إنجاب طفل أو طفلة ليس بالأمر السهل، فالحمل يثير كماً كبيراً من المشاعر المختلطة، ويؤثر على الأم نفسياً وجسدياً، وتؤثر الحالة النفسية أو نفسية الحامل بدورها على الجنين لفترة طويلة الأمد، لذا من الضروري دعم الأم نفسياً من قبل الزوج، لأن الإنجاب ليس مسؤوليتها وحدها.
ومن المفاهيم الخاطئة عن الحمل أن الهرمونات التي تُفرز خلاله تحمي النساء من الاضطرابات النفسية؛ لكن وفقاً لموقع "ستانفورد ميديسن" فقد أثبتت الدراسات الحديثة أن 20% من النساء الحوامل يتعرضن للمزاج السيئ والقلق في أثناء الحمل.
ومن الشائع للنساء المصابات بالاكتئاب أن ينقطعن عن تناول مضادات الاكتئاب في أثناء الحمل حفاظاً على صحة الجنين؛ وهو ما يسبب انتكاسات نفسية، سواء كانت التقلبات النفسية التي مررن بها سابقة للحمل أو طارئة، فمن الضروري السيطرة عليها للحفاظ على صحة الأم والجنين أيضاً.
ويؤكد موقع "المعاهد القومية للصحة" البريطاني إن تعرض الأم للقلق الشديد قد يسبب اضطراب النوم، والصداع، وفقدان الشهية أو شراهة الطعام؛ ما يضر بصحة الجنين. كما أن التعرض لمستوىً عالٍ من القلق من شأنه أن يسبب ارتفاع ضغط الدم لدى الأم، ويزيد من فرص الولادة المبكرة، وولادة جنين ذو وزن منخفض.
ووفقاً لإحدى الدراسات التي أجرتها الباحثة ليندا وينريب ونُشرت في دورية الطب النفسي الفصلية؛ تصاب نحو 8 إلى 12% من النساء الحوامل بالاكتئاب الذي يؤثر بدوره سلباً على صحة الأم، الولادة والمولود.
ووفقاً للدراسة ذاتها فإن توقف النساء المصابات بالفعل بالاكتئاب عن تناول مضادات الاكتئاب في أثناء الحمل يزيد من خطر تعرضهنّ لانتكاسة نفسية. كل هذا يشير لضرورة الاهتمام بالصحة النفسية للأم في أثناء الحمل.
ما هو تأثير اكتئاب الحمل على الجنين؟
إحدى الدراسات التي حملت اسم تأثير اكتئاب الأم الحامل على الجنين؛ والتي قام بها الباحث تيفاني فيلد، ونُشرت في دورية "سلوك الطفل والنشأة" (Infant behaviour and development) فيزداد اكتئاب الحمل في الأشهر الثلاثة الأولى منه؛ ما يؤثر سلباً على صحة الجنين، وتشمل مضاعفات ما قبل الولادة تشوه المشيمة، تسمم الحمل، والإجهاض.
ووفقاً للدراسة ذاتها؛ تتعرض النساء المصابات باكتئاب الحمل إلى الولادة المبكرة، كما قد يتسبب في ولادة طفل بوزن أقل من الطبيعي، وجدير بالذكر أن انخفاض الوزن عند الولادة هو من أهم أسباب وفيات الأطفال.
تأثير القلق والاكتئاب على نمو السلوك العصبي للجنين
تؤكد إحدى الدراسات التي أجراها الباحث مايكل كينسيلا في مجلة كلينيكال أوبستيتريكس آند جينيكولوجي (Clinical Obstetrics and Gynecology)، أن الصحة النفسية للأم قد تؤثر على المولود طول العمر. وفسرت الدراسة ذلك بأن فترة الحمل مهمة للنمو العصبي للجنين، وتُحدث تغييرات طويلة الأمد على نمو وسلوك الدماغ.
وربطت الدراسات بين تعرض الأم لمواقف عصيبة، والتغيرات الكبيرة في النمو العصبي للأطفال.
كما أن تعرض الأم بشكل مستمر للقلق والاكتئاب أثناء الحمل، قد يكون له تأثير سيئ على الطفل يمتد حتى مرحلة المراهقة.
كيف يمكن تقليل القلق في أثناء فترة الحمل؟
إذا كنتِ تشعرين بالقلق الزائد في أثناء فترة الحمل ينصحكِ موقع "مارش أوف ديمز" بعدة خطوات لتقليل القلق مثل:
- تناول طعام صحي، وأخذ قسط كافٍ من النوم، وممارسة بعض التمارين الرياضية بعد استشارة طبية.
- إذا كان نشاطك اليومي يتضمن القيام ببعض الأعمال المنزلية؛ عليك التقليل منها، وإيكالها لشخص آخر.
- جربي الاسترخاء وتمارين النفس وممارسة اليوغا، فهي تقلل مستوى القلق، وتهيئك للولادة.
- اطلبي الدعم من زوجِك وعائلتك وأصدقائك. يمكنكِ أيضاً تكوين شبكة دعم تضم الأمهات الحوامل.
- إذا كنتِ تعتقدين أنكِ مصابة بالقلق، أو الاكتئاب؛ قومي بزيارة طبيب أو طبيبة على الفور، لأن التدخل المبكر أفضل لصحتِك وصحة طفلِك أو طفلتِك.
وختاماً؛ يجب على الشريك دعم شريكته الحامل، وتقليل عبء الحمل من على كتفيها، سواء بدعمها نفسياً، واصطحابها إلى الطبيب، أو القيام بالنشاطات المطلوبة منها.