ما يجب معرفته لمساعدة المصابين باضطراب انفصام الشخصية

4 دقائق
اضطراب انفصام الشخصية

يُعد الوصم بالعار والتمييز وانتهاك حقوق الأشخاص المصابين باضطراب انفصام الشخصية أمراً شائعاً، وذلك حسب بيانات منظمة الصحة العالمية (WHO) التي نُشِرَت مطلع عام 2022.

وتُقدِّر بيانات المعهد الوطني الأميركي للصحة النفسية والعقلية (NIMH) أن الانتشار العالمي لاضطراب انفصام الشخصية بين الأشخاص من غير الخاضعين لرعاية مؤسسية يصل إلى ما بين 0.33-0.75%.

بالمثل؛ تشير بيانات منظمة الصحة العالمية إلى أن نحو 24 مليون شخص أو 1 من كل 300 شخص، بنسبة تبلغ 0.32%، حول العالم يعانون منه، بينما قد يصل هذا المعدل إلى نحو 1 من كل 222 شخصاً بالغاً بنسبة تبلغ 0.45%.

وجدير بالذكر أن أكثر من ثلثيّ المصابين باضطراب انفصام الشخصية في العالم لا يتلقون رعاية صحية نفسية وعقلية متخصصة، على الرغم من تأثيره بصورة سلبية في جميع مجالات الحياة المختلفة، كما تذكر منظمة الصحة العالمية.

ويبدو هذا الاضطراب واضحاً من خلال آثاره الجسيمة التي تنعكس على الوظائف الشخصية والعائلية والاجتماعية والتعليمية والمهنية لدى المصابين به؛ ما يجعلهم يمرون بظروف صعبة تزيد الأمر سوءاً في كثير من الأحيان.

ما هو اضطراب انفصام الشخصية؟ وما أثره في حياة المصابين به؟ وما علاماته المرضية؟ وكيف ننشر الوعي الفردي والمجتمعي الذي يضمن تبنّي طُرق التعامل الأنسب مع المصابين به؟

اضطراب انفصام الشخصية

يصف مصطلح "انفصام الشخصية" أو الفصام أو الذُهان (Schizophrenia) اضطراباً عقلياً يتميز بخلل في عمليات التفكير والتصورات والاستجابة العاطفية والتفاعلات الاجتماعية، بحسب تعريف المعهد الوطني الأميركي للصحة النفسية والعقلية (NIMH).

وعلى الرغم من أن مسار اضطراب انفصام الشخصية يختلف من فرد لآخر؛ إلا أن هذا الاضطراب عادةً ما يتسم بأنه دائم وشديد إلى حد يجعله مسبباً للإعاقة بمختلف أنواعها؛ حيث يؤثر بصورة خطيرة في طريقة تفكير الشخص وشعوره وتصرفاته فيُفقده شعوره بالواقع وما يدور حوله.

وتشير التقديرات العلمية إلى أنه عادةً ما يتم تشخيص اضطراب انفصام الشخصية في أواخر سنوات المراهقة إلى أوائل الثلاثينيات، ويميل إلى الظهور في وقت مبكر عند الذكور مقارنةً بالإناث، كما تذكر بيانات المعهد الوطني الأميركي للصحة النفسية والعقلية (NIMH).

ما أثر اضطراب انفصام الشخصية في حياة المصابين به؟

يُعد هذا الاضطراب أحد أهم 15 سبباً رئيسياً للإعاقة في جميع دول العالم؛ حيث تتضاعف مخاطر الانتحار والوفاة المبكرة بين المصابين به، إلى جانب أن ما يقرب من نصف المصابين به قد يعانون من اضطرابات نفسية و/أو سلوكية بصفة متزامنة، بحسب المعهد الوطني الأميركي للصحة النفسية والعقلية (NIMH).

كما تزداد حالات الإصابة به سوءاً في حال وجود أمراض مزمنة أخرى تُقلل من جودة الحياة والصحة الجسدية والنفسية والعقلية الممكن تحقيقها مثل أمراض القلب والكبد وداء السكري؛ ما يساهم في ارتفاع معدل الوفيات المبكرة بين الأفراد المصابين به.

والملاحظ من البيانات، ارتفاع التكاليف المالية المرتبطة باضطراب انفصام الشخصية التي تُترجم بصورة مباشرة كتكلفة الرعاية الصحية والنفسية المختصة، أو غير مباشرة كفقدان الإنتاجية والمشاركة المجتمعية لهؤلاء الأفراد في مجتمعاتهم.

ما علامات اضطراب انفصام الشخصية المرضية؟

بحسب منظمة الصحة العالمية؛ يتميز هذا الاضطراب باختلالات جسيمة في طريقة إدراك الواقع والتغيرات في السلوك، ومنها ما يلي:

  • الأوهام المستمرة (Persistent Delusions): فقد يكون لدى المُصاب اعتقاد ثابت بأن شيئاً ما صحيح، على الرغم من وجود أدلة على عكس ذلك.
  • الهلوسة المستمرة (Persistent Hallucinations): قد يمر المُصاب بلحظات منفصلة عن الواقع عندما يسمع أو يشم أو يرى أو يلمس أو يشعر بأشياء غير موجودة.
  • تجارب التأثير أو السيطرة أو السلبية: فقد تكون مشاعر المُصاب أو دوافعه أو أفعاله أو أفكاره لا تتولد من تلقاء نفسها.
  • التفكير غير المُنظَّم: فقد يُلاحظ في أغلب الأحيان على هيئة كلام غير ذي صلة بالواقع وما يدور حول المُصاب نفسه.
  • السلوك غير المُنظَّم: فقد يقوم المُصاب بأشياء تبدو غريبة أو بلا هدف أو تكون لديه استجابات عاطفية غير متوقعة أو مناسبة تتعارض مع قدرته على تنظيم سلوكه.

وعموماً، فقد يلاحظ المحيطون بالمُصاب أعراضاً مرضية وسلبية أخرى مثل الكلام والتعبير المحدود عن المشاعر، عدم القدرة على إظهار الاهتمام أو المتعة، الانسحاب الاجتماعي والغضب الحاد أو تباطؤ الحركات الجسدية والاستمرار في تكرار المواقف غير العادية.

وفي أغلب الأحيان؛ يواجه المصابون بهذا الاضطراب أيضاً صعوبات مستمرة في القيام بمهارات معرفية أو تفكيرية تتعلق بالذاكرة والانتباه وحل المشكلات.

بعض طُرق رفع الوعي باضطراب انفصام الشخصية

كثيرة هي طُرق رفع الوعي التي تقوم على تثقيف الأفراد والمجتمعات حول الاضطرابات النفسية والعقلية؛ والتي تبدأ من معرفة انتشار الاضطراب وكيفية تحديد علاماته المرضية أو حتى خيارات العلاج المتاحة في البيئة المحيطة.

كما تختلف أساليب رفع الوعي الفردي والمجتمعي باختلاف عدد من العوامل التي تؤخذ في الحسبان مثل اللغة والثقافة الصحية وغيرها، في محاولة جديّة لتحييد آثار وصمة العار والتمييز وانتهاك حقوق الأشخاص المصابين باضطراب انفصام الشخصية؛ ومنها ما يلي:

  • ثَقِّف نفسك أولاً: فهم هذه الحالة النفسية بصورة أفضل يساعد في بدء محادثات ناجحة مع الآخرين من حولك؛ ما يجعلها طريقة مناسبة لنشر الوعي وإزالة ترسبات بعض المفاهيم الاجتماعية الخاطئة حول مرض انفصام الشخصية.
  • تفقّد حال أحبائك: فمساعدة الآخرين تبدأ من دائرتك المحيطة من الأهل والأقارب والأصدقاء.
  • استخدم لغةً يسودها التراحم: فقد يكون التواصل مع الآخرين بلطف مخففاً لوصمة العار التي تصحب هذا الاضطراب، ومشجعاً للمصابين في رحلة البحث عن طُرق للتعافي.
  • تطوَّع في مجتمعك: فقد يساعد التطوع في المراكز المجتمعية أو منظمات الصحة النفسية والعقلية في إتاحة فرص مختلفة لفهم الاضطراب والعمل مع المصابين به وتكوين وجهات نظر جديدة وإيجابية في التعامل معه.
  • استفد من منصات التواصل الاجتماعي: فيمكن من خلالها نشر الوعي بمرض انفصام الشخصية ومواجهة الشائعات والمغالطات.

ختاماً؛ من المهم العمل على جميع الأصعدة التي من شأنها تحسين حياة المصابين باضطراب انفصام الشخصية؛ مثل توفير الرعاية المؤسسية الحكومية إلى جانب الرعاية الصحية المختصة ومحاربة التمييز ووصمة العار وانتهاك حقوق المصابين به.

كما يجب على الأفراد المبادرة في تبنّي خطوات جادّة تخفف من الوطأة الجسدية والنفسية والعقلية لهذا الاضطراب، فالتكلفة الفعلية وفقاً لما سبق تتخطى المُصاب نفسه وتُلقي بظلالها على من حوله ومن في بيئته الخاصة والعامة.

المحتوى محمي