ملخص: عندما تقابلين شخصاً وتشعرين كأنك تعرفينه منذ زمن طويل، فإن هذا الشعور بالألفة ليس بالضرورة إشارة إيجابية؛ إذ تميل نساء كثيرات إلى الوقوع في حبّ النمط نفسه من الرجال على الرغم من الأذى الذي قد يتعرّضن إليه. هناك 3 تفسيرات أساسية تقف وراء ظاهرة تكرار أنماط العلاقات: 1) تكرار علاقات الطفولة: إعادة إنتاج نمط العلاقات الذي عرفته المرأة خلال طفولتها قد تكون عملية مريحة أكثر من خوض غمار المجهول. 2) صدمة الحبّ الأول: قد تواصل المرأة الارتباط بنموذج الرجل العنيف أو المسيء مثلاً لأن شريكها الأول قوّض ثقتها بنفسها. 3) التسرع في عملية التعرّف إلى الشريك: تكتفي المرأة أحياناً بإشارات تذكّرها بروابط التعلّق التي نشأت عليها في الطفولة دون تحليل حقيقي لشخصية الشريك. لكن الاستسلام لهذا الفخ ليس حتمياً إذا اتبعت المرأة 3 نصائح عملية: 1) تحديد المعتقدات الشخصية المتعلقة بالعلاقات. 2) الانتباه إلى الإشارات التحذيرية التي تنبه إلى عدم الاستمرار في العلاقة. 3) تجنّب الاعتماد على الحدس في اختيار الشريك.
محتويات المقال
على الرغم من أن تكرار أنماط علاقات الحبّ قد يكون مصدر معاناة، فقد يتيح لكِ مسارات لتحقيق التقدم وبناء علاقة زوجية مُرضية في النهاية. إليكِ التوضيحات والنصائح التي ستساعدك على التخلص من هذه المشكلة.
تروي ليلى المرأة العزباء التي تبلغ من العمر 35 عاماً تفاصيل علاقاتها بحسرة قائلة: "أقع باستمرار في حبّ النمط نفسه من الرجال: نمط الرجل الجذّاب غير المتاح، والمشغول جداً والمتردد في الالتزام بالعلاقة".
لماذا نميل في بعض الأحيان على غرار ليلى إلى تكرار الأخطاء نفسها في علاقات الحب فنرتبط بالنمط نفسه من الشركاء أو نمارس السلوكيات نفسها؟ قد نشعر بأن النحس يطاردنا في علاقاتنا العاطفية؛ لكننا نمتلك في الواقع القدرة على تغيير مسار علاقاتنا.
اقرأ أيضاً: كيف تحسم أمرك تجاه العلاقات العاطفية المتقطعة؟
تكرار علاقات الطفولة
عندما تقابلين شخصاً وتشعرين كأنك تعرفينه "منذ زمن طويل" فإن هذا الشعور بالألفة ليس بالضرورة إشارة إيجابية. تقول المحللة النفسية ومؤلفة كتاب "أعتني بعلاقتي الزوجية" (Je prends soin de mon couple)، فابيان كرامر (Fabienne Kraemer): "إذا كانت مقابلة بعض الشركاء تبدو طبيعية وبديهية فهذا راجع إلى أننا نعيد تمثيل بعض مشاهد الطفولة مع هؤلاء الأشخاص. على سبيل المثال؛ قد يكون للمرأة التي ترتبط دائماً بأزواج لا يتحمّلون مسؤولياتهم أو لا يعملون، أمٌ أو أبٌ كان يفعل الأمر نفسه، فعادة ما تكون إعادة إنتاج نمط معروف عملية مريحة حتّى لو كانت مؤلمة، ونفضلها على خوض غمار المجهول والمخاطرة".
وقد نبحث لا شعورياً في بعض الأحيان عن النقيض الخالص لما كنّا نعرفه في الطفولة. على سبيل المثال؛ قد ترغبين في الارتباط بشريك يفْرط في حمايتك (قد يصل إلى درجة الإفراط في السيطرة عليك وخنق حريتك) إذا عشت في كنف والدين لم يكونا حاضرَين كثيراً إلى جانبك. لكن البحث عن نقيض النموذج الأبوي والإفراط في ذلك مخاطرة أخرى قد تؤدي إلى الانغلاق في إطار نمط متكرر وغير مُرضٍ بما يكفي.
صدمة تجربة الحب الأولى
تقول شادية البالغة من العمر 44 عاماً: "كانت علاقتي الزوجية الأولى عنيفة ومهينة لي، وعلى الرغم من ذلك استمرّت سنوات، فواصلتُ مرغمة الارتباط برجال يهينوني ويؤكدون لي أنني عديمة الفائدة وغير جديرة بالاهتمام نهائياً". توضّح المحللة النفسية فابيان كرامر: "قد تؤدي الصدمة غير المعالجة أيضاً إلى عملية تكرار الأنماط لأنها كسرت شيئاً ما في غرورنا الشخصي؛ لهذا تكرّر النساء ضحايا العنف الوقوع في فخ العلاقات العنيفة عدة مرات".
هذا يعني أن العلاقة الأولى مهمة جداً في بناء شخصياتنا لأنها قد تترك جراحاً عميقة في النفس. "على سبيل المثال؛ فإن الفتاة الشابة التي تتعرّض إلى الهجر من شريكها عبر رسالة نصية قد تخشى الارتباط مجدداً، وقد تتبنى سلوكاً ساخراً وانعزالياً في التعامل مع الرجال لحماية نفسها، فالحب الأول ينطوي على خطر التعرّض إلى صدمة قد تؤثر تأثيراً دائماً في ثقة المرأة بنفسها وشعورها بالأمان الداخلي" وفقاً لما تؤكده المدربة المختصة في العلاقات الزوجية ومؤلفة كتاب "10 وصفات لتجنب الانفصال" (Dix Recettes pour éviter de se séparer) إيزابيل جوردان (Isabelle Jordan).
اقرأ أيضاً: 6 أسرار لعلاقة زوجية سعيدة من مختصة في العلاقات العاطفية
التسرع في عملية التعرّف إلى الشريك
نميل أحياناً تحت تأثير روابط التعلّق الأولى التي تعرّفنا إليها خلال الطفولة إلى الاكتفاء بالإشارات الأولية التي تذكرنا بهذه الروابط، دون بذل جهد حقيقي في التعرّف إلى الشريك الجديد أو الإصغاء إليه. تؤكد المدربة المختصة في العلاقات الزوجية إيزابيل جوردان هذه المسألة قائلة: "يقع بعض النساء في فخّ الإسقاط إلى درجة أنهن يرين الشريك مثلما يُردنه أن يكون وليس وفقاً لحقيقته".
ثم تؤكد إن هناك جانباً إيجابياً في تكرار الأنماط نفسها من العلاقات: "عندما يتكرر نمط العلاقات فهذا دليل قاطع على أن هذا السلوك نابع من الذات وليس من الآخر، وهذا أكثر دلالة في ميدان التحليل النفسي من خوض تجارب عاطفية متتالية ليس بينها أيّ قاسم مشترك؛ لأنه يسمح لنا بكشف العرَض وتحديده بدقة".
لمياء البالغة من العمر 46 عاماً: "وجدت الحلّ في أحلامي"
"منذ سنّ الخامسة والعشرين وأنا أرى حلماً يتكرر: كنت أراني أبكي بينما تضحك أمي وتعتقد أنني سخيفة. وقد رأيت الحلم نفسه مؤخراً؛ لكن زوجي هو الذي كان يضحك هذه المرة، ففهمت أنني أخلط في اللاوعي بين هذين الشخصين.
أحتاج باستمرار إلى الشعور بالأمان والطمأنينة مع زوجي، وقد كان هذا الشعور يؤثر في علاقتي الزوجية، قررت الحصول على علاج نفسي، ففهمت أنني كنت أجد صعوبة في إثبات وجودي في نظر والدتي، وأنني كنت أبحث عن نظرتها هذه من خلال نظرة شريك حياتي، وأحاول منذ أن أدركت ذلك أن أطور سلوكي وأن أتعايش مع شخصيتي الطفولية المحتاجة إلى الاهتمام".
3 نصائح لتجنب تكرار الأخطاء نفسها
حدّدي معتقداتك
"الحبّ مؤذٍ بالضرورة" أو "الرجال كلهم يخونون" أو "لست جميلة بما يكفي كي يحبني أحدهم"، هذه أمثلة للمعتقدات الشائعة لدى بعض النساء.
حاولي إذاً أن تحددي معتقداتك التي تحكم تصورك لعالم الحب، وتقودك إلى تكرار بعض السلوكيات. تضيف جوردان: "غالباً ما تكون هذه المعتقدات موروثة من العائلة وتفرض نفسها على علاقاتنا الزوجية لكنها لا تنتمي إليها، فلا تنتظري من زوجك إذاً الأمور التي لم تحصلي عليها من أبيك وأمك لأن ذلك لن ينجح".
احرصي على كشف الإشارات التحذيرية
"خصصي بعض الوقت لتحديد أسباب معاناتك في العلاقة الزوجية، سيساعدك ذلك على إدراك الإشارات التحذيرية؛ أي تلك الملاحظات التي ترفضينها ومن المفروض أن تثنيك عن الاستمرار في العلاقة".
احذري حدسك
تؤكد المحللة النفسية فابيان كرامر: "يجب أن تكوني حذرة من اتّباع ذلك الشعور المعروف بفراشات البطن، فحالة الحب مجرد فخ بالنسبة إلى البعض؛ لأنه ينجذب باستمرار إلى الشخص الخاطئ".
لذا؛ تنصح كرامر بدلاً من ذلك بمنح الفرصة لشخص آخر مختلف عن النمط المعتاد، حتّى لو لم يكن هناك إحساس بجذوة الحب في البداية، مع البقاء في حالة انفتاح على تقبّل أيّ مفاجأة محتملة.