هل تؤدي الصدمات النفسية لزيادة خطر الإصابة بالتصلُّب المتعدد؟

3 دقائق
التصلُّب المتعدد

ما بين مشكلات نفسية وبدنية مزمنة، تتعدد الأمراض والاضطرابات الناتجة عن التعرُّض لصدمات نفسية خلال المراحل العمرية المختلفة؛ الأمر الذي أُجري حوله العديد من الدراسات لمدى أهميته على صحة الأفراد، وكذلك حالتهم الاجتماعية والاقتصادية في مراحل عمرهم اللاحقة.

على سبيل المثال؛ أظهرت دراسة منشورة في مجلة هيلث سايكولوجي أوبن (Health Psychology Open) ارتباط الصدمات النفسية وأحداث الحياة المجهِدة بزيادة خطر الإصابة باضطرابات المناعة الذاتية مثل التصلب المتعدد (MS) .

وأوضحت دراسة أخرى سويدية أجراها باحثون من قسم علم الأعصاب السريري بمستشفى جامعة كارولينسكا بستوكهولم، وجود صلة بين الضغوط في حياة البالغين؛ مثل فقدان أحد المقرّبين أو الطلاق أو الصراع النفسي الداخلي، ومرض التصلُّب المتعدد.

كما تُعتبر تجارب الطفولة السيئة؛ مثل الإساءة والإهمال، أنواعاً شديدة من الإجهاد، وتزيد من مخاطر الاضطرابات النفسية والجسدية في مرحلة البلوغ؛ بما في ذلك أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان وأمراض المناعة الذاتية، بحسب دراسة أميركية منشورة بدورية "الطب النفسي الجسدي" (Psychosomatic Medicine).

إذاً، فما هو الرابط بين الصدمات النفسية ومرض التصلُّب المتعدد؟ وكيف يمكن أن تؤدي هذه الصدمات للإصابة به؟

التصلُّب المتعدد

وفقاً لموقع مستشفى جونز هوبكنز، فالتصلُّب المتعدد (MS) هو مرض مزمن يصيب الجهاز العصبي المركزي، وهو أحد أمراض المناعة الذاتية التي يهاجم فيها الجسم نفسه عن طريق الخطأ.

قد يعاني بعض الأشخاص المصابين بمرض التصلب العصبي المتعدد من أعراض خفيفة، بينما قد يفقد آخرون قدرتهم على الرؤية بوضوح أو الكتابة أو التحدث أو المشي عندما يتعطل الاتصال بين الدماغ وأجزاء أخرى من الجسم.

تتمثّل الأعراض الأكثر شيوعاً لمرض التصلُّب المتعدد في:

  • عدم وضوح الرؤية أو ازدواجها.
  • فقدان الرؤية بسبب التهاب العصب البصري.
  • ألم وصعوبة في المشي.
  • التنميل أو الشعور بالوخز.

وتتمثَّل أعراضه الأخرى في:

  • ضعف عضلات الذراعين والساقين.
  • التشنج.
  • الإعياء الذي قد يحدث بسبب النشاط البدني الشديد ويخف مع الراحة.
  • تعب مستمر لا يزول.
  • فقدان الإحساس.
  • مشاكل الكلام وفقدان السمع.
  • رعشة ودوخة.
  • مشاكل الأمعاء والمثانة.
  • الاكتئاب.
  • تغييرات في الأداء الجنسي.

صدمات الطفولة وخطر الإصابة بالتصلُّب المتعدد

أشارت دراسة نرويجية حديثة نُشرت في 4 أبريل/نيسان 2022 في مجلة " جراحة المخ والأعصاب والطب النفسي" (Neurology Neurosurgery & Psychiatry) إلى احتمالية وجود ارتباط بين صدمات الطفولة وزيادة خطر الإصابة بالتصلب المتعدد في وقت لاحق من الحياة بين النساء. كان ذلك الارتباط أقوى بالنسبة لمن تعرضن للاعتداء الجنسي والجسدي، وأشكال أخرى من الإساءة.

يعود ذلك لقدرة صدمة الطفولة على تغيير جهاز المناعة؛ ما قد يزيد من خطر الإصابة بأمراض المناعة الذاتية. كما يرتبط سوء المعاملة والإهمال والحياة المنزلية الفوضوية، بزيادة خطر الإصابة بسوء الصحة العقلية والبدنية في مرحلة البلوغ.

اعتمد الباحثون في هذه الدراسة على بيانات ما يقرب من 78,000 امرأة حامل شاركت في الدراسة بين عاميّ 1999 و2008. تمت مراقبة صحتهن حتى نهاية عام 2018، ثم تم جمع المعلومات حول إساءة معاملتهن خلال مرحلة الطفولة -قبل سن 18- من خلال الردود على استبيان، في حين تم الحصول على تأكيد تشخيص التصلب المتعدد من بيانات سجلات المستشفيات.

الاعتداء الجنسي والإساءة العاطفية من عوامل الخطر

أوضحت 14,477 امرأة أنهن تعرضن للإيذاء في مرحلة الطفولة، بينما قالت 63,520 امرأة أنهن لم يتعرضن لذلك. كانت النساء اللواتي لديهن تاريخ من سوء المعاملة أكثر عرضة لأن يكنّ مدخنات حالياً أو سابقاً -أحد عوامل الخطر المعروفة للإصابة بمرض التصلب المتعدد- لمعانتهن من أعراض الاكتئاب.

كان الارتباط الملحوظ بين صدمات مرحلة الطفولة النفسية والتصلُّب المتعدد هو الأقوى فيما يتعلق بالاعتداء الجنسي بنسبة 65%، يليه الإساءة العاطفية بنسبة 40%، والإيذاء الجسدي 31%.

يعزو الباحثون ذلك إلى أن إساءة معاملة الأطفال قد تؤدي إلى تعطيل إشارات الدماغ ومحور ما تحت المهاد، الغدة النخامية أو الكظرية؛ ما يؤدي إلى تغيرات فوق جينية قد تزيد من الخطر الاضطرابات التنكُّسية العصبية؛ بما في ذلك مرض التصلب المتعدد.

وخلصوا إلى أن الفهم الأفضل لعوامل الخطر وتوقيت التعرُّض للمخاطر قد يفتح أبواباً للوقاية من ذلك المرض، مع فهم أفضل لآلياته.

وأخيراً، فبجانب عوامل الخطر البيئية الأكثر اتساقاً للإصابة بمرض التصلب العصبي المتعدد؛ والتي تشمل انخفاض مستويات فيتامين د، انخفاض التعرض لأشعة الشمس، السمنة والتدخين؛ تُظهر الدراسة الحديثة عامل خطر شديد الأهمية، وهو صدمات الطفولة النفسية، خاصة الاعتداء الجسدي والجنسي والعاطفي.

نصائح للدعم النفسي لمصاب التصلُّب المتعدد

إذا كنت تعاني من التصلُّب المتعدد، ستساعدك تلك الخطوات في الشعور بالتحسُّن والتحكُّم في حالتك المزاجية:

  1. ممارسة الرياضة بانتظام: يخفف النشاط والحركة البدنية من التوتر، كما أنه ذو تأثير إيجابي على المواد الكيميائية في الدماغ التي قد تؤدي للاكتئاب، ولكن يجب استشارة الطبيب أولاً حول نوع التمرين الأفضل لك.
  2. إدارة التوتر: على الرغم من أن التوتر هو جزء من الحياة اليومية، إلا أنه كلما أمكنك تخفيف حدته، كان ذلك أفضل لصحتك البدنية والنفسية. سيساعدك في ذلك تمارين التنفس واليوغا والتأمل.
  3. البقاء على اتصال مع الآخرين: إن وجود شبكة دعم جيدة هو أمر مهم للجميع بشكل عام، ولكن عندما تكون مصاباً بمرض التصلُّب المتعدد، يكون ذلك الأمر بالغ الأهمية؛ حيث يساعدك البقاء على تواصل مع العائلة والأصدقاء في تعزيز مزاجك، كما أنه يزيد من احتمالات حصولك على مساعدة إضافية عندما تحتاج إليها.
  4. الراحة والاسترخاء كأولوية: تأكد من حصولك على قسط كافٍ من النوم والراحة لمنح عقلك وجسمك فرصة لإعادة الشحن، ما يعني إمكانية رفض أداء بعض المهام إذا شعرت أنك غير قادر على ذلك.
  5. البحث عن هدف: يعني ذلك الانخراط في مجتمعك من خلال التوعية حول ذلك المرض أو ممارسة الهوايات أو أداء الأنشطة التي تسعدك حقاً؛ سواء بمفردك أو مع الآخرين.

المحتوى محمي