هل تشعر بالحسد؟ احذر! قد تكون مصاباً بمتلازمة بروكريستوس

7 دقائق
متلازمة بروكريستوس
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

يرفض البعض تقبل مهارات الآخرين وتفوقهم، فيحاولون إخفاءهم أو إطفاء نورهم. ترجح الأسباب إلى انعدام ثقتهم بأنفسهم أو افتقارهم للمهارات اللازمة. وبالنتيجة، لا يتقدم هؤلاء للأمام، ولا يسمحون للآخرين بالاستمرار. إن هؤلاء مصابون بمتلازمة تسمى "متلازمة بروكريستوس". تعرف إلى هذه المتلازمة وخصائص المصابين بها، وسبل علاجها.

ما هي متلازمة بروكريستوس؟

متلازمة بروكريستوس هي ظاهرة نفسية تتجلى بانعدام الأمن الذاتي والحسد وعدم التسامح تجاه نجاحات الآخرين أو إنجازاتهم. وتشير إلى رفض فضائل الآخرين، وصعوبة إدراك الجوانب الإيجابية التي يتفوقون فيها. تصف سلوك الشخص الذين يحاول إضعاف من يتفوق عليه بأي شكل من الأشكال، والميل إلى احتقارهم أو الاستياء منهم.

بدلاً من السعي لتحسين المهارات وتطويرها، يقرر المصاب الحد من مهارات الآخرين، وبدلاً من محاولة نموه الشخصي وتوسيع آفاقه، يحاول الحد من آفاق الآخرين. لا شك في أن العيش بهذه الطريقة مرهق. وفي الواقع، ليس من المستغرب أن يصاب هؤلاء الأشخاص باضطرابات نفسية، وإذا لم تعالج في الوقت المناسب، فقد تسبب عواقب وخيمة لهم.

تعود تسمية متلازمة بروكريستوس إلى الأساطير اليونانية، وتحديداً قصة بروكرست الذي كان يعيش في ضواحي أثينا وكان يعرض الإقامة على المسافرين الذين يمرون بمنزله. عندما يستلقي الضيف على سريره، يركز على طول ساقيه، فإذا كانتا طويلتين جداً، فإنه يقطعهما حتى تتناسبا تماماً مع السرير. أما إذا كانتا قصيرتين، يكسرهما بمطرقة لإطالتهما بالقوة، وتناسبا طول السرير أيضاً، أي أن بروكرست أجبر الآخرين على الالتزام بمعاييره المثالية للجمال. توضح هذه الأسطورة فكرة إجبار الآخرين على الالتزام بمعيار ثابت، حتى لو كان ذلك يعني قطع جوهره أو تشويهه.

اقرأ أيضاً: ما الذي يشعرنا بالحسد تجاه الآخرين؟

خصائص المصاب بمتلازمة بروكريستوس

يمكن تشخيص إصابة شخص ما بمتلازمة بروكرستوس بالانتباه إلى طريقة تعامله مع الآخرين وتمييز سلوكيات وخصائص معينة مثل:

  • الحسد وعدم التسامح، وصعوبة الاعتراف بفضائل الآخرين أو إنجازاتهم، وغالباً ما يرفض الأفكار أو المشاريع التي يقترحها أولئك الذين يعتبرهم متفوقين.
  • الطموح بالتفوق لدرجة تحمل المسؤوليات جميعها بنفسه ليلاحظ الآخرون قدرته المذهلة على العمل. كما ينزعج عند تكليف الآخرين بالمهام.
  • امتلاك عقدة نقص، والشعور بالتهديد من نجاحات الآخرين، وتفسير التألق أو الموهبة على أنها هجوم شخصي على قيمته الخاصة.
  • التلاعب بالواقع وتشويه الحقائق لتتماشى مع نظرته للعالم، ورفض قبول الحقائق الموضوعية التي تتحدى صورته الذاتية.
  • السلوك العدواني مع التهديدات الملموسة، ومحاولة تقويض الآخرين أو تشويه سمعتهم للحفاظ على مناصبه.
  • الاعتقاد بأن أفكاره صحيحة بالمطلق، على عكس أفكار الآخرين، لذا يصعب عليه عادة التفاعل معهم.
  • الخوف من التفوق عليه، ما يجعله مقاوماً للأفكار أو التغييرات الجديدة التي قد تكشف عن عيوبه.

قد تظهر هذه السمات في حالات سريرية أخرى، لذا من الضروري أن يكون الذي يجري التقييم طبيباً أو مختصاً بالصحة النفسية لتأكيد التشخيص.

اقرأ أيضاً: لماذا يكره البعض نجاحات الآخرين؟ وكيف تتخلص من هذا الشعور؟

البيئات التي تظهر فيها متلازمة بروكريستوس

تظهر متلازمة بروكريستوس عند أشخاص في بيئات مختلفة:

  • البيئة الطلابية والتعليمية: تلاحظ هذه الظاهرة عندما يقدم أحد الطلاب أداء دراسياً متفوقاً، ويقلل المصاب بالمتلازمة من شأن الجهد أو الإنجاز الذي أحرزه، ويوجه له تعليقات سلبية، ويسبب له المضايقات. تجدر الإشارة إلى أن متلازمة بروكرستوس قد تظهر لدى كل من المعلمين والطلاب.
  • بيئة العمل: تظهر هذه الحالة أيضاً في أماكن العمل التي تشهد منافسة شديدة بين الموظفين. وهنا يسعى المصاب بمتلازمة بروكرستوس إلى أساليب تساعده على استبعاد الموظفين الأكثر تأهيلاً وكفاءة منه. يسبب هذا الأمر صعوبة في العمل الجماعي، لأنه لا يتحمل الإحباط ولا يتقبل النقد، ما يؤثر سلباً في العمل.
  • الحياة الاجتماعية: تظهر هذه المتلازمة أيضاً في العلاقات الاجتماعية، ويميل المصاب بها إلى انتقاد أي إنجازات أو فضائل يمتلكها الآخرون، ويقلل من شأنها. يمكن أن يؤدي ذلك إلى خلق التوتر والاستياء بين أفراد العائلة أو في العلاقات الاجتماعية.

اقرأ أيضاً: لماذا نقارن أنفسنا بالآخرين؟

علاج متلازمة بروكريستوس

لحسن الحظ يمكن علاج متلازمة بروكرستوس، ومساعدة المصابين الذين يملكون نية واضحة لتغيير جوانب شخصيتهم. ومن طرق العلاج:

  • العلاج النفسي: ويشمل تحسين جوانب الحياة اليومية للمصاب، مع التركيز على المشاعر والأفكار والسلوكيات المسببة لهذه الحالة، ومساعدته على بناء علاقات أكثر متعة وصحية.
  • الأدوية النفسية: ينصح بتناول الأدوية النفسية تحت اشراف مختص الصحة النفسية، وذلك عندما تؤثر المتلازمة في أداء المصاب لأنشطته اليومية.
  • التعاطف: إن تعزيز التعاطف والرحمة الذاتية في أنفسنا وفي الآخرين، وإدراك أن لكل شخص نقاط قوة ونقاط ضعف، وأهدافاً وتطلعات خاصة به، يساعدان على فهم الاختلافات الفردية فيما بيننا واحترامها. يسمح لنا التعاطف بوضع أنفسنا مكان الآخرين ويساعدنا على فهم دوافعهم والتحديات التي يواجهونها، بدلاً من الحسد أو المقارنة السلبية.
  • الابتعاد عن المقارنة السلبية: من المهم الابتعاد عن المقارنة السلبية للنفس مع الآخرين، بل اعتبارها حافزاً وفرصاً للنمو. وتحويل التركيز من إنجازات الآخرين إلى تحسين الذات، وتشجيع بناء المهارات، فأفضل أسلوب للمقارنة هو "أن تقارن نفسك اليوم بنفسك بالسابق وتخطط كيف تريد أن تكون بالمستقبل وتسعى للتحسين"، وتلك نصيحة محمد الخالدي (دكتوراة في القيادة)، على منصة إكس.

اقرأ أيضاً: كيف أتعامل مع زميل العمل الغيور؟

ختاماً، يعد تقدير التنوع والتميز فيما بيننا طريقة أخرى لمواجهة متلازمة بروكريستوس. ويشمل ذلك تقدير الاختلافات الفردية، وتعزيز الاحترام المتبادل والقبول.

المحتوى محمي