كيف تؤثر السمنة في الصحة النفسية للطفل؟

3 دقائق
السمنة وزيادة الوزن لدى الأطفال

تُعد "السمنة وزيادة الوزن لدى الأطفال" والمراهقين مشكلة حقيقية ذات آثار سلبية قصيرة وبعيدة المدى على الجانبين البدني والنفسي؛ حيث تشير إحصاءات عام 2020 بحسب منظمة الصحة العالمية، إلى أن حوالي 39 مليون طفل دون سن الخامسة يعانون من زيادة الوزن أو السمنة مقارنة بنحو 38.2 مليون طفل لعام 2019.
وارتفع معدل انتشار السمنة وزيادة الوزن لدى الأطفال والمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و 19 عاماً بشكل ملحوظ من 4% في عام 1975 إلى ما يزيد عن 18% في عام 2016، لتتخطى الأرقام 340 مليون طفل ومراهق.

إذن، فالأرقام تشير إلى الانتشار الواسع لتلك المشكلة، فماذا عن عواقبها النفسية على الأطفال؟

التأثير النفسي للسمنة عند الأطفال

في إحدى الدراسات التي ركّزت على العواقب النفسية و"النفسية-الاجتماعية" الشائعة لسمنة الأطفال، خلصت النتائج إلى أن السمنة وزيادة الوزن في مرحلة الطفولة يرتبطان بأمراض نفسية مصاحبة كالاكتئاب وانخفاض جودة الحياة والاضطرابات العاطفية والسلوكية، بالإضافة إلى تدني احترام الذات في أثناء الطفولة وافتقار الثقة بالنفس والتي قد تؤدي إلى ضعف الأداء الأكاديمي في المدرسة. يمكن أن تستمر تلك الأعراض حتى سن البلوغ مع احتمال حدوث مشاكل صحية طويلة الأمد.

كذلك، فهؤلاء الأطفال يكونون أكثر عُرضة للإصابة بمشكلات نفسية-اجتماعية أكثر من أقرانهم ذوي الوزن الصحي؛ كالتعرُّض للمضايقات والتنمر، وبالتالي التأثير سلباً على الصحة النفسية.

بالإضافة إلى ذلك، فهناك تداخل واضح بين السمنة واضطرابات الأكل؛ حيث تكون الفتيات أكثر عرضة لمشاكل تقلّب المزاج والأكل المرضي، خاصة في مجتمعات تعطي النحافة صورة اجتماعية أفضل. مما يدفع هؤلاء الفتيات لاستخدام سلوكيات غير صحيّة للتحكم في الوزن مثل القيء واستخدام المليّنات.

ارتباط السمنة بالاكتئاب والشعور بالوحدة

الطفولة، وخاصة الطفولة المتأخرة، هي فترة نمو حرجة تتميز بتغيرات جسدية ونفسية عديدة، كذلك، تعتبر التغيرات الجسدية والمظهر من الاهتمامات الأساسية للمراهقين، وبالتالي فإن السمنة قد تعرضهم لعواقب صحية نفسية سلبية.

لتقييم مدى انتشار الاضطرابات النفسية الشائعة كالاكتئاب والقلق في مجموعة من الأطفال البدناء مقارنة بأولئك ذوي الوزن الطبيعي، أُجريت دراسة بكلية الطب، جامعة الأزهر بمصر، تضمنت دراسة الحالة لـ 60 طفلاً يعانون من السمنة و60 طفلاً من ذوي الوزن الطبيعي، والتقييم النفسي للاكتئاب والقلق لديهم.

أشارت النتائج إلى أن الاكتئاب يبدأ مبكراً في مرحلة الطفولة لدى الأطفال الذين يعانون من السمنة المفرطة، كذلك، كان 46.7% من الأطفال المصابين بالسمنة ضحايا للتنمر ويعانون من الإيذاء اللفظي والجسدي والاستبعاد من الأنشطة الجماعية، ومعدلات الاكتئاب لديهم كانت أعلى بشكل ملحوظ مقارنة بأقرانهم الأصحاء، ما يدعم فكرة أن شدة الاكتئاب ترتبط إيجاباً بمؤشر كتلة الجسم (BMI) والسمنة.

بالإضافة إلى أن الأطفال والمراهقين الذين يعانون من السمنة المفرطة يعانون من تدني احترام الذات وعدم الرضا عن شكل الجسم نتيجة لسخرية الأقران، إلا أنهم يظهرون أيضاً مستويات مرتفعة من الوحدة والحزن، لما يسببه ذلك التدني في احترام الذات من الشعور بالشك بشأن قبولهم اجتماعياً، وتؤدي تلك المشاعر بدورها إلى انخفاض الطاقة والتحفيز.

أساليب العلاج النفسية الفعّالة

ترتبط العديد من مشكلات الطفولة وطرق حلها بالبيئة التي ينشأ فيها الطفل؛ السمنة هي إحدى المشكلات التي تتطلّب تدخُّل في نمط الحياة وإشراك الوالدين في العلاج، بجانب علاجات أخرى، مثل العلاج المعرفي السلوكي (CBT) وتغييرات في النظام الغذائي وروتين النشاط البدني لعلاج السمنة لدى الأطفال والمراهقين بشكل فعّال.

تستخدم الإدارة النفسية لسمنة الأطفال تقنيات مختلفة من العلاج المعرفي السلوكي لإحداث التغيير الإيجابي في سلوك الأكل والتمارين الرياضية للأطفال البدناء. أثبتت بعض تقنيات العلاج المعرفي السلوكي مثل المراقبة الذاتية والتحكم في المحفزات وحل المشكلات فعاليتها في إدارة السمنة لدى الأطفال، وهي تشمل:

  • التثقيف النفسي: تثقيف الوالدين والأطفال حول طبيعة المرض والعملية العلاجية، وكذلك الدور المتوقع منهم.
  • تحديد الأهداف: يشجع تحديد الأهداف الأطفال على تحديد أهداف علاجية سلوكية واقعية وقابلة للتحقيق.
  • المراقبة الذاتية: وهي تقنية تشجع الأطفال على مراقبة نظامهم الغذائي ونشاطهم البدني ووزنهم للحفاظ على مسار التحسن على مدى فترة من الزمن.
  • السيطرة على المحفزات: تتضمن إعادة الهيكلة البيئية بطريقة تعزز الأكل الصحي وزيادة مشاركة النشاط البدني للطفل، على سبيل المثال، يُطلب من الآباء التنزه في الحدائق بدلاً من مراكز التسوق حيث أن لديها القدرة على زيادة النشاط البدني للطفل وفي نفس الوقت تقليل فرصة تناول الوجبات السريعة في المركز التجاري.
  • المكافأة: هو أسلوب أساسي لإدارة السلوك مع الأطفال حيث يتم مكافأة كل تغيير سلوكي بشكل إيجابي من قبل المعالج أو الوالدين.
  • حل المشكلات: والذي يساعد الأطفال على فهم وتعلم خطوات حل المشكلات المختلفة بطريقة بناءة.
  • إعادة الهيكلة المعرفية للأطفال: والتي تساعدهم على تحديد وتحدي أفكارهم السلبية واستبدالها بأفكار بديلة إيجابية للوصول لنتائج أفضل.

إن نمو الأطفال بصحة نفسية وبدنية جيدة لهو أمر مهم حقاً، وعندما تتعرض صحة الطفل لمشكلات كالسِمنة وزيادة الوزن يجب التدخّل فوراً لعلاجها، وعدم تركها حتى تتفاقم وينتح عنها آثاراً سلبية مُضاعَفة. لذلك، يجب على الآباء الوعي جيداُ بما قد يؤثر على صحة أطفالهم النفسية والبدنية، والتعامل بشكل إيجابي لإيجاد حلول فعّالة.

المحتوى محمي