توصلت دراسة علمية حديثة نشرتها دورية أبحاث الطب النفسي (Psychiatry Research) إلى نتيجة مفادها أن الاختلافات الدقيقة في أشكال الوجه قد ترتبط بتشخيص الفصام أو الاضطراب ثنائي القطب، ويمكن القول إن الفصام والاضطراب ثنائي القطب من الاضطرابات النفسية الخطيرة التي تؤثر تأثيراً بالغاً في حياة المصابين بهما، فما هي تفاصيل هذه الدراسة؟ وكيف تتشكل العلاقة بين ملامح الوجه والإصابة بالفصام وثنائي القطب؟ الإجابة من خلال هذا المقال.
محتويات المقال
كيف توصلت الدراسة إلى هذه النتيجة؟
كشفت الدراسة العلمية السابق ذكرها أن شكل الوجه قد يرتبط باحتمالية الإصابة بالفصام واضطراب ثنائي القطب، وقد أجرت هذه الدراسة كلية علم الأحياء في جامعة برشلونة (University of Barcelona) ومؤسسات بحثية أخرى، ووفقاً للنتائج فإن أنماط الوجه مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالقشرة الدماغية، وفي هذا السياق تستند الدراسة إلى التطور الجيني المشترك للوجه والدماغ، حيث يعد شكل الوجه علامة غير مباشرة على التغيرات الدماغية المرتبطة بالفصام واضطراب ثنائي القطب.
وتؤكد المؤلفة الرئيسية للدراسة، نويمي هوستاليت (Noemí Hostalet)، أن ملامح الوجه المرتبطة بالفصام والاضطراب ثنائي القطب عادة ما تكون دقيقة للغاية ولا يمكن اكتشافها بالعين المجردة، ويمكن القول إن هذه الدراسة قد تساعد الأطباء النفسيين على إجراء التشخيصات على نحو أسرع وأدق. وعلى الرغم من ذلك، من المهم الإشارة إلى أن ملامح الوجه وحدها لن تكون كافية من أجل تشخيص الفصام واضطراب ثنائي القطب.
اقرأ أيضاً: 3 علامات في رحلة الشفاء من اضطراب ثنائي القطب
هل ثمة عوامل مشتركة بين الفصام والاضطراب ثنائي القطب؟
الفصام والاضطراب ثنائي القطب هما حالتان صحيتان نفسيتان لهما بعض السمات المشتركة وبعض الاختلافات، إذ يتسبب الفصام في فقدان الاتصال بالواقع، بينما يسبب الاضطراب ثنائي القطب تغيرات في الحالة المزاجية ومستوى الطاقة والتفكير، ويعاني الأفراد المصابون بالفصام أعراض الذهان، مثل الهلوسة أو الأوهام، كما يعاني بعض الأشخاص المصابين بالاضطراب ثنائي القطب أيضاً أعراض الذهان وذلك لأن نوبات الهوس أو الاكتئاب يمكن أن تؤدي إلى الهلوسة أو الأوهام.
على الجانب الآخر، يعد التفكير غير المنظم شائعاً بين الأشخاص الذين يعيشون مع الفصام، ولكن يبدو أيضاً أن الأشخاص المصابين بالاضطراب ثنائي القطب لديهم أفكار غير منظمة، خاصة في أثناء نوبات الهوس، حيث يواجه الشخص صعوبة في التركيز على فكرة أو مهمة واحدة.
وكلا التشخيصين يرافقهما الاكتئاب؛ فقد يُظهِر الأشخاص المصابون بالفصام أو الاضطراب ثنائي القطب فقدان الاهتمام بالأشياء التي كانوا يستمتعون بها ذات يوم، ويشعر بعض الأشخاص بعدم قدرتهم على تجربة المتعة، أو يواجهون صعوبة في التركيز أو اتخاذ القرارات.
ومن الجدير بالذكر أن احتمالية الإصابة بالاضطراب ثنائي القطب أو الفصام قد تتفاوت اعتماداً على عدة عوامل مثل التاريخ العائلي للشخص وبنية الدماغ ونمط الحياة والصدمات.
ما هي الأسباب المؤدية إلى الإصابة باضطراب ثنائي القطب؟
الأسباب الدقيقة التي تؤدي إلى الإصابة باضطراب ثنائي القطب غير معروفة، ولكن يمكن لمجموعة من العوامل أن تجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة، مثل:
1. العوامل الوراثية
يؤكد استشاري الطب النفسي، عبد الله بن سلطان السبيعي، أن الاضطراب ثنائي القطب أكثر شيوعاً لدى الأشخاص الذين لديهم قريب من الدرجة الأولى، مثل أحد الأشقاء أو أحد الوالدين، مصاب بهذا الاضطراب، وإذا كان كلا الوالدين مُصاباً باضطراب ثنائي القطب تزداد فرص الإصابة بنسبة أكبر، ويمكن القول إن الاضطراب ثنائي القطب يعد من أكثر أمراض الصحة النفسية التي تنتقل وراثياً.
2. اختلال توازن المواد الكيميائية في الدماغ
يمكن أن يحدث الاضطراب ثنائي القطب عندما يختل توازن بعض المواد الكيميائية أو الناقلات العصبية في الدماغ مثل الأدرينالين والدوبامين والسيروتونين، وبالنسبة لأولئك الذين يعانون هذا الاضطراب، فإن قدرة هذه النواقل العصبية على العمل بطريقة صحيحة تكون ضعيفة.
3. أحداث الحياة المجهدة
يمكن أن تؤدي أحداث الحياة المجهدة، مثل وفاة أحد المقربين أو الإصابة بمرض خطير أو المرور بتجربة طلاق أو مشاكل مالية، إلى الإصابة باضطراب ثنائي القطب، وفي الحقيقة إن علاقة التجارب المجهدة باضطراب ثنائي القطب غير مفهومة، لكن من المعتقد أن هرمون الإجهاد (الكورتيزول) يؤدي دوراً محورياً في هذه العلاقة؛ إذ يزيد الإجهاد مستوى الكورتيزول في الجسم، ما يسبب تغييرات في كيفية عمل الدماغ والتواصل بين النواقل العصبية، وبالنسبة للأشخاص الذين يعانون الاضطراب ثنائي القطب، قد تظل مستويات الكورتيزول مرتفعة طوال الوقت.
لماذا يُصاب بعض الأشخاص بالفصام؟
لا يوجد سبب محدد يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بالفصام، لكن ثمة عوامل قد تعزز فرص الإصابة، أهمها:
1. العوامل البيئية
توجد عوامل بيئية عديدة ترفع خطر الإصابة بالفصام؛ منها على سبيل المثال، الإصابة بالعدوى وأمراض المناعة الذاتية، إضافة إلى أن الشخص قد يكون معرضاً للإصابة بالفصام إذا حدثت له مشكلات خلال مرحلتي الحمل والولادة، مثل إصابة والدته بنزيف أو ارتفاع ضغط الدم في أثناء حملها، أو في حال خضعت لعملية قيصرية طارئة، علاوة على مواجهة أحداث الحياة الصعبة لفترات طويلة مثل الاعتداء الجسدي أو التنمر.
2. تعاطي المواد المخدرة
يرتبط الفصام ارتباطاً وثيقاً بتناول المواد المخدرة، وخاصة تناولها بكميات كبيرة في وقت مبكر من الحياة، على سبيل المثال قد يؤدي تعاطي الماريجوانا بكثافة في مرحلة المراهقة إلى زيادة خطر الإصابة بالفصام، لكن حتى الآن لا يعرف الأطباء إذا ما كان تعاطي الماريجوانا سبباً مباشراً للفصام أم إنه مجرد عامل مساعد.
3. اختلال توازن المواد الكيميائية في الدماغ
يؤدي اختلال التوازن في الإشارات الكيميائية التي يستخدمها الدماغ للتواصل بين الخلايا إلى زيادة فرص الإصابة بالفصام، وذلك لأن اختلال توازن هذه المواد الكيميائية يؤثر في كيفية تفاعل الدماغ مع العالم من حوله، حيث يمكن أن يؤدي إلى تفاقم أعراض الفصام، مثل الهلوسة، مسبباً رؤية أشياء غير حقيقية أو سماعها.
اقرأ أيضاً: ما هي أخطر أنواع الفصام؟
كيف يمكن علاج اضطراب ثنائي القطب والفصام؟
يتطلب كلاً من اضطراب ثنائي القطب والفصام علاجاً يستمر مدى الحياة، أما طرائق ذلك العلاج فإنها تختلف، وذلك على النحو التالي:
1. علاج اضطراب ثنائي القطب
يحتاج العديد من الأشخاص المصابين باضطراب ثنائي القطب إلى أدوية من أجل تثبيت مزاجهم، وذلك مثل:
- الليثيوم، وهو مثبت للمزاج قد يساعد على منع الانتكاس وإدارة الأعراض.
- مضادات الذهان غير التقليدية، والتي تعرف أيضاً بمضادات الذهان من الجيل الثاني.
- مضادات الاكتئاب.
بالإضافة إلى اللجوء للعلاج النفسي باستخدام أساليب متعددة أهمها العلاج المعرفي السلوكي (CBT) الذي يركز على التخلص من الأفكار والسلوكيات السلبية وتعلم تبني أنماط تفكير وعادات صحية أكثر.
2. علاج الفصام
تعد الأدوية المضادة للذهان جزءاً مهماً من العلاج لمعظم الأشخاص المصابين بالفصام، حيث يعتقد الأطباء المتخصصون في الرعاية الصحية أن هذه الأدوية تُغير كيمياء الدماغ وتقلل الأعراض مثل الهلوسة والأوهام، وبالإضافة إلى تلك الأدوية يحتاج مرضى الفصام إلى:
- العلاج النفسي مثل العلاج المعرفي السلوكي (CBT).
- العلاج بالصدمات الكهربائية (ECT).