3 طرق فعالة لعلاج اضطراب الهلع

5 دقيقة
اضطراب الهلع
shutterstock.com/SomjaiJaithieng

"اصطحبيها للشرفة وتحدثي إليها ولا تتركيها بمفردها"، كانت هذه كلمات إحدى زميلات العمل عندما أُصيبت مديرتي بنوبة ذعر لم أكن أعلم ماهيتها أو أسبابها أو كيفية التعامل معها. جلَسَت وهي غير قادرة على الحركة أو التحدث، وبقيت أنا غير قادرة على التعامل مع هذا الموقف لعدم خبرتي الكافية بالتعامل مع شخص يعاني من نوبة هلع.

ونوبة الهلع هي نوبة مفاجئة من الخوف الشديد تؤدي إلى ردود فعل جسدية قوية، تحدث عندما لا يكون هناك خطر حقيقي أو سبب واضح، ويمكن أن تكون مخيفة للغاية، وفقاً لموقع "مايو كلينيك" (Mayo Clinic).

في حين يعاني الكثير من الناس من نوبة أو نوبتين من نوبات الهلع في حياتهم نتيجة التعرّض إلى مواقف مجهدة لا تتكرر من بعدها هذه النوبات، فقد تتكرر لدى آخرين وتصبح غير متوقَّعَة وتضع الفرد في حالة خوف دائمة من تكرارها، وحينها يكون الأمر قد تطور لاضطراب الهلع، وليس نوبة هلع عابرة.

وعلى الرغم من أن نوبات الهلع نفسها ليست مهدِّدة للحياة؛ إلا أنها قد تكون مخيفة وتؤثر بشكل كبير في جودة حياة الفرد.

ما أنواع نوبات الهلع؟

تختلف نوبات الهلع في عدة أوجه؛ مثل شدتها ومدتها وكذلك أسبابها وأنواعها. يوضح الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5) نوعين منفصلين من نوبات الهلع أو الذعر: نوبات الذعر المتوقعة وغير المتوقعة.

● نوبات ذعر متوقعة

يصاب الشخص بنوبات ذعر أو هلع متوقعة عندما يتعرض لإشارات معينة أو محفزات الذعر. على سبيل المثال؛ قد يتوقع الشخص الذي يخاف من الأماكن المغلقة أن يصاب بنوبة هلع عندما يكون في مصعد أو أماكنَ ضيقة.

● نوبات ذعر غير متوقعة

تحدث هذه النوبات فجأة من دون أي سبب أو إشارة واضحة، وقد يكون الفرد هادئاً تماماً قبل حدوثها؛ كما لا تصاحبها أي إشارات داخلية واعية مثل الشعور بالخوف أو الرهبة الشديدة والقلق، أو إشارات خارجية مثل الرهاب المحدد أو التعرض إلى حدَث أو موقف مخيف.

هل نوبات الهلع مرض عقلي؟

كما تمت الإشارة سابقاً، فهناك فرق بين نوبة الهلع التي قد تحدث عند التعرض إلى مواقف مجهدة، واضطراب الهلع الذي يكون فيه الفرد خائفاً دائماً من حدوث نوبات هلع، وكلاهما يسببان بعض التغيرات في الجسم والدماغ؛ حيث يشعر الفرد بخوف قوي أو قلق شديد، كما قد تحدث مجموعة من الأعراض الجسدية مثل الغثيان والتعرق والرجفة وخفقان القلب.

وكما هو الحال مع العديد من أمراض الصحة العقلية والنفسية، فإن السبب الدقيق لاضطراب الهلع غير مفهوم تماماً. ومع ذلك؛ يُعتقد أن الحالة مرتبطة بمجموعة من العوامل الجسدية والنفسية.

ومن المهم معرفة أن هناك بعض الحالات والاضطرابات الجسدية التي يمكن أن تكون لها أعراض مشابهة لأعراض الهلع؛ مثل:

  • فقر الدم أو الأنيميا.
  • تسارع القلب الأذيني الانتيابي، وهو عبارة عن نوبات من ضربات القلب السريعة والمنتظمة التي تبدأ وتنتهي فجأة.
  • التسمم الدرقي الذي يحدث عند إطلاق كميات كبيرة من هرمونات الغدة الدرقية في مجرى الدم؛ ما يؤدي إلى تسارع ضربات القلب والتعرق والرجفة والقلق.
  • مرض السكري غير الخاضع للسيطرة.
  • أورام الغدة الكظرية.
  • متلازمة السرطان، وهي مجموعة من الأعراض التي تسببها بعض الأورام السرطانية التي يمكن أن تتطور في خلايا جهاز الغدد الصماء.

اقرأ أيضاً:

ماذا يحدث للجسم خلال نوبة الهلع؟

وفقاً للكاتبة المتخصصة في مجال الصحة، كريستين ريتشموند (Christine Richmond)؛ يحدث العديد من التغيرات داخل الجسم والدماغ خلال نوبة الهلع. تأتي هذه التغيرات نتيجة استجابة "الكر أو الفر" التي تتسبب في أعراض جسدية قوية، فعندما تواجه تهديداً يتدفق هرمونا الأدرينالين والكورتيزول إلى مجرى الدم؛ ما يضع الجسم في حالة تأهب قصوى، فتتسارع ضربات القلب لضخ المزيد من الدم إلى العضلات، ويصبح التنفس سريعاً وضحلاً لامتصاص المزيد من الأكسجين، كما ترتفع نسبة السكر في الدم وتصبح الحواس أكثر حدةً.

كل هذه التغييرات التي تحدث سريعاً، تمنح الشخص الطاقة التي يحتاجها لمواجهة الموقف الخطير أو الابتعاد عن مصدر الأذى بسرعة.

كما يحدث عدد من التغيرات في الدماغ والصحة النفسية؛ حيث تصبح أجزاء الدماغ المرتبطة بالخوف واستجابة الكر أو الفر أكثر نشاطاً خلال نوبة الهلع، وتتأثر مستويات هرمون السيروتونين (هرمون السعادة) الذي يؤثر بدوره في الحالة المزاجية.

هل يمكن علاج نوبات الهلع من دون أدوية؟

تتنوع طرق علاج نوبات الهلع بين علاجات دوائية وعلاج نفسي أو مزيج منهما، وتعتمد المدة التي يحتاج فيها المريض إلى لعلاج على شدة الحالة ومدى الاستجابة. وفقاً لموقع "كليفلاند كلينيك" (Cleveland Clinic) تشمل الخيارات:

  • العلاج النفسي: يعد العلاج السلوكي المعرفي (CBT) أو العلاج بالكلام، أحد أنواع العلاج النفسي الفعالة في علاج نوبات الهلع؛ حيث يستطيع المريض مناقشة أفكاره ومشاعره مع اختصاصي الصحة النفسية، ليساعده الاختصاصي على تغيير ردود أفعاله المبنية عليها.
  • مضادات الاكتئاب والأدوية المضادة للقلق: يمكن لبعض الأدوية المضادة للاكتئاب أن تقلل من حدوث نوبات الهلع أو تخفف من حدتها. كما يمكن أن يصف الطبيب الأدوية المضادة للقلق لمنع هذه النوبات.

 اقرأ أيضاً:

هل يمكن الشفاء من اضطراب الهلع؟

يمكن أن تؤثر نوبات الهلع واضطراب الهلع في كل مجالات الحياة تقريباً إذا تُركت دون علاج؛ حيث تضع الفرد في حالة تأهب دائمة لمزيد منها؛ ما يؤثر سلباً في جودة حياته.

مثل كثير من الاضطرابات النفسية؛ يمكن تخفيف حدة نوبات الهلع وتجنُّب تكرارها بتحديد المحفزات التي تسببها، بجانب العلاج النفسي أو الدوائي. بالإضافة إلى ذلك؛ يمكن اتخاذ الإجراءات التالية لتقليل احتمالات الإصابة بنوبة هلع:

  • تقليل استهلاك الكافيين.
  • ممارسة الرياضة بانتظام.
  • اتباع نظام غذائي صحي.
  • السيطرة على التوتر.

كيف يمكنني منع نوبات الهلع؟

الهلع هو شعور مروّع على الرغم من أنه قد لا يؤدي لخطر حقيقي، فهو يسبب العديد من الاستجابات القوية في الجسم والعقل. بالإضافة إلى أهمية استشارة معالج نفسي، فهناك بعض الاستراتيجيات الفعّالة التي تساعد على علاج الذعر، تقدّمها اختصاصية علم النفس السريري في مركز جامعة بوسطن للقلق، إلين هندريكسن (Ellen Hendriksen) في مقالها:

1. تدرَّب على أعراض نوبة الذعر

على الرغم من قوة الاستجابات التي تحدث في الجسم خلال نوبة الذعر والتي يسعى الفرد لتجنبها وعدم استعادتها، فالتدريب واستحضار هذه الاستجابات القوية خارج سياق النوبة الحقيقية يساعد على فهمها بشكل أفضل؛ وبالتالي ستتوقف عن اعتبارها مصدر تهديد حقيقياً.

تمكّنك هذه الطريقة من أن تكون المتحكم في الأعراض، وستتاح لك فرصة التعود وتتعلم أن جسمك قادر على التعامل مع هذه الاستجابات القوية.

لتطبيق ذلك يمكنك، على سبيل المثال، تشغيل جهاز ضبط الوقت لمدة دقيقة واحدة وبذل مجهود بدني قوي تتسارع فيه ضربات قلبك. كذلك، إذا كنت تخاف من الشعور بالدوار؛ اضبط الجهاز لدقيقة واحدة واجلس على كرسي مكتب، ودر به حتى ينتهي الوقت.

في البداية قد يكون الأمر صعباً بعض الشيء، وهذا بالضبط هو الهدف؛ أن تتوقف عند انتهاء المدة المحددة، لا عندما يريد جسمك ذلك. ومع تكرار هذه الممارسة، يصبح الأمر مملاً وعادياً تماماً بالنسبة لك.

2. رحّب بأعراض نوبة الذعر

عندما تبدأ في القلق من حدوث نوبة ذعر أو تشعر ببداية أعراضها، قل لنفسك: "حسناً، أريد المزيد!". سيوقف ذلك الترحيب بأعراض نوبة الهلع من تصعيد وتفاقم شدة النوبة لديك؛ يعود ذلك لانطواء نوبة الذعر على استجابة الكر أو الفر، لذلك عندما تحاول مقاومة الذعر نفسه يتضخم؛ أما عندما ترحّب بإحساس الخوف فلن تواجه قرار الاختيار بين الكر أو الفر.

3. تذكّر أنه مجرد قلق

عندما يرن جرس الهاتف في وقت متأخر من الليل، تكون هناك طريقتان للتفكير؛ إما أن تفكر أن هناك كارثة حدثت ويتصلون بك لإخبارك أو ربما يكون المتصل مخطئاً في الرقم أو شخصاً اختلطت عليه المنطقة الزمنية.

ذلك هو الحال مع القلق؛ بدلاً عن تفسيره على أنه موت محقق فكِّر: "لقد شعرت بهذا من قبل. لم أمت حينها، ولن أموت الآن".

وأخيراً؛ على الرغم من صعوبة نوبات الهلع والقلق الشديد الذي يصاحبها، فقد يبدأ العلاج بتهدئة النفس بعدم اعتبار هذه النوبات أمراً خطيراً؛ بل شيء مزعج تعاملت معه من قبل ويمكنك التعامل معه مرة أخرى.

المحتوى محمي