اكتئاب العمل: 5 علامات خطيرة لا تتجاهلها

3 دقيقة
اكتئاب العمل
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

جلست مع أحد أصدقائي قبل عدة أيام أتحدث إليه حول أحواله، وحينما تطرق إلى حياته المهنية أخبرني أن إنتاجيته في الفترة الأخيرة أصبحت متدنية إلى حد كبير، مؤكداً لي أن المشكلة ليست في وفرة العمل لكنها تتمثل في معاناته اكتئاباً جعل أدق تفاصيل أيامه شديدة الثقل.

والحقيقة أن حديث صديقي يعكس العرقلة التي يمكن أن يسببها الاكتئاب لحياة المصاب به، فوفقاً لاستشاري الطب النفسي محمد اليوسف، يجعل الاكتئاب الشخص يستثقل أي مهمة ويتثاقل عن أي نشاط، ويشعر بالإعياء والتعب بمجرد التفكير في القيام بأمر ما، ما يقلل إمكاناته وقدراته ويضعف ثقته بنفسه.

لكن يظل السؤال المهم: ما هي علامات الاكتئاب التي يمكن أن تظهر في مكان العمل؟ وكيف يمكن الاستمرار في الإنتاجية على الرغم من الإصابة بالاكتئاب؟ الإجابة الشافية في هذا المقال.

5 علامات في العمل قد تشير إلى معاناتك الاكتئاب

من حسن حظ صديقي أنه يعرف جيداً علامات الاكتئاب؛ لذا كان واعياً بظهوره منذ البداية، لكن في بعض الحالات الأخرى قد يتخفى ذلك الاضطراب النفسي في علامات معقدة تتعلق بالحياة المهنية، البعض منها قد يبدو من الخارج سلوكاً إيجابياً لكنه في باطنه يخفي معاناة مؤلمة، وحتى يكون الأمر أوضح سنتعرف إلى أهم تلك العلامات:

  1. تفرط في العمل وتستمر في الوجود بمكتبك حتى وقت متأخر لتجنب العودة إلى المنزل خوفاً من الجلوس مع ذاتك، وتلك عادة أكدها لي بعض أصدقائي، أحدهم قال لي: "بصراحة لا أريد أن أجلس وحيداً مع دماغي". فذلك من وجهة نظره سيجعله يصطدم بأفكار شديدة السوداوية، فأحياناً يكون الإفراط في العمل بوابة للهروب من معالجة القضايا والمشكلات المعقدة التي تحيط بالشخص، لذا بالنسبة له يكون التحجج بالوجود في العمل أسهل من مواجهتها.
  2. التحول من شخص اجتماعي يحب الاختلاط بزملائه في العمل إلى شخص يفضل العزلة والجلوس في آخر الغرفة بمفرده، إلى جانب تجنب الاجتماعات والحفلات الجماعية، وعدم مغادرة المكتب حتى في أوقات الراحة لتقليل التفاعل مع الآخرين، وقد يمتد الأمر إلى عدم الرد على هاتف العمل أو البريد الإلكتروني، وهذا ما يعرضه إلى خطر الفصل من الوظيفة.
  3. مواجهة صعوبة في الالتزام بالمواعيد النهائية لتسليم المهام، وكذلك التأخر بكثرة عن مواعيد العمل والاجتماعات، وتعكس هذه العلامة الصراع الذي يعيشه مصاب الاكتئاب، فكل يوم بالنسبة له ساحة حرب يرغم نفسه على النزول إليها.
  4. ظهور نوبات غضب غير مبررة في العمل تشير إلى أن هذا الشخص أصبح سريع الانفعال، فكل إزعاج بسيط يمكن أن يتحول إلى مشكلة كبيرة، ما يجعله يظهر بمظهر الشخص الغاضب من أي شيء وكل شيء.
  5. فقدان الدافع أو الاهتمام لتأدية مهام كان الموظف يستمتع بها في السابق، وظهور سلوكيات تعكس الملل مثل التحديق في شاشة الحاسوب دون هدف، أو التظاهر بالانشغال للتهرب من إنجاز المهام، ببساطة أصبح ذلك الشخص المتحمس في السابق لا يبالي بعمله.

اقرأ أيضاً: "أنت لست وظيفتك": كيف تستوعب الأبعاد المختلفة لذاتك؟

كيف تتعامل مع الاكتئاب الذي يتفاقم بسبب العمل؟

أحياناً تتعقد العلاقة بين عملنا والاكتئاب، فقد نشعر أن وظيفتنا تسببت في تعاستنا، وربما يحدث العكس أيضاً، لذلك حتى تفك هذا الاشتباك إليك مجموعة من الإرشادات التي ستساعدك:

  1. اسأل نفسك هل تحيا حياة صحية؟ أعني: هل تنام جيداً؟ هل حركتك كافية وتمارس بعض التمارين الرياضية؟ هل تعطي جسدك ما يستحق من الراحة؟ هل غذاؤك صحي؟ تساعدك الإجابة عن الأسئلة السابقة في وضع حجر الأساس للتعافي؛ إذ إنه من دون العناصر الضرورية الموضحة في الأسئلة غالباً ستضطرب حالتك النفسية، والإجابات في الوقت نفسه قد تخبرك بحاجتك الماسة إلى ضبط بوصلة حياتك لتجعلها متزنة بين الجد والراحة.
  2. لا تتردد في الذهاب إلى المعالج النفسي في أقرب فرصة، وتلك كانت النصيحة التي وجهتها لصديقي، فالتأخير ليس في صالحك نهائياً، وقد يشمل علاجه جلسات العلاج المعرفي السلوكي أو العلاج الدوائي أو كليهما.
  3. شارك تجربتك مع المحيطين بك، وذلك سيحقق لك فائدتين؛ الأولى إعطائهم فكرة عما تعانيه حتى يتعاملوا معك بحذر ورفق، وفي الوقت نفسه يقدمون لك الدعم المعنوي الذي تحتاج إليه في رحلة علاجك.
  4. راجع شعورك تجاه وظيفتك، هل ما زالت المهام التي تؤديها تمدك بالشعور بالمتعة والحماس، أم إنها أصبحت مهام روتينية قاتلة تجعل مزاجك منخفضاً؟ وهذا يرشدك إلى الإجراء المناسب اتخاذه، سواء كان الانتقال لقسم آخر في الشركة نفسها، أو البحث عن وظيفة جديدة.
  5. لا تستهن بالخطوات الصغيرة؛ ففي الحقيقة إنها قادرة على صنع الفارق، ومن ذلك ممارسة تمارين التأمل في فترات الراحة، وكسر روتين الوظيفة والبحث عن الاختيارات المرنة للعمل مثل أدائه من مكان جديد، أو حضور فعاليات مهنية تجعلك أكثر ارتباطاً بوظيفتك.

اقرأ أيضاً: إهمال الاكتئاب اليوم قد يمرض جسدك بعد 8 سنوات!

المحتوى محمي