كيف يمكن للشخص مفرط الحساسية أن ينسجم مع حياته الشخصية والمهنية؟

4 دقائق
فرط الحساسية

وفقاً لمختصي علم النفس؛ يعاني 20% من سكان العالم من "مشكلة فرط الحساسية". وعلى الرغم من أنه لا يمكن اعتبار هذه الحالة الاستثنائية مرضاً فإنها تنطوي على الكثير من الأعراض الجسدية والنفسية. ومع ذلك فإن حالة فرط الحساسية ليست حالةً سلبيةً بالمطلق، فالشخص الذي يعاني من هذه المشكلة يتمتع بقوة الحدس، وهي ميزة ستساعده على التآلف مع محيطه في حال استخدمها بطريقة صحيحة. إذاً كيف تجعل من فرط الحساسية إحدى نقاط القوة لديك؟ هذا ما سنتعرف إليه من خلال السطور التالية.
يسمع الشخص مفرط الحساسية كثيراً عبارات من قبيل: "أنت حساس زيادةً عن اللزوم"، أو "هدئ من روعك فالأمر ليس سيئاً إلى هذا الحد"، أو "أنت ضجِر طوال الوقت"، وتمثل عبارات كهذه نوعاً من الحكم عليه يصعب عليه تحمله في بعض الأحيان، ويشعره بالضعف. بحسب تقديرات مختصي علم النفس، يعاني 20% من سكان العالم من "مشكلة فرط الحساسية"؛ ما يعني أن 1 من كل 5 أشخاص يتسم بحساسية تفوق المعتاد.

يعاني الأشخاص مفرطو الحساسية من صعوبات في التآلف مع محيطهم، فهم يتأثرون بالأصوات والروائح ويشعرون بالعواطف بقوة أكبر بكثير من المعتاد، وهذا هو مصدر معاناتهم المستمرة. إضافةً إلى ذلك يتأثر الشخص مفرط الحساسية بشدة بنظرة الآخرين إليه وآرائهم فيه؛ ما يضعف احترامه لذاته ويجعل عملية اتخاذ القرار لديه تتأثر بمن حوله في معظم الأحيان.

وعلى الرغم من كل هذه المعاناة التي قد تسببها الحساسية المفرطة، فإنها يمكن أن تصبح نقطة قوة حقيقة؛ ولكن ذلك مرهون بتغيير نظرة الشخص مفرط الحساسية إلى نفسه بما يحقق له التآلف مع نواحي الحياة كافة.

كيف يمكن للشخص مفرط الحساسية أن ينسجم مع الحياة الأسرية؟

عندما يعاني أحد أفراد العائلة من فرط الحساسية، سواء كان طفلاً أو أحد الوالدين، فإن الحياة اليومية ستصبح مشوبة بالصعوبات، والخطوة الأساسية الأولى للتعامل مع هذا الوضع هي الاعتراف بهذه المشكلة واستشارة مختص بغية إجراء تشخيص للحالة.

من جهة أخرى فإن مناقشة المشكلة ضمن جلسة عائلية تساعد على تهدئة الأجواء بين أفراد الأسرة، وتتيح لهم تحديد المثيرات التي تحفز ردود الأفعال العاطفية القوية لدى الفرد المعني. وتختلف مثيرات الحساسية من شخص لآخر، فيمكن أن تكون الضوضاء بالنسبة لبعض الأشخاص، أو الفوضى أو حتى سماع كلمات أو عبارات معينة بالنسبة لآخرين.

يجد الشخص مفرط الحساسية نفسه بحاجة إلى إدارة المثيرات بسرعة أكبر مقارنة بالآخرين، وتعد الأنشطة الكثيفة أكثر من اللازم من ضمن هذه المثيرات، وبناءً عليه فإنه من الضروري تعديل مدة أنشطة الشخص مفرط الحساسية أو كثافتها. على سبيل المثال؛ لا داعيَ لأن تصطحب ابنك مفرط الحساسية معك إلى متجر البقالة رغماً عنه إذا كان لا يتحمل الضوضاء وروائح المنظفات. وبالمثل إذا كنت أنت من يعاني من فرط الحساسية، فمن الضروري أن تمنح نفسك بعض الوقت للتخلص من الضغوط المهنية والعائلية، على سبيل المثال من خلال الخروج في نزهة على الأقدام لـ 10 دقائق تريح نفسك خلالها من التوتر الذي يسببه لك محيطك.

كيف يمكن للشخص مفرط الحساسية أن ينسجم في بيئة العمل؟

تمثل بيئة العمل تحدياً حقيقياً للشخص مفرط الحساسية، فقد يفرض عليه اختيار مهنة تسمح له بالتعبير بأريحية عن حساسيته؛ إذ إن هذه الحالة الاستثنائية تؤثر غالباً في إبداع الفرد وقدرته على التواصل بجميع أنواعه.

وعليه فإنه يمكن تعديل حجم العمل المطلوب من الشخص مفرط الحساسية وتحديد مدى تواصله مع الزملاء والمدراء، وجدير بالذكر أن الشعور بنقص الاهتمام والتقدير في بيئة العمل، يسبب ألماً شديداً لدى الأشخاص ذوي الحساسية المفرطة. ولجعل تواصله مع من حوله أكثر يسراً، يُنصح الشخص مفرط الحساسية بتعلم كيفية قول كلمة "لا" للآخرين، لأن معرفة حدود ما يمكنه إنجازه وتوضيح ذلك لمن حوله هو أمر ضروري للحفاظ على توازنه في بيئة العمل أو عند التعامل مع العملاء إذا كان يعمل لحسابه الخاص، ذلك أن المبالغة في إرهاق نفسه وعدم شعوره بفهم الآخرين له سيزيد من توتره. وعلى الرغم من أن مشكلة فرط الحساسية ليست حالةً مرضيةً، فإنه يجب أن نعي أنها تعزز احتمال الإصابة بالاكتئاب أو الاحتراق النفسي.

يتأثر الشخص مفرط الحساسية الذي يعمل في بيئة عمل مؤذية بالنسبة إليه بالكثير من المثيرات، وتمثل الضوضاء، لا سيما في الأماكن المفتوحة، مصدر ضغط نفسي كبير بالنسبة إليه، ويمكن أن يؤدي الضغط وفرط التحفيز هذا إلى إرهاق كبير على المدى الطويل.

كيف يمكن للشخص مفرط الحساسية أن ينسجم مع المجتمع؟

في معظم الأحيان يقضي الشخص مفرط الحساسية حياته محاولاً تلبية المعايير المجتمعية دون أن يشعر بأنه قادر على ذلك؛ إذ تتسم علاقته بالمجتمع بخصوصية معينة، ويسبب له هذا الاختلاف معاناة حقيقية. أفضل طريقة يمكن للشخص مفرط الحساسية من خلالها الانسجام مع المجتمع هي أن يتصالح مع نفسه ويتقبلها، و"ينزع" عن وجهه كل الأقنعة التي لا تمثل شخصيته.

يمكن للشخص مفرط الحساسية أن يحيط نفسه بأشخاص ذوي حساسية شبيهة بالتي يعاني منها؛ إذ إن ذلك يتيح له أكبر قدر من الحرية اللازمة ليكون على طبيعته، وبهذه الطريقة لن يولي أهمية كبيرة لنظرة الآخرين إليه. ولما كان الشخص مفرط الحساسية يعيش حالة تساؤل دائم، فإن ثمة الكثير من الأمور التي تثير اهتمامه، لذا يجب ألا يضع قيوداً لنفسه بل يسعى لاكتشاف العالم وفقاً لرغبته، ورفقة أولئك الذين يمنحونه الحب.

كيف يمكن للشخص مفرط الحساسية إدارة مشاعره؟

يحتاج الشخص مفرط الحساسية إلى إدارة عواطفه المتعددة والشديدة بصورة أكبر مقارنة بالآخرين. وللحفاظ على التوازن والحد من الإرهاق أو الأعراض الجسدية الأخرى، فإنه من الجيد أن يضبط حالته العاطفية ليسمح للدماغ بأن يستجيب للمثيرات استجابةً كافيةً.

ويمكن ذلك من خلال عدة ممارسات متاحة بما فيها الأنشطة النفسية الجسدية كالسفرولوجيا واليوغا التي يمكنها أن تساعده على تحقيق حالة من الهدوء، إضافة إلى ممارسة الفنون التي تساعده على إطلاق العنان لنفسه وتسمح له بالتعبير عن مشاعره؛ كالموسيقى والغناء والرسم. ومن خلال الجمع بين ملكاته الفنية وحدسه؛ يمكن للشخص مفرط الحساسية أن يخلق لنفسه مساحةً من الحرية ويعزز رفاهته النفسية.

المحتوى محمي