ربما تفكر أن الوقت لم يحن بعد للارتباط والبدء في علاقة طويلة الأمد، فهناك بعض الخطط التي تود أن تنجزها بمفردك. وحين يدفعك الآخرون للارتباط دون رغبة حقيقية منك، فقد تشعر بالتوتر وعدم الارتياح. ذلك أمر طبيعي لا يدعو للقلق! لكن حين يصبح الأمر خوفاً حقيقياً من الارتباط والزواج، ويسبب لك مجرد التفكير في ذلك الأمر أعراضاً مثل التعرق الزائد، أو تسارع نبض القلب، أو يصيبك بحالة من الدوار، فقد تكون مصاباً بـ "رهاب الزواج" (Gamophobia).
ما أسباب الخوف من الارتباط أو الزواج؟
في حين تتوفر إحصاءات حول أنواع الرهاب الأخرى - كرهاب المرتفعات أو العناكب والأفاعي؛ يصعب الحصول على إحصاءات محددة حول رهاب الزواج؛ حيث لا يسعى الكثيرون للحصول على المساعدة أو التشخيص بخصوص ذلك الأمر.
كما قد تختلط بعض أعراضه مع أنواع أخرى من الرهاب؛ مثل: الخوف من الهجر، والخوف من العلاقة الحميمية، وكذلك عدم الثقة بالآخرين.
وفقاً لموقع "هيلث لاين"؛ يمكن أن يتطور هذا النوع من الرهاب في وقت مبكِّر من الحياة بسبب:
- استجابة مكتَسَبة من مراقبة الوالدين أو الأقارب غير السعداء في حياتهم الزوجية؛ والتي ربما نشأت مع انطباع بأن الخلافات في العلاقات الزوجية لا يمكن حلّها، لذلك فأنت لا تريد أن تسير على خطاهم.
- علاقة عاطفية سابقة فاشلة.
- لديك استعداد وراثي للقلق.
- القلق بشأن الالتزامات المالية والمتطلبات الاجتماعية الأخرى.
- التعلّق غير الآمن بمقدم الرعاية خلال مرحلة الطفولة؛ حيث أظهر بحث منشور في مجلة العلاج الأسري المعاصر (Contemporary Family Therapy) أن التعلق غير الآمن بمقدم الرعاية يرتبط بزيادة الخوف من الالتزام لاحقاً.
اقرأ أيضا:
ما أعراض رهاب الزواج؟
إن التفكير العميق قبل الارتباط أو الزواج بشخص آخر هو أمر جيد، وليس مؤشراً للرهاب الذي تظهر أعراضه في شكل:
- الشعور بالرهبة تجاه فكرة الارتباط.
- تنظيم الحياة وفقاً لهذا الخوف وتجنّب أي طريق للارتباط والتعرّف على شركاء.
- التراجع عن العلاقات الجيدة بدافع الهروب، ليس إلا.
- الشعور بالقلق أو الاكتئاب بشأن العلاقات.
كذلك، فمجرد التفكير في الالتزام يمكن أن يؤدي إلى أعراض جسدية مثل:
- تسارع ضربات القلب.
- التعرُّق الزائد.
- ألم الصدر وضيق في التنفس.
- دوار وغثيان.
كيف يمكن التغلّب على رهاب الالتزام والزواج؟
تتمثّل الخطوة الأولى للعلاج في الاعتراف بذلك الخوف وإدراك أنه في وسعك التغيير. كذلك؛ إذا كنت في علاقة، فكن صريحاً تماماً مع شريكك حول هذا الأمر؛ حيث يمكنه مساعدتك في الوقوف على أسباب ذلك الرهاب ومساعدتك في العلاج.
بالإضافة إلى ذلك؛ عليك:
- اكتشاف الأسباب الكامنة وراء مخاوفك. هل علاقاتك السابقة هي ما تخرب سعادتك الحالية؟
- فكِّر فيما تريده وتحتاجه في العلاقة، فربما يكون أنك بالفعل لا تفكّر في الارتباط طويل الأمد، وأن ذلك هو ما تريده، أو ربما أنك تريد الارتباط لكن لديك مخاوف حيال ذلك الأمر.
- قد تكون لديك أسباب وجيهة تماماً لعدم الالتزام؛ مثل اعتقادك أنك ستكون سعيداً أكثر بمفردك.
لكن إذا كنت تعاني بالفعل من ذلك الرهاب، وترى أنه يعيق حياتك ويسلبك حرية الاختيار، فلا بد من السعي نحو العلاج. حيث أظهرت دراسة سويسرية منشورة في مجلة بي إم سي سيكايتري (BMC Psychiatry)، حول مدى تأثير أنواع الفوبيا المحدَّدة على صحة البالغين، أن الإصابة بالفوبيا مرتبطة باحتمالية أعلى للإصابة بأمراض جسدية؛ مثل أمراض القلب، والجهاز الهضمي والتنفسي، وحالات التهاب المفاصل، والصداع النصفي، بالإضافة إلى أمراض الغدة الدرقية.
علاج الخوف من الالتزام والزواج
وفقاً لموقع "فيري ويل هيلث" (Veywell Health)، فهناك بعض الطرق التي تساعد في التغلب على الرهاب من الزواج، تتمثَّل في:
- العلاج المعرفي السلوكي (CBT): يساعد على التعرّف على كيفية تأثير الأفكار على السلوكيات، ومن ثم تغييرها.
- العلاج النفسي الديناميكي (Psychodynamic Therapy): تمنحك جلساته الحرية في التعبير عن مشاعرك العميقة دون الحُكم عليها. قد تكون الجلسات فردية أو جماعية.
- علاج التعرض (Exposure Therapy): يساعد الأشخاص على أن يصبحوا أكثر راحة تدريجياً مع العلاقات والالتزام من خلال التعرُّض تدريجياً لمصدر خوفهم. يقترن هذا النوع من العلاج بتقنيات الاسترخاء؛ مثل التنفس العميق، والتخيل، واسترخاء العضلات التدريجي.
- تقنية الاستثارة الثنائية لحركة العينين وإعادة البرمجة (EMDR): تساعد في تقليل شدة الذكريات المؤلمة، ويمكن أن تكون مفيدةً في علاج اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) وأعراض الذعر.
كذلك، فقد يصف لك المختص مضادات الاكتئاب أو أدوية علاج اضطراب القلق ونوبات الهلع.
وأخيراً؛ على الرغم من أن رهاب الزواج قد يضعف من قدرة الشخص على تكوين العلاقات والحفاظ عليها؛ فإن التواصل المفتوح والتعبير عن المخاوف الدفينة هما الطريقة الأمثل للمضي قدماً في مصلحة الطرفين.