الرجاء تفعيل الجافاسكربت في متصفحك ليعمل الموقع بشكل صحيح.

مفاجأة علمية: استئصال الزائدة الدودية قد يؤثر في صحتك النفسية!

3 دقيقة
الزائدة الدودية
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

أقيم من حين إلى آخر مع خالي في منزل جدتي رحمها الله، وأحياناً أجده يتعرض لآلام في المعدة، عندما أستفسر منه عن سببها يجيبني: هناك الكثير من الضغوط في رأسي والمعدة متصلة بالدماغ لذا فالأولى أن أعالج مشكلاتي لا أن أتناول الدواء. في الحقيقة، كنت أظنها مبالغة منه، لكن بمرور الأيام أدركت صحة وجهة نظره عندما قرأت الكثير من الآراء العلمية التي تصف المعدة بالدماغ الثاني، وكان آخرها يتناول تأثير استئصال الزائدة الدودية في الصحة النفسية، وبما أنني أجريت هذه العملية منذ 10 سنوات؛ فبكل تأكيد سأكون مهتماً بفهم هذا التأثير حتى أتمكن من التعامل معه على نحو جيد.

كيف تتشابك العلاقة بين جهازنا الهضمي وصحتنا النفسية؟

يشير طبيب الأسرة علاء الرحيلي إلى أن الأمعاء تفرز الناقلات العصبية نفسها التي يفرزها الدماغ مثل السيروتونين والدوبامين وغابا (Gaba)، وجميعها نواقل عصبية تؤثر في استقرار الحالة المزاجية، وحتى تدرك تأثير الجهاز الهضمي في مزاجك؛ فإن نسبة السيروتونين الذي يصنعه تقدر بـ 90%، ما يعني أن ما يؤثر في أمعائك يؤثر في دماغك، والعكس صحيح.

ويشترك في تأييد هذا الرأي الطبيب النفسي إبراهيم حمدي بتوضيحه أن الضغط النفسي والقلق المزمن يؤثر على نحو مباشر ودائم في الجهاز الهضمي، إذ يزيد مشكلات المعدة والقولون، ويؤكد أنه مهما أجرى الشخص من فحوص، ومهما تناول من أدوية؛ فلن يشفى ما لم يعالج المشكلة الأساسية.

وحتى نشرح العلاقة من طرف الأمعاء باستفاضة؛ فالسر ببساطة يكمن في المحور الدماغي المعوي (Gut-Brain Axis)، وهو نظام اتصال ثنائي الاتجاه بين الجهاز الهضمي والجهاز العصبي المركزي، وتشارك في هذا المحور أربعة أجزاء من الجسم هي: الجهاز الهضمي والمخ والجهاز العصبي والجهاز المناعي، إذ تنتج الأمعاء مئات المواد الكيميائية العصبية التي يستخدمها الدماغ لتنظيم الوظائف الفيزيولوجية والعمليات الذهنية مثل التعلم والتذكر وضبط الحالة المزاجية، وعندما يحدث خلل بين البكتيريا الضارة والنافعة ترسل إشارات إلى المخ ينتج عنها زيادة التوتر أو القلق أو الاكتئاب، لذا فتوازن البكتيريا يترافق معه استقرار الحالة المزاجية، إلى جانب الحد من أعراض القلق والاكتئاب.

وهناك العديد من الأطعمة التي تزيد نمو البكتيريا الضارة مثل السكريات الصناعية واللحوم الحمراء والأطعمة المقلية، وأيضاً يؤدي تناول المضادات الحيوية، على الرغم من ضرورتها أحياناً، إلى قتل بكتيريا الأمعاء بما فيها تلك البكتريا النافعة التي تؤثر إيجاباً في صحتنا النفسية. ولا يتوقف الأمر عند حد الأكل والدواء، إذ يسهم نمط الحياة أيضاً في صحة أمعائنا، فقلة النشاط البدني والتدخين وقلة النوم والضغط النفسي جميعها عوامل تهدد توازن البكتيريا داخل أمعائنا.

اقرأ أيضاً: هل يسبب الضغط النفسي الإصابة بجرثومة المعدة؟ وماذا نفعل لتخفيفه؟

ما الذي يحدث للصحة النفسية عند استئصال الزائدة الدودية؟

تؤدي الزائدة الدودية دوراً محورياً في عمل الجهاز الهضمي فهي بمثابة خزان احتياطي للميكروبات، ما يعني أنه في حال تعرض الميكروبات الموجودة في الأمعاء للضرر نتيجة تناول المضادات الحيوية أو معاناة الإسهال أو الإصابة بالتسمم الغذائي، ستتدخل الزائدة الدودية وتملأ خزان الميكروبات من جديد.

لكن في حالة إزالتها فلن يحدث هذا التدخل الحاسم ما يعني ظهور خلل في توازن الميكروبات، وهو ما يؤدي إلى سوء حالتنا المزاجية وتراجع قدراتنا الذهنية وإصابتنا بضبابية الدماغ، وقد يتطور الأمر إلى حد الإصابة ببعض الاضطرابات النفسية، إذ وجدت دراسة علمية نشرتها مجلة بلوس للصحة النفسية (PLOS Mental Health) في يناير/كانون الثاني عام 2025 أن الأشخاص الذين خضعوا لعملية إزالة الزائدة الدودية في مرحلة الطفولة ارتفع لديهم معدل الإصابة ببعض الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب واضطراب ثنائي القطب والقلق بنسبة 20%.

اقرأ أيضاً: احذر: توترك الزائد قد يصيبك بالقيء! وإليك كيفية مواجهته

نصيحتان ذهبيتان لتنظيم العلاقة بين جهازك الهضمي وصحتك النفسية

تعكس العلاقة بين أمعائنا وأدمغتنا مدى التداخل بين عمل أجهزة أجسامنا المختلفة، وأيضاً تأثرها بما يحدث في محيطنا، لذا فهناك نصيحتان رئيسيتان لضبط هذه العلاقة، وهما:

  1. راقب ما تأكله: لأن الأطعمة التي نأكلها والمشروبات التي نشربها ستؤثر في عمل أمعائنا ومن ثم ستسهم إما في استقرارها وإما في تدهورها، ومن الأطعمة التي يستحسن تناولها: زيت الزيتون، والزبادي، والخضروات الورقية مثل السبانخ والكرنب، والأفوكادو، والتوت، وخل التفاح، واللوز، إلى جانب شرب الشاي الأخضر، وفي حال وجدت صعوبة في الالتزام بتناول الأغذية السابقة؛ فجرب تناول مكملات البروبيوتيك التي ستعمل على تنظيم إنتاج البكتيريا المعوية.
  2. سيطر على توترك: يمكن أن يساعدك على ذلك تعديل نمط حياتك وجعله أقل تسارعاً قدر الإمكان، وممارسة بعض الأنشطة مثل تمارين اليوغا والتأمل والتنفس، بالإضافة إلى الخروج في الطبيعة وتدوين اليوميات وتقليل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وتوطيد العلاقات الاجتماعية، والالتزام بروتين صحي للنوم.

اقرأ أيضاً: لماذا قد يصيبك تناول المضادات الحيوية بالقلق والاكتئاب؟

المحتوى محمي