ما هو مفهوم القطة السوداء في العلاقات؟ وكيف تتعامل مع هذه الشخصية؟

4 دقيقة
نظرية القطة السوداء
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

اجتاحت منصة تيك توك مؤخراً مقاطع فيديو لأشخاص يعرّفون أنفسهم أو أصدقائهم أو شركائهم بأنهم "القطط السوداء" في العلاقة، مشيرين بذلك إلى بعض الصفات الغامضة التي قد يتمتعون بها. فما المقصود بنظرية القطة السوداء في العلاقات؟ وما السمات التي تميزها؟ وكيف يمكن التعامل معها؟ إليك ما تحتاج إلى معرفته.

اقرأ أيضاً: 7 علامات تشير إلى عدم التناغم العاطفي بين الشريكين

ما هي نظرية شخصية القطة السوداء في الصداقة أو العلاقة العاطفية؟

شخصية القطة السوداء ليست مصطلحاً علمياً في حد ذاتها؛ إنما هي أقرب إلى استعارة لغوية أو مفهوم ثقافي شعبي نشأ على منصات التواصل الاجتماعي مثل تيك توك، يُستخدم عموماً لوصف سمات الشخصية المرتبطة عادةً بالقط الأسود النمطي؛ مثل الانطواء والغموض والاستقلالية. وعلى الرغم من شعبية هذا المفهوم في السياقات الاجتماعية الغربية، وخاصة في المناقشات المتعلقة بالعلاقات العاطفية أو الصداقات، فإنه لا أساس له في علم النفس أو الأدبيات العلمية. 

يُذكر إن شخصية القطة السوداء قد تنطبق على أي شخص، بغض النظر عن جنسه. فهي تشير، مثلما ذكرنا، إلى مجموعة من سمات الشخصية، مثل الاستقلالية والغموض والحذر وقلة التفاعلات الاجتماعية؛ التي يمكن العثور عليها في كلٍّ من الرجال والنساء.

وعلى ما يبدو، فإن شخصية القطة السوداء غالباً ما تكون أكثر وضوحاً حينما يتمتع الطرف الآخر في العلاقة، سواء كانت صداقة أو علاقة رومانسية، بصفات مناقضة تماماً؛ أي غالباً ما يكون شخصاً منفتحاً وودوداً واجتماعياً وكثير التحدث وجديراً بالثقة.

لذا؛ فقد أطلق روّاد الإنترنت على هذا الشريك لقب "غولدن ريتريفر" (Golden Retriever)؛ وهي سلالة من الكلاب تتميز بطبيعتها الحنونة واللطيفة والاجتماعية؛ أي أنها نقيضة القطة السوداء بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

اقرأ أيضاً: كيف تتصرّف إذا كنت منفتحاً وكان شريك حياتك انطوائياً؟

6 سمات تميّز شخصية القطة السوداء

شخصية القطة السوداء في العلاقات هادئة بطبيعتها ومتحفظة. ولأنها بطيئة في منح الثقة؛ فقد تبدو غامضة أو مخيفة. ومع ذلك، بمجرد بناء الثقة، فإنها تصبح مخلصة ومهتمة جداً بشريكها. عموماً، فيما يلي أهم سماتها المميزة:

  • انطوائية: تفضِّل العزلة أو التجمعات الصغيرة على التفاعلات الاجتماعية الكبيرة.
  • غامضة: تميل إلى الصمت وقليلة البوح بما يعتريها من أفكار وعواطف؛ ما يترك الآخرين فضوليين بشأن أفكارها ومشاعرها.
  • قليلة العفوية: أي غالباً ما تكون تصرفاتها وأحاديثها مدروسة ومقصودة، كما أنها تستمع بإصغاء كبير.
  • متزنة: أيّ تتمتع بقدر معين من التوازن والوقار في مظهرها وسلوكها وأسلوبها.
  • حذرة: منغلقة على نفسها وبطيئة في الانفتاح والثقة بالشريك.
  • مخلصة: بمجرد كسب ثقتها، فإنها تصبح أكثر انفتاحاً وعاطفية وشديدة الإخلاص.

اقرأ أيضاً: 7 علامات تشير إلى أن شريك حياتك مهووس بالسيطرة عليك

ما هي التحديات التي قد تواجه علاقة فيها شخصية القطة السوداء؟

قد تنطوي هكذا علاقة أو صداقة على تحديات فريدة؛ إذ قد تستغرق شخصية القطة السوداء وقتاً أطول للانفتاح والتعبير عن مشاعرها؛ ما قد يخلق أحياناً شعوراً بالتباعد العاطفي، كما أن أسلوب التواصل المتحفظ والهدوء الذي تتمتع قد يوحي بأنها غاضبة أو مكتئبة، فضلاً عن أن هذا الأسلوب قد يدفع الطرف الآخر إلى الشعور بالإهمال أو عدم اليقين.

ومع ذلك، ليس من الضرورة أن تكون هذه العلاقة صعبة أو غير ناجحة؛ بل قد تكون مرضية وناجحة في كثير من الأحيان في حال مراعاة بعض النصائح، وإليك المقصود.

اقرأ أيضاً: هل قضاء الكثير من الوقت مع شريك حياتك يضر بعلاقتكما؟ مختص نفسي يجيب

4 نصائح تساعدك على تحسين علاقاتك بشريكك الذي يجسِّد شخصية القطة السوداء

ربما تشعر أحياناً بالحيرة بشأن كيفية التصرف مع شريكك الانطوائي هذا وكيفية اختراق دفاعاته العاطفية. لذا، إليك كيف يمكنك دعمه مع ضمان الحفاظ على تواصل قوي:

  • تقبّل اختلافه: شخصية القطة السوداء تشبه شخصية الانطوائي إلى حدّ كبير، والانطوائية مثلما يقول المعالج النفسي، أسامة الجامع، ليست عيباً بل سمة طبيعية شخصية، ولا تعني أن الشخص خجل بالضرورة. إذاً، شخصية القطة السوداء ليست مناهضة للمجتمع ولا تكره  الناس ولا تتمتع بالضعف؛ إنما هي تمتلك مستويات طاقة مختلفة عندما يتعلق الأمر بالتواصل الاجتماعي، وهذا يعني أنها تستمتع بقضاء الوقت مع الأصدقاء والأحبة؛ لكنها انتقائية في علاقاتها الاجتماعية، وتحتاج إلى قضاء بعض الوقت بمفردها لإعادة شحن طاقتها.
  • احترم احتياجاته الشخصية وحدوده: إذاً، تتمتع شخصية القطط السوداء بالاستقلالية وتحتاج إلى قدر معين من العزلة؛ لذا لا تأخذ الأمر على محمل شخصي، ولا تدفعها إلى المشاركة عندما لا تكون مستعدة؛ لأن ذلك قد يخلق توتراً بينكما. في الواقع، ينبغي على الطرفين تقبّل الاختلاف والتعبير عن احتياجاتهما ورغباتهما بوضوح والعمل على تلبية هذه الاحتياجات مع احترام حدود كل منهما؛ ما يعزز الحب والاحترام بينهما.
  • حاول أن تخلق نوعاً من التوازن: من الممكن أن يساعد كل منكما الآخر على النمو في المجالات التي يكون أقل راحة فيها؛ ما يخلق توازناً صحياً في العلاقة. على سبيل المثال؛ قد تعلّم شخصية للقطة السوداء شريكها كيفية التعمق في الذات والتفكير المطوّل والانخراط في المحادثات الهادفة. في المقابل، يمكن للشريك المنفتح أن يشجع شخصية القطة السوداء على الخروج من منطقة الراحة الخاصة بها، وتجربة تجارب اجتماعية جديدة، والشعور براحة أكبر في التجمعات الأكبر أو المواقف الجديدة؛ ما يساعدها على النمو في الحالات الاجتماعية دون الشعور بالإرهاق.
  • اسعَ إلى إيجاد حل وسط: نظراً لاختلاف احتياجاتكما الاجتماعية، يجب عليكما مناقشة مدى التفاعل الاجتماعي اللازم لكل منكما حتى تشعرا بالرضا، ومحاولة التخطيط المسبق وإيجاد حل وسط يلائمكما. على سبيل المثال؛ قد يوافق الشريك الانطوائي على حضور بعض المناسبات الاجتماعية بعد التخطيط الذي يحتاج إليه، مثلما ينبغي أن يمتلك الشريك المنفتح أيضاً استعداداً لقضاء وقت هادئ في المنزل عندما يحتاج شريكه إلى إعادة شحن طاقته.
  • قدّر صفاته الإيجابية: قد لا تكون القطط السوداء هي الشخصية الأكثر مرحاً ونشاطاً؛ لكنها تضفي صفات قيّمة أخرى إلى العلاقة، فهي غالباً ما تكون مستمعة ممتازة وشريكة مخلصة ذات تفكير عميق أو غيرها من نقاط القوة الفريدة. لذلك؛ احتفل بهذه الصفات الإيجابية، وأخبر شريكك بأنك تقدر إسهاماته الفريدة في العلاقة.

اقرأ أيضاً: 3 طرق للتعامل مع الشريك الذي يقاوم التغيير

ماذا تفعل لو كنت القطة السوداء في العلاقة؟

إذا كنت أنت مَن يجسّد شخصية القطة السوداء في العلاقة، فقد تشعر بعدم الفهم أو الإرهاق بسبب الاختلاف في طريقة التواصل ومستويات الطاقة. لذلك وبالإضافة إلى مراعاة النصائح السابقة، إليك بعض النصائح الإضافية:

  • كُن منفتحاً وصادقاً بشأن مشاعرك واحتياجاتك: لا تفترض أن الطرف الآخر يفهم حاجتك إلى المساحة والاستقلال من تلقاء نفسه؛ بل من المهم أن تعبّر عن احتياجاتك صراحة، فلا أحد يستطيع قراءة أفكارك ما لم تعبر عنها علناً بصوت مسموع. أخبر شريكك عندما تحتاج إلى وقت لإعادة شحن طاقتك أو البقاء بمفردك، وطمئنه أن هذا لا يعني أنك تحبه أقل.
  • كُن متعاطفاً: قد يبدو أن الشخص المنفتح يمتلك طاقة أكبر ويعبِّر عن أفكاره ومشاعره بحرية أكبر، وقد يكون هذا الأمر مرهقاً في بعض الأحيان. لذلك وبدلاً من الانزواء في قوقعتك، حاول أن تكون صبوراً ومتعاطفاً، وتذكر أن هذه هي طريقته في التواصل معك، حتى لو كانت مختلفة عن الطريقة التي تعبّر بها عن نفسك.
  • ابحث عن أرضية مشتركة: ابحث عن أنشطة تسمح لكما لتعزيز علاقتكما بطريقة مريحة لكليكما. قد يكون هذا عبر قضاء وقت هادئ معاً، أو المشاركة في هواية مشتركة، أو مجرد وجودكما في الغرفة نفسها.
  • ضع حدوداً: في حين تتطلب العلاقات التنازلات، فمن المهم وضع حدود تحمي سلامتك العاطفية. فإذا كانت كثرة المناسبات الاجتماعية لشريكك مرهقة جداً، فأخبره بالأحداث التي تشعر بالراحة في حضورها والأحداث التي تفضل تخطيها. كن منفتحاً على التنازلات؛ ولكن تأكد أيضاً من احترام حاجتك إلى وقتك الخاص.

المحتوى محمي