سمة شخصية قد تفسر اكتئاب البعض وقلقهم

الفكرة

كشفت دراسة حديثة قام بها باحثون من جامعة كوين ماري في لندن، بالشراكة مع جامعات أوروبية أخرى، أن الأشخاص أصحاب الحساسية المفرطة للمؤثرات البيئية والاجتماعية معرضون أكثر للإصابة بالاكتئاب والقلق.

المشكلة أن هذه الحساسية تجعل أصحابها يتأثرون بشدة بالضوضاء، وضغوط الحياة، أو حتى مشاعر الآخرين، ما قد يقودهم للإنهاك النفسي.

حللت الدراسة بيانات 33 بحثاً شملت 12,697 مشاركاً من مختلف الدول، معظمهم من طلاب وشباب تتراوح أعمارهم بين المراهقة وأواسط العشرينيات. الهدف كان معرفة العلاقة بين "الحساسية البيئية" وبين الاضطرابات النفسية الأكثر شيوعاً.

لماذا هي مشكلة مهمة؟

لأن نسبة ليست قليلة من الناس (نحو ثلث البشر) يتمتعون بدرجة عالية من الحساسية. هذا يعني أن شريحة كبيرة من المجتمع أكثر عرضة للمعاناة من القلق والاكتئاب، خصوصاً في البيئات الضاغطة. وفهم هذه العلاقة يساعد على وقاية هؤلاء الأفراد ودعمهم على نحو أفضل، سواء في المدارس أو أماكن العمل، أم الحياة اليومية.

ما هي أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة؟

1. يوجد ارتباط قوي بين الحساسية المفرطة والاكتئاب، حيث بلغ معامل الارتباط 0.36، ما يشير إلى علاقة متوسطة إلى قوية.
2. اكتشف الباحثون ارتباطاً مشابهاً مع القلق، بمعامل ارتباط 0.39، ما يعني أن الحساسين جداً أكثر عرضة للشعور بالتوتر والاضطراب النفسي.
3. أظهرت بعض الدراسات التي راجعها الباحثون ارتباط الحساسية أيضاً باضطرابات مثل الوسواس القهري، واضطراب ما بعد الصدمة، والرهاب الاجتماعي، لكن بدرجات متفاوتة.

التوصيات والتطبيقات العملية

1. تعلم مهارات إدارة الضغوط: مارس التأمل أو تمارين التنفس لتقليل الاستثارة المفرطة.
   مثال تطبيقي: طالب جامعي شديد الحساسية يمكنه ممارسة 10 دقائق من تمارين التنفس يومياً لتخفيف القلق قبل الامتحانات.
2. اعمل على الوجود في بيئة داعمة: وفر لنفسك أجواء هادئة وخفف التعرض للمثيرات الزائدة (كالضوضاء أو الجدل الحاد).
   مثال تطبيقي: موظف حساس يعمل في مكتب صاخب يمكنه استخدام سماعات عازلة للضوضاء لتحسين تركيزه.
3. استفد من الدعم النفسي عند الحاجة: لا تتردد في مراجعة مختص إذا لاحظت أن حساسيتك تؤثر في حياتك اليومية أو تسبب أعراضاً مستمرة من القلق والاكتئاب.
   مثال تطبيقي: شاب يجد نفسه ينهار عاطفياً باستمرار بعد خلافات بسيطة قد يستفيد من جلسات علاج معرفي - سلوكي مع مختص نفسي.

• من المهم تأكيد أن بعض التوصيات يمكن تنفيذها فردياً، لكن في حالات الأعراض الشديدة لا بد من استشارة مختص نفسي.

محاذير

معظم الدراسات التي اعتمدت عليها المراجعة كانت دراسات ارتباطية وليست سببية، فهي تثبت وجود علاقة بين الحساسية والاضطرابات النفسية لكنها لا تجزم أن الحساسية وحدها هي السبب المباشر. كما أن أغلب العينات كانت من طلاب أو أشخاص من العامة، وليست عينات سريرية كبيرة.

المصدر

عنوان الدراسة: The Relationship Between Environmental Sensitivity and Common Mental-Health Problems in Adolescents and Adults: A Systematic Review and Meta-Analysis

الترجمة: العلاقة بين الحساسية البيئية ومشكلات الصحة النفسية الشائعة لدى المراهقين والبالغين: مراجعة منهجية وتحليل شمولي

المجلة: Clinical Psychological Science

الباحثون: توم فالكنشتاين، ولوك سارتوري، ومارغريتا مالانكيني، وكريستين هادفيلد، ومايكل بليوس.

تاريخ النشر: أغسطس/آب 2025