية وبخاصة إذا كان الأخير في وضع نفسي حرج. ويقول آلان بافيلير: "يجب ألا يصبح المال عقبةً أمام أولئك الذين يعانون". ويمكن أن يقصر العلاج بطريقة تحليل الدوافع النفسية (لا يتجاوز ثلاث أو أربع جلسات) أو يطول تبعاً للحالة. ويختتم المختص قائلاً: "يمكن أن تكون هناك متابعة لعدة سنوات إذا رغب الشخص، بمعدل بضع جلسات في السنة، فيرافق المعالج المريض ويتغير مسار الجلسات تبعاً للمستجدات في حياة الأخير".