نجوى وندى سيدتين أصيبتا بالاكتئاب دون سابق إنذار بعد تعرضهما لصدمات عنيفة ونجحا في التعافي منه بمساعدة الطبيب النفسي في رحلة علاجية تضمنت العديد من الدروس القيمة المستفادة التي يستعرضها المقال.
تقول نجوى؛ 28 عاماً: "عانيت من العنف على يد زوجي السابق؛ ضربني في إحدى المرات بينما كنا في السيارة، وقرر اختطاف ابنتنا البالغة من العمر 8 أشهر. بعد هذه المحنة التي تعرضت لها، كنت منهارةً تماماً، وسيطرت عليّ مشاعر الغضب والتوتر، والتعب بصورة دائمة؛ لم أكن قادرةً على تحفيز نفسي لفعل أي شيء".
بالنسبة لندى؛ 38 عاماً، فقد عانت من الاحتراق النفسي، فقد كانت تعيش مع زوج عنيف، كما أقدم أحد أفراد أسرتها على الانتحار. تقول ندى: "عانيت من حزن مزمن، وواجهت صعوبات كبيرة في التركيز؛ بما في ذلك النسيان المتكرر والأفكار غير المنظمة، كما لم أعد أشعر بأي تعاطف تجاه الآخرين، وهو أمر لا يعكس طبيعتي إطلاقاً".
وفقاً لـ "أستريد شيفانس"، فإنه لا توجد أي مسببات مباشرة للاكتئاب، ويوضح: "يعود الدور الرئيس في الإصابة بالاكتئاب إلى الأزمات المترسبة، أما الحوادث المباشرة فيمكن أن تؤدي إلى الدخول في حالة اكتئاب؛ لكنها لن تتحول إلى مرض حقيقي إلا عند وجود نقاط ضعف لدى الشخص، نتيجة للأزمات النفسية المتراكمة لديه. يمثل اضطراب الوسواس القهري، وإدمان الكحول، وتناول بعض الأدوية؛ مثل حبوب منع الحمل، والتعرض للصدمات النفسية أو حتى التوتر المستمر، عوامل خطر إضافية؛ إذ تحد هذه العوامل-مع التراكمات النفسية السابقة من القدرة على مقاومة الاكتئاب".
اقرأ أيضاً: علاج الاكتئاب المزمن
أهمية العلاج والوقت في رحلة التعافي من الاكتئاب
الاكتئاب مرض نفسي يمكن علاجه باتباع الإجراءات المناسبة، وحصول المريض على الدعم الجيد. ترددت ندى في استخدام العلاج الدوائي بداية الأمر؛ إلا أن الطبيب المعالج والطبيب النفسي تمكنا من إقناعها بأهمية مضادات الاكتئاب في رحلتها نحو التعافي.
تقول ندى: "لقد قدم الطبيب الدواء لي كوسيلة لتسريع الشفاء، وواظبت على تناوله لمدة عام تقريباً". بدورها؛ تقول نجوى أن طبيبها قدم لها دعماً كبيراً، وأحالها إلى طبيب نفسي حدد العلاج الملائم لحالتها وطمأنها حول استخدامه. لقد أعطت هذه العلاجات الراحة لندى ونجوى، وساعدتهما على المضي قدماً.
بالإضافة إلى العلاجات الدوائية، فقد يكون من المهم اللجوء إلى طرق علاجية أخرى؛ إذ خضعت ندى للعلاج بتقنية الاستثارة الثنائية لحركة العينين وإعادة البرمجة (EMDR)، وتوضح قائلةً: "عانيت من طفولة مؤلمة للغاية؛ الأمر الذي أدى إلى انعدام ثقتي بنفسي. خلال هذه الجلسات العلاجية؛ تمكنت من الغوص في الماضي وحل عُقد الطفولة التي دائماً ما رافقتني، من جذورها".
أما نجوى فقد اتجهت نحو ممارسة أنشطة الحفاظ على الصحة، وتقول: "تمكنت من إعادة الانسجام بين عقلي وجسدي ورفع سوية حياتي؛ من خلال الأنشطة الرياضية والتغذية الصحية، كما خضعت لجلسات التنويم المغناطيسي التي قدمت لي الكثير".
ويؤكد أستريد شيفانس أن هناك فائدة حقيقية من النشاط البدني؛ على الرغم من أن ممارسته قد تكون صعبةً على الشخص الذي يعاني من الاكتئاب الشديد". وفيما يتعلق بأنشطة الحفاظ على الصحة التي يمكن أن تساعد مريض الاكتئاب على الشعور بالتحسن؛ يوصي الطبيب النفسي بممارسة الاسترخاء والتأمل، وجلسات العلاج بالضوء. وتعد الصلة بين المريض والمعالج عاملاً مهماً في تحقيق النتائج المرجوة من العلاج؛ لذلك من المهم أن يختار المريض المعالج الذي سينشئ معه علاقة ثقة، بعناية.
اقرأ أيضاً:
تقبُّل الاكتئاب يمثل جزءاً مهماً من رحلة العلاج
إن قبول المرض هو أحد أهم العوامل المساعدة للمصابين بالاكتئاب، فالتعرّف إلى المرض وتوصيفه بدقة، ومن ثم قبوله، يساعد المريض على التحرر منه. تقول نجوى: "لقد فهمت أن إصابتي بالاكتئاب كانت نتيجةً للعديد من التجارب السابقة، وقررت أن أجعل من ذلك نقطة قوة لي؛ وذلك بتقبل المرض. الاكتئاب ليس مجرد مرض وأعراض؛ إنه حالة عليك التعامل معها، وبمجرد أن تتقبله وتعرف أنه لن يدوم، تكون قد قطعت شوطاً كبيراً".
لقد غيرت هذه التجربة نجوى بصورة كبيرة، ودفعتها إلى إعادة التفكير في حياتها؛ إذ تركت مهنتها كمحامية وأصبحت معالِجةً بالتنويم المغناطيسي.
تقول نجوى: "بعد أن وصلت إلى الاستقرار النفسي، أساعد الناس الآن على التعافي من الاكتئاب فأنا أتخذ من التجربة التي مررت بها قاعدةً أستند إليها لأفهم مرضاي".
أما ندى، فقد تمكنت من استئناف عملها بسرعة بعد تعافيها، وهي ترأس اليوم حوالي 40 شخصاً في الخدمة العامة. تقول ندى: "لقد أتاح لي المرور بهذه المراحل الصعبة التعرّف إلى نفسي بشكل أفضل. إن معرفة ذاتي تسهّل عليّ التواصل الاجتماعي مع الآخرين، وتمنحني راحةً أكبر في عملي".
اقرأ أيضاً: